|
|
 هوني عليك فإن"الذَّليل مَنْ ذَلَّ في سُلْطانِه"
|
يا ليتني عمياء لا أدري بما تجني الشرور
صّماء لا أصغي إلى وقع السياط على الظهور
يا ليت قلبي كان صخرا لا يعذّبه الشعور
يا ليتني , ماذا تفيدك , يا حياتي , ليتني؟
هي ابيات من قصيدة لنازك الملائكة كتَبتها وهي تشاهد سياط تهوي علي جسد حصان , استحضرت ابياتها وانا أرى واسمع سياط اخرى تهوي ولكن على جسد انسان ، ولا ابالغ اإذ قلت انني لم اسمعها وحسب بل احسست بها وكأنها تنهال عليّ ,فكم من السياط قد الهبت ايام الدراسة بدني وبدن زميلاتي الطالبات من ِقبل اساتذة تناسوا انهم تابعين لوزارة تسمي(التربية والتعليم) فكان تعليمنا بدون تربية في زمن مشروعهم اللا حضاري.
ما حدث للفتاة في الفيديو غير مستغرب فهو فعل مألوف في عهد ما يسمي بثورة الانقاذ، وغالبا ما يتكرر يوميا وبذات الطريقة إن لم تكن اسوأ فما خفى هو اعظم , فالمرأة السودانية تُجلد في المنزل وفي المدارس بل و تجلد في الجامعات أما في اماكن العمل فهناك جلد من غير سياط يتمثل في التحرش بجميع اشكاله وهو الأشد ايلاماً . فتجدها متحملة لكل تلك الالآم دون ان تنبس ببنت شفة خوفا من المجتمع الذي يراها هي المخطيئة في الغالب وبدون معرفة الأسباب بحجة"الجابرك شنو على الشغل؟".
ما يميز هذا (الفيديو) أنه خرج للملأ فغطته وسائل الاعلام لتكشف المزيد من عورة السلطة, فالبعض يري ان تلك الفتاة قد ذُلت بعرض هذا الفيديو وهم لا يعلمون أن "الذَّليل مَنْ ذَلَّ في سُلْطانِه" واقصد بالذليل ما يسمي بـ"الإنقاذ" والتي – وبكل غباء- لا تفوت ايّ فرصة لاثبات ضعفها وتبيان عاهتها التي ولدت بها,فاستخدامها للشريعة الاسلامية ليس تنفيذاً للتعاليم الدينية بل لأجل ترسيخ عدم المساواة بين المرأة والرجل وقهر المرأة باعنف الطرق المتاحة فتجدها قد بلغت الغاية في ذلك، هذة "الحيكومة" تعمل وبنجاح على تدمير ديننا الاسلامي وقيمنا الاجتماعية وتجريد البعض من انسانيتهم,ناسية أو متناسية ان الدين الاسلامي هو دين يُسر ,تجد الانقاذيون-تسمية جانبها الصواب- تجدهم ساعين وبجهدِ لتحريف شرع الله واستخدامه تحريفهم لاضفاء الشرعية علي انتهاكاتهم، فمآخذهم بحرُ لا ساحل له ،هرمُ يضاف الي عجائب الدنيا السبع بُني بآلام الشعب ومعاناته.
النساء في بلادي يعشن "بعبع" قانون النظام العام الذي يتبعهن في كل خطواتهن واينما ذهبن, هذا القانون هو ضربُ من ضروب الارهاب يستخدم مشرعيه متفجرات من نوع فريد برعوا في صناعتها، البطش والقهر والذل عوامل اساسية مكونة لها، تتفاعل مع بعضها لتعمل على تدميرنا نفسيا فاصبح قانونهم الذي- لا يمت للنظام بصلة- قنبلة موقوته في ايدي ضعاف العقول والنفوس من منتسبي النظام يستخدمونها على هواهم وغايتهم حصد اكبر من الضحايا ، ويظهر ذلك جليا في شريط الفيديو ,ما لفتني أن الجلادين في الفيديو أدوا مهمتهم باخلاص وتفاني يحسدون عليه،إخلاصُ لو وُجِدَ في "عُشر" الشعب السوداني لرأيناه يحتل مكانة ً بين الامم ،فقد تفننوا في تمزيق جسد الفتاة وهو فِعلُ غير مستغرب كيف لا وهم "تربية" الانقاذ التي مزقت وطنا باكمله،فإذا كان "رب البيت طبال فشيمة اهل البيت الرقص والطرب"انصح هولاءالجلادين في حال فقدهم وظائفهم - وأشك في ذلك- بالتوجه للعمل في مجال"التنجيد" فهم بارعون في ذلك يكفيهم الفيديو كشهادة خبرة .
حقيقة شر البلية ما يضحك ، قرأت ما اوردته صحيفة الرأي العام عن أن مصدراً من وزارة الداخلية قال "اتهم جهات تسعى لتشويه شرطة النظام العام" ألا تعلم يا سيدي أن نظامكم العام مسخ وُلدَ مشوها من رحم حكومتكم ؟ غذت جنينها باوجاع شعبنا فكبر بها، وترعرع تحت كنف الحكومة فصار يده التي يبطش بها ، فكيف بالله عليك أن يسعي أحد لتشويه من خلق مشوهاًً؟.ويضيف ذات المصدر " أن وزارة الداخلية شكّلت لجنة تقصي حقائق للوقوف على صحة الشريط الذي بثه موقع «يوتيوب»" ألم اقل لكم أنها حكومة غبية ، ما لي إلا أن اقول "خجلت ليكم" لأنكم لا تعرفون للحياء سبيلا.
ما الذي حدث للشعب السوداني وأين ذهبت شهامته التي إمتاز بها؟ انظروا لهذا الجمع الذي حضر تنفيذ الحكم وكانهم يشاهدون عرض مسرحية فكاهية! لم اكن طموحة لاتوقع رؤيه احدهم يعترض على تنفيذ الحكم ولكن على الاقل توقعت أن ارى وجوهاً حزينة وممتعضة بدلا من تلك الوجوه الباسمة والي الآن لا اعرف سبب تبسمها فحاولت جاهدة ان اجد لهم العذر ولكن تعذر عليّ ذلك , ما ابئسه من جمع. عرضت الفيديو علي معظم زملائي في العمل ليروا كيف تُعامل النساء في بلادي لم اخجل منه اردت ان يري الجميع معاناتنا ,نظراتهم كانت تحمل الشك في طياتها , معظمهم سألني"هل هذا حقيقي؟وهل هذا هو الاسلام؟" سؤالُ متوقع ونحن نعيش في القرن الواحد والعشرين , فعل كهذا لم يُمارس في بلادهم منذ قرون مضت منذ عهد الاسياد والعبيد . رأيت في وجوههم أسفاً تمنيت أن ارآه في وجوه تلك الطائفة من المؤمنين التي حضرت "الجلد " فكان ان شاهدت وجوها باسمة وخلف الابتسامة تلوح تعابير صعُبَ عليّ ايجاد وصف لها وكأن النيل الذي يجري من خلفهم قد اصبح يرويهم الخنوع وبعض من جبن. لا اريد الخوض في ما جنته الفتاه ،فأقصى ما فعلته وما لم تفعله في الغالب لا يبرر الوحشية والسادية التي عُوملت بها.
اريد توجيه نداء لنساء وطني فتجدوني محتارة بمخاطبتهن ب(نساءالسودان) او(نساء ما تبقى من السودان)؟ والى ان تُفك حيرتي اقول لهن إن هذا القانون "قانون النظام" يطوع خوفكن لصالحه وكأنه يغذيه ،يزداد تسلطا وجبروتا عندما يري في عيونكن هذا الرعب ،ردود الافعال التي اتت بعد عرض هذا الفيديو يجب ان تكون اكبر دافع لكن لترك الخوف جانبا،ويجب ان تخلعن ثوب الضحية واستبداله بآخر لضمان حقوقكن وحقوق نساء المستقبل .وعلى منظمات حقوق الانسان العمل علي خلق ملاذات آمنة قبل التوعية باعتبار ان الخوف هو حائط السد الذي يقف بين المراة السودانية وبين المطالبة بحقوقها . وأرى أن أساس التغيير يأتي من الرجل السوداني قبل المرأة فلما لا تقام منظمة عضويتها من الرجال فقط لمناهضة العنف ضد المرأة؟
ختاما اقول لاختي "المجني عليها" في شريط الفيديو اقول لها شكراً، شكراً رغم كل ما عانيته ، فاوجاعك القت حجراً في بركة ساكنة كُنت قد ظننت انها ستكون هكذا مدى الدهر ، فخورة انا بك وكوني واثقة بأن الله عز وجل يمهل ولا يهمل " فإن يَكُ صدْرُ هذا اليوم ولىّ * فإنَّ غداً لناظرهِ قَريب".
|
|
 
|
|
|
|
سارة علي
محمد المسلمي
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست