|
|
 الحلفاء الراشدون، وشعرة معاوية الحوار الوطني!
|
الحلفاء الراشدون، وشعرة معاوية الحوار الوطني!
راشد مصطفي بخيت.
تترى الأخبار والتصريحات اليومية تباعاً من لدن أحزاب المعارضة السياسية السودانية المنضوية تحت مسمى تحالف قوى الإجماع الوطني، متأرجحة تجاه قضية واحدة لا تتفق حولها جميع وجهات نظر أحزاب التحالف نفسها، وهي قضية الحوار مع المؤتمر الوطني بخصوص التأكيد علي مسألة الحل السياسي السلمي لقضايا الديمقراطية وتداول السلطة والدستور.
قيادات الأحزاب نفسها تؤكد علي وجود مشاكل بخصوص الاتفاق علي هذا المبدأ فيما بينها تارة، بينما يؤكد خلافه مسعى البعض منها للانفراد بمحاورة النظام! فليس من المعقول سياسياً ولا منطقياً، أن تنخرط الأحزاب في تحالف عريض تصوغ له مؤسساته ولجانه المختلفة، وتعمل علي الاتفاق فيه علي مسودة لأهم القضايا التي تجابه البلاد، وتبذل عصارة جهدها للاتفاق حولها، ومع ذلك، تتحاور منفردة مع المؤتمر الوطني!
ما جدوى التحالف إذن، إن لم يكن الاتفاق علي وسيلة مشتركة للعمل السياسي وتنسيق المواقف والالتزام بها وتوحيد الرؤى خلف وثيقة واحدة يجتمع كل (الحلفاء الراشدين) حولها؟ ويعملون جنباً إلى جنب لعلو صوتها وتقديمها لأي الأطراف متى ما توفر إلي ذلك سبيلا؟
الحلفاء الراشدون بمواقفهم هذه، يبقون علي شعرة معاوية الحوار الوطني مشدودة فقط بأيادي المؤتمر الوطني! فلا أرضاً يقطعون في ساحة التفاوض، ولا موقفاً مشرفاً يبقون عليه لجماهيرهم التي تتململ منتظرةً بدائل أخرى تتفتق عنها عبقرية الحلفاء، غير مسمار جحا التفاوض هذا! لأنه ببساطة حوار طرشان يُسفِّه به المؤتمر الوطني مواقف هذه الأحزاب، ويُقزِّم قادتها؛ فينفر منهم مريديهم كل صباح، كما ينفرُ الصحيح من أجربٍ يخشى عدواه!
ولا يظنن ظان أننا لا نتفق مع مبدأ الحوار كوسيلة لتجاوز الخلافات السياسية، بل على العكس من ذلك، نراه الخيار الأقل إضراراً بمستقبل البلاد السياسي، والأكثر تحضراً في صياغة توجهات البلاد، لكنه لا يتأتى مع من لا يرى فيه سوى ميداناً لكسب الوقت، ويبخس من يتبناه حقه!
المؤتمر الوطني يعتبر (حكمة) المعارضة ضعفاً، كما تؤكد تصريحاته ذلك، فمرةً يصف المعارضة بأنها (شلة صغيرة) لا حجم لها ولا عدد، ومرةً أخرى يصفهم ب(غير القادرين علي تحريك الشارع) ولا (جماهير لهم)! يتفوه المؤتمر الوطني بطلقات الإساءة النارية إليهم يومياً ويهرعون إليه مؤكدين عبر الصحف السيارة فرادي ومجتمعين، أنهم يصرون علي الحوار كوسيلة لإصلاح النظام! وفي كل مرةً يحصدون العدم بعد كل إصرارهم هذا.
لا بأس إن كانت المعارضة لم تفهم المؤتمر الوطني جيداً بعد، ولا زالت تدرسه! لكن ما يقلق فعلياً أن ارتهان الصراع السياسي لخيار واحد أحد، لا نجرؤ على الزود عنه بخيارات أخرى ولو من باب التجربة وتقوية المواقف لمجرد الضغط، لهو أمر بائس بالنسبة لفن السياسة الذي يشتهر بأنه فن الممكنات. فمن الممكن مثلاً أن توقف هذه الأحزاب تفاوضها مع المؤتمر الوطني، وتكف عن طرح سؤال: أها البديل شنوا للتفاوض!
فن صناعة وايجاد البديل هو المسؤولية الأولى التي تقع علي عاتق الأحزاب السياسية بنفسها، وعليها إذن أن تضطلع بهذا، العبء وتنجز فروضه علي الوجه الأكمل، لكنها لو رهنت نفسها لقناعة عدم وجود بديل للحوار، فإنها بذلك ستظل تحمل علي قفاها آلاف الشتائم والتبخيس المقصود وعدم احترام الخصم، وببساطة بالغة، إذا لم تستطع المعارضة بكاملها، اجتراح بديلاً يعضد حوارها الذي تعض عليه بالنواجز! فاليملأ المؤتمر الوطني إذن كنانته بما لذ وطاب من سهام الشتائم! وعليها أن تبتكر ما يناسبه من (تخانة جلد)!
|
|
 
|
|
|
|
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست