لا توجد أغلبية (إسلاموية) في شمال السودان. الصحافية الاستاذه رشا عوض

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-08-2024, 10:00 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2011م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-28-2011, 02:44 AM

Sabri Elshareef

تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 21142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
لا توجد أغلبية (إسلاموية) في شمال السودان. الصحافية الاستاذه رشا عوض

    رشا عوض

    بعد أقل من ستة أشهر من الآن سوف تكتمل إجراءات استقلال جنوب السودان عن شماله، وهذا حدث تاريخي كبير يستوجب مراجعات جذرية لمنهج إدارة الدولة السودانية منذ استقلالها عام 1956م، وهذه المراجعات ضرورية من أجل الحفاظ على وحدة ما تبقى من السودان ومن أجل صياغة تعاقد سياسي واجتماعي جديد يطفيء نيران دارفور وينزع فتيل الاشتعال من جنوب كردفان والنيل الأزرق ويحقق السلام الشامل والعادل والتحول الديمقراطي والمصالحة الوطنية التي تفضي إلى الاستقرار والتنمية، ومن ثم يستجمع الشعب السوداني طاقاته البشرية والمادية التي تبددت في الحروب الأهلية وفي تدمير الذات الوطنية بصورة (إبداعية)، ويوظف هذه الطاقات ويستثمرها في انتشال نفسه من واقع التخلف المريع الذي يعانيه، فهذا (التخلف الشامل) هو أكبر المعطيات الماثلة في الواقع السوداني.

    من العناصر المهمة في (مشروع المراجعات الجذرية لمنهج إدارة الدولة السودانية) تنقية البيئة السياسية من المفاهيم المرتبكة والمربكة التي تحوّل الساحة السياسية من ساحة للتنافس العقلاني الحر بين رؤى وبرامج تمثل أفكار واجتهادات أصحابها إلى ساحة للمفاصلة الحدية بين الإيمان والكفر أو بين شرع الله وشرع البشر أو بين الإسلام وأعداء الإسلام، مثل هذه المفاهيم تذهب بالرشد السياسي وتنحرف بالصراع السياسي عن جوهر قضايا السياسة والحكم ممثلة في إدارة مصالح الشعب ورعاية أمنه ومعاشه وصحته وتعليمه؛ تنحرف به إلى مبارزات غوغائية انتهازية تهدف إلى استغلال الدين في إلحاق الهزيمة بالخصوم السياسيين، وهذا الاستغلال غير أخلاقي لأن الصراع في أية ساحة سياسية على وجه الأرض هو (صراع بشري محض) كل أطرافه لا تمثل شيئا سوى نفسها وأفكارها واجتهاداتها ومصالحها (الدنيوية) مهما حشدت من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، لأن أمر السياسة لم تفصله آيات ولم تصفه أحاديث ولو كان أمر السياسة مفصّل بصورة قاطعة في الدين لما تقاتل صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أنفسهم على السلطة السياسية وحسموا أمرها بالسيوف!

    من المفاهيم المرتبكة والمربكة التي لن تقوم قائمة للرشد السياسي في البلاد إلا بتجاوزها (فكريا) بشكل حاسم عبر تفكيكها نظريا ومنطقيا مفهوم أن هناك أغلبية إسلامية في شمال السودان، وما دام الجنوب قد انفصل فمن حق هذه الأغلبية أن تقيم (دولتها الإسلامية) التي تطبق (الشريعة الإسلامية)، هذه الفكرة مطروحة هذه الأيام بقوة في الأوساط السلفية وأوساط الإسلام السياسي والهدف من طرحها مصادرة الديمقراطية وتقويض مبادئ الحكم المدني في شمال السودان وإخضاعه لوصاية الإسلام السياسي وإضفاء شرعية جديدة على نظام الحكم القائم ،
    أبرز مظاهر الخلل في هذه الفكرة هو أنها تخلط بين أمرين مختلفين تماما هما (الأغلبية المسلمة) و(الأغلبية الإسلاموية المطالبة بالدولة الإسلامية وتطبيق الشريعة الإسلامية)، ففي شمال السودان توجد أغلبية تدين بالدين الإسلامي، ولكن شعب شمال السودان المسلم غير متفق على نموذج إسلامي واحد في أمر الحكم والسياسة وغير متفق على فكرة الدولة الإسلامية وتطبيق الشريعة، حتى الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية مختلفة ومتصارعة فيما بينها، وكل منها له رأي سلبي في البرنامج (الإسلاموي ) للآخر، الحركة الإسلامية الحديثة نفسها والتي مثلت الصورة الآيدولوجية الأكثر صخبا وضجيجا للإسلام السياسي في السودان هي الآن منقسمة على نفسها إلى (مؤتمر وطني) و(مؤتمر شعبي) كل منهما يقول في الآخر ما لم يقله مالك في الخمر ويتهم الآخر في (دينه)! ومنذ أكثر من عشرة أعوام بينهما ما صنع الحداد! وهناك نخبة من أبناء الحركة الإسلامية تقول مالم يقله مالك في الخمر في كلا المؤتمرين (الوطني والشعبي)!! ومن هذه النخبة الدكتور عبد الوهاب الأفندي الذي أصبح يعارض من حيث المبدأ مصطلح (الدولة الإسلامية) ويدعو إلى تجاوزه، ووصف إخوانه في التنظيم الإسلامي بالأمويين الجدد كناية عن استبدادهم وفسادهم، والدكتور التجاني عبد القادر الذي قال إن السودان في عهد إخوانه الإسلاميين محكوم بمثلث(الأمن، القبيلة، السوق)!! ولم يقل أنه محكوم بالشريعة الإسلامية في ظل دولة إسلامية! وهذا على سبيل المثال، لا الحصر الذي لا يتسع له المقام في مقالة واحدة!! أما الجماعات السلفية المتشددة فمنها من يتهم الإنقاذ بالعلمانية والانحراف البائن عن الشريعة الإسلامية ولهم حيثياتهم الفقهية لهذه الاتهامات!!

    كل هذه الشواهد تدل على أهمية التفريق بين الإسلام كدين تدين به الأغلبية(تؤمن بعقائده وتتعبد بشعائره) وبين الإسلام السياسي وأطروحاته (المبهمة والفضفاضة وغير المحددة وغير المتفق عليها حتى في أو ساطه هو) حول الدولة الإسلامية والشريعة الإسلامية، ففي السودان توجد أغلبية (مسلمة) ولكن لا توجد أغلبية(إسلاموية)، ففي شأن السياسة والحكم هناك مجموعة من (الأقليات الإسلاموية) متباينة الأفكار والمصالح وتحتاج إلى مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان ومؤسسات الحكم المدني حتى تدير تبايناتها واختلافاتها بصورة سلمية وحضارية، ولا يضرب بعضها أعناق بعض كما فعل المجاهدون الأفغان بعد إطاحتهم بالنظام الشيوعي، وحتى لا يسجنون (شيوخهم) كما فعل الإسلاميون في السودان!
    وانطلاقا من ذلك نكرر ولا نمل التكرار بأن الدولة العلمانية الديمقراطية مطلوبة للاستقرار السياسي في الشمال ومطلوبة لحماية (الأقليات الإسلاموية) من بطش بعضها البعض قبل أن تكون مطلوبة لكفالة الحقوق السياسية والمدنية لغير المسلمين وللمسلمين ذوي التوجهات الفكرية والسياسية المختلفة مع الإسلام السياسي، ولا داعي للتهرب من استخدام مفردة(العلمانية) خوفا من إرهاب الإسلام السياسي وعند طرح خيار الدولة العلمانية لا بد من أخذ الحقائق التالية بعين الاعتبار:

    أولا: إن مصطلح الدولة العلمانية برز للمرة الأولى تاريخيا مع نشأة (الدولة القطرية أو الدولة القومية الحديثة ) إبان صلح وستفاليا الذي تم التوقيع عليه عام 1648 وقد أنهى حروبا دينية دامية وطويلة، والدلالة الوظيفية للمصطلح على أرض الواقع السياسي منذ ذلك الحين وحتى الآن هي إنهاء التمييز الديني، وقف الحروب الدينية، تحقيق المواطنة المتساوية، إدارة شؤون الدولة على أسس علمية وعقلانية، تشريع القوانين ووضع النظم على أساس موضوعي لقياس المصلحة العامة، كفالة حرية العقيدة والرأي والتعبير، وهذا المحتوى الوظيفي الذي تجسد في التجربة الأوروبية مطلوب لاستقرار الحياة السياسية واستقرارها في كل المجتمعات بما فيها المجتمعات المسلمة، فالإنسانية عشيرة واحدة فيما يتعلق بنشدانها للحرية والعدالة والمساواة، واحتياجها الملح للسلام الاجتماعي والاستقرار السياسي.

    ثانيا: العلمانية شأنها شأن أي مفهوم في الحقل السياسي الاجتماعي لها بعد فلسفي ومحمول آيدولوجي، ولكنها أيضا ليست جامدة أو متكلسة، بل هي في حالة تطور مستمر تبعا للتطورات الفكرية والمستجدات التاريخية، فعلمانية عصر التنوير تختلف عن علمانية عصر الثورة الصناعية التي تختلف كذلك عن علمانية ما بعد الحداثة فيما يتعلق بالبعد الفلسفي والمواقف الآيدولوجية من الدين، ولذلك لا يمكن اختزال العلمانية في أنها حرب استئصالية على الدين استنادا إلى معارك العلمنة في وجه الكهنوت الكنسي وما نتج عنها من مواقف آيدولوجية إقصائية ضد الدين، فالعلمانية تحتاج إلى حوار عقلاني تاريخي شامل بعيد عن التبسيط والثنائيات الحدية، حوار يتحسس بوعي الملابسات التاريخية.

    ثالثا: الدولة العلمانية والدولة الوطنية (أو الدولة القطرية أو الدولة القومية)، هي مفردات العصر الحديث التي تبلورت في إطار التجربة الحضارية الأوروبية وجاءت تتويجا لمخاضات فكرية وفلسفية ولنضالات سياسية مضنية وصراعات اجتماعية حادة ، ولكن مخاضات الفكر ونضالات السياسة نحو العقلانية والحرية والعدالة والمساواة في أوروبا لم تكن منبتة عن التجربة الإنسانية، وكل مجتمع لو عاد للتنقيب في تاريخه وتراثه الحضاري بوعي لاستطاع اكتشاف عقلانيته الخاصة و(علمانيته الخاصة)، والمسلمون ليسوا استثناء من ذلك، وتاريخهم شهد الاستبداد السياسي المتسربل برداء الدين، كما شهد القمع الوحشي للأفكار التجديدية باسم الدين، ففي التاريخ الإسلامي هناك من ذبح وهناك من رجم بالحجارة وهناك من أحرق وهناك من سلخ جلده وهو حي وهناك من سجن وعذب بسبب أفكاره واجتهاداته (بمن في ذلك الفقهاء وعلماء السيرة والتفسير)، وهذا موثق في كتب التاريخ، أما تاريخ المسلمين المعاصر فهو حافل بحركات التطرف والإرهاب والانغلاق التي تشهر سيف التكفير في وجه مخالفيها وهي حركات تنذر بإعادة المجتمعات المسلمة ألف عام للوراء، وبالتالي ليس هناك منطق في إنكار احتياجنا للعلمانية ليس فقط في الإطار السياسي بل كحركة تحديث شاملة في الفكر والنظم الاجتماعية بموجبها يوضع الصراع الفكري والسياسي في إطاره الصحيح(النسبي مقابل النسبي، البشري مقابل البشري)، ومثل هذه الحركة يجب أن تنطلق من جذور (العقلنة والأنسنة ) الكامنة في التراث الإسلامي نفسه مع الاستنارة بالتجارب الإنسانية المختلفة، فنحن اليوم نحتاج لاستدعاء ابن رشد لا استدعاء (مدرسة النقل والتقليد والاتباع).

    رابعا: ليس من مصلحة التطور في مجتمعاتنا مهادنة الإسلام السياسي وتفادي إرهابه الديني بالتخلي عن استخدام المفردات التي قام بأبلستها مستخدما أساليب غوغائية، تجهيلية وتضليلية، بل أن قوى الاستنارة والتحديث من واجبها أن ترد الاعتبار لكل مفردات الحداثة والتنوير، فنحن في حاجة لترسيخ خطاب العقلانية والاستنارة وتطبيع تداول مفرداته بلا مواربة وعلى رأسها (الدولة العلمانية).


    http://www.sudaneseonline.com/news.php?action=show&id=14315
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de