يناير بيت الشتاء / القاص - أحمد الجعلي أبو حازم يفوز بجائزة الطيب صالح الأدبية

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-21-2024, 09:22 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2011م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-19-2011, 06:36 PM

طارق صديق كانديك
<aطارق صديق كانديك
تاريخ التسجيل: 01-26-2007
مجموع المشاركات: 231

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يناير بيت الشتاء / القاص - أحمد الجعلي أبو حازم يفوز بجائزة الطيب صالح الأدبية (Re: طارق صديق كانديك)

    • كان يتكيء علي عربته الصفراء، التي تحمل الرقم/خ/أ/6485 تاكسي الخرطوم، البرد يفتح أبوابه للريح،ليؤكد سطوته علي تلابيب هذا الليل المنسرب نحو الوحدة الموحشة، أحس به يغزو دواخله المتعبة، فلجأ يطلب الدفء من معطفه البالي القديم، رمق الساعة ألفاها تناهز العاشرة والنصف، أشعل سيجارته، ثم رمي بجسده التعب علي مقعد السيارة.
    احكم أقفال الأبواب، رفع الزجاج إلي أعلي حتى نهاياته، جلس قبالة المقود، أشعل المحرك، غمره الدفء، فانسابت السيارة باتجاه الغرب، مصابيح السيارة ترمي ضوءها علي جسد الاسفلت، ومساحات لا بأس بها علي يسار الطريق ويمينه تنال حظها من الضوء الهارب بسرعة السيارة.
    يسقط الضوء علي ملابس السهرة اللامعة الرقاشة، ترتديها تلك التي تقف علي حافة الطريق في هذا الوقت من الليل.
    انه متأكد بيقينه التام، أن ليس ثمة وسائل نقل في مثل هذه الساعة، خصوصاًً وهو القادم من مكان تكدسها، ولاشيء سوي العربات الصفراء، تاكسيات فقط، والناس تهاب أجرتها الباهظة في مثل هذا الوقت من الليل.
    أشارت له بالتوقف، وبمحاذاتها تماماً أوقف السيارة، ودون أن تسأل فتحت الباب الأمامي، ورمت بجسدها الجميل، والموغل قليلاً في البدانة علي المقعد، تحركت السيارة.
    كانت ترتعش وتصطك، لاسيما فملابس السهرة ليس لها من سبيل ضد ضراوة البرد وطعناته الشرسة.
    - الحي الرابع لو سمحت، شارع 13
    كان صوتها راعشاً أيضا ومائلاً إلى الهمس نوعاً ما، كانت تفرك يديها وتنفخ فيهما إمعانا في البحث عن دفء يهزم تماسك البرد ويصيبه بالتفكك، فيوقف زحفه علي أوصالها، بنخوته أحس انه يجب أن يفعل ما يفعله أي رجل شهم، خلع معطفه وألقاه ناحيتها.
    - يمكنك أن ترتديه فالبرد لا يحتمل.
    هكذا قال وتابع النظر باهتمام علي جسد الشارع.
    فتحت صدفة الصمت فخرج صوتها ذو التكسرات الخشبية الغريبة لتقول:
    - انه يناير قلب الشتاء وصوت الريح.
    التفت ناحيتها، كانت ثمة سيارة معاكسة ترسل اضويتها إلى جوف سيارة التاكسي فيبين وجهها الأسمر المليح بجماله الطاغي ثم قال:
    - انه يناير قلب الشتاء ونبضه.
    قالت:
    - انه وحشي كنثار الزجاج تحت الأجساد المتعبة.
    قال:
    - إننا نحس فيه بمعني الدفء ونستدرك إن أجسادنا متكاملة، انه يناير بيت الشتاء.
    قالت:
    - بالعكس فانه يشعرنا بالكآبة والحزن، انه قاسٍ وقاتل.
    قال:
    - انه يشعرني بالاستقرار والانتماء.
    قالت:
    - انه يشعرني بالتيه والموت، انه يناير الوحشي، عليه اللعنة والطعنات المرة
    أشارت بإصبع كأنه رمح مسنون، أن انتبه.
    كانت ثمة حفرة كبيرة تزيد من وعورة الطريق، أوشكت السيارة أن تدخل متاهتها، ترك وجه محدثته، وانصرف يهتم يتجاوز الحفرة، وواصلت هي حديثها بنفس الصوت الخافت والنبرة الغريبة
    - ما اقسي أن تموت في الشتاء. كان ثمة شحوب باد علي تقاطيع وجهها وحزن عميق يغطي عينيها، وثمة لون رمادي خفيف يصبغ لونها الأسمر الخمري، لا يدري ما كنهه، ولكنه عزى ذلك للظلمة الحالكة خارج السيارة.
    -اعطف يمينك لو سمحت من هنا سندخل الشارع 13.
    وكانت تشير بذات الإصبع السهمي.
    انعطفت السيارة يميناً ثم يساراً، ثم يميناً، وأمام الباب الرابع توقفت، باب اسود ضخم ذو مقبض نحاسي، علقت فوقه لافته صغيرة بيضاء، مكتوب عليها (64 ش 13 الحي الرابع، منزل عبد المجيد خضر)، هبطت بتراخ من السيارة دون أن تخلع المعطف، وبصوتها المتكسر كعشب يابس، قالت:
    يؤسفني أني لا احمل نقوداً الآن، ويخجلني أن أرهقك بالقدوم إلى هنا صباح الغد، ولكن لامناص من ذلك، فانا اسمي نادية عبد المجيد خضر، وهذا هو منزلنا.
    ودون أن تترك له ادني فرصة للتعليق، دفعت الباب بهدوء وانسربت إلى الداخل قرأ اللافتة مرة أخرى للتاكد، وانصرف، تذكر برودة الصباح المهلكة، والمعطف الذي أخذته معها، فاصطكت أوصاله قليلا.
    في صباح اليوم التالي كانت موجة البرد قد انحسرت فجأة وبان وجه الشمس ساطعاً كمرآة.
    انزلقت السيارة بهدوء تتمايل، نفس اللافتة، ونفس البوابة السوداء الضخمة، ترجل من سيارته، طرق الباب بهدوء، وبنفس الهدوء انفتح له الباب.
    تلقاه وجه رجل سبعيني أشيب الرأس، هادئ القسمات لا يخلو من وسامة.
    تبادلا التحايا، وباختصار متقن بادره بالحديث:
    أنا علي زيدان، سائق تاكسي، في الحادية عشر من مساء أمس، أوصلت احدي الآنسات إلى هنا، ثم قالت لي عاودني في الصباح لأنقدك أجرتك، ولان البرد كان قاسياً تركت معها معطفي أيضا.
    لكن الرجل العجوز عالج السؤال بسؤال آخر:
    - لابد انك قد أخطأت العنوان، أليس كذلك؟
    لم أخطئ العنوان فقد انسربت بهدوء وثقة داخل البيت، فقرأت أنا اللافتة المعلقة فوق الباب، لاشك انك السيد عبد المجيد خضر؟
    - نعم أنا هو ولكن لي بنت وحيدة و مقعده منذ يناير الماضي.
    - لكني متأكد من دخول تلك الفتاة هنا، فقد انتظرتها حتى أغلقت الباب خلفها.
                  

العنوان الكاتب Date
يناير بيت الشتاء / القاص - أحمد الجعلي أبو حازم يفوز بجائزة الطيب صالح الأدبية طارق صديق كانديك02-19-11, 06:32 PM
  Re: يناير بيت الشتاء / القاص - أحمد الجعلي أبو حازم يفوز بجائزة الطيب صالح الأدبية طارق صديق كانديك02-19-11, 06:34 PM
    Re: يناير بيت الشتاء / القاص - أحمد الجعلي أبو حازم يفوز بجائزة الطيب صالح الأدبية طارق صديق كانديك02-19-11, 06:36 PM
      Re: يناير بيت الشتاء / القاص - أحمد الجعلي أبو حازم يفوز بجائزة الطيب صالح الأدبية طارق صديق كانديك02-19-11, 06:38 PM
        Re: يناير بيت الشتاء / القاص - أحمد الجعلي أبو حازم يفوز بجائزة الطيب صالح الأدبية طارق صديق كانديك02-19-11, 06:39 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de