|
مرثية لتغريد ...بقلم ( سمير شيخ ادريس ) .
|
المكان : محكمة العمل الخرطوم / الديوم الشرقية / شرق أبو حمامة غرب باشدار الزمان : ظهر اليوم 8/11/2010
صباحا : حضرت كعادتها لمكتبها المقابل لمحكمة العمل والمزين بلافتة كبيرة ( أكبر من لافتات المحامين المعتادة ) كتب عليها :
تغريد عمر أبوطالب المحامى وموثق العقود
كنت اتساءل قبل معرفتها لم هذا البذخ واللافتة الكبيرة وكأنها لافتة محل تجارى لكننى علمت لاحقا بعد أن عرفتها عن كثب أن كبرها دال على قلبها الكبير ..
حضرت صباحا لمكتبها فى الثوب الابيض الدائم الناصع كصفاء قلبها حملت ملفاتها ومفكرتها لا تلوى على شىء سوى أن تبذل نفسها خيرا لنصرة عامل مسحوق او رد مظلمة عن بسيط من ابناء وطنى ..
حضرت صباحا لمكتبها ولم تنس فى طريقها للمحكمة أن تصبح كعادتها على ( زينب ) بائعة الشاى التى قاسمتها المساحة الصغيرة امام مكتبها ولم تتبرم لمضايقتها تلك المساحة .. ولم تنس ايضا أن تصبح على الاعمام ( العرضحالجية ) امام مكتبها والذين اقتطعوا ايضا جزءا من تلك المساحة معها وزينب .. كيف لا .. ولا زال فى قلبها الكبير سعة لاستقبال كل من لم يجد مأوى أو مساحة يترزق فيها أو يحتمى فيها من هجير شمس الصباح الشتوية اللافحة
حضرت صباحا لمكتبها ثم دلفت داخل المحكمة_ على بعد خطوات من مكتبها_ توزع التحايا والابتسامات وتشرق شموسا من وجهها بالامل مع كل صباح جديد
حضرت صباحا لمكتبها ومن قاعة لأخرى كانت تنثر الازاهر فى خطوها .. لا تميز بين من تعرفه ومن لا تعرفه فالجميع عندها من زملائها المحامين والقضاة والموظفين والعمال يعرفونها ببشاشتها الدائمة وتواضعها الجم
حضرت صباحا لمكتبها فى ثوبها الابيض الدائم والناصع كصفاء قلبها وعند منتصف الظهيرة _ بل قل عند منصف الفجيعة _ وهى تؤدى واجبها المقدس فى احدى القاعات لم تسقط ابتسامتها حين سقطت على أرض القاعة .
هرع الجميع اليها وحملوها للمستوصف القريب .. ولم تزل الاعين جاحظة والانامل مرتعشة تهتز من رعشتها الاقلام .. الكل فى لحظة ترقب الى ان جاء الخبر اليقين .. توقف قلبها كيف ؟ لم يصدق أحد أن قلب تغريد يمكن أن يتوقف عن الخفقان .. كذبنا الخبر وقلنا لابد وأنه أثقله حتما ما حمله من كل هذا الحب والناس .. وحتما سيعود خافقا بالمحبة بعد حين .
توقف العمل بالمحكمة رفع القضاة اقلامهم بل جف عنها الحبر .. وأعلن رئيس المحكمة توقف العمل بقية اليوم _ فى سابقة نادرة _ وتدافع الجميع نحو الخارج فى حزن وصمت مهيب استقلوا جميع السيارات امام المحكمة _ امام مكتبها _ وفى خمس دقائق لم يتبق أحد وأغلق الحارس الشرطى باب المحكمة على جدرانها التى نازعت تريد الرحيل الى حيث يذهبون علها تحظى بوداع أخير .. لكنها لم تستطع المسير .. لكنها اطمأنت حين وجدت قلبها لا يزال ملقيا على ارض القاعة ويا للدهشة لا يزال ينبض بالحب والناس .. ثم أثمر وردة ستكبركل يوم فى هذا المكان ثم تستوى شجرة بيضاء الغصن _ كبياض ثوبها المغسول من بياض قلبها الكبير_ ترتوى بعبق ابتسامتها التى ستظل تتردد بين جنبات هذا المكان الحزين يوما بعد يوم .
وا حزنى عليك يا تغريد المغردة كل يوم فى فضاء هذا الافق الكبير وا حزنى عليك أختى وزميلتى وصديقتى و ... صاحبة القلب الكبير
لم أعلم سوى اليوم أنها الشقيقة الكبرى للزميلة تراجى فلها كل هذا العزاء والسلوى
وحتما ستستقبلها الملائكة البيض _ كلون ثوبها الابيض _ المغتسل بصفاء قلبها الابيض الوارف ... والكبير
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
مرثية لتغريد ...بقلم ( سمير شيخ ادريس ) . | AMNA MUKHTAR | 11-09-10, 10:11 PM |
Re: مرثية لتغريد ...بقلم ( سمير شيخ ادريس ) . | AMNA MUKHTAR | 11-09-10, 10:12 PM |
Re: مرثية لتغريد ...بقلم ( سمير شيخ ادريس ) . | نوسة | 11-09-10, 10:30 PM |
Re: مرثية لتغريد ...بقلم ( سمير شيخ ادريس ) . | عفاف الصادق بابكر | 11-10-10, 07:33 AM |
Re: مرثية لتغريد ...بقلم ( سمير شيخ ادريس ) . | نوسة | 11-10-10, 10:42 AM |
Re: مرثية لتغريد ...بقلم ( سمير شيخ ادريس ) . | أحمد الشايقي | 11-10-10, 04:55 PM |
Re: مرثية لتغريد ...بقلم ( سمير شيخ ادريس ) . | Elawad | 11-10-10, 05:31 PM |
Re: مرثية لتغريد ...بقلم ( سمير شيخ ادريس ) . | نوسة | 11-10-10, 05:51 PM |
Re: مرثية لتغريد ...بقلم ( سمير شيخ ادريس ) . | سمير شيخ ادريس | 11-11-10, 02:47 PM |
Re: مرثية لتغريد ...بقلم ( سمير شيخ ادريس ) . | Tragie Mustafa | 11-11-10, 04:28 PM |
Re: مرثية لتغريد ...بقلم ( سمير شيخ ادريس ) . | Tragie Mustafa | 11-13-10, 04:20 PM |
Re: مرثية لتغريد ...بقلم ( سمير شيخ ادريس ) . | Tragie Mustafa | 11-16-10, 04:32 AM |
Re: مرثية لتغريد ...بقلم ( سمير شيخ ادريس ) . | AMNA MUKHTAR | 11-27-10, 11:17 PM |
|
|
|