رغم"الانقسام":صعوبة تقسيم السودان واقعياً،لذا أرى أن يتّفق "الطرفان" على آلية للتعايش االسِّلمي

Quote: خط مباشر السودان والانفصال بقلم احمد عمرابي خطآن جسيمان بنيت عليهما اتفاقية السلام السودانية المعروفة باسم «اتفاق نيفاشا». أولاً: إن العملية التفاوضية التي أفرزت الاتفاق انحصرت في تنظيمين سياسيين فقط ـ حزب «المؤتمر الوطني» الشمالي الحاكم وتنظيم «الحركة الشعبية» الجنوبية بما أدى إلى إقصاء القوى السياسية الأخرى.. في الشمال والجنوب على حد سواء. ثانيا: ان وثيقة الاتفاق لم تشتمل على بند يقضي بعرضها على استفتاء شعبي عام لأهل الشمال والجنوب معاً. لكن هناك خطأ هيكلياً آخر أدهى وأمر.. وهو أنه بينما نص الاتفاق على حق تقرير المصير لأهل الجنوب عند نهاية مرحلة انتقالية حددت بست سنوات فإنه لم ينص على حق مماثل لأهل الشمال. ويبدو أن طرفي الوثيقة اتفقا سلفاً على فرضية بأن تفضيل الشعب الجنوبي لخيار الانفصال عن الشمال في نهاية المطاف يبقى احتمالاً فإن الشعب الشمالي في كل الأحوال لن يفرط في خيار استمرار الوحدة. هذه الفرضية ربما تكون غير صحيحة تماماً. وكاحتمال وارد فإنه حتى لو أسفر استفتاء أهل الجنوب عند نهاية السنة السادسة للمرحلة الانتقالية عن الانتصار لخيار الوحدة فإن الشعب الشمالي قد يكون راغباً بدوره في خيار الانفصال.. والاستقلال بكيانه الذاتي. وللحديث مناسبة. فقد أصدر تنظيم شمالي مستحدث أطلق على نفسه «منبر السلام العادل» بياناً دعا فيه إلى إعادة النظر في اتفاقية نيفاشا بحيث تجعل تقرير المصير متاحاً لأهل الشمال أسوة بأهل الجنوب. وأردف هذه الدعوة بمطالبة بتقصير الفترة الانتقالية إلى سنة واحدة أو اثنتين يجري بعدها أو بعدهما استفتاء شعبي ثنائي في الشمال والجنوب معاً. هناك معضلة سيكولوجية تطرأ كلما جرى الحديث عن مسألة الانفصال والوحدة. فإذا تحدث جنوبي محبذاً فكرة الانفصال اتهمه شماليون بالخيانة. وإذا حبذ شمالي الفكرة نفسها اتهمه جنوبيون بالاستعلاء العنصري. وفي تقديري الآن انه بانتهاء الحرب الطويلة وحلول مناخ السلام قد آن الأوان لنبذ هذا الحاجز السيكولوجي من أجل النظر في المسألة برؤية موضوعية متجردة. قناعتي الشخصية في هذا الصدد أن الانفصال أفضل خيار لأهل الجنوب والشمال معاً لأنه لا شيء يجمع بين الجنوب والشمال سوى صدفة الجوار الجغرافي. لا أقول هذا من قبيل استعلاء أو مرارة وإنما استناداً إلى تلك الفوارق الموضوعية بين الشعبين التي تقر بها نخبة المثقفين الجنوبيين أنفسهم. هناك فارق اللغة وفارق الدين وفارق الثقافة الحضارية وفارق المزاج الشعبي وفارق الانتماء العرقي.. وحتى من الناحية التاريخية لا يوجد تاريخ مشترك من التداخل السياسي أو الثقافي أو التجاري بين الشعبين. ولولا هذه الفوارق لما ظل الشعبان في حرب أو حالة حرب لمدى نصف قرن. من هنا تكون إتاحة فرصة تقرير المصير للشعبين معاً مبررة موضوعياً وواقعياً.وهكذا سوف يبقى تجدد الحرب بين الشمال والجنوب احتمالاً وارداً على الدوام إذا لم يشمل استفتاء الوحدة أو الانفصال شعب الشمال أسوة بشعب الجنوب كما يقول أصحاب «منبر السلام العادل». المصدر جريدة البيان الاماراتيه