لثورة الدستورية .... بقلم: د.أمل فايز الكردفاني/ الخرطوم

نعى اليم ...... سودانيز اون لاين دوت كم تحتسب الزميل فتحي البحيري فى رحمه الله
وداعاً فتحي البحيري
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-28-2024, 06:59 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2011م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-18-2011, 04:31 PM

طلعت الطيب
<aطلعت الطيب
تاريخ التسجيل: 12-22-2005
مجموع المشاركات: 5826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
لثورة الدستورية .... بقلم: د.أمل فايز الكردفاني/ الخرطوم


    لثورة الدستورية .... بقلم: د.أمل فايز الكردفاني/ الخرطوم
    الجمعة, 18 آذار/مارس 2011 07:21


    عندما تولى الترابي السلطة في التسعينيات ، كان يدرك تماماً أن القبضة الحقيقية للدولة تكمن في السيطرة على القانون ؛ وكان الترابي بذلك يخوض علناً ما كنا ندرسه في فلسفة القانون عما يسمى بالقوى الخلاقة للقانون ، والتي تتصارع (سياسيا أو عسكرياً) من أجل السيطرة أولاً وقبل كل شيء على القانون ؛ وهي تحاول دائماً أن تنفرد بالبرلمان لكي تشرع وتسن ما تشاء من قوانين داعمة لسلطانها ونفوذها الاقتصادي والسياسي . وإذا كانت القوة المسيطرة على القانون قوة شمولية ؛ فإنها تبدأ بتحطيم المبادئ القانونية السامية والأعراف الدستورية التي اكتسبت إلزامها عبر تجارب البشرية المأساوية مع الدكتاتوريات . استطاع الترابي أن يسيطر بالفعل على القانون ، وبدأ بعملية تدمير منظم للقانون ، سبقها بإخراج كبار فقهاء القانون من القضاة من السلطة القضائية ، وكان أهم ضحاياه هو ذلك العلامة السوداني القبطي السيد هنري رياض سكلا ، الذي أسس للمكتبة القانونية ما أسس ، وبدلاً من أن يقام له تمثال في ميدان رئيسي بالعاصمة ، تمت إقالته قبل انتهاء مدته . ثم تبعه من تبعه من جهابذة القانون ، فخلا الطريق أمام تدمير النظام القانوني السوداني برمته ؛ وبدأت هذه العملية التدميرية بسن قوانين ركيكة واعتباطية ولا تستند إلى أية نظرية علمية أو مبدأ راسخ . فضعفت القاعدة القانونية في عنصري الفرض والأثر وخلا بعضها من عنصر الحكم ، ومخالفة لأبسط مبادئ القانون التي يعلمها كل طالب قانون في سنته الثانية بالكلية . ثم استمرت عملية التدمير بقوانين غير دستورية شاعت بها فكرة (فرض الأمر الواقع) ، وقواعد تصادر على المبادئ الدستورية التي رسخت عالمياً ، مصادرة بالتالي على الحقوق والحريات . ثم لما انقلب قانون القوة على قوة القانون ، وانفض جمع المصالح ، وجدت الحكومة الطريق ممهداً أمامها ، ووصل حال القوانين في السودان وعدم مراعاة الأعراف والمبادئ الدستورية إلى أشد درجات الانحطاط .
    والمشكلة التي جابهتني وأنا أرغب في الحديث عن هذا الموضوع ، هي ذلك الكم الهائل من الركام والأنقاض التي لا يمكن لي في هذه السانحة القصيرة أن أشير إليها أو أن أفصلها تفصيلاً ، فهي مأساة منظومة كاملة ، وليست مجرد قصاصات من هنا أو هناك ، ولذا فإنني وبكثير من اليأس أقدم لهذا الشعب طرف الخيط ليتبحر غيرنا وصفاً وتفصيلاً ، ولا سيما للباحثين الشباب الذين لازالوا على أمل في ألا يكون القانون مجرد رقعة شطرنج يكون قانونها مجرد قواعد لتسيير اللعبة بين اللاعبين .
    أولاً : تحصين قرارات السلطة التنفيذية من الرقابة القضائية :
    لقد ترقت الدول الحديثة والشعوب الحرة إلى مراقي التطور عبر قرون من الصراعات ، فتوصلوا إلى ضرورة أن تكون الدولة من ثلاث سلطات (تشريعية وتنفيذية وقضائية) وأن هذه السلطات يجب أن تستقل عن بعضها البعض وأن تراقب بعضها البعض ،- وفي حدود ضيقة – أن تنسق فيما بينها دون عدوان من إحداها على الأخرى ؛ فما الذي حدث في السودان ؟ لقد رأينا –بكل أسف – إغراقاً كبيراً بقوانين تقوم بتحصين السلطة التنفيذية تحصيناً شاملاً وكاملاً من الرقابة القضائية ، وكل يوم يصدر فيه قانون نجده لا يخلو من هذا التحصين ؛ فإذا قامت السلطة التنفيذية بالعدوان على حقوق مواطن وحاول اللجوء إلى القضاء قضى الأخير بعدم اختصاصه لتحصُن قرارات السلطة التنفيذية من الرقابة القضائية ، وهو بالتالي يقضي على آخر أمل للأفراد في استرداد حقوقهم المسلوبة تعسفاً من قبل الحكومة ، وانتشرت القواعد التي تحصن أعمال السلطة التنفيذية كالفيروسات في الجسد ، حتى لم نعد نستطيع التفريق بين قرار وزير وبين أعمال السيادة .
    وينتهك هذا التحصين الذي نجده في أغلب القوانين مبادئ دستورية أساسية من ضمنها :
    1- حق الفرد في اللجوء إلى قاضيه الطبيعي :
    يؤدي تحصين أعمال السلطة التنفيذية إلى انتهاك حق الفرد في اللجوء إلى قاضيه الطبيعي ، فالقضاء هو آخر ملجأ يلوذ إليه المواطنون حينما تظلم سماء الظلم في عيونهم ، وبعد أن تنهكهم الحكومة بتسلطها أو تعنتها في منح الحقوق ؛ لذا فإن من المبادئ الدستورية الراسخة على مستوى العالم هو مبدأ حق الفرد في اللجوء إلى قاضيه الطبيعي ؛ والقضاء الطبيعي هو تلك المؤسسة السيادية المستقلة التي تقف محايدة بين الخصوم ، فلا هو بالقضاء الخاص مثل المحاكم الثورية ، ولا هو بقضاء مختلف في طبيعته مثل التحكيم .
    فالقضاء المستقل هو الجهة المحايدة التي تفرض رأيها على الظالم وتعطي كل ذي حق حقه . فإذا قامت القوانين بتحصين تسلط الحكومة على حقوق وحريات الأفراد فإلى من سيلجأ الأفراد حين إذٍ ؟ أليس إلى الله سبحانه وتعالى ؟، غير أن الله تعالى يطلب من الناس العمل بالأسباب أولاً ؛ فإذا انتشر الظلم والفساد والقرارات المتعنتة المحصَّنة ، ولم يجد الناس بداً من الخروج للمطالبة بحقوقهم بقانون القوة الشعبية لا بقوة القانون فإن الله ناصرهم حتماً فالله لا يحب الظالمين .
    2- انتهاك استقلال القضاء :
    يعد استقلال القضاء مبدأً دستورياً وضمانة للحقوق والحريات من تدخل الحكومة في العمل القضائي ، وتحصين أي عمل من أعمال الحكومة من الرقابة القضائية ؛ هو في الواقع يستلب من القضاء أهم سلطاته السيادية وهي الرقابة علي باقي السلطات . وهذا الاستلاب يعني – من جهة أخرى – أن الحكومة حينما تقضي بقرار ما وتحصن هذا القرار من رقابة القضاء ؛ فإنها تستولي على سلطات قضائية ؛ أسماها البعض زوراً وبهتاناً بسلطات شبه قضائية ، وهذا افتراء عظيم ، فنحن نعلم الفرق بين القرارات التي تصادر على سلطة القضاء وتلك التي تحتاجها السلطة التنفيذية – بقـَدَر- لمباشرة مهامها فنياً كسلطة إدارة .
    عليه فإن أي تحصين للقرارات يعني انتهاكاً للحقوق الدستورية للأفراد ولاستقلال القضاء . وقد رأينا العديد من الأحكام القضائية التي حاولت إيجاد مبررات ومسميات لهذا لانتهاك ، ونحن مشفقون على القضاء إشفاقاً كبيراً في خضم هذا الطوفان اللا دستوري . إلا أن هذه التبريرات القضائية قد أدت إلى تكريس مفهوم نسبية المبادئ الدستورية لدى طلاب القانون ، وقلل بالتالي من قدرتهم على مواجهة هذا التعسف بناءً على أصول القانون . والحق يقال أن رفض تحصين أعمال السلطة التنفيذية باعتبارها جهة إدارة أو حكم لم يعد محل جدلٍ واسع في الدول الحديثة ، بل أننا الآن نجد جدلاً واسعاً حول تحصين أعمال السيادة من الرقابة القضائية ، وأصبحت الشعوب الحرة تعزز من إرادتها في المشاركة في حكم نفسها .
    3- المساواة أمام القانون :
    يؤدي تحصين أعمال الحكومة من الرقابة القضائية إلى انتهاك مبدأ المساواة أمام القانون ؛ ذلك أنه لا رقابة على تعسف الحكومة ولا على معاييرها التي تصدر بها قراراتها . وبالتالي فإن المحسوبية والانحياز والإقصاء يظل محصناً من الرقابة القضائية ويجعل تطبيق القانون مقصوراً على أفراد دون غيرهم . وهذا ما رفضه الإسلام ، حين رفض رسول الله الشفاعة في المخزومية التي سرقت .
    4- الرقابة على المشروعية : (مبدأ المشروعية كمبدأ دستوري) :
    لا يمكن في ظل تحصين أعمال الحكومة ؛ أن تقوم رقابة على مشروعية هذه الأعمال . ومبدأ المشروعية هو مبدأ دستوري ، وملخص هذا المبدأ – الذي يميز البعض بينه وبين الشرعية- هو خضوع الجميع(مؤسسات وأفراداً) لسلطان القانون . وسلطان القانون هذا لا يمكن التأكد منه إلا عبر اللجوء إلى القضاء . فإذا تم تحصين أعمال الحكومة من الرقابة القضائية فكيف يتم التحقق من احترام مبدأ المشروعية .
    5- العدوان على سلطات القضاء :
    عندما يتم تحصين قرارات السلطة التنفيذية ، فهذا يعني أن السلطة التنفيذية قد أضحت جهة قضاء ، وبالتالي تضحى السلطة التنفيذية (خصماً وحكماً) في نفس الوقت .
    6- الثورة الدستورية :
    لقد اكتشفت الشعوب (الحرة) خطورة تحصين قرارات السلطة التنفيذية من رقابة القضاء ، فانتفضت عبر قضائها الجالس والواقف يدعون إلى الثورة الدستورية ، وهكذا بدأت هذه الشعوب في تصفية القوانين من شائبة التحصين ؛ فنهض علماء مصر الأجلاء في السبعينيات وقاموا بتنقية القوانين جميعها من أي تحصين لأعمال السلطة التنفيذية . ثم تبعتها لبنان وسوريا ، وهم مستندون إلى التطورات التي شاعت في النظام الدستوري اللاتيني . وأخيراً بدأ العراق في عام 2005 باللحاق بركب التقدم والحرية بعد سقوط الدكتاتورية في تنظيف قواعده القانونية من التحصين . أما في السودان فإن أغلب القوانين وحتى ما يستجد منها نجده حاملاً لفيروس التحصين إلى أن وصل الأمر إلى تحصين قرار النائب العام بوقف الدعوى الجنائية من الرقابة القضائية ، فالنائب العام - لمن لا يعلم – يستطيع أن يخرج دعوى جنائية من (ولاية القضاء) بإيقاف هذه الدعوى ، وقد تبارت الأحكام القضائية محاولة تسويغ ذلك فأدى إلى الخلط واللغط . حتى أشفقنا على القضاء من ثقل العبء الذي أوقعته فيه البرلمانات الهلامية . والمهزلة الكبرى أن القانون تطلب تسبيب القرار ؛ ولا نعلم لأي شيء يسبب القرار إن لم يكن تحت الرقابة ، وهكذا انبرت أحكام القضاء تجادل مأساة الواقع فبعضها يتطلب التسبيب الشكلي فقط والذي لا فائدة منه ، وبعضها يصادر على حكم القانون بالتحصين متطلباً الرقابة الموضوعية على التسبيب .
    وخطورة مثل هذه المواد أنه إذا (كنا خياليين أو مثاليين ) وتصورنا رفع دعوى جنائية بالفساد مثلاً ضد وزير أو مسئول أو حتى شخص ذا نفوذ في الحكومة ؛ فإن هذه الأخيرة تستطيع أن تخرجه من ورطته (كما تخرج الشعرة من العجين) ، وأما إن كان هذا الفرد من المارقين الضالين فنزل من حميم وتصلية جحيم .
    ثانياً : تجريد القضاء من سلطته الأدبية :
    إذا كان القضاء قد جرد من بعض سلطاته القضائية ؛ فإنه ومن البديهي أن يتم تجريده حتى من سلطته الأدبية ، وهذا ما حدث بالفعل ؛ ففي سنة 1998 ؛ تم تعديل قانون السلطة القضائية الذي أجازه المجلس الوطني – الذي يجيز كل شيء - وتم بناءً على هذا التعديل حذف وصف (السلطة) عن القضاء ؛ وكان البديل هو (الهيئة) .وعليه صار الوصف هو الهيئة القضائية وليس السلطة القضائية . فبما أن السلطة التنفيذية استطاعت أن تقتلع من القضاء الكثير من سلطاته ولم يستطع القضاء أن يفعل العكس ، فلا تثريب في أن يصبح القضاء مجرد هيئة قضائية ، مثله مثل هيئة الطرق والجسور وهيئة المواصفات والمقاييس وهلم جرا . ذلك أن الفرق بين (السلطة) و(الهيئة) شاسع وكبير ، فالسلطة هي مؤسسة تستند إلى دستور وذات طبيعة سيادية مستقلة عن باقي المؤسسات السيادية ؛ أي مستقلة عن السلطتين التشريعية والتنفيذية . أما الهيئة فهي مجرد مؤسسة –قد تستند إلى تشريع- وذات شخصية اعتبارية ، لكنها ليست بالضرورة متمتعة باختصاصات سيادية ، بل هي وفي الغالب جزء من سلطة سيادية وهي السلطة التنفيذية ، سواء أكانت هيئة عامة أم قومية أم خلافه .
    ثالثاً : اللوائح وأصل الحق الدستوري :
    إذا كان من الجائز للسلطة التنفيذية أن تصدر لوائح لتنظيم ممارسة الحقوق الدستورية ، فإنه لا يجوز لها أن تستغل هذه اللوائح للمصادرة على أصل الحقوق الدستورية ، أو أن تمنح نفسها سلطة تقديرية واسعة بحيث يكون لها الحق في السماح أو الرفض للمواطن بممارسة حقه الدستوري . فإذا كان التظاهر حق من الحقوق الدستورية ومظهراً جوهرياً من مظاهر الديمقراطية ؛ فلا يجوز للسلطة التنفيذية أن تضع شروطاً لا يمكن أن تنطبق على هذا الحق ؛ فلا يجوز للسلطة التنفيذية أن تحدد حق التظاهر بعدد معين من الجماهير ، ولا أن تحدد المواضيع التي يحق للمواطنين المطالبة بها ، ولا يجوز لها أن تترك لنفسها سلطة تقديرية واسعة تحرم بها المواطنين من ممارسة هذا الحق .فاللوائح يجب أن تقتصر على تنظيم هذا الحق دون خلق معرقلات أو توجيه اتهامات جنائية ؛ كما لا يجوز التشبث بأفكار تمويهية مثل الأمن القومي أو خلافه للعرقلة أو المصادر ة على ممارسة الحقوق الدستورية . ويؤدي حدوث ما سبق إلى انتهاكين دستوريين :
    أولهما : المصادرة على الحق أو عرقلة ممارسته .
    ثانيهما : عدم المساواة أمام القانون .
    وعدم المساواة أمام القانون ؛ ينتج عن أن الحكومة تستطيع بسلطتها التقديرية الواسعة أن تجيز ممارسة هذا الحق لمواليها ، ومنع معارضيها من ممارسة حقهم . في حين أن المساواة أمام القانون مبدأ دستوري لا يجب أن تحيد عنه أي سلطة من سلطات الدولة متى ما كان الأمر متعلقاً بأصحاب مراكز قانونية متماثلة .
    الثورة الدستورية : هي مجابهة أي انتهاك لائحي لممارسة الحقوق الدستورية ؛ وهذا ما أفضت إليه تجربة الشعوب الحرة التي أخذ علماؤها في تكريس المفاهيم والأسس والقواعد الحامية لممارسة الحقوق الدستورية .
    رابعاً : مبدأ المشروعية الجنائية :
    لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص نافذ قبل ارتكاب الفعل الإجرامي : اهتمت الشعوب الحرة في دول القانون والمؤسسات بهذا المبدأ اهتماماً كبيراً ، والذي نتج عن تاريخ أسود كتبته عصور الاستبداد والدكتاتوريات ؛ إلا أن هذا المبدأ صار منتهكاً من كافة جوانبه عندنا ؛ سواء على نطاق المشروعية الجنائية الموضوعية أم الإجرائية ، فهذا المبدأ يفترض ابتداءً حسن صياغة القواعد الجنائية بحيث لا تسمح لأي ضابط شرطة أو وكيل نيابة أو قاضٍ بالتوسع في تفسير النصوص عند تطبيقها أو تنفيذها .
    ولقد رأينا كيف توسعت السلطات الضبطية في مفهوم "الشغب" والتجمهر غير المشروع وهي تقوم باعتقالات وسط المتظاهرين . في حين أن التظاهر لا علاقة له بالتجمهر غير المشروع ولا بالشغب ؛ ومع ذلك فلم يستطع أحدٌ أن يحرك ساكناً . إلا أن مشكلة الشرعية الجنائية أكبر من هذا وأضخم مما نعتقد .
    تشويه النص الجنائي :

    يعتبر القانون الجنائي لسنة 1991 من أسوأ القوانين من حيث الصياغة ؛ فهو يفتقر إلى بديهيات ومسلمات القانون الجنائي التي أرساها الفقه الجنائي إثر تطور الفلسفة الجنائية مع تطور المجتمعات . فالنظرية العامة لهذا القانون لا تكاد تخلو قاعدة فيها من أخطاء بديهية وخلط فاحش ؛ كما لو أن من وضع هذا القانون لا علاقة له بالقانون الجنائي ، فهو يخلط بشكل غريب ومشوه بين أسباب الإباحة وموانع المسئولية ويخلط بين الفعل الأصلي والاشتراك ، وأما عن القصد الجنائي فحدث ولا حرج ، فالقصد الجنائي قد تطور نظرياً بشكل كبير مواكباً تطور المدارس الجنائية منذ التقليدية الأولى وإلى الآن ، وبنظرة خاطفة على هذا القانون يتضح أن من قام بصياغة هذا القانون لم يكن على دراية واضحة بهذه التطورات فأتبع طريقة "المخمخة" الشخصية ، فلا هو قد أخذ بالمدرسة المادية التي انتهجها الفقه الإسلامي الكلاسيكي ، ولا بالنظرية النفسية ولا البراغماتية ولا حتى بالنظرية المعيارية ، بل خلط خلطاً شديداً شوه مفهوم القصد الجنائي تشويهاً أوقع القضاء قبل الفقه في خضم من التبريرات والتفسيرات المتعارضة وغير المتسقة مع بعضها البعض (أنظر في ذلك مؤلفنا: البسيط في شرح القانون الجنائي) ، كذلك نجد أن العقوبات سواء في القانون الجنائي أو في القواعد الجنائية الخاصة ، غير مبنية على دراسات منهجية ، فالغرامات (مطلقة) دون تحديد ؛ لا بحد أدنى ولا بحد أقصى ؛ ولا حتى بجداول تشريعية تحدد ما يسمى بالمقياس القياسي standard scale كما هو متبع في بريطانيا أو الولايات المتحدة الأمريكية ،ودول الكومون لو عموماً . كما أن العقوبات تتفاوت تفاوتاً جسيما ومشوهاً .
    وإذا نظرنا إلى العقوبات الواردة في قانون المرور لسنة 2010 لتبين لنا بوضوح أن من يضعون القانون لا يستندون أبداً إلى معايير علمية (يستنبطها علماء القانون متساندين بعلماء الاجتماع وعلماء النفس الجنائي و علماء الإحصاء الجنائي ) ، عند وضعهم للعقوبات ، بل أن من وضعوا القانون كان لديهم اعتقاد (خاطئ) بأن تشديد العقوبات يفضي حتماً إلى الردع ، وهذا غير صحيح ، بل قد أثبتت التجارب الإنسانية خطأ هذا الاعتقاد كما أثبتته التطبيقات المباشرة للقوانين ، فعلى سبيل المثال ؛ شددت بعض الدول عقوبة الاغتصاب إلى الإعدام معتقدة أن الإعدام سيؤدي إلى الردع العام ، وبالتالي تقليل جريمة الاغتصاب . وقد حدث هذا بالفعل ؛ فقد انخفضت جريمة الاغتصاب إلى نسبة خمس وخمسين في المائة ؛ إلا أن الإحصاءات الجنائية قد كشفت عن ارتفاعٍ كبيرٍِ في نسبة جرائم القتل ،ذلك أن كل جريمة اغتصاب صارت تقترن بجريمة قتل ؛ فالجاني الذي يغتصب فتاة ، يفضل قتل المجني عليها محاولاً إخفاء البينة الوحيدة ضده ، ذلك أنه إن تركها حية فسيعاقب بالإعدام وإن قتلها فسيعاقب بالإعدام أيضاً ، وهكذا عُدِّلت هذه التشريعات وخففت من عقوبة الإعدام للمغتصب حتى تترك أمامه فرصة ترك الضحية حية وهو يأمل في الإفلات من العقاب .
    وهذا الخطأ هو ما وقع فيه المشرع في العقوبات المشددة في القوانين الجنائية في السودان . فالعقوبات المشددة في قانون المرور ؛ لم تؤدي إلى خفض نسبة حدوث المخالفات بقدر ما أدت إلى زيادة جريمة الرشوة . وأعتقد أن كل من يملك سيارة سيفهم كلامي هذا بوضوح . وجريمة الرشوة أخطر وأشد من المخالفات المرورية ؛ لأنها أولاً وقبل كل شيء ؛ تؤدي إلى هدم المروءة في المجتمع ، فالراشي يفقد مبادئه الأخلاقية ويعتمد على المال للإفلات من العقاب ، والمرتشي يفقد كرامته . وتؤدي الرشوة إلى إفقاد السلطة هيبتها ، وتصبح أقرب إلى البلطجة والفتوة . وتؤدي الرشوة إلى تثبيت مبدأ سلبي لدى العقل الجماعي وهو مبدأ شرعية الفساد .
    والحديث عن مشاكل القانون الجنائي تطول ، سواءً في جانبه الموضوعي أو ذلك الإجرائي وخاصة ما يتعلق بضمانات المتهمين عند التحقيق وضمانات الملكية الخاصة والأشخاص عند التفتيش والضبط والقبض ، حتى أن منظمة العفو الدولية قد وضعت السودان في لائحة الدول الأقل قدرة على توفير هذه الضمانات إلى جانب الصومال والعراق وكلها مرتبطة بحقوق دستورية، ولكننا بإذن الله سنحاول أن نجد سانحة أخرى لمناقشة هذه الأمور بالتفصيل.
    الثورة الدستورية : هي الاعتماد على برلمانات حقيقية ، منتخبة انتخاباً صحيحاً ، تعمل على تحقيق مصالح المواطنين ، وتعمل على فرض المنهج العلمي والفني عند صياغة مشروعات القوانين وسنها . وتطوير عملية البحث العلمي لبناء قواعد قانونية تستند إلى المبادئ الدستورية التي لم تعد الشعوب الحرة بحاجة إلى إنزالها في دستور مكتوب .
    خامساً : الفساد :
    لا أريد أن أكون فظاً غليظ القلب ؛ وأنا أتحدث عن هذا الموضوع ؛ إلا أن الواقع يفرض علينا شيئاً من الشفافية ، فالفساد أضحى منظومة مؤسلمة بمصطلح التمكين الاقتصادي . وجعل المال دولة بين الأغنياء ، أو أن يدلي البعض منهم بأموالهم إلى الحكام ، وقد قال تعالى عن الأولى : " كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب " (الحشر -7) ، وقال عن الثانية : " ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وانتم تعلمون" (البقرة – 188) . فقد نهى الدين نهياً شديداً عن هذا النوع المؤسس من الفساد ، وزجر عنه زجراً قاسياً ، فعندما يصبح الفساد منظومة متكاملة بهذا الشكل ، فإنه لا يمس أموال الطبقة الوسطى ولا الفقيرة فقط بل يمس كل المال العام الذي هو مال للفقراء والمساكين واليتامى ، وقد قال رب العزة : " إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا " (النساء -10) . وبالتالي فإن القول بأن الفساد ليس فساداً مؤسسياً يرهقه الواقع وتدحضه الوقائع ، فلقد رأينا كيف تبرع أحد الأغنياء بمليارات الدولارات من النقود لحزب من الأحزاب ، لو بذلها للمحتاجين لكان عند الله صِدِّيقا ، ومثل هذا الشخص إما أنه سفيه فلا يقبل تبرعه ، وإما أنه يدلي بماله إلى الحكام ، وكيف ونحن نطبق شريعة الله في الأرض أن نبحث عن تبريرات للفساد ، ونحن نتلوا الكتاب ، وقد علمنا الله الكتاب والحكمة أفلا تتقون .
    إلا أن المشكلة الأساسية تكمن في أن المنظومة القانونية ككل لا تسمح بمكافحة الفساد ؛ ولقد رأينا في البنود السابقة القليل من الكثير من المشاكل التي تنخر في جسد التشريعات ، قانوناً قانوناً ، وقاعدة قاعدة . وأن جسد الدولة ترهل بالفساد ترهلاً طبيعياً في ظل الترهل الإداري والشتات والضعف المؤسسي والقانوني ، والانتهاكات الدستورية التي لا تعدُّ ولا تحصى ، حتى أنني حملت هماً كبيراً لأكتب هذه السطور وإنها لو تعلمون لتنوء بالعصبة أولي القوة . لكثرة ما يمكن الحديث فيه وعنه . وتجاوزت فيه عن الكثير من الكبائر والصغائر ، ستراً أحياناً وإحباطا في أغلب الأحيان .
    لذا فإن مجمل قولنا أن مكافحة الفساد لا يمكن أن تتم عبر مفوضية أو وزارة أو هيئة ، إن مكافحة الفساد تحتاج إلى إعادة صياغة منظومة الدولة من جديد لتخرج كالطفل الوليد على المحجَّة البيضاء بما فطرت عليه .
    سادساً : المواقف من الثورة الدستورية :
    1- موقف القضاء الواقف من الثورة الدستورية :
    تعتبر مهنة المحاماة من المهن الحرة التي لا يكون فوق المحامي من سيد يأمره أو ينهاه ، ولذا فإن رجال هذه المهنة هم الذين لا يخافون في الحق لومة لائم . حتى أنهم أضحوا السلطة الشعبية الأولى في العالم . فحين تخرج نقابة المحامين دفاعاً عن الحق والعدل ، نجد الحكومات وقد ارتعدت فرائصها خوفاً من ميزان العدالة .
    إلا أننا وللأسف الشديد ؛ لم نجد في نقابتنا من ذلك شيئاً ، فلا هي قامت بمهمتها الأولى وهي دعم شباب وصغار المحامين الذين نراهم في كل وادٍ يهيمون وإلى (ستات الشاي) قرب المحاكم يجلسون ، وقد أرهقهم ضنك العيش وسوء النظام القانوني وفساده بأكمله. ولا هي أدت دورها في إعادة تقييم فقهي لما يسن من التشريعات بما يحفظ الحقوق الدستورية والمطالبة بها للشعب المغلوب على أمره ، بل رأينا كيف أن نقيب المحامين السابق وباسم هذه النقابة ،كان لسانه يلهج بذكر الحكومة مدافعاً تارة عن المؤتمر الوطني وتارة عن الحكومة نفسها ، حتى لم نعد نعلم أهو نقيب للمحامين أم هو وزير العدل الذي يعتبر الممثل القانوني الوحيد للدولة . على أية حال فقد نال حظه بعد ذلك من التكريم .
    إنني أدعو المحامين الشرفاء ، الذين يحملون الميزان ، ويرون فيما أقوله حقاً وصدقاً أن يحملوا ما استطاعوا من شعلة الثورة الدستورية القادمة في البلاد ، وأن يعدوا أنفسهم لحمل الأمانة التي خانها البعض . والله لا يحب الخائنين .
    2- موقف الربانيين :
    إن رجل الدين هو من يسعى إليه العوام ليبين لهم الأحكام ، ويميز لهم الحلال عن الحرام ، ويحثهم على المطالبة بالحقوق واستردادها ، ومع ذلك وجدنا بعضاً من هؤلاء ، وقد آلوا على أنفسهم مخاطبة العوام عن الكاسيات تارة وعن العاريات . فإن سئلوا عن الفساد تراهم أشاحوا بوجوههم ولم يعقبوا مخالفين بذلك سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، الذي كان إذا جاءته امرأة تقول له : قد زنيت ، تراه يشيح عنها ذات اليمين وذات الشمال، وإن جاءه زانٍ وقال : قد زنيت : قال له : لعلك قبلت .. لعلك فعلت كذا وكذا , أما إن جاءه رجل أخلفه على المال العام فقال له : يا رسول الله هذا لكم وهذا أهدي لي . ترى رسول الله وقد تغير وجهه ، وصعد إلى منبره ، وخطب قائلاً بعد أن حمد الله وأثنى عليه : "مَا بَالُ عَامِلٍ أَبْعَثُهُ فَيَقُولُ هَذَا لَكُمْ وَهَذَا أُهْدِيَ لِي أَفَلَا قَعَدَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ أَوْ فِي بَيْتِ أُمِّهِ حَتَّى يَنْظُرَ أَيُهْدَى إِلَيْهِ أَمْ لَا، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَا يَنَالُ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْهَا شَيْئًا إِلَّا جَاءَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْمِلُهُ عَلَى عُنُقِهِ بَعِيرٌ لَهُ رُغَاءٌ أَوْ بَقَرَةٌ لَهَا خُوَارٌ أَوْ شَاةٌ تَيْعِرُ" ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى رَأَيْنَا عُفْرَتَيْ إِبْطَيْهِ ثُمَّ قَالَ: "اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ" مَرَّتَيْنِ. أخرجه أحمد (5/423 ، رقم 23646) ، والبخاري (6/2446 ، رقم 6260) ، ومسلم (3/1463 ، رقم 1832) ، وأبو داود (3/134 ، رقم 2946) . وأخرجه أيضًا : الدارمى (2/304 ، رقم 2493) ، وأبو عوانة (4/393 ، رقم 7066) ، والبيهقى (7/16 ، رقم 12953).
    بل أن موقف رجال الدين كان أشد غرابة وهم يتلون كتاب الله ، فإذا هم يخذِّلون المواطنين في منابر المساجد عن المطالبة بحقوقهم ويخوفونهم بالذي هو أدنى والله أحق أن يخشى إن كانوا مؤمنين .أم خشوا أن يخسروا مزايا الحياة الدنيا ، أم أنهم هم قد ورثوا الكتاب يأخذون عرض هذا الأدنى ويقولون سيغفر لنا وان يأتهم عرض مثله يأخذوه الم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب أن لا يقولوا على الله إلا الحق ودرسوا ما فيه والدار الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون .
    وهم أولئك الذين تصدوا ببياناتهم مكفرين ومهدرين الدماء لمن خالفهم الرأي فما بالهم اليوم لا ينطقون ، وقد كان الربانيون والأحبار من أهل الكتاب ينهون من جعل منهم الله القردة والخنازير عن قولهم الإثم وأكلهم السحت ولبئس ما كانوا يصنعون ؟
    وكيف يستصرخون الناس في منابرهم مطالبين بتطبيق الشريعة الإسلامية ؛ أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها ، أم جعلوا القرآن عضين ، أم مثلهم كمثل الذي ينعق بما لا يسمع أم يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم أم أنهم إذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون .
    هداهم الله وإيانا ، ولم يجعلنا من الضالين المضلين .
    3- موقف الحاكم :
    أخاطب في هذا البند الأخير السيد رئيس الجمهورية المواطن / عمر حسن أحمد البشير ، خطاباً أسدي له فيه النصح ، وإني لأحسبه من الراشدين .وأقول له فيه قولاً لينا لعله يكون من المهتدين ، فينصلح به حال العباد دنيا ودين . طالباً منه أن يتبنى مع الشعب الثورة الدستورية لإعادة بناء دولة القانون والمؤسسات . ولن يتم هذا إلا بالإطاحة بكل المنظومة الفاسدة التي تحيط بالرئيس . ولن تكون هذه الإطاحة ممكنة إلا بالآتي :
    1- عودة الرئيس إلى قيادة قوات الشعب المسلحة السودانية (القومية) .
    2- تفكيك كافة المليشيات والمنظومات ذات الصفة الشبيهة بالجيش كالدفاع الشعبي والدبابين وقوات الأمن الوطني وخلافه .
    3- أن يعلن رئيس الجمهورية إنقلاباً داخلياً يطيح فيه بكل رؤوس الفساد في الدولة ، وتشكيل مجلس عسكري مؤقت لإدارة الحكم في السودان .
    4- إعلان حالة الطوارئ .
    5- حل حزب المؤتمر الوطني . وتفكيكه واستقالة الرئيس منه مكتفياً بدعمه العسكري ، وما سيلحقه من دعم جماهيري .
    6- إعادة صياغة الدستور بما يكفل الحقوق والحريات وإبراء ذمم المسئولين وأصحاب المناصب الدستورية بإعلانهم عن ممتلكاتهم المنقولة والعقارية داخل أو خارج السودان.
    7- تشكيل محاكم متخصصة لمحاكمة المفسدين .
    8- دعوة كافة القوى السياسية والشبابية إلى مؤتمر لا يشارك فيه المجلس العسكري المؤقت إلا كمراقب .
    9- أن يعمل هذا المجلس العسكري المؤقت على إنزال كافة توصيات المؤتمر إلى أرض الواقع بما يكفل حفظ أمن البلاد من أي فراغ سياسي .
    إذا فعل الرئيس ذلك ؛ فإنه يكون قد كشف عنا وعنه الغمة ، وأزال عنه وعنا الملامة والمذمة ، وبنا له ولنا دولة ذات أمة ، لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها . وإن لم يفعل فإنما أمر هذا الوطن إلى الله هو خير حافظاً وهو أرحم الراحمين ، والله من وراء القصد ، وإلى الله ترجع الأمور .

                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de