|
|
 Re: ندوة : الوضع القانونى للجنوبيين فى الدولة الام (ملخص + صور) . (Re: مركز الخاتم عدلان)
|
أستاذ نبيل اديب:-
السلام عليكم
سوف احاول طرح بعض المواضيع المتعلقة بوضع المواطنين الجنوبيين فى دولة الشمال بعد الانفصال .
فى الاساس سيكون الكلام حول الجنسية , هناك بالطبع بعض الامور الآخرى مثل الاقامة وهى شبه محسومة , لكن المشكلة الاكبر ستكون فى موضوع الجنسية , ويتضح ذلك من الخلاف والجدل الذى يدور على الساحة الان .
أهمية الجنسية تتمثل فى انها أساس الحقوق العامة , ونحن عندما نتحدث عن حقوق العامة مثل حق التجمع وحق التنظيم , فان هذا كله اساسه الحق فى الجنسية , غير المواطنين ليست لديهم هذه الحقوق فيما يتعلق باحوال البلد وان لديهم بعض الحقوق العامة مثل الحق فى المحاكمة العادلة والحق فى التعبير فى غير الحقوق السياسية والحق فى الاعتقاد , وكل ما يتعلق بالحقوق السياسية فى الحقوق العامة تتعلق بحق الجنسية .
القانون الدولى هو قانون حديث التكوين ويقوم على مبدأ سيادة الدول حيث ان لا سلطة فوق الدولة , وكان موضوع الجنسية متروك تماماً للدولة باعتباره موضوع يخص سيادة الدول , والدولة حرة في من يحمل جنسيتها .
بدأ القانون الدولى يشعر ان هناك قواعد يجب على الدولة احترامها عند تنظيمها لقواعد الحصول على جنسيتها , اول أتفاقية فى هذا الشأن كانت أتفاقية عام 1930 , وكانت بمبادرة من عصبة الامم , والمادة الاولى فى الاتفاقية تقول (( من حق كل دولة ان تقرر بموجب قانونها الداخلى من هم مواطنيها , وسيكون ذلك القانون معترف به بواسطة دول آخرى طالما انه متفق مع الجهود الدولية والعرف الدولى والمبادىء العامة المقبولة بالنسبة لقوانين الجنسية ))
رغم غموض هذا الكلام الا انه وضع الاساس لان يكون الوضع الداخلى متفق مع القواعد العرفية العالمية , ويتم اعتباره على انه الاساس فى ان الدول ليست مطلق الحرية فى تحديد من هو التابع لها ومن هو غير التابع .
الوضع الاكثر وضوحاً جاء مع الاعلان العالمى لحقوق الانسان فى المادة 15 (( لكل شخص الحق فى جنسية ما , لا يجوز ان يُحرم شخص من جنسيته تعسفاً , ولا حقه فى تغيير جنسيته )) , وهو ما وضع الاساس فى ان الدول لا تستطيع ان تنزع الجنسية تعسفاً , واذا كان هناك نزع للجنسية فيجب ان يكون وفق لقواعد واسس ما , وهذا سيكون مدخل الدولة الام مع الجنوبيين بانه لا يجوز نزع الجنسية تعسفاً .
فى السودان لدينا قانون الجنسية لعام 1994 , ويُعتبر انقلاب على قوانين الجنسية السابقة , حيث كانت القوانين السابقة متشددة جداً فى حق الجنسية بالميلاد والتى تُعرف بانها الجنسية المكتسبة بحق القانون ويكتسبها الشخص دون ان يتوقف الامر على ارادته او طلبه , او على ارادة الدولة او قرارها .. وكنا نجد مثلاً جيل خامس دون ان تكون لهم جنسية بالميلاد .
قانون الجنسية 1956 حدد الجنسية بالميلاد للشخص او الاب او اصوله من جهة الاب كانوا موجودين عام 1898 , عام الفتح , وغيرهم يظلوا هم واحفادهم مُتجنسين وليسوا اصحاب جنسية بالميلاد .
كان الشعور لدى السودانى هو شعور الاعتزاز بالجنسية وان لا يتم فتح البلد فى وجه اى انسان لينال هذه الجنسية .
الانقاذ فى بدايات ايامها لم يشغل بالها موضوع المواطنة بل كانت تميل نحو الرابطة الدينية وتُريد فتح البلد للقادمين لدعم النظام الاسلامى الجديد , ولذلك حدث الانقلاب فى قانون الجنسية لعام 1994 والذى قام بتسهيل الجنسية بالميلاد لحد كبير , لدرجة انه قام بالسماح لكل من يُولد فى السودان ان يحمل جنسية بالميلاد , وهى محاولة أستقطاب للاسلاميين الداعمين للنظام والموجودين فى السودان بان ابنائهم سوف يحصلون على الجنسية السودانية تلقائياً .
هذا القانون قام بتحديد اسقاط الجنسية فى حالتين / وانا هنا اتحدث عن الجنسية بالميلاد / , الاولى ان يطلب الشخص من رئيس الجمهورية التنازل عن الجنسية , الحالة الثانية ان يخدم دولة اجنبية او يستمر فى خدمة دولة اجنبية فى حالة يمنع او يُجرم فيها القانون ذلك .
قانون 94 سمح بازدواج وتعدد الجنسية , وهو رد فعل ايضاً لنظام الانقاذ حيث ان الكثير من كوادره حاصلة على جنسيات من دول مختلفة مثل امريكا وغيره وهو لا يُريد ان يخسرهم حيث ان القوانين السابقة كانت تقول ان الشخص الذى يكتسب جنسية دولة آخرى تسقط جنسيته السودانية , وان الشخص الذى يُريد اكتساب جنسية سودانية بالتجنس فان عليه ان يتنازل عن جنسيته الاصلية .
بعد هذا الانقلاب فى القانون اصبحنا نجد وزراء لديهم جنسيات آخرى بالاضافة للسودانية , وايضاً سمح القانون للقادمين ان يكتسبوا الجنسية السودانية دون ان يفقدوا جنسيتهم الاصلية .
بعد اختيار الجنوبيين للانفصال وجدنا رأى يتحدث عن اسقاط الجنسية عنهم حيث انهم اصبح لديهم بلد خاصة بهم , وهذا الرأى لا يجوز حيث اننا قد ذكرنا ان القانون يتحدث عن ان من حق السودانى ازدواج الجنسية وبالتالى هم ستكون لهم جنسية جديدة بالاضافة للجنسية الام , والرأى الاخر تحدث عن اسقاط الجنسية باحدى الشرطين (الطلب من رئيس الجمهورية , خدمة دولة اجنبية ) .
لكن الحقيقة ليست هذه او تلك , فنحن الان سوف نشهد بزوغ دولة جديدة , والجنسية رابطة قانونية لكنها فى الاساس شعور بالانتماء , وبالتالى فان الربطة القانونية يتم البناء لها فى المقام الاول بالشعور بالانتماء , وظهور دولة جديدة سيكون معه شعور بالانتماء , وسيكون فيه فقدان بالشعور بالانتماء , وبالتالى يجب معالجته فى آطار جديد .
القانون الدولى حديثاً فُتحت فيه قواعد وقوانين متعلقة بخلافة الدول , حيث اننا شهدنا فى القرن العشرين تمزق الكثير من الدول بعد ان كانت دولة واحدة , ودول حصلت على استقلالها واصبح لها وجود قانونى دولى , واصبح هناك دول جديدة فى محل الدول القديمة , وبالتالى اصبحت هناك قضايا متعلقة بالجنسية تحتاج لحلول , وعندما نتحدث عن الدولة فمن المستحسن استخدام تعبيرات القانون الدولى , والقانون الدولى يتحدث عن الدولة السلف والدولة الخلف .. الدولة السلف فى حالتنا هى السودان , والدولة الخلف هى دولة جنوب السودان .
الدولة الخلف لديها جنسية , والدولة السلف لديها جنسية , وبالتالى فان جميع مواطنى الدولة الخلف بمختلف اعراقهم هم حاملين لجنسية الدولة السلف .
لتسهيل الامور نفترض / حيث ان كل الاحصائيات مُزورة / ان هناك 30% سوف يصبحون اجانب وهم فى نفس الوقت سودانيين , وهو وضع سوف يدخل فى حق الإنتخابات والترشيح الخ , وهو وضع يخل بالوضع العادى للدولة وغير مقبول .
فتم وضع بعض القواعد , فنجد ان كل الجنوبيين الموجودين فى جنوب السودان / من كانوا يعيشون بشكل عادى فى جنوب السودان / وقت انفصال الدولة , فان حقهم هو ان ينالوا جنسية جنوب السودان وهو حق اصيل , والاعلان العالمى لحقوق الانسان يقول ان كل شخص له الحق فى الجنسية , وعند خلافة الدولة فان المبدأ هو ان لا ينتُج عن هذا الوضع أشخاص ليست لديهم جنسية . فى القانون الدولى هناك عدد كبير من المعاهدات التى تحدثت عن هذه القضايا منها معاهدة فيينا لخلافة الدول , والعهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية تحدث عن الجنسية , وفى حقوق الطفل هناك أشارة للجنسية , لكن المبدأ الرئيس هو الاعلان العالمى لجنسية الاشخاص الطبيعيين فى حالة خلافة الدولة , وهذا العهد تم التوقيع عليه بواسطة الامم المتحدة عام 2000 , وبهذا فان الكلام عن حقنة كمال عبيد هو كلام غير قانونى .
شمال السودان لديه قانون جنسية , وجنوب السودان ليس لديه هذا القانون حتى الان , والجنوب وفقاً للعهد الدولى فان عليه اصدار قانون جنسية فى اسرع وقت , وعند حدوث الانفصال فيجب ان يكون هذا القانون صادر ومُفعل , وان اى تعديلات يطلب شمال السودان ادخالها قد اُدخلت / فيما يتعلق بخلافة الدولة / , بحيث ان المبدأ الرئيس هنا انه بحلول يوم 9 يوليو ان لا يُترك شخص بدون جنسية فى الدولتين .
والموجدين اصلاً فى جنوب السودان والذين كانوا يعيشون بشكل طبيعى فى جنوب السودان فان لهم الحق فى ان ينالوا جنسية جنوب السودان , لكن هذا لا يخلى شمال السودان من المسئولية , فشمال السودان الدولة السلف من حقها اسقاط الجنسية عن الجنوبيين الذين يعيشون فى جنوب السودان , لكن لا تفعل ذلك الا بعد ان ينالوا جنسيتهم .
هناك مبدأ هام هنا فى هذا الموضوع , وهو مبدأ الاختيار , فمن حق الشخص ان يختار , ويجب على شمال السودان ان يمنح الشخص الذى يعيش بشكل طبيعى فى الجزء الآخر / ولديه روابط مع الشمال / ان يختار جنسية الشمال .. مثل الشماليين المولودين فى الجنوب ويعيشون فى الجنوب ولكن لديهم روابط مع الشمال فى الاهل والتقاليد والعادات والثقافة .
انا اقدم اقتراح / وهو ليس قاعدة قانونية دولية / , حيث اقترح ان يتفق جنوب السودان وشماله على قبول الجنسية المزدوجة فى الاشخاص الذين لديهم مصالح فى الدولتين , ولا اقصد هنا المصالح التجارية , بل اقصد من لديهم ارتباطات ذات طبيعة دائمة بالدولتين , مثل من يعيش فى شمال السودان وله اصول جنوبية فانه بالقانون الدولى يجب ان يُمنح الخيار , وبما اعتقده انا ان يتم منحه الجنسية المزدوجة .
السودان يمر بمرحلة غير معروفة فى القانون الدولى , هى مرحلة فيها بداوة , مرحلة نتكلم فيها عن رعاة يتحركوا بين الجهتين , فلا يمكن ان يتم منح المسيرية فيزا للدخول .
نحتاج لعلاج مختلف , واعتقد ان الجنسية المزدوجة تكون فى نطاق محدود لمن لديهم ارتباطات ذات طبيعة دائمة , لكن فى الاحوال يجب ان يظل الاختيار موجود .
|
|
 
|
|
|
|
مركز الخاتم عدلان
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست