القطر.... القطر ... !!

Quote: أن قطارات الركاب التي لا ينقطع سيرها على الخطوط كانت تحظى بعناية فائقة تعطى الأفضلية في السير وتتوفر لركابها كل الخدمات اللازمة . وصارت درجاتها العليا ( الأولى والنوم ) لا تقل من حيث الراحة والخدمة والنظافة عن مثيلاتها في بقية دول العالم المتحضر , وأصبح السفر على قطارات السكة الحديد والبواخر سياحة ممتعة يتشوق إليها المواطن والأجنبي . أقامت السكة الحديد الفنادق الضخمة والفخمة في العاصمة وبقية المدن الكبرى وبنت مصيف أركويت ( العالمي ) وزودت القطارات والبواخر بالبوفيهات الراقية وأسست إدارة خاصة لتدريب من يقومون بالخدمة في هذه المرافق فخرجت عمالا سودانيين اشتهروا بالنظافة والعفة وعزة النفس . أعدت السكة الحديد الأقسام الخاصة بالتعامل مع البضاعة في المحطات البرية والميناء والمراسي النهرية, يديرها عمال سودانيون أكفاء وأصبحت السكة الحديد يضرب بها المثل في الأمانة والدقة في العمل فوق هذا ( احترام المواعيد ). نشأة مدينة أتبره : المنطقة التي تشغلها أتبرا الحديثة , كانت من قبل فضاء تكسوه الأعشاب البرية فيما عدا الأطراف المتاخمة لنهري النيل والأتبراوي التي كان يستغلها المزارعون من سكان القرى المجاورة . وعندما وقع الاختيار على المنطقة المذكورة لتكون مقرا لمركزية السكة الحديد أجرت السلطات التسوية مع أصحاب السواقي , ثم بدأت بإقامة ر صيف حجري متين على شاطئ النيل حماية للمنطقة التي قامت عليها مساكن المستخدمين ومرافق العمل . المواطنون الذين أتوا من بعيد والتحقوا بالعمل بالسكة الحديد والأسر الأخرى التي نزحت إلى المنطقة بعد تحرير العمل , أقاموا مساكنهم في شكل ( كرانك ) من الخشب والبروش شمال نهر الأتبراوي , أما سكان المناطق الريفية المجاورة فقد اعتصموا بأراضيهم ولسبب أو لآخر لم يلتحقوا بالسكة الحديد ولكنهم وجدوا في المدينة النامية سوقا رائجة لمنتجاتهم الزراعية . النمو المتواصل في عمل السكة الحديد أخذ يجذب أعدادا متلاحقة من الأجانب أصحاب الخبرات والتجارب السابقة للعمل في السكة الحديد أو في القطاعات الخاصة في المدينة فبنوا مساكنهم وأماكن عملهم وظهرت المتاجر والمطاعم وأماكن الحياكة ( الترزية ) وبقية الحرف الأخرى, وهكذا نشأ في المنطقة مجتمع جديد له عاداته ومعتقداته وأنماط سلوكياته المختلفة. اجتذبت المدينة بعض الاستثمارات الأجنبية فظهرت طاحونة الغلال وأراحت النسوة من استعمال ( المراحيك ) ثم ظهرت ثلاثة شركات أجنبية تخصصت في جميع خامات ( السنمكه ) و ( الحنظل ) وتصديرها ثم تصنيع ثمر شجرة الدوم لإنتاج ( الزراير) للسوق المحلي والتصدير والاستفادة من نفاياته الأخرى كعلف للبهائم أو للحريق.