حديقة بلا سياج .. رواية في حلقات

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-21-2024, 02:26 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2010م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-15-2010, 02:00 AM

Dr. Salah Albashier

تاريخ التسجيل: 11-12-2008
مجموع المشاركات: 1781

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حديقة بلا سياج .. رواية في حلقات (Re: Dr. Salah Albashier)

    ( 2 )

    حين أشرقت الشمس بنور ربها، كانت زهراء تستقل سيارتها إلى مكتبها، غير أن نفسها لم تهدأ ولم تسترح، ولم تبق فيها بقية تحتمل أكثر مما احتملت في ليلتها السابقة، وها هي بعد كل هذا النجاح الذي حققته في حياتها لا ترى في يقظتها أو في منامها غير هذا الشعور البغيض، الذي لا يريد أن يموت فتنساه أو يهدأ فتستطيع احتماله. سارت بسيارتها على شارع النيل وهي لا تدري إن كانت تقود سيارتها أو أن السيارة تسير بحكم اعتيادها السير في هذا لطريق. همهمت تقول:
    • لم يزل كما هو رغم مرور هذه السنوات الطويلة، ولم يلق عن وجهه ذاك المنظر المشرق الوضاء، ولم تغب عن شفتيه تلك الابتسامة الحلوة التي اعتاد أن يلقى بها الناس، .. ترى ما سر احتفاظك بكل هذا الألق منذ أن كنا على مدرجات الدراسة؟
    جرت إلى رئتيها نفساً عميقاً ثم زفرته في هدوء، كأنها تستميح الزمن عذراً ليرجع بها إلى الوراء وهي تترجح بين ذلك الشعور البغيض وتلك الصورة التي لا تريد أن تفارقها في غدوها ورواحها. استقرت سيارتها أمام بوابة مكتبها، نزلت منها بآلية، جرى ناحيتها أحد حراس المبنى، تناول مفاتيح السيارة ودلفت زهراء إلى داخل المكتب، دون أن تنبث ببنت شفة. التفت موظف الاستقبال إلى زميلته وقال هامساً:
    • ما بها اليوم؟ .. على غير عادتها .. لم نسمع منها ترحيباً .. تبدو منزعجة ..
    لم تجبه زميلته، وعيناها تتابعانها وهي تقف بانتظار المصعد إلى أن غابت بداخله، حينها التفتت إليه قائلة:
    • أتمنى أن ينتهي يومنا هذا على خير .. وما أحسبه كذلك .. وإني لأظنها فيالق الشر وشياطينه تخترق عالمنا التعس ..
    حشرت زهراء نفسها داخل المصد الخاص بها والذي لا يرتاده إلا من كان متجهاً إلى مكتبها، داست على زر الطابق الثالث بآلية، وهي صامتةٌ صمتاً أشبه بصمت الموتى، لم تطرف لها عين ولم تنبعث لها جارحة. توقف المصد عند الطابق الثالث، وانفتح بابه فخرجت منه صوب مكتبها ، دفعت بابه ودلفت في سرعةٍ كأنها تود أن تختفي داخله عن أعين البشر. انتفضت عديلة واقفةً دهشة وهي ترى زهراء تندفع باتجاه مكتبها دون أن تحييها أوتنظر إليها. ترددت قليلاً، وسألت نفسها متعجبة:
    • ما هذا؟ .. لم لا تعيرني التفاتاً؟ .. هذا ما لا طاقة لي باحتماله ..
    هرعت إلى داخل مكتب زهراء ذاهلةً مذهوباً بها، دفعت الباب في قوةٍ أحدثت دوياً عالياً. نظرت إليها زهراء في غضب كأنها تلومها على خدش وحدتها، تجاهلت نظرتها وسألتها دون تنظر إليها:
    • ما بك؟ .. لم تحينني حين دخلت .. ليست عادتك .. ماذا هناك؟
    انتهرتها قائلة:
    • أذهبي إلى مكتبك يا دكتورة .. لا أرغب في الحديث .. لا أريد أن أرى أحداً يدخل عليّ اليوم .. إلغي كل مقابلات اليوم .. أريد أن أخلو بنفسي .. هيا .. إذهبي إلى مكتبك ..
    نظرت إليها نظرةً هي مزيجٌ من الشفقة والغضب معاً، واتخذ هذا المزيج مكانه بين جفونها في سرعة مذهلة، وهي تحدق فيها دهشةً منكرة. سحبت كرسياً جلست عليه وهي صامتة، وزهراء تشيح بوجهها عنها حتى لا تلتقي العيون ببعضها. لبث الصمت بينهما ردحاً غير قليل، كسرته عديلة سائلة:
    • أدرك أننا في مكانٍ للعمل .. لكن الأمر بيننا ليس على هذا النحو من الجادة، ما بك؟ .. تدرين أن الذي بيننا أكبر كثيراً من أني مديرة أعمالك ..
    صمتت برهة، وهي تحاول أن تقرأ ما يدور في خلد صاحبتها، واكملت:
    • لست أدري إن كنت تدركين أنك على غير عادتك .. لقد أحسست بشئٍ ما منذ فترة .. ولكنك اليوم تجأرين بالشكاة دون أن تدري ..
    تمطت زهراء على كرسيها وهوت رأسها مندسة بين كتفيها، ولم تنطق بكلمة، واستحال صمتها إلى نارٍ تحرقهما معاً، واستسلمت مرةً أخرى لذلك الشعور الغريب، كانت تجاهده ليختفي ويكمن، وهو يغالبها ليطفح وينفجر، شعورٌ لم تألفه ولم تبتغيه وهي لا تدري سبيلاً إلى الانفلات منه. تحاول أن تتكلف الود مع صاحبتها تكلفاً، قائلة:
    • أعذريني يا عديلة، لست أدري ماذا ألم بي منذ أمسي؟ .. أرجو أن تبلغي مكتبي بالكلية اعتذاري عن محاضرة اليوم .. وأطلبي من سكرتيرة القسم أن تعتذر لطلابي .. إنني كدرة النفس ولن أستطيع التركيز في المحاضرة ..
    نهضت عديلة واقفةً وهي تنظر إلى صديقة عمرها بعين مشفقة، قالت:
    • لا عليك يا صديقتي، هوٍّني على نفسك قليلاً، سأخبرهم بما تريدين ..
    صمتت برهة، ثم أكملت وهي تتجه صوب الباب:
    • تعرفين مكاني حين تريدين أن تبوحي لي بشئً ما ..
    أشاحت زهراء وجهها عن صاحبتها، كأنها لا تريد لها أن تسبر أغوارها، واندست على كرسي مكتبها الوثير وراحت تحدق في الأشياء دون أن تراها، كأن الحياة قد أفلتت منها، أو كأنها تطلب شيئاً لا تستطيع أن تبلغه. سألت نفسها في صوتٍ خفيض:
    • ماذا ألم بي؟ .. ولماذا يطاردني طيفه دائماً إن في الصحو أو في المنام؟ .. لماذا أهتم بأخباره رغم كُرهي له؟ .. أنا الآن أفضل منه في كل شئ .. لا حاجة لي به .. لقد حققت نجاحاً لم يستطعه .. لقد اكتفى من الدنيا بأبحاثه وعلمه فقط .. بينما جمعت أنا بين العلم والأبحاث والتجارة ..
    نهضت والضجر يكاد يقتلها، نظرت من خلال نافذة الغرفة إلى النيل تتهادى ماءه في أناةٍ وريث، وبدا لها كأن أمواجه تتشكل في صورةٍ ما، وبدت الصورة تأخذ أبعاداً جميلة، إنها هي .. ذات الفتاة .. تبدو كزهر الربيع يتردد قبل أن ينفتح، كالغصن الأخضر يؤامر نفسه قبل أن يطاوع النسيم حين يريد أن يعابثها فتعابثه، وأن يميل بها فتميل معه حيث يميل، صاحت بصوتٍ عالٍ:
    • أنتِ مرةٌ أخرى؟!
    هرعت عديلة إلى داخل المكتب، فلم تر أحداً سوى صاحبتها والابتسام لا يضئ ثغرها، وبدت واجمة صفراء كأن قد ركبتها كل هموم الدنيا الثقال وملأت ما بين جانحتيها، سألتها هلعة:
    • مع من تتكلمين؟ .. أتحادثين نفسك بهذا الصوت العال؟.. ما بك يا زهراء؟ .. لقد بدأت أقلق عليك ..
    تناولت زهراء حقيبة يدها، وقالت تجيب صاحبتها وهي لا ترغب في أن يطول الحديث بينهما:
    • أعذريني مرةً أخرى .. أنا ذاهبة الآن إلى منزلي .. لا أريد لأحدٍ أن يعلم مكاني .. أحتاج لبعض الراحة .. أستودعك الله
    وخرجت مسرعة من مكتبها وصاحبتها تنظر إليه دهشةً عجبة.
                  

العنوان الكاتب Date
حديقة بلا سياج .. رواية في حلقات Dr. Salah Albashier02-15-10, 01:33 AM
  Re: حديقة بلا سياج .. رواية في حلقات Dr. Salah Albashier02-15-10, 02:00 AM
    Re: حديقة بلا سياج .. رواية في حلقات Dr. Salah Albashier02-15-10, 02:09 AM
      Re: حديقة بلا سياج .. رواية في حلقات د.يوسف محمد طاهر02-15-10, 04:46 AM
        Re: حديقة بلا سياج .. رواية في حلقات Dr. Salah Albashier02-15-10, 09:20 AM
          Re: حديقة بلا سياج .. رواية في حلقات Dr. Salah Albashier02-17-10, 03:25 AM
            Re: حديقة بلا سياج .. رواية في حلقات Dr. Salah Albashier02-18-10, 02:22 AM
              Re: حديقة بلا سياج .. رواية في حلقات ابو جهينة02-18-10, 02:33 PM
                Re: حديقة بلا سياج .. رواية في حلقات Dr. Salah Albashier02-19-10, 08:13 AM
                  Re: حديقة بلا سياج .. رواية في حلقات Dr. Salah Albashier02-21-10, 08:58 AM
                    Re: حديقة بلا سياج .. رواية في حلقات Dr. Salah Albashier02-21-10, 06:42 PM
                      Re: حديقة بلا سياج .. رواية في حلقات Dr. Salah Albashier02-22-10, 01:51 AM
                        Re: حديقة بلا سياج .. رواية في حلقات Dr. Salah Albashier02-23-10, 02:27 AM
                          Re: حديقة بلا سياج .. رواية في حلقات Dr. Salah Albashier03-02-10, 04:52 AM
                            Re: حديقة بلا سياج .. رواية في حلقات Dr. Salah Albashier03-17-10, 10:32 PM
                              Re: حديقة بلا سياج .. رواية في حلقات Dr. Salah Albashier03-18-10, 06:08 AM
                                Re: حديقة بلا سياج .. رواية في حلقات Dr. Salah Albashier03-30-10, 02:25 AM
                                  Re: حديقة بلا سياج .. رواية في حلقات د.يوسف محمد طاهر03-30-10, 02:48 AM
                                    Re: حديقة بلا سياج .. رواية في حلقات Dr. Salah Albashier03-30-10, 10:08 PM
                                      Re: حديقة بلا سياج .. رواية في حلقات Dr. Salah Albashier06-22-10, 04:23 AM
  Re: حديقة بلا سياج .. رواية في حلقات حسن حماد محمد07-03-10, 02:18 AM
    Re: حديقة بلا سياج .. رواية في حلقات اشرف السر07-03-10, 02:57 AM
      Re: حديقة بلا سياج .. رواية في حلقات Dr. Salah Albashier09-09-10, 05:18 AM
    Re: حديقة بلا سياج .. رواية في حلقات Dr. Salah Albashier09-06-10, 11:20 PM
      Re: حديقة بلا سياج .. رواية في حلقات د.يوسف محمد طاهر09-09-10, 06:00 AM
        Re: حديقة بلا سياج .. رواية في حلقات Imad Khalifa09-09-10, 06:25 PM
          Re: حديقة بلا سياج .. رواية في حلقات Dr. Salah Albashier09-15-10, 00:50 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de