|
Re: السودان. شماعة أميركا وبكاء العرب! عثمان ميرغني الاربعـاء 19 ذو القعـدة 1431 هـ 27 اكتوبر 2 (Re: jini)
|
Quote: بالعودة إلى موضوع التحركات الأميركية المكثفة تجاه السودان، لا بد من الإشارة إلى أن واشنطن لم تكن منذ البداية ميالة إلى انفصال الجنوب، بل إنها في فترة من الفترات كانت ترى أن الجنوب يمنع تنفيذ مشروع إعلان «جمهورية إسلامية» راديكالية في السودان، خصوصا أن نظام الحكم في الخرطوم كشف في مرحلة التسعينات عن توجه فتح فيه الأبواب لأسامة بن لادن وكارلوس ولعناصر من الجماعات الإسلامية المصرية التي حاولت تنفيذ عملية لاغتيال الرئيس حسني مبارك في أديس أبابا. ومما شجع أميركا في ميلها لبقاء السودان موحدا أن جون قرنق الزعيم الراحل لـ«الحركة الشعبية» في جنوب السودان كان وحدويا.
ولم تتحرك واشنطن نحو تأييد الانفصال إلا بعد أن قطع السودانيون أنفسهم شوطا بعيدا في هذا الاتجاه. فمنذ تسعينات القرن الماضي وقعت حكومة البشير اتفاقا مع قادة جنوبيين لتشجيع انشقاقهم عن قرنق، أعطت فيه أول موافقة على حق تقرير المصير للجنوب. بعدها تعاقبت الأحزاب المعارضة في توقيع اتفاقات مع «الحركة الشعبية» وافقت فيها أيضا على حق تقرير المصير الذي أصبح لاحقا نقطة الارتكاز لدعاة الانفصال، الذين رأوا أيضا في رفع الحكومة لشعار «الجهاد» في حربها بالجنوب عاملا آخر لتشجيع ميلهم للابتعاد عن الشمال. من هنا، لا بد من الإقرار بأن توجه الجنوب نحو الانفصال في استفتاء يناير (كانون الثاني) المقبل، هو ترجمة لعجز النخب السياسية السودانية عن تحقيق مفهوم المواطنة وبناء هوية الدولة الحديثة، وحل أزمة لازمت البلد منذ استقلاله. فغالبية الجنوبيين ما زالوا يشعرون أنهم عاشوا مواطنين من الدرجة الثانية، وأن الشمال تعامل معهم دائما بفوقية، إن لم يكن بطريقة عنصرية. وهذه مسألة لا بد فيها من مواجهة ومحاسبة الذات، بدلا من الهروب من الواقع بحثا عن شماعة أميركية أو بريطانية. |
|
|
|
|
|
|