|
المسارعة بالمطالبة بحلايب … لماذا ؟!
|
أفهم جيدامشاعر الإرتياح التي ظهرت في تصريحات المسئوليين السودانيين بذهاب حسني مبارك بدءا من الرئيس عمر البشير مرورا بمساعد الرئيس لشرق السودان إنتهاءا بالعديد من المسئولين الآخرين الذين نطقت ألسنتهم بعد طول غياب تندد بحسني مبارك وتسترجع الآلام التي سببها للسودان وتشيد بثورة الشباب المصري. هذا كله مفهوم ومتوقع ومقبول ، ما عدا المسارعة بمطالبة الحكام الجدد بتسوية موضوع حلايب بل والإنسحاب منها لأن حسني مبارك هو من أمر باحتلالها خلال حرب الجنوب ليطعن السودان من الظهر. هذا تعجل وتبسيط للمسألة ، ولست هنا بصدد الدخول في الجدل القانوني بشأن لمن تتبع حلايب ، لكني أرى أن هذه المسارعة الآن لم يكن هناك داع ولا مبرر لها. ستظهرنا هذه المسارعة أمام المصريين بمظهر الأناني الذي لم يهمه من ذهاب مبارك سوى الوصول إلى حل سهل وسريع لهذه المشكلة الحدودية التي صمتنا عنها إعلاميا بل وتتالت تصريحاتنا طوال السنوات السابقة بأن الإتفاق قد تم بأن تكون حلايب منطقة تكامل بين البلدين ، فأين تبخر هذا الإتفاق الذي طالما دندننا به ؟ إن الحكم الآن في مصر حكم إنتقالي بكل ما تعنيه هذه الكلمة من تبعات وحدود دستورية وقانونية سيجد المجلس العسكري نفسه مقيدا في إطارها ، وليس من بينها بالطبع إتخاذ قرار كبير على مستوى إخلاء حلايب. خلال الأشهر القادمة سيظل المجلس العسكري مشغولا بترتيبات الإنتخابات المتوقعة والموازنات الصعبة خاصة فيما يتعلق باتفاقية السلام مع إسرائيل والمحافظة على التوازن المطلوب بين طموحات مختلف القوى السياسية المصرية ومتطلبات العلاقات الدولية الخارجية ، ورويدا رويدا سيتلاشى وهج الفرحة بنجاح الثورة حيت تظهر تباشير صعوبات إرضاء الجميع وأمامنا الآن ما يدور من لغط وتصريحات بخصوص المادة رقم (2) من الدستور المصري إلى الدرجة التي تدخل فيها شيخ الأزهر. الأمر الأخير الذي آمل أن لا يغيب عن أذهاننا أن إيمان وقناعة المصريين بتبعية حلايب لمصر أمر لا يختلف عليه إثنان من حسني مبارك إلى أًصغر جندي وفلاح مصري ولا أعتقد أن المشير الطنطاوي ورفاقه في المجلس العسكري والأحزاب السياسية المصرية يمكن أن يقدموا تنازلا في هذا الأمر. لنظل متمسكين بحلايب طالما توافرت لنا الأدلة والوثائق ، ولكن لنمنح مصر بضعة أشهر تلتقط فيها أنفاسها حتى تضع اقدامها بثبات على أولى عتبات الحكم الراشد ، حينها يمكننا أن نطلب منها البدء في عمل مشترك للوصول إلى حل لهذه المشكلة بالطريقة التي تحفظ الحقوق وتحفظ كرامة الشعبين وتاريخهما المشترك .
|
|
|
|
|
|