|
أنطولوجيا العالم الآخر
|
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يُؤْتَى بِالْمَوْتِ كَهَيْئَةِ كَبْشٍ أَمْلَحَ فَيُنَادِي مُنَادٍ يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ فَيَشْرَئِبُّونَ وَيَنْظُرُونَ فَيَقُولُ هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا ؟ فَيَقُولُونَ : نَعَمْ ، هَذَا الْمَوْتُ ، وَكُلُّهُمْ قَدْ رَآهُ ، ثُمَّ يُنَادِي يَا أَهْلَ النَّارِ فَيَشْرَئِبُّونَ وَيَنْظُرُونَ فَيَقُولُ هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا ؟ فَيَقُولُونَ : نَعَمْ ، هَذَا الْمَوْتُ ، وَكُلُّهُمْ قَدْ رَآهُ ، فَيُذْبَحُ ، ثُمَّ يَقُولُ : يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ خُلُودٌ فَلَا مَوْتَ ، وَيَا أَهْلَ النَّارِ خُلُودٌ فَلَا مَوْتَ ، ثُمَّ قَرَأَ ( وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ ) ، وَهَؤُلَاءِ فِي غَفْلَةٍ أَهْلُ الدُّنْيَا ( وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ) .
رواه البخاري ( 4453 ) ومسلم ( 2849 ) .
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: أنطولوجيا العالم الآخر (Re: ود شاموق)
|
غالبية الأديان لديها تصوراتها للعالم الآخر، في بحثنا هذا، سنعتمد على التصور الإسلامي للعالم الآخر، ليس لشيء سوى الخلفية التي ينطلق منها الباحث، والقدر الكافي من النصوص المتوفرة التي تسمح للكاتب أن يجري بحثه بحده الأدنى.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أنطولوجيا العالم الآخر (Re: ود شاموق)
|
ود شاموق،، سلامات وكل عام و انت بخير ...سعيدة بالتداخل معك وأن كرهت نفسي المدخل "الموت" أرجو أن يشمل بحثك في انطلوجيا الموت الأديان الأخرى لا الاسلام وحده، فالأديان السماوية و غيرها استندت أو قوت أو أثرت - أيهما أقرب للمعنى - بما تقدمه من تصور لما بعد الموت، من جنة و نار و إعادة خلق و قيامة و نشور ولم أسمع بدين روّج لفكرة "العدم" بعد الموت حتى في الأديان التي لا ترتكز على فكرة الألوهية كالبوذية .. حتى البوذية افترضت العدم بعد ان يصل معتنقها حالة parinirvana وهي الخلود يصلها البوذي بعد مراحل متعددة من تنقية "الكارما" وهي ما تشير له الديانات السماوية في حياة بعد الموت ويدل عليه الحديث النبوي الذي ابتدرته في أول البوست ... تكاد تتشابه الاديان في مدخلين: نشأة الكون و الموت، فكل دين يقدم نسخته من اسطورة النشأة و الموت وتتقاطع التصورات في كثير من الأحيان حتى في الأديان البدائية أو التي تعبد الآله المؤنثة ...
ستختلف صور ما بعد الموت بتعدد الديانات ولكنها تتفق على حقيقة الموت وانه نهاية الحياة المحسوسة بصفاتنا الانسانية الحالية وبرغم اختلاف تصورها لما بعد الموت، فجميعها تتفق على فكرة الخلود "هناك"
في انتظارك وأرجو ألا تغيب ...
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أنطولوجيا العالم الآخر (Re: عزاز شامي)
|
عزيزتي عزاز،
وكل عام وانتِ بألف خـير،
عارفة، سأقفز معك إلى خلاصة أخـيرة، ثم سأعود بالتدريج إلى المقدمة، والخلاصة الأخيرة هي أن كل ما نراه من أديان ومعتقدات، هي نماذج مختلفة لحقيقة واحدة، تمت صياغة كل واحدة منها لتناسب البيئة الموجهة لها، وبالتالي فإن المسيحية - على سبيل المثال - في محيطها التاريخي والجغرافي هي النموذج المكافئ للبوذية في المحيط المقابل. ولفهم ذلك لابد لنا من خلق نموذج أنطولوجي للمعتقدين بغرض المقارنة، ويمكن فعل بمعرفة الكائنات (Objects) وخصائصها (Properties) والعلاقات التي تربطها ببعضها البعض (Relationships)، والسبب وراء ذلك هو أن الوجود يعتمد على الخصائص والعلاقات، فكل موجود - بالنسبة لمبلغنا من الوعي - يجب أن تكون له خصائص وعلاقات مع الموجودات الأخرى، وفي حالة الاخلال بأحد هذين الشرطين فإن وجود الكائن يصبح محل شك، أما في حالة الإخلال بهما جميعاً، فوجود هذا الكائن يصبح في عداد المستحيلات. وبمقارنة سريعة للكائنات في المسيحية والبوذية سنجد أن الكائنات مكررة، وإن اختلفت أسماؤها، والخصائص نفسها، والعلاقات بينها متشابهة، وكأننا نتحدث عن نموذجين مختلفين لجوهر واحد، رغم بعض الخلافات الشكلية في مسألة الثواب والعقاب، والخلود والعدم، أما في الجوهر، فكلا المعتقدين ينطلقان من فكرة جوهرية واحدة تؤمن بخلود الوعي الإنساني، وعدم قابليته للفناء، وفي هذه النقطة بالذات تلتقي المعتقدات جميعاً، وتفترق في ما عداها من النقاط.
حسناً، رغم ذلك، فإن هناك اختلافاً شكلياً في تصور الخالق، فهو طبقاً للعقيدة البوذية قوة عمياء سلبية ومحايدة لا يشبه بشكل من الأشكال الإله الشرق أوسطي ذو الكاريزما القوية، ذلك الخالق الذي يُضحك ويُبكي، ويُفقر ويُغني، ويمكر وهو خير الماكرين، والحقيقة أن هذه الصفات هي محاولات جادة من (صانع النموذج) لتقريب الفكرة للمتلقين، ولنتفق هنا أن النموذج الأنطولوجي للإله يختلف من بيئة إلى أخرى لاختلاف البشر، وليس لأن الإله نفسه مختلف. ففي البوذية (التي نشأت في شبه القارة الهندية حيث الطبقات الاجتماعية والفصل العنصري والبشر المنبوذين) يحاول النموذج أن يخبرنا أن الخالق هو عادل لدرجة لا تمكنه من الانحياز إلى طرف ضد غيره من الأطراف، لذا فهو أقرب إلى السكون، فلو صعد إلى الأعلى لكان للأعلى ميزة على الأسفل، وذلك يناقض عدالته، ولو نزل إلى السماء الدنيا، لكان في ذلك محاباة للسماء الدنيا، يناقض عدله المطلق، ولو قسم للخلق أرزاقهم، فأعطى ومنع، وشفى وأمرض، وأغنى وأفقر، لاختل ميزان العدالة، إلى الأبد. أما في المسيحية (التي نشأت في مجتمع عبراني بدوي أبوي هرمي التركيب) فالناس متساوون تماماً، أمام الأب، قائد العشيرة، والشيخ الكبير، بالمعنى الحرفي للكلمة، وبالتالي تنتفي الضرورة لوجود إله سلبي، فالإله العبراني إله متحرك، متوازن، يجمع النقيضين لتحقيق العدالة، رحيم وشديد العقاب، فحلمه يساوي غضبه، وجنته تساوي ناره، وإيجابيته تساوي سلبيته، إلخ ... مما يؤدي في نهاية المطاف إلى وصول الأله العبراني لنفس الحالة النفسية المتوازنة التي يعيشها شقيقه الإله البوذي في شبه القارة الهندية.
سـنواصل، وفي الرد القادم سنتحدث عن المساواة بين الأديان، وسأتعرض بالنقد لفكرة الأديان البدائية، والتي تقابلها الأديان المتقدمة / التوحيدية، وكمقدمة للرد الآتي أود الإشارة إلى أن الوثنيين كانوا - ولا زالوا - يعبدون نفس الإله الواحد الذي عبده إبراهيم وإسحاق ويعقوب وإسماعيل وجميع الأنبياء والرسل، ولم يعاني البشر من قلة في الوعي تجعلهم يعبدون حجراً على الإطلاق، ولكنها كانت النماذج (models) التي استخدموها في مرحلة ما من تاريخهم، للتعبير عن الإله الواحد الذي عجزوا عن تنزيله من عوالي السموات إلى أرضهم، فصنعوا له نموذجاً تسكنه روح الإله، وما عبدوه إلا ليقربهم إلى الله زلفى.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أنطولوجيا العالم الآخر (Re: محمد قرشي عباس)
|
عزيزي محمد قرشي عباس،
شكراً على تعليقك الايجابي، وبالنسبة لفراس سـواح فنعم، لقد قرأت كتبه جميعاً، تقريباً، ولو كانت لي سلطة في هذا العالم لأدرجت هذه النفائس والكنوز في المقررات الدراسية لطلبة المدارس.
علاء،
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أنطولوجيا العالم الآخر (Re: عزاز شامي)
|
Quote: ومحاولة الاجابة على سؤال: هل حوجة الانسان للدين أكثر إلحاحا من حوجته إلى إله؟ أم العكس؟ |
عزيزتي عزاز،
لفت انتباهي هذا التساؤل أعـلاه، والذي هو مرتبط مباشرةً بما تناولته أنت سابقاً، عن وجود الإله في البوذية، والحقيقة أن البوذية لا تنكر وجود الخالق، بمعنى أن البوذي مؤمن بوجود قوة ما، هي أصل كل الموجودات، رغم أنها في حقيقتها، قوة سلبية، عمياء، تتماهي معها بقية المخلوقات، فهي متصلة بهم، وفيها يفنى العارفون في خاتمة المطاف، شيء أشبه بالعقل المركزي، المتصل بأطرافه اتصالاً وثيقاً، رغم انفصاله الظاهري عنهم. فالبوذية من هذا المنظـور تعطي تعريفاً جديداً لنظرية "وحدة الوجود" التي قال بها ابن عربي ومن قبله الحسين بن منصور (الحلاج) الذي مات على الصليب وهو يسأل الله أن يغفر لقاتليه.
هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، فإن مسألة العبادة هي شيء آخر بالنسبة للبوذي، فهـو لا يسجد لهذه القوة العمياء، ولا يركع، ولا يعبدها بالمعنى الشرق أوسطي للعبادة، بل هي علاقة سلبية، فهو لا يحب هذا "الإله" العجيب، ولكنه لا يكرهه، ولا يسأله، ولا يدعوه، ويؤمن أن الإنسان - وحده - قادر على تغيير أقداره، إن أراد! حتى المظاهر التي نراها ونظن أنها نوع من العبادة - بحسب الخلفية التي أتينا منها - فهي لا تعدو عن كونها نوعاً من التأمل والممارسات الروحية التي تساعد المؤمنين في بحثهم عن السـلام الداخلي. وعموماً، فإن البوذية ليست مدرسة واحـدة، بل مدارس متعددة، تختلف من بلد إلى آخر، بحسب التفاسير المختلفة لتركة المعلم، والاختلاف بين مدارسها كبير، وهذا يعيدنا إلى مسألة النموذج، وكيف يتغير هذا النموذج من بيئة إلى أخرى، حتى داخل أروقة الديانة الواحدة. لذا فإنني أعتقد أن وجود الإله مرتبط بوجود الدين، أما عبادة هذا الإله، فربما لا تكون شرطاً على الدوام.
سأعـود فيما بعد، للحديث عن المساواة بين الأديان، ومن ثم للموضوع الرئيسي لهذا البوسـت، أنطولوجيا العالم الآخـر، لاحقاً .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أنطولوجيا العالم الآخر (Re: ود شاموق)
|
يقول الله تعالى في الآية الخامسة من سورة طه (الرحمن على العرش استوى). تقول عنه موسوعة الويكيبيديا :
"العرش ركن الشيء ، سرير الملك ، ورد اللفظ في عدة آيات من القرآن الكريم ﴿ثم استوى على العرش ﴾ ( الأعراف 54 ) ، ﴿ سبحان رب السموات و الأرض ، رب العرش ، عما يصفون ﴾ ( الزخرف 82 ) واختلف المعتزلة وأهل السنة في نسبته إلى الله ، فسلم به أهل السنة ، على أنه يخالف العرش المألوف ، وأوله المعتزلة بما يفيد العزة و الغلبة ، وهو والكرسي شيء واحد ، ﴿ و رفع أبويه على العرش ﴾ ( يوسف 100) ، ﴿ فلما جاءت قيل أهكذا عرشك ﴾ ( النمل 43 )."، ويكيبيديا، بتاريخ 10 ديسمبر 2010.
| |
|
|
|
|
|
|
|