المعارضة السودانية.. تشخيص حالة
المعارضة السودانية.. تشخيص حالة بقلم بخاري بشير كاتب وسكرتير تحرير صحيفة الرأي العام السودانية عن موقع شبكة الشروق لازالت الساحة العربية منشغلة هذه الأيام، بما يسمى ثورات الشباب، أو ثورات التكنلوجيا (الفايسبوك وأخواتها) التي أطاحت برؤوس كثيرة منها الرئيس التونسي زين العابدين بن علي، وليس آخرها بالتأكيد الرئيس المصري حسني مبارك، فالزعيم الأممي - كما يدعي- العقيد معمر القذافي لايزال في مهب العاصفة التي قد تودي بحكمه الذي استمر زهاء الـ (42) عاما، مع استمرار الإحتجاجات في اليمن والبحرين وغيرها من الدول.. السودان لم يكن بمعزل عن هذا المحيط المتلاطم بالأمواج الداعية للتغيير، فعلى سبيل المثال أنه دولة جارة لدولتين شملتهم رياح التغيير، ما تم فعلاً في مصر الشقيقة، وما هو في حكم المؤكد من تغيير سيطال الجارة الأخرى ليبيا، وما لا يتجادل حوله عاقلان ما لهاتين الدولتين من وشائج وعلاقات مع السودان تؤديان الى تأثير قوي ومباشر على مجريات الأحداث فيه، الأمر الذي يجعل ما يجري هناك في غاية الأهمية بالنسبة للنظام القائم في السودان. حالة المعارضة نلج بعد هذا التقديم الى صلب موضوعنا وهو حالة المعارضة السودانية بكامل أحزابها المؤيد للحكومة والمعارض لها، والذي يناصبها العداء والذي يتحين الفرص للإجهاز عليها، هذه الأحزاب ومن خلال النظر الموضوعي لتكويناتها، نجدها أبعد ما تكون عن الديمقراطية، التي تطالب بها النظام، بل والتي هي موجودة أصلاً في دساتيرها الداخلية ولوائحها القائمة، لكنها مجرد حبر على ورق عندما توضع على محك المعاملات والأنشطة الواقعية لهذه الأحزاب. مبدأ التوريث ولنفكك هذا الإتهام بعدم ديموقراطية الأحزاب داخل مؤسساتها، نقول أنها - أي الأحزاب- لم تمارس هذه الفضيلة مطلقاً، ويمكن إيراد ذلك في النقاط التالية: أولاً : مبدأ التوريث للقيادة، الذي مارسته معظم الأحزاب هذا إن لم نقل كلها، ولنا في ذلك من الأمثلة ما هو شاخص للعيان في حزب الأمة القومي، القيادية مريم الصادق المهدي التي تبوأت مناصب متقدمة في قيادة الحزب، ثم تصاعد نفوذ الأسرة داخل مؤسسة الحزب بل وأفول نجم القيادات الأخرى، ولهذا السبب تحديداً عانى الحزب ولا زال من حالات الإنقسام والتشظي، التي نفذتها تلك القيادات الآفل نجمها وغير المحسوبة في اطار الأسرة الواحدة النافذة. واذا انتقلنا الى الإتحادي الأصل نجد ذات الأعراض وذات الأمراض التي أصابت الأمة القومي، فالسيد الحسيب النسيب محمد عثمان الميرغني احتفظ بمكانة كبيرة لأبنائه في قيادة الإتحاديين، خاصة بعد انتقال أخيه السيد أحمد الميرغني الى رحاب الله، وأبعدت أو إبتعدت بناء على ذلك كثير من القيادات الفاعلة في مسيرة الحزب، وذهب بعضها مغاضباً لينضوي تحت مظلة أحزاب أخرى - الوطني نموذجاً- أو أن بعض قيادات الإتحاديين آثرت الإبتعاد وتكوين أحزاب أخرى ظلت ذات تأثير محدود لإفتقارها الى كاريزما الزعامة الختمية فانزوت الى أطراف الفعل والتأثير السياسي. مبدأ الإشارة ثانياً: مبدأ الإشارة، ونعني به إشارة الرجل الأول، القائد أو الزعيم في إدارته لشأن حزبه، وتبرز (الإشارة) أكثر ما تكون وضوحاً في ادارة أية انتخابات داخلية الشئ الذي يفقد تلك الإنتخابات لمحتواها، كذلك إشارة الزعيم تكون ملزمة للاطراف الأخرى، حتى أن من يخالفها يوصم بشق عصا الطاعة، أو بالخروج عن الجماعة والمجاهرة بفرط عقدها، الشئ الذي يجعل إشارة الزعيم بمثابة دستور داخلي تستحيل معارضته ويتم طبقاً لذلك وأد للديموقراطية داخل هذه الأحزاب. ومبدأ الإشارة يتضح جلياً في ممارسات الأمة القومي بسطوة الإمام ورئيس الحزب السيد الصادق المهدي، ويتضح كذلك داخل مؤسسة الإتحادي الأصل وأيادي مولانا الحسيب النسيب البادية للعيان داخل هذا الكيان. ويتضح كذلك داخل أروقة المؤتمر الشعبي بزعامة رئيسه الدكتور الترابي الذي لا تتم داخله شاردة أو واردة إلا بمباركته وإشارته. تجريب الحكم الأحزاب السودانية الموجودة الآن بكل ألوان طيفها سبق وأن تربّعت في دست السلطة لثلاث تجارب ديموقراطية مرت على السودان، وهي مرصودة بـ (سداها ولحمتها) لدى كل المؤرخين والمهتمين، وفي هذه التجارب الكثير من الأخطاء والقليل من نقيضها، الأمر الذي يصيب كثير من السودانيين بالخوف من الخوض في هذه التجارب من جديد، دون معالجة الأخطاء، أو تعديل التفكير المنهجي للأحزاب، وعودة ديموقراطياتها المؤودة.. سرقة الثورة قد يقول قائل أن ما حدث في مصر وتونس هي ثورات تجاوزت الأحزاب في تينك البلدين، وقد يكون رأي لا يجانبه الصواب، وبالعودة الى حالة السودان، يضاف السؤال الجوهري (ومن يضمن أن أحزابنا لن تسرق الثورة اذا فعلها الشباب؟؟)، ولن نجد ضامناً، لأن أحزابنا تحالفت مع النظام نفسه في أكثر من سانحة، وبإمكانها أن تتحالف مع (الشيطان) نفسه اذا أجلسها على كرسي السلطة، لذلك هي مؤهلة أكثر من غيرها لسرقة الثورة، وتسجيلها ملكاً حراً بإسمها وخاتمها، مهما كان الثمن. المفقود الممنوح شئ أخير لابد من تضمينه، هذه المقالة، وهو أن حزب الأمة القومي قد بعث برسالة مؤازرة للزعيم القذافي في محنته، أو هكذا رشحت الأنباء، وانبرى الحزب بأمانتاته الإعلامية مدافعاً ومكذباً للوسائط التي نقلت الخبر، ووفقاً لما رشح من أخبار أن عائلة الزعيم الليبي نفسه إستغربت لتكذيب الحزب للرسالة التي نعدها نحن من باب (الشينة منكورة).. الامر الذي يظهر حزب الأمة القومي في موقف متناقض بدعم نظم مثل حالة ليبيا تقتل شعبها، ومطالبته في الوقت ذاته بالديموقراطية داخل بلده، فأنى له ذلك وفاقد الشئ لا يعطيه. هنا يمكن التساؤل في خاتمة هذه المقالة: هل الأحزاب السودانية بمكوناتها الحالية تصلح لأن تكون بديلاً لنظام الإنقاذ الراهن؟ والذي جاء نتاج لمفاصلة الإسلاميين، وهو أقرب الى تزاوج بين جزء من الإسلاميين والعسكريين؟؟ قطعاً بإستصحاب ما ورد بعاليه أن الإجابة تأتي (لا)، الى حين إشعار آخر.

[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1: << 1 >>

احدث عناوين سودانيز اون لاين الان

اراء حرة و مقالات	Latest Posts in English Forum
Articles and Views	اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases	اخبار و بيانات

الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة

About Us
Contact Us
About Sudanese Online

اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين

News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums

If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]