|
|
 الاديب النوبى المصرى هجاج ادوول
|
Haggag Oddoul
تحيا بلدنا بإذن الله
من عشرين يناير 2011 وأغلب الاتصالات والحوارات معي ومع غيري عن ثلاثاء 25 يناير. وفي آخر مكالمة كانت بيني وبين صديقي السيد/ فتحي منيب، ابن الفنان أحمد منيب رحمه الله، نخبره بآخر تطورات مظاهرات الإسكندرية ويخبرني عن مظاهرات القاهرة، أنهيت المكالمة بجملة انطلقت ببساطة وبدون قصد.. وتحيا بلدنا بإذن الله.
مصر اسم كبير وبلد كبير وأمة عظيمة. تكالب عليها الطغاة في العقود الأخيرة فصغّروها مؤقتا. شردوا مواطنيها وسكبوا عليهم الفقر والتوهان والضياع. تحكموا في وسائل الإعلام وبثوا الأكاذيب بواسطة قطعان من المنافقين المرتشين وكل منهم يدعي الوطنية وأنه يحب مصر وأن مصر أمه وأبوه وخاله وعمه وعمته وخالته الخ. طغاة أصاغر تحكموا في بلد الأكابر! وشعب مصر ثقافته وإرثه الصبر الذي يطول ويطول. في السنوات الأخيرة خاصة بعد أن كسرت قناة الجزيرة الفضائية حاجز المعرفة، ثم تلتها قنوات وقنوات، انكشف الكثير والكثير من عورات السلطة البشعة التي تتحكم في مصر. صحيح أن الشعب كان يعرف الكثير، لكن أن تنفضح المسائل علنا، هذا مزلزل للنظم الحاكمة بالجبر والبطش. ثم كانت برامج الحوارات ثم الجرائد المستقلة التي لم ترض على نفسها أن تكون حكومية ذليلة. ثم كنت حركات النخب الفوقية مثل حركة "كفاية" والتي أدت دورا إيجابيا بالفعل. ثم أتى د. محمد البرادعي، ومهما يأخذ البعض عليه، فتواجده كان ضربة مرزبة ضد مؤامرة التوريث التي كانت تُستكمل بإصرار وطرفها الأسرة الحاكمة التي أرادت أن تكون الأسرة المالكة بملكتها سوزان والوارث هو الأمير المحروس جمال! ثم إصرار من النُخب المصرية على المقاومة رغم شراسة كلاب السلطة ومنابرها التي تتهم الشرفاء بأن لهم أجندات خارجية.
كلنا كنا نتساءل.. لماذا لا يثور الشعب؟ متى يثور الشعب؟ كنا ننتظر انتفاضة من الرجال والشباب الذي تخطى الثلاثين، والذي أقل من ذلك نخشى أن يثوروا فيخربوا البلد بطيشهم وتهورهم. ثم كان الثلاثاء العظيم. يوم الثورة التي أشعلها الشباب من تحت العشرين بقليل وحتى من وصلوا للثلاثين أو أكثر قليلاً. فإذا بهم جيشا ثوريا فذاً. جيش على درجة عالية من التحضر. جيش سلمي لا يملك إلا هتافات تصرخ بالحرية والديمقراطية. جيش من الورود العبقة المفرحة. جيش سلام ووئام يطلب البناء لا التحطيم والخراب. أذهلونا أذهلونا أذهلونا. يا لروعة شبابنا. يا لروعة مصر بأبنائها العظام. أنها ثورة ورود جعلونا نعود للفخر بأننا مصريون. من قبل كنا نفاخر بماضٍ ونحن في خجل من حاضر مُذِل. هذه الأيام نحن في فخر بأنفسنا، فخر هو عباءة شرف ارتديناها بعد أن نسجها وفصّلها الأبناء الأعزاء.
ثورة 25 يناير 2011. ركلة شبابية في مؤخرة نظام حقير عفن. انتهى محمد حسني مبارك. الآن هو يترنح مستكملا السقوط. لقد تجبّر ولسان حاله يقول.. أنا ربكم الأعلى. فكانت ركلة الشباب تجيبه بل أنت المسخ الأسفل. ثورة الشباب هي التي أعطت للشرطة درسا في الأدب، وأمرته أن يعود لما كانت عليه سابقا.. شرطة في خدمة الشعب لا في خدمة السلطة الديكتاتورية الحقيرة. ليكون يوم 25 من كل سنة هو عيد بحق لشرطة مصرية حقيقية وليست لعصابات ترتدي مسوح شرطة. شرطة تحمي المواطنين ولا تحمي اللصوص والمجرمين. ثورة الشباب هي التي خلخلت فرائص المسوخ القذرة التي كانت تتحكم في مصر وتنهب ثرواتها وتعطي الغاز لإسرائيل بدعم من شعب نصفه تحت خط الفقر. وقد بدأ سقوط اللصوص. بدأ سقوط اللصوص والبقية ستسقط وسنراها في القفص ونراها في السجون ونراها معلقة على أعواد المشانق.
نُقَبِّل أياديكم يا شبابنا الجميل. لكم التحية والتقدير فقد أعدت لوطننا كرامته وقلتم للعالم.. مصر لم تمت رغم كل المؤامرات الداخلية والخارجية. إذن لتتأهب إسرائيل الغاشمة المفترية فقد أخذ المارد المصري في الوقوف الحر. مصر هي التي سوف تقصف عمر إسرائيل الذي طال أكثر من اللازم. بكم يا أبناءنا الكرام سيكون لنا قادة نختارهم يستطيعون بوقوفكم معهم أن يقولوا لأمريكا لا. لن يأمر البيت الأبيض فيأتمر ديكتاتور في قصر القبة. لا لن يكون بعد اليوم. الآن وأمريكا تريد من الديكتاتور حسني مبارك أن يرحل، ليس حبا فينا كشعب، لكن خشية أن الأمور تسوء أكثر فتحدث قلاقل تضر بمصالح أمريكا.
مع الحرية والديمقراطية سوف يتحسن الاقتصاد المصري ولن نكون في حاجة لمعونة تضغط أمريكا بها على قرارنا. بحرية شعبنا التي انتزعها أبناؤنا سوف نتقدم لننافس تركيا وكوريا الجنوبية ونتصاعد لنكون قوة إقليمية عظمى يحترمها العالم.
أدباء افريقيا أعضاء نادي القلم الافريقي. ارسلوا لنا خطابات فجيعة لما يحدث لشبابنا، ويؤكدون أن الشعب سينتصر، وأن مصر تولد من جديد مثل النسر المحلق في الأعالي. أدباء العالم يتفاعلون معكم بتأييد مجيد وفي نفس الوقت بتلطيخ للديكتاتور. مكالمات عديدة بيني وبين أدباء مصر الشرفاء. من جميع أنحاء مصر. آخرها من الأديب أحمد عامر وهو من بنها. كان عائدا مُتعباً من القاهرة حيث شارك في المظاهرات وأكد لي أن أدباء بنها الذين أعرفهم تماما، هم الآن في ميدان التحرير مقيمون. ومكالمة في الأديب سعيد سالم وقلبه متألم من الحثالة التي هاجمت الشباب المصري الثائر. مرتزقة حقراء يضربون زُبدة شباب مصر الذي تظاهروا وهم ينادون.. سلمية. سلمية. وقد عبر الأستاذ هيكل تعبيرا بليغا حين قال عن هذا الموقف المؤلم (أسوأ ما في مصر حاول بشراسة قتل أنبل ما فيها) وسالت دماء الشهداء الأطهار. دماء الشباب الحر. وبدمائكم كتبتم لافتة حقيقية لميدان المعركة التي دخلتموها سلمية وستنهونها سلمية.. ميدان التحرير. بالفعل لقد حررتم مصر من الاستعمار الداخلي. حررتم مصر من حقبة مملوكية متخلفة. لقد انتصرتم بمجرد نزولكم الشارع بكل هذه الشجاعة. انهزم النظام الطاغوتي من الضربة الشبابية الأولى مهما فعل الديكتاتور في ضربته الأرضية الفاشلة مستخدما مدافع المياه والهراوات بل والرصاص الحي وبلهاء ركبوا الخيل والجمال. انتصرتم وكتبتم بدمائكم أن الجمهورية الأولى.. جمهورية العسكر انتهت وبدأت الجمهورية الثانية، الجمهورية المدنية.
يا شبابنا.. لن يخذيكم الله أبدا. فقد خرجتم وتظاهرتم لإعادة الحقوق وانتزاع كرامة الإنسان. الإنسان الذي خاطبة الله وقال في كتابه الكريم بسم الله الرحمن الرحيم{وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً }ستنتصرون وستنتصر مصر. لقد شارككم كل جهات مصر وكل تنويعاتها في اتحاد مفرح يؤكد أن المعدن المصري السليم مازال سليما وإن علاه بعض الغبار.
وتحيا بلدنا بإذن الله
حجاج أدّول
الإسكندرية في 5 فبراير 2011
|
|
  
|
|
|
|
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست