بابكر حميمة ...ضيف النعمة المحتال !!!!

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-06-2024, 05:27 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2010م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-06-2010, 03:35 PM

محمد عكاشة
<aمحمد عكاشة
تاريخ التسجيل: 01-27-2005
مجموع المشاركات: 8273

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
بابكر حميمة ...ضيف النعمة المحتال !!!!

    ضيف النعمة المحتال
    ____________________________-
    بقلم/ بابكرحميمة
    ____________________________


    قرية اشتهر أهلها بالبخل وكراهية الضيف (يشوفوا العمى ما يشوفوا الضيف) وسبب شهرتهم تلك أنه في عام مجاعة طاحنة أضطر أحد الأشخاص للنزوح بحثاً عن ما يسد به رمق أسرته الصغيرة فوجد واحة مخضرة في قلب الصحراء حيث ابتنى فيها منزلاً وأحاطها بسور من الأشواك واقام عليها حراسة مشددة بواسطة إبنيه المراهقين وزوجته، وكان يتملك عصا ضخمة (ام كرتبو مضببة) سماها تحبباً – كتالة الضيفان – ورغم إمعانه وإخلاصه في الزود عن واحته بالضرب حيناً والتخويف والخداع أحياناً ولكن تكالب عليه الناس وأحاطوا بواحته إحاطة السوار بالمعصم حتى جاء أحد النازحين ببنتيه الجميلتين فانهارت مقاومة إبنيه لذا أضطر الأب مكرهاً السماح لوالد البنتين بالدخول إلى واحته لتزويج إبنيه منهما، وبعدها أضطر صاحب الواحة إلى استقبال أقارب زوجتي إبنيه من حين إلى آخر والغضب يعتمل فى نفسه، وكان يستقبل الضيوف الجدد في كل مناسبة وضوع أو ختان أو سماية ويكاد ان يفقد عقله وهو ممزق بين إرضاء إبنيه وزوجتيهما وبين إشفاقه من نضوب موارد الواحة لتكاثر الناس عليها، وأخيراً تفتق ذهنه عن فكرة جهنمية فقام بصنع عنقريب –ملغوس وخلاقه - وكان يأتي به إلى – ديوان الضيوف – ولا يكاد أحد من إنسبائه يجلس على هذا العنقريب حتى يسقط سقطه مدويه، فيعمد صاحب الواحة الى عكازته المسماة (كتالة الضيفان) ويدشدش بها عضام الضيف وهو يصرخ بأعلى صوته (الحقوا الضيف جنا) وهكذا صار يتخلص من الضيوف الثقلاء بدعوى الجنون المفاجئ الذي يعتريهم فيضطر إلى ضربهم حتى لا يأذوا أحفاده، وفي عديد من المرات – يطنطن نسيبه وهو يردد، "فلان ده عارفوا كويس ما ظنيتو يكون مجنون" فيحدر فيه صاحب الواحة متحسساً – كتالة الضيفان "أفو نعل ما عاداك آ فلان؟" وهذه إشارة لما سيلحق بأبو النسب لو تمادى في الطنطنة وكان دائماً في مثل هذه المواجهات المحرجة يتراجع أبو النسب وهو يردد جملته الشهيرة – الخايسة- "الكلام ده ياجد جناي خلاس خت فوقو بطانية" وهذه تعني ان تجاوز عن زلة لساني كأنك لم تسمعها، وعندما شب الأحفاد عن الطوق اشرف الجد صاحب الواحة على تلقينهم قاموس الشتائم، كمثال – أمشي يا بطيني التقول ضيف) – امشي يا ###### يا ضيف – تضفي بنعلاتك- أمشي يا ###### إنشاء الله يجيكم الضيف- ... الخ، وفي هذه الأثناء، اجتمع أبوالنسب – مع إبنتيه – اجتماع سري فوق العادة – لمناقشة كيفية تفكيك منظومة الدفاع الأرض جو والدرع الصاروخي لصاحب الواحة حتى يتمكنوا من دعوة أقاربهم للإقامة المؤقتة معهم (علاج، دراسة، وكدة) ومن ذاك الاجتماع الهام خرجت عدة أجندة تم عرضها بطريقة أبوالنسب المعتادة - التلميح البعيد جدا –فلم تجد حظها من النشر أو القبول، احتمال لعدم إمكانية ابو النسب اللفظية من تقريب المعنى أو لعدم استحسان صاحب الواحة لمضامين المقترحات المطروحة التي تعمل على استهلاك موارد الواحة، وفي لحظة من لحظات التجلي أوما يسمى عند المفكر البريطاني (كولن ويلسون) – الإدراك الفجائي للقيم الشاملة- كان يعدد أمام نسيبه أن الضيوف خشم بيوت، منهم كذا وكذا وكذا... وضيف النعمة – فأستوقفه صاحب الواحة وهو يرمقه بفتور ناعس ويتحسس كتالة الضيفان في وجد صوفي "ضيف نعمة كيف؟ هو الضيف عندو شغله غير الأكل والنوم والفياقة، كل الضيوف مجانيين وهفتانين وعندهم دودة شريطية ، على بالطلاق بالتلاتة غير كتالة الضيفان ام كرتبو المضببة دي ماعندي ليهم ضيفة، ضيف النعمة قال ! هوي يا أبوالنسب اخير ليك تنقرع! هسع نقوم عليك بكتالة الضيفان دي نحرق قلبك حريقة!" ولكن أبو النسب، غاص سايكلوجيا بين ثورة نسبيه تلك ورأي بين طياتها بصيص أمل للخروج بحل ما، فناص مجددآ بخياسته المعتادة تلك "غايتو كان قبيل في زول جاء ساي شايل ليه زي شوية سكر ولا كدى، يعني ولا حاجة من البدوروها الشفع .... ولا" فقاطعة صاحب الواحة بنفاد صبر"هوى كان صحي ضيف نعمة بجي شايل أرنب ولا دقيق ولا بصل، لكن سكر نسوى بيهو شنو والبلح راقد" كاد أبو النسب أن يغمى عليه من شدة الفرح، أخيراً – عندما ضاقت حلقاتها فرجت وكنت أظنها لا تفرج - تنهد أبو النسب وتشاغل بالنظر إلى أظافره وقام متثاقلاً ورأسه مطاطأ حتى لا يتمكن نسيبه من رؤية التماع عينيه من شدة الفرح، فيتراجع عن إفادته بشان ضيف النعمة، ولم يكد يتجاوز المياه الإقليمية لنسيبه العتيد حتى تخلى عن وقارة وركض نحو إبنتيه يزف إليهن الخبر السعيد، المتمثل في استثناء – ضيف النعمة – وسرعان ما قام بنشر الخبر، فتقاطر ضيوف النعمة من كل حدب وصوب – وهم يحملون معهم دقيق وبصل ونسبة لندرة الأرانب في المنطقة لم يحدث في تاريخ القرية أن جاء ضيف نعمة يحمل أرنب قط، ولكنهم كانوا يستهلكون اكثر مما يحضرون من مواد، وهنا تنبه صاحب الواحة لهذا المقلب، فدعى أفراد أسرته إلى اجتماع طارئ هام وعاجل، فحضر الأبناء والأحفاد وأبوالنسب وتركهم في مجلس الاجتماع ذاك وتناول – كتالة الضيفان – وخرج يقدل حافي حالق في طرقات قرية الواحة وقام بإجلاء كافة الضيوف ولم يسلم من حملة الجلاء تلك حتى الذين جاءوا (للعلاج والدراسة). ثم عاد إلى غرفة الاجتماع والعرق يتصبب منه وقد أخذ منه الإعياء كل مأخذ نسبة للمجهود الجبار الذي بذله في حملة جلاء الضيفان، فجلس أمام أفراد أسرته الممتدة وأخذ ينقل بصره بينهم في حزن ظاهر وأنفاسه تعلو وتهبط- زي قربة كير الحداد- وأخيراً استجمع قوته، وتحدث اليهم بنبرات تشي بحزن دفين قائلا "القادي كبدتي من جوه، أنو بيناتنا زول خاين، طابور خامس، نربي فوقو ويربي في عمايلو، وأنا عارفو منو؟ لكن ما بفضحوا فشان جد وليداتي الصغار ديل، لكن بدور أوصيكم وصية اكان قبيل فتوها تب ماعافي منكم دنيا وأخرى" ثم سكت هنيهة وسالت دموعه في صمت وأخذ في النشيج بصوت عالي، فتحلق حوله الأبناء والأحفاد وزوجات أبنائه و.... أبوالنسب واخذوا يبكون لبكائه، الرجال آها أها هي هي، والنساء ووووب على ياجد وليداتي، والشفع واااع واااااي جدي جدو، وفجأة من بين هذا الضجيج والتكعكع البشري نهض صاحب الواحة كجني خارج لتوه من جرة أسطورية، ووقف كالطود الشامخ وعينيه حمراء كالجمر (أو خطرات العربية) ثم زأر كالضرغام ملوحاً – بكتالة الضيفان – وهوى بها كالبرق الخاطف عل الأرض وسُمع لما دوى كقصف كالرعد فتوقفت الأصوات الباكية وكف الهرج البشري عن التفاعل، ثم انكمشوا جميعاً زحفاً نحو الحائط الأقصى من الديوان وهم يرتعدون فرقاً وفرائصهم تكاد أن (تتخشلع) نظر إليهم بحنان بالغ وسكينة وخرج صوته هادئاً وهو يقول "نمرة واحد، أي ضيف نعمة يجي لازم تتأكدوا من كمية النعمة الشايله معاهو كان ارنب كان بصل كان دقيق، وتقسموها ستة كيمان تشيلوا منها خمسة كيمان والكوم المفضل زوادة الضيف، كان عشوة كان غدوة كان فطرة، وياها ترى قسمتوا يومو اليكمل قسمتوا أخير ليهو يفوت بالتي هي أحسن وإلا قسما عظماً – كتالة الضيفان– دي تاباهو مفهوم؟ فتماوهت الاصوات في هارموني موسيقى.حاضر يابا حاضر جدو، سمح يا أخوي .... – تنحنح صاحب الواحة ومضى قائلاً: "نمرة أتنين في نوع من الضيوف أكّال وبطنوا هويره، يكمل قسمتو زووت ويعتي على حقكم في الحالة دي تخلوه يصنقر في شقليب وحين يقع تقوموا عليهو توضبوه الكلام ده وقع ليكم؟ وآخر وصيتي ليكم، مادايركم يا أولادي تختلفوا بيناتكم لأنو الضيفان النجوس دايرين فرصة زي دي عشان ياكلوا حقكم، ثم عض سبابته من الغيظ وأردف قائلاً "أحّي حي حفّ عليكم الضيفان ولاد الكافر ثم واصل بهدوء – وأي خلاف يغلبكم حله- سوا حكمه جدكم أبو النسب الخايس القاعد داك يتراجف زي مرقة الضُلف – جروا فوقها بطانية" حتى هذه اللحظة كان أفراد أسرة صاحب الواحة متطاطئ رؤوسهم وهم يستمعون بإستيعاب فائق إلى خبايا هذه الوصية الحكيمة، ولكنهم انتظروا طويلاً بعد المقطع الأخير من جملته عله يواصل حديثه ولكن طال الصمت فأخذوا يرفعون رؤوسهم (حتى طار الطير الذي كان – راكي عليها) ونظروا ملياً الى والدهم صاحب الواحة، فإذا به يبدو كالنائم متكئاً على كتالة الضيفان – فزحفوا نحوه وهم ينادونه برفق، يابا يابا، وأخيراً تجرأ أبوالنسب بالاقتراب قليلاً ومد يد مرتجفه نحو نسيبه وفي هذه اللحظة سال المخاط من أنفه من شدة التهيب فرد يده لكي يمسح أنفه بظاهر كفه، وعندما فعل ذلك وهم بمد يده مره أخرى تجاه نسيبه صاحب الواحة انهار الأخير فجأة وهمد جسده، لقد فارق صاحب الواحة الحياة وكانت تلك وصية مودع، وهذا هو السر الكامن وراء تعصب أهالي قرية الواحة ضد الضيوف، وهذا هو سر احتفاظهم بكتالة الضيفان وشقليب عنقريب الضيفان وضبط المساحة الممنوحة لضيف النعمة وأخيراً فقهيه جر البطانية على الخلافات الداخلية في القرية وأصبحت تلك المتلازمات المادية والمعنوية أرث قبيلة الواحة أباً عن جد.
    بعد مرور سنين عدداً حدثت الكثير من التحولات الاجتماعية حيث صار بعض الأبناء يقعون في الحب مع فتيات من قرى مجاورة فتحدث الزيجات المختلطة التي بدورها أحدثت الكثير من التراخي السلبي في منظومة القرية الاجتماعية والموروثات القبلية، حتى قامت فكرة جمعية أحياء ذكرى المرحوم من كبار السن من النساء والرجال واصبح منوطاً بهذه الجمعية إحياء يوم رحيل المرحوم مؤسس قرية الواحة والحديث عن مآثره في مكافحة الضيوف واستعراض أثاره المتمثلة في (ام كرتبو المضببة كتالة الضيفان وشقليب عنقريب الضيفان ويتبارى ذوو البلاغة المنبرية في الحديث الشاعري عن المرحوم، حديثاً يأخذ بالألباب، فتجيش المشاعر، وتنبري الحكامات في مجادعات شعرية مموسقة " هي يايمة زمن المرحوم الضيف علينا ما يحوم" يوم جلاء الضيفان جهزنا ليهو الأكفان يا حليك يافلان وووك هكذا دواليك) يبتهجون يحزنون ينتشون ويهتدون، ودائماً ما يتبع احتفال الذكرى السنوية للمرحوم، حس وطني عالي الكهربة والضيف – الداقس- الذي يفكر في العروج على قرية الواحة في تلك الأيام الوطنية الحماسية (الله قال بقولو ) ففي ذات يوم من تلك الأيام المشحونات جاء – ضيف نعمة – مطمئناً الى ما يحمله من دقيق في جرابه، غير أن معلوماته عن أيام القطامة والحالة الف – كانت شحيحة، بالإضافة إلى أنه ضيف نعمة، كان مسيخ وفقري الفاظ ونفسه ساقطه وكداب ومحتال، وهكذا دلف إلى أول بيت وجده في طريقه عند دخوله القرية رافعاً جراب الدقيق عالياً للتدليل على أنه ضيف نعمة – "السلام يا ناس جوه" ولما لم يتلقى رداً مد رأسه داخل ديوان الضيوف فرأي رجلاً جالسا على الأرض- يفتل حبالاً - فدخل وأعاد تحيته "السلام يا ناس جوه" أيضاً لم يتلقى رداً من الرجل الذي واصل فتل حباله متجاهلاً وجود الضيف، فتنحنح الضيف محرجاً ووضع جراب الدقيق الذي كان يحمله على طاولة ووقف محتاراً، عندها تحدث صاحب المنزل بصوت بطئ خفيض النبرات بحزم ولكنه واضح "أرفع جرابك من التربيزة كراعها مشقوقة" فرفع الضيف جرابه بخفة وتعاون دولى واعاد وضعه على الأرض، فاعترضه صاحب المنزل بذات الوتيرة والنبرة البطئية الحازمة "أرفع جرابك من الواطا بعتر للشفع" وهنا أسقط في يد الضيف فتسائل محتاراً: "طيب الجراب المليان دقيق ده اختو وين؟" فأجابه صاحب البيت بتساؤل آخر وهو ماضي في فتل حباله "أول كان وين؟" فرد الضيف "كان فوق كتفي" وللمرة الأولى رفع صاحب المنزل بصره متفحصاً الضيف الماثل أمامه "والقال ليك تنزلوا من كتفك منو؟" عندها لم يجد الضيف مندوحة من وضع الجراب المثقل على كتفه، واراد أن يلطف الجو قليلاً فقال مستسلماً" أنا طبعا جيت علي حس الناس أكان، ما كدى كنت ماشي ساي في طريقي" فابتسم صاحب البيت وكشف عن أسنان صفراء قذرة وخاطب ضيف النعمة - بسخرية لاذعة" الضيف المكنوس الكديديب هسع في ذمتك اكتر صوت الناس في الحلة ولا صوت عيال اللعوت الفي الخلاء؟ (عندما يجف ثمر شجرة اللعوت تحدث كشكشة عالية في مواجهة الريح) وأراد صاحب المنزل بهذا التشبيه، أن يقول لضيفه حجتك باطلة فيما ذهبت إليه من تبرير، فإذا كان الذي جاء بك الى القرية هو صوت حركة الناس فقد كان الأحرى بك الذهاب الى الغابة حيث الصوت المنبعث من ثمار شجرة اللعوت اكثر ضجة، وهكذا أفحم صاحب المنزل ضيفه وقارعة الحجة بالمنطق، ثم جاء الآن وقت التعامل مع الضيف حسب الأصول المورثة، فنادى على زوجته وسلمها جراب الدقيق وطلب منها تقسيمه على 12 كوم وجعل قسمة الضيف كوم واحد والاحتفاظ بما تبقى كغنيمة (بدل مضيفة) وبعد ان سلم ضيف النعمة جراب الدقيق لزوجة صاحب المنزل أراد أن يستريح من عناء السفر ولكنه ما كاد يهم بالجلوس على الأرض حتى بادره المضيف" قاعد ليها شنو تنطجا فوق دريصة ناشفة قول آمين، العصيدة الداير تدسها في هويرتك دي بسوها ليك بشنو؟ آآآ ؟ ..! داير المرة تولع ليك اللداية بنعلاتها؟ أنسل تنسل رقبتك، امشي جيب ليك حطيبات من الغابة، تغبي حفيان"، فانسل الضيف خارجاً كالبرق الخُلب، فمهما كانت طريقة الاستقبال جافة إلا أن عصافير بطنه التي بدأت الصوصوة حضته على إطاعة الأوامر التي تنصب في صالح تجهيز العصيدة وبسرعة قياسية عاد يحمل حزمة حطب وقام بإيقاد النار ثم رجع إلى الديوان ولم يكد يهم بالجلوس حتى نادت الزوجة من التكل قائلة "العدة ######انة ومافي موية"، وقبل أن يقترح صاحب المنزل حلاً، سارع الضيف قائلاً" يالحرة جيب لي الجردل جاى، وريني البير دربها بوين" وسرعان ما هرع الضيف إلى البير وكر راجعاً بجردل الماء، وقام بغسل العدة في التكل – المطبخ – ثم عاد إلى الديوان وهم بالجلوس حتى يرتاح، فأبتدره صاحب المنزل" جدنا المرحوم قال تمشوا قبال تتغدوا" فخرج الضيف وأخذ يزرع الحوش جيئة وذهاباً في انتظار تجهيز وجبة الغداء، ثم استبد به الفضول فذهب متلصصاً ناحية التكل ليرى إلى أي مرحلة وصلت عملية الإنضاج. ومن خلال فتحة خلفية في التكل رأى المرأة تكوم الدقيق الذي اتى به في أكوام متساوية على البرش ثم قامت بسكب مقدار ليتر ماء في القدر المعد لصنع العصيدة فتعجب من فعلها ثم قام بتخيل حجم العصيدة التي سيتم إنضاجها بمقدار ليتر الماء هذا، وقام بتقسيم هذا المقدار على اثنين (هذا باستثناء الزوجة والطفل الذي يلعب في طرف الحوش)، فوجد أن المنتج من هذه الطبخة لا يساوي (3 لقمات أمهن وابوهن) – فكمن في موقعه يراقب الزوجة وخطة ما تعتمل في داخله، لكنها لم تبارح موقعها، ثم خطرت له فكرة فتناول حجراً وقذف به ظهر الطفل، فراح الطفل يصرخ متوجعاً وااااي إهى إهى، عندها هرعت الأم ملتاعة نحو طفلها "سجمي سجمي مالك ياود حشاي"، وهنا اهتبل الضيف هذه الفرصة واسرع بزيادة الماء في القدر ثم انسل بهدوء وعاود ممارسة التمشي في طرف الحوش الأقصى، وعندما عادت المرأة أخذت تلقي بالدقيق في القدر ولكن العصيدة مادايرة تتلايق – فأخذت تزيد مقدار الدقيق اكثر واكثر حتى استهلكت في ذلك 6 أكوام دقيق بدلاً من كوم واحد، فأدركت ببديهتها أن الضيف تصرف في زيادة مقدار الماء عندما صرف انتباهها نحو الطفل الباكى، ولكن لم تكن تملك دليل مادي يعزز نظريتها تلك فإخذت تتغنى بأغنية تشبه المارش العسكري (دى شوارة الضيفان البزيدو الموية في النيران – أصبر لمن تجيك كتالة الضيفان تخرط الطفحتوا من جوه المصران) وأخيراً جاءت المرأة بقدح عامر بالعصيدة وملاح الشرموط فنظر إليه صاحب البيت مستنكراً ورفع بصره نحو زوجته متسائلاً" فترنمت مرة أخرى بنشيدها العسكري على صوت البروجي فأدرك صاحب البيت أن حظه العاثر رمى إليه بضيف نعمة – نفسه ساقطة ودنيء، نظر إلى ضيفه شذراً وقد اضمر في نفسه شراً مستطيراً تجاه الضيف لجسارته في التصرف في مقدار القسمة التي تنوبه من الضيفة وذلك حسب الأصول المتوارثة بالنسبة لضيف النعمة العادي ، وأيضاً هبالة زوجته سوف لن تمر دون عقاب، فنظر إلى زوجته متوعداً وخاطبها بغضب مكتوم" أصبري لي ياعويرة يا خمبة بعدين نوريك المكشن برا بصل، هسع أختيني ساي يا هبلة أمشي لعم فلان خلي يديك كتالة الضيفان وشقليب تشيليهم في كتفك دا وتجي، امش يمش عرقك" وفي هذا الأثناء شرع الضيف في إزدراد العصيدة في نهم واضح، مما ضاعف غيظ صاحب المنزل، وأخذ يزفر في ألم واضح في انتظار أوبة زوجته (بالمناسبة كتالة الضيفان وشقليب زي صيوان جمعية الحي يحتفظ بهما آخر من قام باستخدامها حتى يظهر ضيف جديداً فيرسل الزول المضيوف لإحضارها على وجه السرعة) وبعد قليل رجعت الزوجة وبيدها – كتالة الضيفان فقط- وأخبرت زوجها ان عمهم فلان مضيوف هو الآخر ويحتاج إلى شقليب لأن ضيفه ينوي المبيت، ولكنه يستطيع الأستغناء عن – كتالة الضيفان- وذلك لأن الضيف من أقرباء زوجته وسوف يستعيض عن كتالة الضيفان باستخدام جوز مركوبه، عندها أمر المضيف زوجته بإحضار – بنبر – وعندما أحضرته رمى به الى الضيف قائلاً "قوم نوم فوق البنبر دا من تغيب الشمس لامن تصبح وكان أبوك راجل قول بغم ولا جر كراعك ساي" في هذه اللحظة أكمل الضيف غداءه وقال محتجاً "لكن كيف أنوم فوق بنبر؟!"، لكز صاحب المنزل جبهة ضيفه بكتالة الضيفان وأجابه بغلظه "هوي أمبارح أنا وام عيالي العينك شايفاها دي بتنا في البنبر دا، انت براك البمنعك شنو تبيت في النبر ولا دي حركات ضيفان جديدة؟" ابتسم الضيف بثقة وهو ينقل بصره بين صاحب البيت وزوجته ثم انسل خارجاً بهدوء تاركاً صاحب البيت وزوجته في ذهول الدهشة، هل أخيراً قرر الضيف (يقطع وشه) ويا دار ما دخلك شر أم ماذا؟ وبغته عاد الضيف من الخارج بجراب آخر وأخرج منه وفي حركة مسرحية (حاوي) أرنب ضخم وحي – يفرفر – (هنا يجب توضيح نقطة صغيرة قبل الشروع في وصف المشهد الماثل أمامنا، فمنذ ان اطلق المرحوم مؤسس قرية الواحة مشروع ضيف النعمة لم يحدث ان زار القرية ضيف نعمه – ومعه أرنب، أنه إذاً ضيف نعمة رائد pioneer وحتماً سيدخل موسوعة المرحوم مؤسس القرية عن ضيوف النعمة فئة VIP وسيتقلد مكانه سامية في الوعي الجمعي لأهالي قرية الواحة الوادعة، وإنطلاقاً من هذا التكثيف الإيجابي الموروث، سقط صاحب البيت على الأرض جالساً – طبج - فاغراً فاه وقد الجمته الدهشة، أما زوجته – الشفقانة – فقد اطلقت زغرودة عبر مايك الفرحة المسنون أيووووي – سي سي جانا ضيف النعمة بأرنب غليدة متل الخروف يابنات أمى" فأنطلق الخبر خلال القرية كالنار في الهشيم، وقبل أن يستفيق صاحب المنزل من دهشته تحلق أهالي القرية حول الضيف وهم ينقلون نظرات الإعجاب الباذخ ما بين الضيف وأرنبه الغليده، أخيراً قام صاحب المنزل وقبل أن يخاطب جمهرة الحضور بإعدادهم المتزايدة، نظر بغضب تجاه زوجته التي ما فتئت خلال هذا اليوم ترتكب الأخطاء تباعاً، مما قد يعرضها الى خطر الطلاق في القريب العاجل، أخيراً نظر صاحب- ملك ضيف النعمة السوبر- الى الحضور وخاطبهم بعظمة، وليه لا فقد تميز على الجميع بضيف نعمة يحمل أرنب حي" هوي يا ناس الضيف ضيفي، كل زول يمشي يشوف شغلته ما تعملوا لى اجتماع وجمهرة في - الفاضي ساي" فأنبرى له أحد أنداده من شباب القرية، يا فلان الياكل براهو بخنق، والأرنب دى اقترح تنطبخ مرقة في قدر كبير عشان كل زول في الحلة دي يضوق منها، وكلام نخليك تاكلها براك ده كلام مستحيل" فتعالت أصوات الموافقة والاستحسان، مرة أخرى نظر صاحب البيت الى زوجته، شذراً وقد بات يراها الآن (عشرة عشرة) لأنها سارعت بالإعلام عن الأرنب وهاهو الآن يواجه هذه المعضلة مع اهل القرية، بالإضافة إلى انه وفقاً لقانون القرية ممنوع الاختلاف والشجار داخل القرية حسب وصية جدهم المرحوم فمثل هذه الخلافات يجب – جر البطانية فوقها – وهنا تدخل ضيف النعمة صاحب الأرنب مخاطباً الحضور" يا أخوانا منطقتكم دي مليانة أرانب جت لعينها، لكن المشكلة فيكم انتوا، يعني أولاً محتاجين زول يعلمكم كيف تعرفوا جحار الأرانب المختبئة، ثانياً لأزم تتعلموا كيفية إصطياد الأرنب حية، أما إصالة عن نفس وبلا فخر استطيع صيد الأرانب بالجري خلفها بطريقة معينة، وللأسف الشديد لم أكن اعرف مدى حبكم للأرانب لهذه الدرجة وإلا كنت أحضرت معي على الأقل عشرين أرنب.. ولم يكد يذكر هذا الرقم المروع حتى تعالت همهمة الحضور بالاستحسان، فواصل ضيف النعمة بعد ان نجح في شد إنتباه الناس إليه، أما هذه الليلة فسوف اتناول هذا الأرنب مع صاحب المنزل وزوجته وطفله، فقط كما أنني احتاج الى الراحة مدة 3 أيام لأنني أعاني من –فكك – بسيط في رجلي الشمال، وبما أنكم تريدون الحصول على كمية من الأرانب تكفي كل أهالي القرية، أرجوا ما تقصروا معاي في الضيافة خلال الأيام القادمة، والآن أنصرفوا عشان عايزين نرتاح شوية من غير مطرود وبالله ما تنسوا تسجلوا أسماءكم وعدد الأرانب المطلوبة لكل أسرة – (زي صرفة التموين- يعني الحكاية جابت ليها تعداد سكاني) يا جماعة الكلام ده مفهوم ولا نعيدو؟ فهمهم الحضور بما يفيد الموافقة على اقتراح الضيف رغم عدم ترحيبهم بفكرة استثار صاحب البيت والضيف بلحم الأرنب لهذه الليلة، وهنا قام صاحب المنزل بالتعقيب "يا جماعة الجايات اكثر من الرايحات، الزول يقدم السبت عشان يلقى الأحد، ومن بكره الضيف حقي ده ملك مشاع للحلة كلها" في تلك الليلة تمتع الضيف بكرم أصيل واستطاع تناول نصف الأرنب لوحده – جربة بالدكوة – ومنذ الصباح الباكر جاءت صواني الافطار – يطاقشن – الكيك والحليب و الشاي من عدة بيوت حتى ضاق الديوان بكثرة أهالي القرية وكانوا يكتبون تفاصيل ما قاموا بإحضاره للضيف حتى تتم الموازنة – الأرنبية - حسب كمية الطعام الذي انفقته كل اسرة – عليقة الضيف – مع عدد أفراد الأسرة – بعضهم أضاف اسماء الميتين في الأسرة – بعض النسوة - كسارات التلج – اقترحن على الضيف وضع رجليه في حفرة الدخان واستخدام الدلكة أو اللخوخة لتدليك رجليه لإزالة – الفكك – حتى يشفى سريعاً، وبالطبع اهتبل الضيف الفرصة ولم يكد يكشف عن ساقيه حتى هرع الكل لمشاهدتهما وتوالت التعليقات "بإنبهار، شوفوا عرقوبو، وجع..! الداهي ده مصيبة، عراقيبك ديل يا الضيف كان ما عراقيب شيطان عديل، بالله كيف ابتقبض الأرنب؟" والضيف وجدها فرصة سانحة فأخذ يحكي أساطيره عن صيد الأرانب وكيف انه بقى في قرية مجاورة لمدة أسبوعين حيث اصطاد خلالها أكثر من مئة أرنب، فتأتي التعليقات" هوي تقعد معانا شهر أقل حاجة أو شهرين عشان تعلمنا الصيد والقنيص" وبعض من أصحاب النفوس الدنيئة والأنانيون كانوا ياتوا ويهمسوا في أذن الضيف" والله كان سكنت عندنا نعلفك علفه نمن تقول بس، نأكلك قراصة بالدمعة والسمنة ها شنو ليك؟ وآخر يهمس" بعدين بالله تعمل لينا حساب فوق أرنبين ثلاثة، بصفة خاصة عشان عندنا ناس كبار في السن وأبوي ذاتو راجل عضير" والضيف يطمئنهم أنو "مافي عوجة تب" أخيراً بعد ثلاثة أيام جاء اليوم الموعود، فخرجت القرية عن بكرة أبيها في أثر الضيف وعند وصولهم الى حدود القرية طلب منهم الضيف الوقوف لإنتظاره حتى يعود بالأرانب وطلب منهم الوقوف في صف منظم وكل منهم يحمل شوال فاضي لملئه بالأرانب التي سيتم اصطيادها، ووقف صاحب المنزل الذي استضاف الضيف وبيده – لستة بأسماء أهل القرية ونصيب كل فرد من الأرانب المتوقعة، بدأ الضيف في إجراء إحماء بالجكة الخفيفة - محلك سر- ثم اطلق صاحب المنزل إشارة البدء- جوووه الضيف جوووه – (جوووه نداء يطلق ل###### الصيد لحضه الانطلاق خلف طريدته) فانطلق الضيف كالصاروخ بين تصفيق أهل القرية المنتشين في تفاؤل، ومضت الساعات بطيئة ومالت الشمس نحو شفق الغروب، والكل ينتظر أوبة الضيف وأخيراً - فهموا اللعبة – فعادوا يجرجرون أذيال الخيبة نحو قريتهم الهاجعة ورغم أنهم – جروا بطانية فوق هذه الحادثة، لكن لا اعتقد ان أحداً منكم يود أن يعرف مصير الضيف الآخر الذي قام بزيارة القرية بعد الحادثة آنفة الذكر.
    والسلام،،
    بابكر حميمة

    الخرطوم6ديسمبر2010
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de