|
ذهب الغم عني
|
ذهب الغم عني قبيل الاستفتاء ... اي استفتاء انفصال جنوب الوطن عن بقيته شعرت بشئ من الضيق و ثقل علي صدري. مصدر الضيق هو ان علي ان اتذكر كيف ارسم خريطة وطني بعد تعديلها طالما انني كنت من نوايغ زماني في مادة الجغرافيا. مصدر الضيق ايضا هو ارتباطي الوجداني بذلك الجزء من الوطن حيث اني درست المرحلة الجامعية بجوبا و التي اصبحت جامعة اجنية الان. عرفت حينها ان مكون الوجدان الوطني هو في مصاف المكون الديني حيث ينمو في الدواخل و يصير جزءا من مكنون الانسان يصعب التخلص منه. عرفت ايضا انه كنز لم ادر قيمته الا عند فقدانه. بذات المنحي كان الحدث مصدر الهام لي حيث تطابق مع بيت الشعر العربي للشاعر ابوالقاسم الشابي: اذا الشعب يوما اراد الحياة فلابد ان يستجيب القدر فقد ظل شعب جنوب السودان يناضل لاكثر من خمسين عاما لاجل ان يكون الوطن للجميع او لا يكون وطنا. و هكذا ايضا استمد شعب تونس عزيمته و بعد ثلاثة ايام علي استفتاء الجنوب تمكن من التخلص من سطوة الديكتاتور و تبعه الشعب المصري. مصدر الفرح هو العزيمة او ان تمكن شعب جنوب السودان من نيل حقوقه و تكوين دولته الوليدة و رفضه الرضوخ للظلم. ذهب اهل الجنوب لحالهم و باحلامهم الوردية و نحن ايضا في الجزء المتبقي من الوطن نمنا علي احلامنا الوردية و لما لا طالما ان شعب جنوب السودان الوليدة هذه كان مصدر الاسي بالنسبة لنا لاكثر من خمسين عاما حيث بسببهم صرنا قتلة و مجرمي حرب و مصدرلتندر للقرود التي كانت تستخرج الالغام حتي لا يذهب البعض منا الي الجنة التي ينشدها كل من عاش علي الارض. القرود بحقدها الدفين تجاهنا نحن اهل السودان كانت لا تريد لنا الجنة. كانت تريد لنا ان نتعذب تحت سطوة الشمس الحارقة مع البعوض و الملاريا حتي لا نستمتع بالحور العين في الجانب الاخر. بسبب هؤلاء القوم و الذي يسمي الان شعب جنوب السودان فقد تكشفت كل سؤاتنا او سوءات الانسان تجاه اخيه الانسان. الان و قد ذهبو لابد و ان تكون قد انتهت كل مشاكلنا و سوف نعيش في سلام دائم و تصالح من النفس حيث لا جهاد بعد اليوم و لا مريسة بعد اليوم و لا كفار بعد اليوم. فقد اصبح السودان جديدا لنح مثلما اصبح للجنوبيين ايضا سودانا جنوبيا جديدا. فقد ذهب الغم عنا. هكذا نمت علي تلك الاحلام الودرية مبتسما علي يقين ان صباح اليوم التالي سوف يكون افضل مما كان عليه في الخمسين سنة الماضية حتي اتاني منادي الصباح ... علي ان اذهب الي العمل و ان ادافر في المواصلات و ان اسعار السوق قد ارتفعت و علي بدفع ضريبة المجاهد و الجمرة الخبيثة و اخبار الفساد و سرقة المال العام و ... و ... و ... حتي اتاني صوت الرئيس في احدي خطبه الحماسية قائلا لي ايها المدغمس هيا ... فلا مكان للمدغمسين بعد اليوم في دولتي. اكتشفت ان اليوم هو مثل الامس او اسوأ منه و ما زال الغم يلازمني و معه ايضا اكتشفت وهمة تقسيم الاوطان و لكن بعد فوات الاوان
|
|
|
|
|
|