حول خطاب رئيس الجمهورية فى أعياد الحصاد بالقضارف ..!!؟؟

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-02-2024, 07:24 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2011م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-26-2011, 01:31 PM

محمد كابيلا
<aمحمد كابيلا
تاريخ التسجيل: 11-15-2008
مجموع المشاركات: 3510

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
حول خطاب رئيس الجمهورية فى أعياد الحصاد بالقضارف ..!!؟؟

    Quote: حول خطاب رئيس الجمهورية فى اعياد الحصاد بالقضارف

    التنوع المعاصر وحقائق الواقع فى السودان

    الشاذلي ميرغنى سليمان

    إن جمهورية السودان الحالية والتي تقع في مساحة من الأرض تمتد إلى مايقارب المليون ميل مربع وتأخذ قسم كبير من شمال شرق إفريقيا كأكبر قطر فى القارة تعتبر من اكثر الدول الإفريقية تنوعا من حيث المجموعات الاثنية التي تقطنه ومن حيث البيئة والمناخ الذي تسوده ويجاور السودان تسع دول تمتاز بتنوعها الداخلى ، والدولة الحالية تعتبر نتاج للتقسيم الاستعمارى لاراضى افريقيا فى ابان الفترة الاستعمارية التي اجتاحت قارات العالم المختلفة من قبل اوربا وبالتحديد بريطانيا العظمى التى كان السودان هو احد مستعمراتها المهمة التى تقع فى افريقيا وتعتبر هذه الدولة امتداد تاريخى ممتد منذ حوالى خمسة الاف عام من كرمه وكوش و نبته ومروى وقد كانت هذه الحضارات ذات امتداد جغرافى كبير اكثر مما يعتقد كثير من السودانيين حيث انها كانت تعتبر مركز الاشعاع الحضارى الأنسانى لوقت طويل فى فترات ماقبل التاريخ ولذلك فان هذه الدولة السودانيه المورثة بهذا العمق التاريخى والحضارى الانسانى كانت نتاج موضوعى للتنوع الشامل حيث توجد الصحراء فى اقصى الشمال السودانى وتليها المناطق الشبه صحراويه فى اواسط الشمال والسافنا الفقيرة و الغنيه فى اوساطها حيث تنتشر الوديان والسهول فى اجزاء واسعة جدا من الاراضى السودانيه وكذلك تغطى الجبال مساحات مقدرة من غربه وشرقه وجنوبه وصولأ الى الغابات الأستوائية الكشفيه فى الجنوب وتبعا لذلك يتنوع المناخ من امطار ورياح ودرجات حراره وبالتالى يكون هناك تنوع نباتى وحيوانى وفقا لذلك ومن الضرورى ان ينعكس كل ذلك فى طريقة وسبل العيش لدى السودانيين لذلك نجد بعض القبائل السودانيه تعتمد على الرعى واخرى على الزراعة وبعض الصناعات اليدوية وذلك وفقا لتاريخ وثقافة كل مجتمع كما ان الرعاة والزراع انفسهم يختلفون من منطقه لاخرى وذلك وفق علاقاتهم الانتاجيه سوى ان كانت زراعيه او رعوية حيث يختلف الرعاة والمزارعين فى البطانه عن نظرائهم فى دارفور وكردفان وهكذا. وهناك تنوع ثقافى واجتماعى قائم على اختلافات التنظيم الجتماعى والدينى والقيمى والممارسات حيث نجد ان هناك اختلافات واضحة فى طريقة النسب حيث نجد مجتماعات امموية مثل مجتمعات جبال النوبة واخرى ابوية كمجتمعات اواسط وشمال وغرب السودان ، وذات المجتمعات عند النظر اليها من قرب فسوف يلاحظ بسهولة انها تتنوع فى لغاتها والتى قد تتجاوز المائة لغة ، أضافة الى وجود تعدد دينى يتمثل فى اعتناق السودانين للديانات التوحيدية كالاسلام والمسيحية والمعتقدات المحلية التى غالبا ماتتمحور فى عبادة الاله الاكبر والذى قد يكون احد الاسلاف كما فى المجتمعات النيلية عند قبائل الدينكا والشلك ....الخ وهذه الاديان ذات نفسها قد تختلف طرق العبادة وطقوسها المتعلقة بكيفية التواصل الالهى والبشرى فهناك قبائل الدينكا مثلا تعتقد فى الاله دينق والذى يكون هناك اسر وظيفتها الدينية هى القيام بالطقوس الاحتفالية فى مختلف المناسبات والامر لايختلف كثيرا عند بقية القبائل النيلية، وامر اخر مشابه نجده عند النوبة متمثل فى الكجرة وهم بمثابة الوسطاء الروحيين والذين يمتازون بنظام ترتيب وظيفى خاص بهم فهناك الكجرة المتخصصين فى جلب الامطار والتى منها يأتى الزرع الذى يكون هناك كجرة اخرين اختصاصاتهم تنحصر فى رعايته وحفظة من الحشرات والطيور (الافات) الى أن يأتى دور الكجرة الراعين لعمليات الحصاد وطقوسها (الاسبار) ...الخ وكذلك هناك نفس طبيعة المعتقدات فى مناطق الانقسنا بجنوب النيل الازرق, كما أن هناك ديانات غير التوحيدية التى يعتنقها عدد قليل من السودانين ذوى الاصول الهندية فى السودان وهم متواجدون فى المدن الشرقية واواسط شمال السودان بما فى ذلك العاصمة وخصوصا امدرمان ، وهذه الاديان ذات نفسها نجد وجود تنوع واختلافات مذهبية بداخلها حيث نجد ان المسلمين السودانين يتبع الغالبية العظمى فيهم المذهب السنى واغلبهم مالكية مع وجود مجموعات شيعية صغيرة ، وفوق ذلك فإن السنة انفسهم ينقسمون الى طرق صوفية متعددة فى ذاتها، وكذلك توجد مدارس سلفية متعددة هى الاخرى الى درجة التطرف وكل هذا التنوع انعكس على القيم المحلية فى المجتمعات المتنوعة حول المرأة ،الشرف ،الثأر ،الكرم ،الشجاعة... وغيرها من القيم المختلفة ولذلك نجد هناك كثير من القيم التى قد تكون ذات دلالة سالبة فى مجتمع ما ولكنها ذات دلالة اخرى غير سالبة فى مجتمع اخر .

    و هناك العديد من الدراسات التى اجريت فى مجال البحث فى الاثنيات السودانيه تشير معظمها الى ان السودان يحتوى على مجموعات عرقيه تصل الى اكثر من 590 قبيلة تتخاطب بحوالى 115 لغة مما جعل الكثير من الكتاب والباحثين بوصف السودان بانه افريقيا المصغره وهولاء السكان ينتشرون فى اماكن مختلفة وهناك هناك عوامل عديده كانت السبب فى توزيعهم داخل الخارطه الحاليه التى سبق وان ذكرنا انها قد صنعت بواسطة المستعمر على الورق ولم تراعى الأمتدادات الأثنيه والقبليه للسودانيين حيث نجد ان طرق المعيشة من اكبر الأسباب التى حددت ملأمح التوزيع السكانى لقبائل السودان وذلك لارتباط السودانيين بمختلف اجناسهم وقبائلهم بالبيئه التى تحيط بهم كما ان مرور طرق التجاره بالسودان كان سبب آخر فى دخول اعداد كبيرة من المهاجرين الى السودان وبقائهم ليصبحو جزء من النسيج الاجتماعى السودانى ويشمل ذلك الاعراق ذات الاصول العربيه مثل الجعليين والشايقية والرزيقات والرشايدة ....الخ وكذلك قبائل غرب أفريقيا من هوسا وفولانى وغيره .و يلاحظ ان كثير من المجموعات السكانية السودانية لها امتدادات قبليه ممتده الى خارج الحدود الجغرافيه فنجد مثلا المجموعات النيليه مثل الدينكا والشلك والنوير لهم بالمجموعات القبليه امتدادات تصل الى اثيوبيا وكينيا وان علاقاتها قد تكون احيانا اقوىبالمجموعات القبليه المناظره فى الدول المتاخمه للسودان أكثر مما هو قائم فيما بينها وبين القبائل الاخرى التى تجاورها داخل الحدود الجغرافيه السودانيه وهذا لا ينطبق على النيليين فقط بل نجده أيضا فى العلاقه القويه التى تربط النوبيين فى شمال السودان مع النوبيين في مصر وكذلك المساليت فى دار فور و المسا ليت فى تشاد والذاندى بالاستوائية والزاندى الموجودين بافريقيا الوسطى وكذلك الاشولى فى نفس المنطقه والاشولى الموجودين بأوغندا ويعزى ذلك للظروف الطبيعيه والتاريخ المشترك والمعتقدات واللغة المتحدثه والموسيقي والفنون وعموم كل العوامل التى تشترك تحديد الثقافه المحدده لتلك القبائل ويمكن ان نقسم السودان الى اقاليم ثقافيه تتمثل فى:-

    1. ثقافة سكان ضفاف النيل فى شمال واوسط السودان.
    2. ثقافة سكان اقليم السافنا فى وسط السودان.
    3. ثقافة البجة فى شرق السودان.
    4. ثقافة الفور فى غرب السودان.
    5. ثقافة النيلين فى جنوب السودان.
    6. ثقافة سكان جبال النوبة فى غرب السودان.
    7. ثقافة الذاندى السودانية فى جنوب السودان.
    8. ثقافة المابام فى جبال الانقسنا بجنوب النيل الازرق.

    وهناك عوامل شبه مشتركة بين المناطق الثقافية الاربعة الاولى تفوق اوجه الاختلاف فيما بينها بينما يمكن ان نصنف المجموعات الاخرى كمناطق ثقا فية قائمة بذاتها ومن جانب اللغة نجد ان هناك اختلاف فى التقسيم الثقافى اللغوى للقبائل السودانية وهو فى غاية التشابه والتداخل لدرجة انه يصعب معها تمييز هوية مجموعة بعينها عن باقى المجموعات الاخرى عكس ماهو موجود فى التقسيم الثقافى العام للقبائل السودانية الذى اشرنا إليه أعلاه ، حيث يمكن ان نلخص هذه المجموعات وفقا لموطنها الاساسى وهى تشمل المجموعة الاستوائية (Equatoria)، بحر الغزال(Bahar Alghazal) ، اعالى النيل(Uper Nile)،جبال النوبة وكردفان (Nuba Mountains and Kordofan)، دارفور (Dar Fur)، الفونج وجبال الانقسنا(Blue Nile. Funj and Angassana )، شرق السودان(East Sudan) ، شمال السودان( Northern Sudan) ووسط السودان(Middle Sudan) حيث تسود كل هذه المناطق الثقافية اللغوية اربعة مجموعات لغوية فقط وهى مجموعة القبائل التى تتحدث الافرواسيوية ومجموعة النيجر كرد فان والمجموعة النيلية الصحراوية والتى تتفرع منها مجموعات اللغات السودانية الشرقية وعند التوغل فى معرفة هذه المجموعات سوف يلاحظ ان هناك ارتباطات لغوية قائمة بين بعض القبائل السودانية التى لايمكن أن يعرفها إلا المطلع والعارف بأمر اللغات المتحدثة فى السودان ومثال لذلك فإن اللغة العربية التى تتحدث بها مجموعات قبلية كبيرة مثل الشايقية والجعلين فى شمال السودان والبقارة فى غرب السودان والرشايدة والزبيدية فى شرق السودان نجدها تشترك مع لغة الهوسا وأنهما الاثنتان ينتميان الى المجموعة اللغوية الافريقية الأسيوية، وكذلك فإن لغة الدينكا فى جنوب السودان والدلنج فى جبال النوبة والداجو فى دارفور والنوبيين فى أقصى شمال السودان والبرون في جنوب النيل الأزرق و الاشولى فى بحر الغزال نجدها جمعيا تعتبر ذات انتماء واحد للمجموعة اللغوية السودانية الشرقية وهى فى نفس الوقت لغة متفرعة أساسا من المجموعة اللغوية النيلية الصحراوية أى أن هناك صلة قرابة بين المجموعتين حيث أن القبائل السودانية التى تنتمي إلى المجموعة النيلية الصحراوية جزء منها يشتمل على قبائل الفور فى دارفور والجور فى الاستوائية والقمز فى جنوب النيل الأزرق وكذلك نجد ان المجموعة اللغوية الرابعة وهى النيجر كردفانية تتحدث بها مجموعة من القبائل تشمل جزئيا كل من قبائل الفولانى بغرب السودان والتلشى فى غرب جبال النوبة الذاندى فى الاستوائية والطمطم فى اعالى النيل، وهذه الامثلة تعكس بشكل واضح مدى التنوع والتعقد الحادث فى المجموعات السكانية السودانية ولذلك فإنه من الجهل ان يكون هناك اعتقاد فى أن الشمال لاتربطه علاقة بالجنوب أو الغرب لاعلاقة له بالشرق بل أن هذه اللغات تعتبر امتداد طبيعي للتنوع التاريخي للسودان حيث أن أخر ما توصل إليه علماء المرويات يؤكد بأن لغة الباريا بجنوب السودان الى جانب اللغات النوبية هى اللغات المرشحة بقوة لفك طلاسم اللغة المروية القديمة وهى جميعا بما فى ذلك اللغة المروية تنتمى الى المجموعة السودانية الشرقية ويشاركها فى ذلك قبائل الدينكا والشلك ، النوير، الانواك ،اللاتوكا ، التبوسا والاشولى فى السودان و أوغندا والماساى فى كينيا والانقسنا بجنوب النيل الازرق والميما والداجو بدارفور ، وفى جانب اخر فإن هذا الامتداد التاريخى للتنوع القبلى فى السودان والذى اصبح جزء من تنوعنا المعاصر يتبدى بوضوح اكثر اذا علمنا أن قبائل الجعللين الكبرى كالجعليين، الميرفاب ، المناصير ، الرباطاب، البديرية ، الشايقية هم النوبيون الذين استعربوا فى القرون الاولى التى سبقت قيام دولة الفونج.

    حقائق الواقع فى السودان:

    إن الدولة السودانية المسماة بجمهورية السودان التى لها كيان سياسى يتمتع بوضع دولة لها سيادتها الوطنيه والتى تتمثل فى رموز هذه السياده مثل علم السودان ودستورها الوطنى .......الخ ،تعتبر خارطة هذه الدولة كما سبق وان اشرنا إنها نتاج لاحتلال استعماري امتد لفترة طويله و قبل ان يكون هناك استعمار فان هناك تاريخ طويل قد ادى فى تفاعله الى تشكيل الدولة السودانيه الحاليه والذى ابتداء من سيطرة طويله لمملكة كوش في منطقة وسط وادى النيل والتي استمر حكمها حتى 330 بعد الميلأد نتيجة لسقوطها لعوامل عدة ولكن ابرزها هو الغزو الزى استهدفها من قبل مملكة عيزان واكسوم الحبشيتين (أثيوبيا حاليا) وهى مملكة سودانيه محليه الا أن معرفتها بين عامة السودانيين تظل بسيطه الا ماعدا بعض المتعلمين اللذين اتيحت لهم معرفة تاريخ السودان القديم حيث يتم التعامل مع هذا الجزء من التاريخ السوداني باعتبار انه شان خاص بجزء محدد من السودانيين ويعود السبب فى ذلك الاختزال المتعمد لهذه المملكة باعتبار نوبيتها وان التعريف بما انتجته من اثار ماديه وثقافيه يظل آمر غير مهم بالنسبه لمجمل المسؤلين عن إدارة الدولة السودانية الحديثة منذ استقلال السودان وحتى قبل الاستقلال حيث أهملت هذه الآثار الهامة واندثر جزء كبير منه واصبحت فى طي النسيان والشاهد على ذلك منطقة البجراوية التي تعرضت للنهب في فترات الاستعمار المختلفة وأخذت منها نفائس الفنون والمنتوجات التي كانت موجودة في المقابر الملكية والتي تغطيها الان اطنان الرمل الزاحفة كل يوم في اتجاه دون أن يحرك ذلك ساكن المسئولين في إدارة الدولة السودانية والأمر الأخر الذي ادى إلي عدم معرفة السوداني لهذا التاريخ العظيم من بناء الدولة السودانية هو أن الآثار التي تعرض في المتاحف وخصوصا المتحف القومي السوداني لا يزورها ويتعرف عليها إلا جزء ضئيل جدا من السودانيين وذلك غالبا ما يكون في صياغ ترفيهي ارتبط بالموقع فقط والغالبية العظمي من الزوار هذه المناطق هم من الأجانب الذين يزورون السودان كما أن المنهج السوداني الذي يدرس عبر النظام الرسمي للتعليم لا يعطي مساهمة كافية لمعرفة ذلك التاريخ وذلك في الماضي لان المناهج الحالية تجدها تماما قد غضت النظر عن تدريس هذا التاريخ وإن تم تدريسه يكون في مراحل مبكرة من بداية تعليم الأطفال بحيث أنهم لا يعوا الأهمية المقصودة من ذلك ويتم نسيانه في اقرب وقت باعتبار أن التعامل معه يعتبر جزء من أداء الواجب الدراسي المتعلق بالفوز بنتائج جيدة في الامتحان مثله ومثل أي مادة اخري يتم تدريسها كالرياضيات أو العربي ...........الخ وبالتالي لا يكون هناك وعي عميق بتاريخ السودان القديم ولا يتوقف الأمر هنا فقط بل أن هناك ميزات أخري من التاريخ السوداني قد تم الإغفال عنها في التاريخ ولم يتم الإشارة إليها في النظام التعليمي الرسمي كما حدث لتاريخ كوش وهي فترة دولتي المقرة وعلوة المسيحيتين وهنالك كذلك سبب اخر نعتبره موضوعي في عدم المعرفة بذلك التاريخ وهو البعد الزمني الكبير لهذه المماليك وخصوصا مملكة كوش ولكن هناك في المقابل سبب آخر متعلق بعلوه والمقرة وهو طبييعتهم الدينية حيث كانت امتداد كبير لسيادة الدين المسيحي في السودان ولذلك لانجد هناك من يدعي القرابة لهم من قبل معظم المجموعات القبلية السودانية التي تقطن حاليا نفس المنطقة ونفس الشي ينطبق علي المجموعات القبلية الأخرى التي تعتبر جغرافيا خارج نطاق الحدود الجغرافية السابقة للمقرة وعلوة إلا أن الأمر يصبح أكثر وضوحا بان المجموعات الإسلامية عروبية التي هيمنت علي الدولة السودانية الحديثة نجدها كثيرا ما تتشدد فى خطابها السياسى في الاستدلال بتاريخ وتراث المملكتين اللتان قامتا في السودان بعد تلك الفترة وهما مملكة الفونج في أواسط وجنوب شرق السودان ومملكة الفور بغرب السودان وذلك في صياغ التدبير الأيدلوجي لاحتكار الثروة والسلطة في السودان باعتبار إنهما مملكتان مسلمتان وعربيتان وهو الرباط المشترك بين الاثنين رغما من أن مملكتي علوة والمقرة هما دولتان سودانيتان ومحليتان وكذلك نفس الشي لمملكتي الفونج والفور ولكن ما يتم الحديث عنه بان المؤسسين لدولتي الفونج والفور هم العقلاء من العرب وقد قام حكام تلك المملكتين بصياغة نسب عربي شريف لهم وذلك عن طريق القرابة مما سهل كثيرا في أن تكون لهما تلك المساحة المقدرة من المعرفة لدي عامة السودانيين المنتمين إلي الوسط الإسلامي وعربي وهاتين الدولتين تعتبران النواة الحقيقية لتشكيل دولة السودان الحديث حيث نجد أن بسقوطهم انقطع تشكل الدولة السودانية وذلك نتيجة لعامل الغزو التركي – المصري للسودان عام 1821م لدولة الفونج ودارفور عام 1873م وذلك بالوكاله عن طريق تاجر الرقيق الجعلي الزبير باشا رحمة حيث تم إلغاء حدود الممالك السودانية والتي كانت اقرب الي الدويلات مثل مملكة النوبة في تقلي والمسبعات بكردفان ثم الفونج والفور وكان ذلك هو المدخل الاساسي لقيام نظام حكم مركزي ينطلق من الخرطوم وبادارة اجنبية يتعاون مها مجموعة من (الكمبرادورات) ذوى الانتماء العربي الاسلامي والذي أصبح الميزة الاساسية لحكم السودان حتي لحظة كتابة هذه الاوراق ، وقد انقطعت السيادة الاجنبية للسودان بقيام ثورة محلية يقودها محمد احمد عبد الله( المهدي) الدنقلاوي ذو الرؤي الاسلامية في تحالف قوي مع قبائل غرب السودان حيث أن المهدي قام بدعوة قبائل غرب السودان لمساندته في مجابهة الاستعمار وتحرير السودان مما أتاح له تأثير ضخم في السودانيين بمختلف قبائلهم ذلك في فترة امتدت لخمسة أعوام متواصلة من التحريض والدعوة الي تحرير السودان من قبضة الحكم الثنائي المصري التركي وقد ساعد في ذلك أن النظام التركي المصري الذى كان من اكثر النظم تشدداً في عملية جمع الضرائب و الاتاوات وبالتالي كانت هذه الاسباب السياسية والدنيوية البحتة هي العامل الأول في حشد المناصرين للمهدية وليس العامل الديني المتعلق بادعاء محمد احمد عبد الله بانه هو الامام المسلم المنتظر لتخليص العباد من الظلم والجور حيث أن العاملين وبصورة مشتركة كانا هما السبب في نجاح المهدي في القضاء على غردون باشا في معركة الخرطوم عام 1885م وبعدها مات المهدي بعد أن جعل الاسلام هو المحرك الأيدلوجي لدولته ومن بعدها انتقلت القيادة إلي خليفته عبد الله تورشين الذي ينتمي الي قبيلة التعايشة في غرب السودان وهي من القبائل العربية في تلك المنطقة وقد وصل الي تلك المرحلة من القيادة نسبة لتمسكه بالإسلام كأيدلوجية شاملة إلا أن الأمر لم يستقر له نسبة للتأمر الذي أحيك ضده من أولاد البحر وهم يمثلون التيار العروبي الاسلامي من اهل واقرباء المهدى واللذين كان العامل الأول في تحالفهم ضد الخليفة عبد الله التعايشي هو احساسهم بعدم احقيته بالقيادة لكونه من ابناء الغرب وانه ليس ذوي القربي ومن آل البيت المهدي العربي الاسلامي ‘حيث أن المهدي قبل وفاته جعل لنفسه نسب عربي في صياغ محاولة إيجاد مشروعية لإدعائه المهدية والذي يتطلب منه بالضرورة أن يكون ذو انتماء شريف وليس هناك أشرف من العرب القرشيين وبالتالي اشتدت المواجهة بين تيار اولاد البحر واولاد الغرب وهم المساندين للتعايشى حيث أصبح العامل القبلي هو الاساس للسلطة فطلب الخليفة من المجموعات القبلية التي تسانده بالهجرة بأعداد كبيرة لام درمان لمساندته وإعانته في إدارة الحكم وبذلك أصبح هناك مركزية قد خلقت في امدرمان وتعتمد علي الاساس العرقي و الأيدلوجية الاسلاموعربية لتشكيل الدولة مما خلق لها كثير من العدوات وانقلب انصار الأمس من مؤيدين لثورة التحرير الي مناضلين ضد جيوش المهدية التي حاولت أن تسيطر عليهم بالقوة العسكرية بل وامتد طموح الخليفة عبد الله التعايشي وأختار أن يواجه الإمبراطورية الانجليزية مما جلب لدولته الجيوش الانجليزية والتي دخلت في حرب ضده كانت نتيجتها وبالإضافة الي عوامل الانقسام الداخلي هو سقوط الدولة المهدية عام 1998م وبذلك تكون قد بدأت فترة حكم آخر في السودان يقودها تحالف ثنائي بين بريطانية ومصر وذلك الحكم هو الأساس الذي قامت عليه الدولة الحالية حيث رسمت الحدود الجغرافية للسودان كما اوذلك نتيجة للحوجة البريطانية الي تحديد حدودها مع المستعمرات الاخرى وتشكلت بذلك خارطة جمهورية لسودان وهو ليس نتاج تطور طبيعي حادث في الواقع السوداني .

    إن فترة الحكم الثنائي الانجليزي المصري تعتبر من أهم المراحل السياسية في تاريخ الدولة السودانية وخصوصا في تحديد ملامح السلطة السياسية المستقبلية في السودان حيث أنشئ في ذلك الوقت نظام تعليمي نتيجة للحوجة لموظفين يساعدوا المستعمر في إدارة الدولة وقد كانت نتيجته أن خلقت طبقة من الكمبرادورات وهم المتعاونين مع المستعمر من المتعلمين وغير المتعلمين حيث خلق ذلك مستقبلا التفاوت التعليمي بين السودانيين حيث أن معظم من عاونوا المستعمر في إدارة الدولة كانوا من تجار الرقيق الشماليين المسلمين الذين كانت لهم مكانة إجتماعية كبيرة نتيجة لقدراتهم الاقتصادية الناتجة من تجارة الرقيق والأشكال الأخرى من التجارة والتي كانت تعتمد على نظام الريع حيث لم يكن هناك أنتاج فعلي بل أن المنتجين الصغار مثل المزارعين كانوا تحت سيطرة هذه الفئة كما أن مكانتهم الإجتماعية كانت في قمة الهرم الاجتماعي امتدادا لما كان سائد أبان فترة حكم الفونج حيث أن تجارة الرقيق قد جعلت هناك تصنيفات اجتماعية تستند على من هم أولاد بلد فهم العرب المسلمين وعلى العبيد وهم غير العرب من السودانيين والذين قد يكونوا مسلمين ألا أن عامل التمييز الأساسي في التفاوت الاجتماعي كان يعتمد على أساس ألانتماء العرقي والذي كانت العروبة والتي لا ينفك منها الدين الاسلامى هم أساس التفاوت الاجتماعي حيث أن الحكام كانوا يدعون العروبة ألي جانب أسلامهم وذلك حتى يتوفر لهم السند المعنوي ورأس المال الرمزي الناتج من الانتماء ألي العروبة وهذا الأمر ناتج من أن الثقافة العربية الاسلاميه يمثل فيها النسب هو الأساس للتمايز الاجتماعي وهذا أمر لايخفي على أي شخص ذو معرفة قليلة بالمجتمعات العربية القديمة أو الحديثة التي تعلو بها مسألة التباهي بالنسب لما يمكن أن يجلبه من خير حسب النسب فالقمة هم قريش ومن ثم تأتى التصنيفات الإخرى وصولا ألي مرحلة العبيد وهم الأدنى مرتبة اجتماعية على الإطلاق حيث لايكون هناك فرق مابينهم ومابين الممتلكات المادية الاخرى وهذا الأمر قد انعكس برمته في الواقع السوداني حيث أن فترة سلطنتي الفور والفونج كان طابع السلطة بهما طابع ديني اسلامى حيث كان أمر ادارة الدولة يدار بواسطة التحكم في زعماء القبائل وكبار الاثرياء وذلك عن طريق دفعهم للأتاوات للسلاطين الذين كانوا يكتفوا بذلك ولا يتدخلوا في شئون تلك الجماعات واحيانا كانت الإشكالات التى تواجه السلاطين مع هذه الشرائح تحسم عن طريق خلق صلات قرابة بالتزاوج وإن تعقد الأمر فانهم كانوا يستخدمون السلطة العسكرية والتي لم تكن لها في ذلك الوقت مؤسسة منفردة أي انه لم يكن هناك جيش نظامى متفرغ لحسم الخلافات عند امتناع أي شخص عن دفع الاتاوات بل أن الجيش يتم تجميعه بطلب السلطان لدعم من رؤساء وزعماء القبائل إضافة لما يملكه السلطان من حرس وذلك في حال أن هناك سبب يدعوا لاستخدام القوة وعند انتهاء الامر يعود اولئك الجنود ألي حياتهم العادية ويمارسوا مهنهم كمواطنين و وبمرور الوقت انتقلت مراكز السلطة الاجتماعية والاقتصادية ألي هؤلاء التجار وذلك بسبب علاقات القرابة والزواج ولذلك نجد أن فترة المهدي كانت تعتبر بوضوح عن ذلك من خلال العلاقات التي كانت تسود بين السودانين حيث أن تجارة الرقيق استمرت كما هي إلي جانب السلطة السياسية وكانت أم درمان هي اكبر مراكز هذه التجارة وهذا يفسر العداء الذى نشب بين الخليفة عبد ألله باعتبار انه ينتمي ألي مناطق يؤخذ منها العبيد و آل المهدي باعتبار أنهم ينتمون ألي مجتمعات السادة من العرب والمسلمين وذلك بدعوة النسب ألي الرسول وهذا الأمر هو نفسه ما استفاد منه المستعمر فقام وبكل بساطة بإدارة هذه العلاقات المشوه بين السودانيين وبنفس التفاوتات الاجتماعية ولذلك ظل السادة هم سادة وظل العبيد هم العبيد وبالتالي عند بداية التعليم في السودان نجد أن أول من قام الانجليز بتعليمهم هم أبناء السادة هؤلاء وفي مقدمتهم أبناء المهدي ومن بعدهم أعوانه من القادة الآخرين ومن ثم عموم زعماء القبائل الذين ينتمون للجماعات الاسلاموعربية بل أن الأمر لم يقف عند التعليم بل أن هناك بعض المتعاونين مع المستعمر كانوا لا يزالوا يمارسون تجارة الرقيق سرا مستخدمين مواني غير المواني السودانية لتصديرهم ألي الخارج وقد كان الأمر يتم كثيرا بدعوى نشر الإسلام والتجارة وبالتالي أصبحت طبقة المتعلمين من أبناء الجماعات الإسلامية العربية هم أول تيارات المقاومة ضد المستعمر في المستقبل وهم من كونوا مؤتمر الخريجين الذي قام بالاستفادة من وجود طائفة الختمية وهي ناتج طبيعي لتعاون علي الميرغني مع المستعمر الانجليزي وطائفة الأنصار وهم حلفاء أبناء المهدي من أولاد البحر وبالتالي تكونت في هذه الفترة طبقات اجتماعية مختلفة إلا أنها جميعا كانت تنتمي ألي المركز السياسي القائم في الخرطوم ولذلك عندما تكون مفهوم (الوطنية) في السودان أنبني علي ذلك الأساس الذي ستظهر أثاره الأحادية في سياسة الحكومة التي أدارت السودان منذ ذلك التاريخ إلي يومنا هذا وأصبح مفهوم الوطنية مقصور علي هذه المجموعات الاثينة السودانية ولذلك كان أول ما أن غادر الاستعمار الانجليزي السودان ‘ارتفعت الأصوات التي تنادي بعروبة السودان وانتمائه إلي الجزيرة العربية وذلك لسبب الوعي الذي تشكل عند النخبة العربية الإسلامية التي ورثت الدولة وبالتالي برزت مشكلة الهوية السودانية وعلي ذلك تشكلت أدارة السودان فكان من حكم الطبيعي أن يكون هناك رفض من أناس سودانيين آخرين ينتمون إلي مجموعات عرقية وثقافية أخري ولذلك كان الجنوبيين هم أول من رفض الأمر وانطلقت أول رصاصة تعبر عن الرفض الحاد لما يدور في المركز من سياسات أحادية باسم السودانيين ورغم عن أن الفرصة كانت مواتية لبداية طبيعية تعويضا عن الشكل الإجرائى الذي فرضه المستعمرون في السودان وتبعا لذلك الوعي الضيق بالهوية أتت كل سياسات الحكومات المتعاقبة علي السودان حيث تم خلق وعي زائف بهوية عربية إسلامية باعتبار أنها تمثل التنوع الثقافي في السودان حيث تم اعتماد اللغة العربية كلغة رسمية للدولة وكذلك تم اعتماد الزي البلدي الخاص بالمسلمين العرب من شمال السودان المعبر عن ثقافات المجموعات العربية الإسلامية في السودان كزي قومي سوداني بل أن الأمر تعدي مسالة الزى إلي تغير علم الدولة السودانية والذى يعبر عن سيادتها وهو العلم الذي كان مرفوع عند إعلان استقلال الدولة السودانية في الأول من يناير من عام 1956م و ذلك العلم نفسه كان الملهم لشعوب العديد من الدول لان تكون إعلامها شبيه به باعتبار أن السودان كان أول دولة من دول جنوب الصحراء تأخذ استقلالها في تلك الحقبة الزمنية ‘وقد تم تغيره في فترة حكم جعفر محمد نميري ليتماشي مع بقي إعلام دول الجامعة العربية ليصبح العلم الحالي بجمهورية السودان هو الآخر رمز آخر يعبر بجلاء عن الانفراد السلطوي لتلك المجموعات المسماة بجيل الاستقلال والوطنيون الأوائل ‘وكانت كذلك هناك خطوة لازمت تغيير العلم وهي تغبير رمز الجمهورية والذي كان عبارة عن وحيد القرن وهو ذلك الحيوان العملاق الذي يعيش في أجزاء واسعة في الأراضي ذات السهول المنبسطة في جنوب وجنوب أواسط السودان والذي يعتبر احد مواطنه الأصلية وهو من الحيوانات التي تقع تحت طائلة الحماية الدولية لتعرضه للانقراض نتيجة لعمليات الصيد المكثفة التي واجهته ليتم استبداله بصقر الجديان وهو كذلك من الطيور النادرة والتي تعيش في السودان كموطن لها وكذلك من الطيور المعرضة للانقراض إلا أن المفارقة لا تكمن في أن هذه حيوانات كلها تعيش في السودان كموطن لها‘بل إن المفارقة تأتي إذا علمنا أن السبب في تغير ذلك الرمز لان معظم الدول العربية والتي يعتبر الصقر رمز لها وذلك ليس إلا لعلاقة الصقر بالثقافة العربية وذلك لما يلعبه الصقر من دور في رحلات الصيد ومنها الشاهين والباز.......الخ وإلي جانب افتقار بيئته معظم الدول العربية إلي التنوع المناخي والبيئي الكبير حيث أن معظمها يقع في نطاق صحراوي أو شبه صحراوي كالمملكة العربية ومصر وليبيا.......الخ فان كان من الطبيعي أن يكون الصقر هو رمزها ورمز سيادتها وشخصيتها والسؤال مابال أهل السودان أن يبدلوا رمزهم إلى نفس الرمز وكان من الممكن أن يكون الأمر ليس ذا بال إذا ما كان تغير الرمز برمز آخر من الحيوانات أو الطيور وحتى الأسماك التي تعيش في السودان إلي جانب وحيد القرن المنقرض وليكن الأسد أو النمر أو الزراف أو حتى ( كديس الوادي )
    ليكون بديلا عن ذلك الوحيد القرن المنقرض ‘ولذلك فإن هذه الدلالة التي تعبر عن أشكال انتماء جوهري يخص فقط المهيمنون علي مفاصل الدولة السودانية تاريخيا حيث لا يمثل ذلك هاجس لكثير من السودانيين الذين يتحدثون بلغاتهم ويعيشون في أراضي تمثل لهم كينونة الانتماء الأزلي

    بوجودهم في الأرض وليس لديهم إحساس بالغربة يجعلهم يتجهون إلي البحث عن ذواتهم خارج نطاق هذا السودان، وهذا الأمر اقتضي بدوره أن يتم تقسيم السودان من منظور ثقافة المركز إلي أولاد بلد وهم المسيطرون علي السلطة السياسية والاقتصادية ‘وغرابة وهم كل المجموعات المتحدة من غرب السودان والذي تبدءا حدودها من وراء النيل الأبيض وتشمل مجموعات الفلاتة والتكارنة ......الخ والهدندوة وذلك كصيقة اختزالية لكل المجموعات التي تنتمي إلي خليط البجة والجنوبيين ويشمل هذا التصنيف كل المجموعات الجنوبية بغض النظر ما إذا كانت نيلية أو استوائية أو سودانية أو نيلوحامية وهذا الاختصار والتبسيط البالغ في توصيف التنوع الثقافي للسودان يدل علي الإهانة من منظور المجموعات التي جمعت في ذلك الوصف إلا إنه يخدم أغراض المهيمنين علي المركز .

    ونتيجة لهذه الوضعية الخطأ في الوعي بالتنوع المعاصر للسودان كانت كل سياسات التنمية تحمل في داخلها عوامل فشلها حيث قادت إلي تنمية سياسية غير متكافئة وتشكل حزبي غير متكافئ قوامه حزب الأمة الذي أيده الكثير من أبناء غرب السودان بناءا علي الولاء لتعاليم المهدي وهي المناطق التي تسودها طائفة الأنصار فقادته أسرة المهدي من أبناء وبنات وكذلك كان هناك الند التقليدي لحزب الأمة وهو الحزب الاتحادي والذي كان أغلبية مؤيديه من وسط وشمال وشرق السودان وهي المناطق التي تسودها طائفة الختمية وكان يقودها آل الميرغني ‘هذين الحزبين يمثلان الوسط السياسي المسيطر علي المناطق الجغرافية المسماة شمال السودان وقد كان نتيجة لتكوينها الوراثي غير الديمقراطي في قيادتها ولطبيعتها الطائفية التي لاتتيح مشاركة غير المسلمين في عضويتها أن جزء كبير من السودانيين لم يصبح جزاء منها وبالتالى يصبحوا خارج النشاط السياسى وخصوصا الجنوبيين، ولذلك كان من البديهي أن تظهر حركات سياسية ذات طابع إقليمي في جنوب السودان ولكن نجد أن النخبة الاسلاموعربية استطاعت باكرا أن تخلق قالب نمطي للسياسى الجنوبيى وذلك عندما لجأت لتمديد مخططها الأحادية عبر البرلمان الأول عبر شراء أعضاء البرلمان من الجنوبيين مما خلق ثقافة سياسية تصور الجنوبي كعضو برلمان قابل للبيع والشراء للشمال للذي يدفع أكثر وأصبح ذلك أرث ثابت في كل مراحل الحكم المختلفة في السودان إلي يومنا هذا حيث نجد أن الكثير من الأحزاب السياسية السودانية أصبحت تحتفظ بالجنوبيين في هياكلها التنظيمية في إطار الترميز التضليلي وسوق النخاسة السياسية السودانية حيث وصل الأمر لان يكون هناك أعداد كبيرة من الجنوبيين المكدسين كقيادات ورقية يتم رفعها عند الحوجة والمؤتمر الوطني خير دليل علي هذا النمط المكدس من القيادات الجنوبية التي تخلت عن مبادئها الأخلاقية والسياسية وحتى الدينية من اجل المواقع الهامشية علي مقاعد سلطة المركز الاسلاموعربية ‘ولذلك فان الحرب التي أصبحت ألان في كل بقاع السودان ما كانت إلا كنتاج طبيعي للهيمنة التاريخية لمفاصل السودان المستقل الذي من المفترض أن يحكمه السودانيين جميعا بكل اختلافاتهم وتنوعهم الكبير وذلك منذ البرلمان الأول الذي انتخب عام 1953م ليعالج أول ما يعالج قضية تقرير المصير لجنوب السودان ومسالة الفدرالية حيث تم الاتفاق في إن تؤجل مسالة تقرير المصير إلي ما بعد الاستقلال ولكن حينما تم إعلان الاستقلال من داخل البرلمان أصبحت الفدرالية جرم سياسي يعاقب كل من يتحدث عنه حيث فصل (ستالسلاوس بياسما) احد الوزراء الثلاثة الجنوبيين الذين عينوا في الحكومة الأولي وذلك بعد شهور قليلة من تعينه بحجة انه يستقطب أعضاء البرلمان من الجنوبيين لينضموا له في (التخريب) والذي يقصد به دعوة بياسما لتطبيق الفدرالية وبذلك يكون أولاد البلد شكلوا الأساس الراسخ للانحلال السياسي الراهن حيث يتم دائما استبعاد المنتمين إلي المجموعات الثقافية غير العربية الإسلامية من الحكومات إلا في أطار الترميز التضليلي وخدمة مصالحهم المختلفة وأصبح هناك تصور راسخ في وعي الكثير من السودانيين والذي تم تشكيلها عبر زمن طويل من العمل الجاد عبر الأجهزة الرسمية للدولة المتمثلة في المؤسسات الإعلامية والتعليمية ويخلص هذا التصور إلي انه لا يمكن أن يحكم السودان أي شخص ينتمي إلي مجموعات سودانية أخري غير التي ظلت علي دفة الحكم والسلطة وتم بناء الصورة الزائفة للوجدان السوداني عبر كثير من الآليات المتحكمة في نظم الاستعدادات والتصورات لأهل السودان ولذلك كان من السهل أن يتم وصف حركات التحرير السودانية بأنها (تمرد) من سلطة المركز ومفردة تمرد هذه قد تم اختيارها بعناية فائقة لتدخل القاموس السياسي السوداني دون أن يتم الإشارة لدلالاتها اللغوية التي تكمن في استخدامها من منظور استعلائي وإقصائي حيث أنها تقود في مضمونها في صياغ الثقافة العربية في الجزيرة العربية إلي تصور مرتبط بالعلاقة ما بين السيد والعبد فى اطار التراتيبية الاجتماعبة فى ذلك المجتمع وبالتالي عندما توصف الحركة الشعبية لتحرير السودان أو الحركات ألآخري في شرق السودان أو غرب السودان بأنها (تمرد) فهذا يستبطن الأشكال الحقيقي في وعي من يقومون علي إدارة الدولة السودانية والذى يدل على عدم الوعي بالتنوع والتباين الواضح لشعوب السودان ‘وعليه فإنه لا يكون من المستغرب أن تدخل محاولات الأب فلب عباس غبوش للوصول إلي السلطة علي رأس الجيش بأنها محاولة انقلابية (عنصرية) مقابل (عمالة) حزب الأمة والجبهه الاسلاميةأحزب البعث العربى الاشتراكى والحزب الشيوعى في حال قيامهم بإنقلاب عسكرى للاستيلا على السلطة السياسية دون أن يكون هناك حتى مجرد وقفة للعدل في إطلاق التسميات في حال الرفض من قبل أي مجموعة سياسية لما يدور في المركز وكان نتاج لهذا أن تم تصميم المنهج التعليمي ليعمل علي خلق النموذج المتوهم للسوداني ليكون التعريب هو السمة الأساسية للمناهج في مر تاريخ الحكومات التي مرت علي السودان منذ تاريخ استقلاله مع اسلمة كل السودان إلي أن وصل الأمر في وقتنا الراحل إلي مراحل من الاستهجان والانحطاط أصبح فيها جزء من مفردات التعبد كالتكبير والتهليل فى الدين الإسلامي عبارة عن شعار سياسي مجرد من قيمته الأخلاقية والروحية المفترضة وخطورة هذا الأمر تتجلي في عدم موضوعية الطرح ومجافاته حقائق الواقع، ومن جانب اللغة فإن إنتاج المعرفة قد أصبح ألان باللغة الانجليزية وذلك لاعتبارات متعلقة بالاهتمام الخاص بأنتاج المعرفة والعلم الذى تضعه حكومات دول ذات وزن عالمي خصوصا دول أوربا وامريكا الشمالية خصوصا الولايات المتحدة الامريكية ولذلك أصبحت الانجليزية هي اللغة الموضوعية لملاحقة ركاب التقدم والتطور المعرفي في العالم إلي جانب العالم الأول، ومن البديهي أن لا يكون هناك الان في السودان أي إنتاج معرفي من أي مؤسسة سودانية اكاديمية رغما من عراقة بعضها وتفوقه في السابق مثل جامعة الخرطوم والسبب فى ذلك يعود الى الهوس الايدلوجى العروبى لدى اولئك القائمين على امر ادارة مؤسسات التعليم العالى والذين يعملون على تعريب المعرفة مما خلق فراغ معرفى ناتج من الانتاج المتلاحق والكثيف للمعرفة من قبل مجتمعات دول العالم الاول مما يجعل من الاستحالة الوصول الى ذات المستويات ناهيك عن اضافة منتوج معرفى جديد ولذا كان من ضمن الإفرازات السالبة لهذا التوجه الأحادي و قصر النظر في عدم الوعي بالتنوع في السودان أن أصبحت الغالبية العظمي من المتعلمين من السودانيين هم من أبناء القبائل والشعوب التي تعتبر اللغة العربية هي لغة أمهاتهم وإبائهم وهم المستفيدون بامتيازات التعليم في السودان وبالتالي هم من يجدون الفرص السهلة في العمل مما ينعكس إيجابا علي مستوي معيشتهم ووضعهم الاجتماعي وهذا الأمر ذات نفسه تخضع لمعيار داخلي آخر يخص تصنيف العروبة في السودان حيث أن هناك مجموعات تعتبر نفسها مجموعات عربية ومسلمة ولكنها لا تحظي بنفس هذه الامتيازات وذلك يعود لعامل القرابة والنسب وهو معيار ضبط دقيق يتم استخدامه داخل حاملي الثقافة الاسلاموعربية في السودان حيث تكون الفائدة متدرجة تحت أطار تنازلي أو تصاعدي وفقا لمدي النسب أو القرابة من القابضين علي زمام الأمر في السودان وعليه لا تكون هناك أي غرابة إن كان أبناء الثقافة الاسلاموعربية الذين ينتمون إلي قبائل من غرب أو وسط السودان مثل المسيرية أو الرزيقات أن لا يجدون حظهم من السلطة والثروة رغما عن ادعاءات النسب الواحد والدين الواحد وذلك لان الامر ببساطة مرتبط بثقافة (أنا واخوي علي ابن عمي وأنا وابن عمي علي الغريب)وهي كينونة الإدراك بالأخر المتجذرة في الوعي الكامن لدي نخبة الثروة والسلطة منذ استقلال السودان ‘هذا فيما يتعلق بالحقل الواحد داخل الجماعة الاسلاموعربية في السودان أما فيما يخص مدي المعاناة والظلم الذي حاق بأبناء الثقافات السودانية الإخري غير العرب وغير المسلمين فإنه اقل ما يمكن أن يوصف به أنه مأساوي حيث أن اللغة العربية التي أصبحت شرط من شروط الالتحاق بالعملية التعليمية المتقدمة في السودان وكذلك المراحل التعليمية الابتدائية كان السبب في أن لا يجد معظم هؤلاء السودانيين حظهم في التعليم بسبب عدم إدراكهم الحقيقي لهذه اللغة بحكم تكونهم الإلهي الذي اقتصي أن يكونوا سودانيين بلغة غير اللغة العربية ‘وبالتالي فإن الأمر انعكس في عدم إيجادهم فرص للعمل المتساوية مع الآخرين والذي يمكن أن يدر دخل مناسب لحياة كريمة وبالتالي أصبح معظم الخارجين على القانون والفقراء والعاملين في مهن ########ة من أبناء هذه المجموعات الثقافية السودانية وذلك ليس بسبب إلا أنهم غير عرب ‘وحتما إن هذه الوضعية ترتب عليها غبن تاريخي متراكم افضي لكثير من الإشكالات التى تواجه المجتمع السودانى ولا تزال تواجه ومن اقلها ارتفاع معدلات الجريمة في أوساط تلك المجموعات وبالتالي المرض والفقر والغبن الاجتماعي ‘وقد ظلت الدعاوي اللاوعية بتنوع المجتمع السوداني تحاول أن تخلق ذلك المجتمع العربي المسلم عبر الادعاءات بوجود الأمة السودانية غير مدركين الفوارق الموضوعية المتعلقة بشروط بناء الأمة كما هو سائد في المجتمعات الغربية والتي نجد أن هناك جزء صغير منها ( المجتمعات الغربية) هو الذي يمكن تتاح له فرصة أن يكون هناك مجتمع قومي بشروط انسجام الجماعات الاثينة المكونة للإقليم الجغرافي أو الدولة ‘حيث أن السودان توجد به العديد من المجموعات الثقافية التي توجد بينها اختلافات واضحة وجذرية وأن كل هذه المجموعات ليس من بينها واحد اقل مشروعية من الآخري لتكون هي المعيار الأسلم لوجود آمة سودانية ‘بل أن كل ما يجري في الواقع الراهن يقود إلى إدراك استحالة ذلك الأمر ما لم تتجه الدولة إلي القمع واستخدام كل أنواع العنف والذي غالبا ما يؤدي إلي عنف مضاد يؤدي ختاما إلي انفراط عقد الدولة وانهيارها .

    إن ما قام به المشير جعفر محمد نميري في إعلان لتطبيق الشريعة الإسلامية في السودان وذلك إبان أواخر فترة حكمه للسودان وبإحياء من الجبهة الإسلامية كان بمثابة قمة التوهم والجهل الدال على عدم الإدراك لطبيعة السودان حيث أن إعلان الشريعة الإسلامية كان من جهة هو بمثابة الوصول إلي مرحلة جديدة من تحقيق أحلام وأمنيات وتصورات المشروع الإسلامي العروبي في السودان وبذلك تكون معظم التيارات الداعية للإسلام السياسي في السودان ما عدا بعض التيارات ذات الفكر الإسلامي التقدمي مثل الإخوان الجمهوريين والطرق الصوفي الذاهدة بطبيعة تكوينها عن السلطة تكون قد تحققت راحتها النفسية غير المعلنة ‘ورأي مشروعها الاستراتيجي فرصة أن يتحقق في السودان وفي ذلك إشارة ضمنية إلي بداية تحقيق فكرة أنصهار السودانيين كلهم في تلك البوتقة المحصنة بالدستور والقانون ‘ومن وجهة نظر آخري فإن إعلان الشرعية الإسلامية في السودان في ظروف غير موضوعية تتعلق بكثير من الجوانب الأخلاقية الفقهية في مجمل المشروع وآخري متعلقة بالمكون ألاثني والثقافى للسودانيين الذين لا يعتنق جزء كبير منهم في جنوب السودان وجبال النوبة وكثير من مدن السودان للدين الإسلامي مع انهيار الوضع الاقتصادي لكثير من السودانيين وخصوصا الذين يعتمدون علي الزراعة حيث تزامن إعلان الشريعة الإسلامية بفترة جفاف أدت إلي حدوث مجاعة في السودان أفضت إلي هجرة ونزوح أعداد كبيرة من المواطنين إلي المدن السودانية وإلي خارج القطر ‘أدي هذا الوضع إلي اندلاع شرارة الحرب مرة آخري في جنوب السودان بقيادة نخبة من العسكريين والمدنيين الجنوبيين بأسم الجيش\الحركة الشعبية لتحرير السودان والتي استمرت إلي عقدين من الزمان رغم من تبديل الحكم المركزي صوريا وذلك بانقلاب خفي للجبهة الإسلامية قادها المشير عبد الرحمن سوار الدهب والجزولي دفع الله وهم من المتعاطفين مع الجبهة الإسلامية ومن بعد ذلك قامت انتخابات في ما يسمي بالديمقراطية الثالثة في السودان وصولا إلي انقلاب الجبهة الإسلامية بقيادة الترابي وبمعاونه العسكريين من المحسوبين علي الجبهة الإسلامية والذي أطلق عليه ثورة الإنقاذ ‘بقيادة العميد/عمر حسن احمد البشير إلى أن تم توقيع اتفاقية بين نظام الإنقاذ تحت مسمي المؤتمر الوطني وذلك بعد حدوث انشقاقات مفصلية داخل الجبهة الإسلامية علي أساس الاختلاف في مقاليد السلطة في السودان ‘حيث نجد أن نظام الإنقاذ قد استمر في الحكم لفترة 16 عام ظل خلالها تكريس لكل ما تحمله معني الشمولية الأحادية من معني ‘ ونتاج هذا الانفراد بالحكم المتزامن مع توفر أرضية اقتصادية قام النظام بخلقها من خلال تحالفات سياسية استمرت منذ اربعينات القرن الماضى والتى تنبني علي مصالح مادية وسياسية تهدف إلي بقائهم في السلطة إلي يوم يبعثون ‘وقد كان استخراج النفط السوداني والذهب من شرق السودان والسياسات الاقتصادية هم عامل أساس في أن يستطيع النظام من إحداث نقلة كارثية في الصراع في السودان حيث تبني سياسات إعلامية وعسكرية أدت إلي تحويل الحرب الأهلية في السودان إلي حرب جهادية مقدسة بين المسلمين وغير المسلمين في السودان وتبعا لذلك انتهجت سياسات التمكن الاقتصادي الذي أدي إلي ظهور طبقة الأغنياء الجدد في السودان إلي مقابل ابتداع سياسات الفصل التعسفي بما يسمي بالصالح العام في الخدمة المدنية مقابل الزج بمنسوبى الجبهة الاسلامية في كافة المرافق الحكومية والمدنية وتم في غضون تلك الحقبة إعلان القوانين المنتهكة للحريات وحقوق الإنسان فتم التعتيم علي الصحف واحتكر الجهاز الإعلامي الرسمي ليصبح عبارة عن بوق يعبر عن الإنقاذ فقط ومورست غلي الشعب السوداني أبشع انواع التقتيل والتشريد نتيجة لسياسة عسكرة المواطنين تحت ستار الدفاع الشعبي واعتلت الأيدلوجية الاسلاموعربية القائمة علي القرابة كل مرافق الدولة السودانية فأصبحت المحاياة هي ممارسة شائعة في عموم السودان حيث أصبح من البديهي أن يعطي شاغلى المناصب العامة أقاربهم وأهلهم فرص غير مشروعة في المرافق والموارد العامة وأصبحت (الواسطة) هي الثقافة السائدة وبذلك انحطت كل القيم الأخلاقية التي تدعو إلي الصدق والنزاهة وحدث انقلاب أخلاقي مفهومي في الشارع العام السوداني حيث أصبحت مسالة الاعتداء علي أموال الدولة هي سمة يتباهى بها كل من وجد فرصته في غنيمة المال العام وأصبح الشخص الذي يتحدث عن قيم العدالة والمساواة ........الخ هو الشخص المتخلف والرجعي ووصل الفساد إلي مرحلة سرطانية تعيق تقدم السودان في كل النواحي وقد ارتفع في ظل هذا النظام الوعي بالقبيلة كمعيار تفاضلي في كل ما يخص التعاملات الرسمية وحتى علي مستوي الشارع السوداني فتفتت جيوب الحرب في السودان علي ذلك الأساس العرقي كنتيجة حتمية لسياسات الاستقطاب والتسليح والتعليم الأحادي المنتهجة في الخرطوم وكان من المحتم أن تنتقل الحرب ويشتد حماها في غرب السودان وتلتهب دارفور في مشهد اقل ما يوصف له مأساوي وفي هذه الظروف كانت الإنقاذ تجري حوارها وتفاوضها مع الحركة الشعبية لتحرير السودان والتي سبق وان خلقت لنفسها تحالف عريض مع القوة المعارضة الشمالية بما فيها الحزبين التقليدين وذلك وفق توقيعهم علي ميثاق اسمرا للقضايا المصيرية في عام 1995م وقد أدي ذلك التفاوض إلي توقيع اتفاقية السلام الشامل والذي يعتبر من أكثر الاتفاقات التي أبرمت بين حكومة المركز والحركات التحررية الجنوبية ضمانتا حيث استند علي حوار طويل امتد منذ بدايات وصول الجبهة الإسلامية لي السلطة وتحديدا في التاسع عشر من أغسطس 1989م حيث لم يتجاوز عمر النظام العامين بعد وقد أخفقت هذه المفاوضات حيث دخلت حكومة المركز إلي التفاوض وفي ذهنها حل (مشكلة الجنوب) وهو المصطلح السياسي الذي ظل المركز يطلقه في توصيف الحرب الدائرة في السودان، وفي المقابل دخلت الحركة الشعبية وفي معيتها وتصورها أن تجد الحل للمشكلة السودانية وذلك من واقع اشمل وفق منطق قومي واستمرت هذه المفاوضات بصورة مباشرة وغير مباشرة حيث تم فتح الملف في 1990م بجهود وزير الخارجية الأمريكي هيرمان كوهين وفي نفس العام تدخل الرئيس النيجيري اوليونج ايوسانجو والذي لم يكن رئيساً حينها وفي العام 1992م بدأت آول مفاوضات مباشرة بين حكومة الإنقاذ والحركة الشعبية لتحرير السودان بنيجريا ولم يصل المفاوضان فيها إلى اتفاق كذلك ‘ إلى أن اقترح الرئيس البشير على قمة الإنقاذ ويطلب مباشر فيه بأن تقوم المنظمة بمبادرة حل للازمة السودانية ‘ وعليه كان إعلان مفاوضات الإيقاد في مارس 1994م والتي استمرت جولاتها إلى العام 2005م بتوقيع اتفاقية السلام الشامل والتي في الضروري أن تشير إلى أنها يمكن أن تعتبر إكمال للجهود الذي بداء منذ كوكدام 1986م من قبل الأحزاب السياسية السودانية التي كانت حين ذلك هي القابضة على كرسي السلطة بالمركز كما أن الأمر لم يكن سراً حيث أن معظم القوى السياسية السودانية كانت جزء من التجمع الوطني الديمقراطي الذي كان يضم إلى جانب الحركة الشعبية لتحرير السودان كل من الحزب الشيوعي السوداني ‘ الاتحادي الديمقراطي ‘ حزب الأمة القومي ‘ مؤتمر البجة ‘ قوات التحالف السودانية ‘ حزب البعث العربي الاشتراكي ‘ وتجمع الأحزاب الأفريقية السودانية (اليوساب) ‘ التحالف الفدرالي السوداني ‘ الأسود الحرة ‘ الحزب القومي السوداني والشخصيات الوطنية وقد كان هناك مكاسب حقيقة تم الوصول إليها في خلال البرتكولات الثمانية المكونة للاتفاقية حيث أصرت الحركة الشعبية لتحرير السودان من خلال البنود المختلفة إلى إحداث التحول الديمقراطي في السودان لتهيئة المناخ السياسي السوداني للتداول السلمي للسلطة من خلال الانتخابات الديمقراطية الحرة والنزيهة وكذلك ايقاف نزيف الدم المتدفق بين أبناء الوطن الواحد وكذلك قد استطاعت الاتفاقية أن تصل إلى تغير الدستور السوداني ليصبح أكثر ديمقراطية وإنسانية حيث أصبحت كل المواثيق والعهود الدولية التي وقعت عليها الحكومة السودانية هي جزء من الدستور ‘ كما أن الاتفاقية سعت إلى خلق جيش قومي سوداني تكون نواته القوات المشتركة المكونة من الجيش الشعبي لتحرير السودان والجيش التابع لنظام الخرطوم وكذلك الاعتراف بوحدة السودان القائمة على أسس جديدة قائمة على الإدارة الحرة للشعب السوداني وإقامة نظام ديمقراطي للحكم يعطي الاعتبار للتنوع الثقافي والاثنى والعرض والديني والتعدد اللغوي والمساواة بين الجنسين في السودان ‘ إيجاد حل شامل يعالج التدهور الاقتصادي والاجتماعي ويستبدل الحرب بالسلام وتحقيق العدالة السياسية والاقتصادية واحترام الحقوق السياسية لكل الشعب السوداني وإعطاء الجنوب الحق في ممارسة حقه في تقرير مصير عبر الاستفتاء ضمن وسائل أخرى ‘ وضع الترتيبات الخاصة بولايتي النيل الأزرق وجبال النوبة وذلك ضمن برتوكول خاص بالإقليمين مع إعطاء سكان الولايتين حق المشورة الشعبية وكذلك اعتبار الدين والعادات والتقاليد مصادر قوة روحية وإلهاما للشعب السوداني وجعل الوحدة السودانية جاذبة وخصوصاً لجنوب السودان ‘ واتفاقية السلام الشامل رغم من أن هناك كثير من الجهات تعمل على وصفها بالهشاشة والضعف إلا أن الواقع الذي ساد العمل السياسي في السودان في إبان فترة الإنقاذ يؤكد أن هذا الاتفاق هو أفضل ما يمكن التوصل إليه خصوصاً عند النظر إلى الوسائل السابقة التي كانت تؤدي إلى تغير أنظمة الحكم في الخرطوم حيث كانت تعتمد في الغالب الأعم على الانقلابات العسكرية والانتفاضات الشعبية ذات الطابع العفوي وهو ما لم يكن في الممكن حدوثه بعد انقلاب الجبهة الإسلامية حيث أنها وصلت إلى السلطة بانقلاب يقوده مجموعة من الضباط الذين تشربوا بالمعرفة الدقيقة لواقع القوات المسلحة السودانية إلي جانب وجود الرؤية السياسية التي تستند علي خطاب ديني نجح في تغبيش الرأي العام لفترة طويلة من الزمان وقبل كل ذلك كانت للجبهة الإسلامية مواضع قوة داخلية وخارجية سياسية واقتصادية وعليه فإن الاتفاق هو احد الوسائل النضالية إلي جانب الضغط الدولي والانتفاضة الشعبية المسلحة التي حتمت الكيفية التي كانت عليها ‘وقد وجد الاتفاق المباركة والسند الدولى اللازم إلي جانب القوي السياسية السودانية بكافة تياراتها التقليدية منها والحديثة وقد وفرت مركز لانطلاق القوي لقوي السودان الجديد التي تهدف تحقيق الأمن والاستقرار والعيش الكريم لكل السودانيين وهذا لا يحدث إلي من خلال تفاعل قوي بين كل القوي السياسية السودانية الجديدة بحيث يكون هناك وعي كامل بتنوع شعوب السودان الديني والعرقي والثقافي وبضرورة خلق علاقات جوار حسنة تقوم علي مبدأ الاحترام الحقيقي لسيادة دول الجوار أو ضرورة التعايش علي مبدأ إتاحة الحقوق والحريات لكل السودانيين وبذلك يمكن أن نحلم بوطن خال من الكراهية الناتجة من الاستعلاء والتسلط والقهر والاستبداد الأحادي الذي استمر أكثر من نصف قرن من الزمان، وطن لا يجبر أهله علي لبس جلباب ذو لون واحد والتحدث بلغة واحدة ، وطن لا يزداد فيه الفقراء فقرا ويزداد الغني غني .
                  

01-26-2011, 01:49 PM

محمد كابيلا
<aمحمد كابيلا
تاريخ التسجيل: 11-15-2008
مجموع المشاركات: 3510

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حول خطاب رئيس الجمهورية فى أعياد الحصاد بالقضارف ..!!؟؟ (Re: محمد كابيلا)

    تيرا ...

    تحيــــــــاتى ..

    تحليل عميق وتشريح حقيقى ..!!

    فـــــــــــــــوق ..

    لمزيد من النقاش
                  

01-26-2011, 02:32 PM

محمد كابيلا
<aمحمد كابيلا
تاريخ التسجيل: 11-15-2008
مجموع المشاركات: 3510

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حول خطاب رئيس الجمهورية فى أعياد الحصاد بالقضارف ..!!؟؟ (Re: محمد كابيلا)

    Quote: إن ما قام به المشير جعفر محمد نميري في إعلان لتطبيق الشريعة الإسلامية في السودان وذلك إبان أواخر فترة حكمه للسودان وبإحياء من الجبهة الإسلامية كان بمثابة قمة التوهم والجهل الدال على عدم الإدراك لطبيعة السودان حيث أن إعلان الشريعة الإسلامية كان من جهة هو بمثابة الوصول إلي مرحلة جديدة من تحقيق أحلام وأمنيات وتصورات المشروع الإسلامي العروبي في السودان وبذلك تكون معظم التيارات الداعية للإسلام السياسي في السودان ما عدا بعض التيارات ذات الفكر الإسلامي التقدمي مثل الإخوان الجمهوريين والطرق الصوفي الذاهدة بطبيعة تكوينها عن السلطة تكون قد تحققت راحتها النفسية غير المعلنة ‘ورأي مشروعها الاستراتيجي فرصة أن يتحقق في السودان وفي ذلك إشارة ضمنية إلي بداية تحقيق فكرة أنصهار السودانيين كلهم في تلك البوتقة المحصنة بالدستور والقانون ‘ومن وجهة نظر آخري فإن إعلان الشرعية الإسلامية في السودان في ظروف غير موضوعية تتعلق بكثير من الجوانب الأخلاقية الفقهية في مجمل المشروع وآخري متعلقة بالمكون ألاثني والثقافى للسودانيين الذين لا يعتنق جزء كبير منهم في جنوب السودان وجبال النوبة وكثير من مدن السودان للدين الإسلامي مع انهيار الوضع الاقتصادي لكثير من السودانيين وخصوصا الذين يعتمدون علي الزراعة حيث تزامن إعلان الشريعة الإسلامية بفترة جفاف أدت إلي حدوث مجاعة في السودان أفضت إلي هجرة ونزوح أعداد كبيرة من المواطنين إلي المدن السودانية وإلي خارج القطر ‘أدي هذا الوضع إلي اندلاع شرارة الحرب مرة آخري في جنوب السودان بقيادة نخبة من العسكريين والمدنيين الجنوبيين بأسم الجيش\الحركة الشعبية لتحرير السودان والتي استمرت إلي عقدين من الزمان رغم من تبديل الحكم المركزي صوريا وذلك بانقلاب خفي للجبهة الإسلامية قادها المشير عبد الرحمن سوار الدهب والجزولي دفع الله وهم من المتعاطفين مع الجبهة الإسلامية ومن بعد ذلك قامت انتخابات في ما يسمي بالديمقراطية الثالثة في السودان وصولا إلي انقلاب الجبهة الإسلامية بقيادة الترابي وبمعاونه العسكريين من المحسوبين علي الجبهة الإسلامية والذي أطلق عليه ثورة الإنقاذ ‘بقيادة العميد/عمر حسن احمد البشير إلى أن تم توقيع اتفاقية بين نظام الإنقاذ تحت مسمي المؤتمر الوطني وذلك بعد حدوث انشقاقات مفصلية داخل الجبهة الإسلامية علي أساس الاختلاف في مقاليد السلطة في السودان ‘حيث نجد أن نظام الإنقاذ قد استمر في الحكم لفترة 16 عام ظل خلالها تكريس لكل ما تحمله معني الشمولية الأحادية من معني ‘ ونتاج هذا الانفراد بالحكم المتزامن مع توفر أرضية اقتصادية قام النظام بخلقها من خلال تحالفات سياسية استمرت منذ اربعينات القرن الماضى والتى تنبني علي مصالح مادية وسياسية تهدف إلي بقائهم في السلطة إلي يوم يبعثون ‘وقد كان استخراج النفط السوداني والذهب من شرق السودان والسياسات الاقتصادية هم عامل أساس في أن يستطيع النظام من إحداث نقلة كارثية في الصراع في السودان حيث تبني سياسات إعلامية وعسكرية أدت إلي تحويل الحرب الأهلية في السودان إلي حرب جهادية مقدسة بين المسلمين وغير المسلمين في السودان وتبعا لذلك انتهجت سياسات التمكن الاقتصادي الذي أدي إلي ظهور طبقة الأغنياء الجدد في السودان إلي مقابل ابتداع سياسات الفصل التعسفي بما يسمي بالصالح العام في الخدمة المدنية مقابل الزج بمنسوبى الجبهة الاسلامية في كافة المرافق الحكومية والمدنية وتم في غضون تلك الحقبة إعلان القوانين المنتهكة للحريات وحقوق الإنسان فتم التعتيم علي الصحف واحتكر الجهاز الإعلامي الرسمي ليصبح عبارة عن بوق يعبر عن الإنقاذ فقط ومورست غلي الشعب السوداني أبشع انواع التقتيل والتشريد نتيجة لسياسة عسكرة المواطنين تحت ستار الدفاع الشعبي واعتلت الأيدلوجية الاسلاموعربية القائمة علي القرابة كل مرافق الدولة السودانية فأصبحت المحاياة هي ممارسة شائعة في عموم السودان حيث أصبح من البديهي أن يعطي شاغلى المناصب العامة أقاربهم وأهلهم فرص غير مشروعة في المرافق والموارد العامة وأصبحت (الواسطة) هي الثقافة السائدة وبذلك انحطت كل القيم الأخلاقية التي تدعو إلي الصدق والنزاهة وحدث انقلاب أخلاقي مفهومي في الشارع العام السوداني حيث أصبحت مسالة الاعتداء علي أموال الدولة هي سمة يتباهى بها كل من وجد فرصته في غنيمة المال العام وأصبح الشخص الذي يتحدث عن قيم العدالة والمساواة ........الخ هو الشخص المتخلف والرجعي ووصل الفساد إلي مرحلة سرطانية تعيق تقدم السودان في كل النواحي وقد ارتفع في ظل هذا النظام الوعي بالقبيلة كمعيار تفاضلي في كل ما يخص التعاملات الرسمية وحتى علي مستوي الشارع السوداني فتفتت جيوب الحرب في السودان علي ذلك الأساس العرقي كنتيجة حتمية لسياسات الاستقطاب والتسليح والتعليم الأحادي المنتهجة في الخرطوم وكان من المحتم أن تنتقل الحرب ويشتد حماها في غرب السودان وتلتهب دارفور في مشهد اقل ما يوصف له مأساوي وفي هذه الظروف كانت الإنقاذ تجري حوارها وتفاوضها مع الحركة الشعبية لتحرير السودان والتي سبق وان خلقت لنفسها تحالف عريض مع القوة المعارضة الشمالية بما فيها الحزبين التقليدين وذلك وفق توقيعهم علي ميثاق اسمرا للقضايا المصيرية في عام 1995م وقد أدي ذلك التفاوض إلي توقيع اتفاقية السلام الشامل والذي يعتبر من أكثر الاتفاقات التي أبرمت بين حكومة المركز والحركات التحررية الجنوبية ضمانتا حيث استند علي حوار طويل امتد منذ بدايات وصول الجبهة الإسلامية لي السلطة وتحديدا في التاسع عشر من أغسطس 1989م حيث لم يتجاوز عمر النظام العامين بعد وقد أخفقت هذه المفاوضات حيث دخلت حكومة المركز إلي التفاوض وفي ذهنها حل (مشكلة الجنوب) وهو المصطلح السياسي الذي ظل المركز يطلقه في توصيف الحرب الدائرة في السودان، وفي المقابل دخلت الحركة الشعبية وفي معيتها وتصورها أن تجد الحل للمشكلة السودانية وذلك من واقع اشمل وفق منطق قومي واستمرت هذه المفاوضات بصورة مباشرة وغير مباشرة حيث تم فتح الملف في 1990م بجهود وزير الخارجية الأمريكي هيرمان كوهين وفي نفس العام تدخل الرئيس النيجيري اوليونج ايوسانجو والذي لم يكن رئيساً حينها وفي العام 1992م بدأت آول مفاوضات مباشرة بين حكومة الإنقاذ والحركة الشعبية لتحرير السودان بنيجريا ولم يصل المفاوضان فيها إلى اتفاق كذلك ‘ إلى أن اقترح الرئيس البشير على قمة الإنقاذ ويطلب مباشر فيه بأن تقوم المنظمة بمبادرة حل للازمة السودانية ‘ وعليه كان إعلان مفاوضات الإيقاد في مارس 1994م والتي استمرت جولاتها إلى العام 2005م بتوقيع اتفاقية السلام الشامل والتي في الضروري أن تشير إلى أنها يمكن أن تعتبر إكمال للجهود الذي بداء منذ كوكدام 1986م من قبل الأحزاب السياسية السودانية التي كانت حين ذلك هي القابضة على كرسي السلطة بالمركز كما أن الأمر لم يكن سراً حيث أن معظم القوى السياسية السودانية كانت جزء من التجمع الوطني الديمقراطي الذي كان يضم إلى جانب الحركة الشعبية لتحرير السودان كل من الحزب الشيوعي السوداني ‘ الاتحادي الديمقراطي ‘ حزب الأمة القومي ‘ مؤتمر البجة ‘ قوات التحالف السودانية ‘ حزب البعث العربي الاشتراكي ‘ وتجمع الأحزاب الأفريقية السودانية (اليوساب) ‘ التحالف الفدرالي السوداني ‘ الأسود الحرة ‘ الحزب القومي السوداني والشخصيات الوطنية وقد كان هناك مكاسب حقيقة تم الوصول إليها في خلال البرتكولات الثمانية المكونة للاتفاقية حيث أصرت الحركة الشعبية لتحرير السودان من خلال البنود المختلفة إلى إحداث التحول الديمقراطي في السودان لتهيئة المناخ السياسي السوداني للتداول السلمي للسلطة من خلال الانتخابات الديمقراطية الحرة والنزيهة وكذلك ايقاف نزيف الدم المتدفق بين أبناء الوطن الواحد وكذلك قد استطاعت الاتفاقية أن تصل إلى تغير الدستور السوداني ليصبح أكثر ديمقراطية وإنسانية حيث أصبحت كل المواثيق والعهود الدولية التي وقعت عليها الحكومة السودانية هي جزء من الدستور ‘ كما أن الاتفاقية سعت إلى خلق جيش قومي سوداني تكون نواته القوات المشتركة المكونة من الجيش الشعبي لتحرير السودان والجيش التابع لنظام الخرطوم وكذلك الاعتراف بوحدة السودان القائمة على أسس جديدة قائمة على الإدارة الحرة للشعب السوداني وإقامة نظام ديمقراطي للحكم يعطي الاعتبار للتنوع الثقافي والاثنى والعرض والديني والتعدد اللغوي والمساواة بين الجنسين في السودان ‘ إيجاد حل شامل يعالج التدهور الاقتصادي والاجتماعي ويستبدل الحرب بالسلام وتحقيق العدالة السياسية والاقتصادية واحترام الحقوق السياسية لكل الشعب السوداني وإعطاء الجنوب الحق في ممارسة حقه في تقرير مصير عبر الاستفتاء ضمن وسائل أخرى ‘ وضع الترتيبات الخاصة بولايتي النيل الأزرق وجبال النوبة وذلك ضمن برتوكول خاص بالإقليمين مع إعطاء سكان الولايتين حق المشورة الشعبية وكذلك اعتبار الدين والعادات والتقاليد مصادر قوة روحية وإلهاما للشعب السوداني وجعل الوحدة السودانية جاذبة وخصوصاً لجنوب السودان ‘ واتفاقية السلام الشامل رغم من أن هناك كثير من الجهات تعمل على وصفها بالهشاشة والضعف إلا أن الواقع الذي ساد العمل السياسي في السودان في إبان فترة الإنقاذ يؤكد أن هذا الاتفاق هو أفضل ما يمكن التوصل إليه خصوصاً عند النظر إلى الوسائل السابقة التي كانت تؤدي إلى تغير أنظمة الحكم في الخرطوم حيث كانت تعتمد في الغالب الأعم على الانقلابات العسكرية والانتفاضات الشعبية ذات الطابع العفوي وهو ما لم يكن في الممكن حدوثه بعد انقلاب الجبهة الإسلامية حيث أنها وصلت إلى السلطة بانقلاب يقوده مجموعة من الضباط الذين تشربوا بالمعرفة الدقيقة لواقع القوات المسلحة السودانية إلي جانب وجود الرؤية السياسية التي تستند علي خطاب ديني نجح في تغبيش الرأي العام لفترة طويلة من الزمان وقبل كل ذلك كانت للجبهة الإسلامية مواضع قوة داخلية وخارجية سياسية واقتصادية وعليه فإن الاتفاق هو احد الوسائل النضالية إلي جانب الضغط الدولي والانتفاضة الشعبية المسلحة التي حتمت الكيفية التي كانت عليها ‘وقد وجد الاتفاق المباركة والسند الدولى اللازم إلي جانب القوي السياسية السودانية بكافة تياراتها التقليدية منها والحديثة وقد وفرت مركز لانطلاق القوي لقوي السودان الجديد التي تهدف تحقيق الأمن والاستقرار والعيش الكريم لكل السودانيين وهذا لا يحدث إلي من خلال تفاعل قوي بين كل القوي السياسية السودانية الجديدة بحيث يكون هناك وعي كامل بتنوع شعوب السودان الديني والعرقي والثقافي وبضرورة خلق علاقات جوار حسنة تقوم علي مبدأ الاحترام الحقيقي لسيادة دول الجوار أو ضرورة التعايش علي مبدأ إتاحة الحقوق والحريات لكل السودانيين وبذلك يمكن أن نحلم بوطن خال من الكراهية الناتجة من الاستعلاء والتسلط والقهر والاستبداد الأحادي الذي استمر أكثر من نصف قرن من الزمان، وطن لا يجبر أهله علي لبس جلباب ذو لون واحد والتحدث بلغة واحدة ، وطن لا يزداد فيه الفقراء فقرا ويزداد الغني غني .
                  

01-27-2011, 06:00 PM

محمد كابيلا
<aمحمد كابيلا
تاريخ التسجيل: 11-15-2008
مجموع المشاركات: 3510

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حول خطاب رئيس الجمهورية فى أعياد الحصاد بالقضارف ..!!؟؟ (Re: محمد كابيلا)

    فـــــــــــوق ...
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de