سيدي في مقام الرحيل المهيب ، أتذكر يوم بدأنا ملف ( مذبحة الضيافة ) حين كتبت لي أن لك ملفاً ، وتناوبنا الوثائق نجمعها ، واتفقنا أن تكون للتوثيق ، وكنا بصدد ترفيع الملف ، وتوقفنا ولم تفتر همتنا ، ولكنا وسط كم هائل من العتمة والمسلك الاجتماعي كادت الحقيقة أن تضيع ، ولكنا أمسكنا جلها ، وحاورت أنت والأخ الأكرم عصمت أحد مفاتيح الموضوع ، ولكنه ضن بالكثير من أجل ملف استأثر به كتاب قيد التحرير ، ولم يكتمل . كم كنت نقياً ، باهراً في التوثيق ، وجلسنا حتى انحنت ظهورنا ، واكتشفت أني قد عرفت العقيد معاش يعقوب إسماعيل ، وبيني وبينه خيط لمعرفة الحقيقة ... أعدكَ وأعد أبناء الشرفاء أن يعرفوا من اغتال هؤلاء ، ونفد من الحساب ، وطال الغضب الهمجي الأرواح بلا محاكمات عادلة . تحية لك ، وقد غسلتك أيام التعذيب ، وجنى الجناة أن وضعوا البنية التحتية ليكون الجسد واهناً فرحلت مُبكراً ،
ليست الدنيا تسير كما نُحب يا خالد ، لا خلصت حكاوينا ولا لقينا البداوينا
وجف النخلُ ، وسكنت الريح ، وانقبضت النفس ، فليس لرحيلك من بعد وطن كنتَ تحلُم به ، وكم من قائلٍ تمنى أن تأخذه يد المنية و يرى موطنه ممزقاً . صورتك أهدى من قلادة على الصدر تُزين المرافئ ، والمواني والمطارات الحزينة ، استبقتك يد المنون وأنت على عتبات موطنك تخطو خطوك لريح الوطن لتأخذ الأسرة الحنينة في حضنك ، وتأبى الصائدات إلا بنحرنا بحزنك النبيل ، ووجهك . تبكيك الجوامع الانبنت ضانقيل .....، فقد كنت على شقاوتك مواظب على صلواتك ، بعيد عن صغائر الأمور . كنتُ أول مرة ألقاك عند محطة البصات قادماً من صديقنا المٌشترك أبوذر عكود ، وقلت لي إن صورتك كما هي في المنتدى ، والتقيت حضنك الدافئ ، ووجدتك تصغرني أكثر من تسعة أعوام ! . بمحياك الصبوح وضحِك الحفاوة وقد تركت معتصم وشريكة عمره ، وقلت لأجدنه وحدي . أتذكر حين تفقدت الحاسوب الصغير الذي كنت حينها أكتب به ، فقلت : أيعقل أن يكون هذه الصغير هو حامل تلك الرواحل الغنية ؟ أعرف أن المدائن لا ترغب السفر ، وترغب أنت الترحال . تجولنا حول المحال التجارية ذات مساء ، وكنت ترغب معدات إلكترونية ، وزرنا " أبوظبي مول " واخترت ما تُحب من الأزياء . ثم التقينا بكرز أبوظبي الثقافي ، الكاتب عثمان حامد ، ومعتصم العجب ، والسر أحمد علي والشاعر بدري ألياس وعبد الوهاب سامبتيكو ، وثلة من العهد الجميل ، وتغيب الكاتب محسن خالد ، وكان مسافراً .. لم أزل أذكر صورتكم الجماعية بملابس " الطمبارة " : أبوذر عكود ومعتصم الطاهر وأنت في حديقة بيت أبوذر في المنطقة الغربية ، وجاء الوطن بخواطره كلها وأنت بيننا ، جسدٌ ناعم ، وظلٌ بهي . لم نكن نحسب أن لن نلتقي من بعدُ ، وقد كسرتنا عُسرة الخروج من الأوطان ،... لا خلصت حكاوينا ولا لقينا البداوينا
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة