من المهم اختراق مؤسسة النقل ، التي تحتفي بالنَقَلة ، وبمجتهدي العصور الغابرة ، دون المعرفة بالزمان والمكان . كل النقلة يأخذون دون إعمال للذهن وسؤال كبير يتعين أن يسأله كل من يريد أن يخترق الفكر التقليدي ، والمؤسسة التي ارتبطت بدعم السلاطين ، وتحدثت عما يجلبه السلطان أكثر مما يجلبه القرآن .
لقد أله الكثيرون سيرة السابقين واسبقوا عليهم عَباءة التقديس ، وكلنا نعلم أن الذكر الحكيم كان يُكتب في زمن الصحابة دون التنقيط ، وكان قلة من الصحابة وكتّاب الوحي لم يكونوا إلا نحو من ستة عشر . وأن الصحائف المكتوبة يُمكن قراءة حروف التنقيط بكل الاحتمالات المتشابهة وغيرها ، وكان البُعد عن النطق الصحيح ، والاتفاق في صيغة القراءة والكتاب يتزحزح في أكثر من احتمال . من هنا كان للقداسة التي يتحدث بها النَقَلة عن التاريخ وأهله ، هو محض محبة ليس لها من تأسيس.
إن كثير من الذين يكتبون ، ضد نهج الأستاذ / محمود محمد طه ، لم يناقشوا الفكرة والرؤيا التي تجلت من الاختراق الحقيقي للأستاذ للفكر السلفي الناقل بدون إعمال للعقل ، الذي هو السلاح العاطل عن الفعل لدى كثير من المنتمين للعقائد ، فقد قامت مؤسسة النقل على تأسيس طبقة عليا تمسحت بنِعم الملك والسلطان ، وسمّوا أنفسهم رجال الدين ، لهم وحدهم المعايير التي يقيسون بها المنتمي للعقيدة ، أو الخارج عن الملة ، ولم يستطيعوا في تاريخهم الطويل المساس بمؤسسة الحكم والجبروت التي صادرت الحريات وجمدت الفكر الإسلامي منذ سنواته الأولى ، وعلقت المشانق للذين خرجوا بالتفكير الحر .
لقد كانت رؤيا الأستاذ محمود ، مثلها ومثل كافة الاختراقات الإبداعية العظيمة التي أنجزها المتصوفة منذ تاريخهم القديم ، وأسهم رجال الدين في دفاعهم المستميت عن السلاطين في تغييب الحس الإبداعي لجماهير المعتقدين ، فصارت مؤسسة النقل هي المرجع ، وصار الذهن الوثاب الذي يحاول إعمال الذهن في الرؤيا التي تحملها العقائد من توقير لمدية العقل ، واحترام للحريات التي كانت مثيرة لجدل مؤسسة الهدم التي هي البنية التحتية لمؤسسة قتل الأبرياء ، ونشر الإرهاب ، بالاستناد على رصيد الفكر السلفي .
من هنا فإن الذين يستفرعون الملفات بالحديث عن فكر الأستاذ محمود ، يتناولون المنهاج السلفي الناقل للأثر ، في ظل ذات الزمان ، وذات المكان ، ويلوون عنق الحياة لتجميد العقائد في مؤسسة التقليد ، أما المبدعون فيصفونهم بالخروج عن الملة ويشهرون في وجههم سلاح التكفير ، وشتان ما بين التفكير والتكفير ، ففي اختلاف تنظيم الأحرف اختلاف بين عوالم حية تأخذ العقيدة مأخذ المٌحرض على الفكر ، وبين عوالم ترغب تجميد العقيدة في حيثيات التاريخ ، ووقائع خارج العصر .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة