الشعبية نجمة تزين سماء مدينة الخرطوم بحري

Quote: الاخ سيد الحوش / رسالة من المهندس مجدي نقد شجرة تحتضر: هو فتى مشهود له بالتميز على اقرأنه , دائماً ما يأتي بأفكار تخلب اللب , يحبه جميع أهل القرية من صغيرهم إلى كبيرهم ....سافر في رحلة صيفية إلى أقارب له يعيشون في منطقة راقية.....أعجبه هناك تطورهم و عملهم كيد واحدة...رجع إلى قريته و هو يتأمل فيما شاهد و يفكر - رغم صغر سنه - في فكرة يجعل منها سبباً في توحيد أبناء القرية و عملهم كخلية واحدة... بعد تفكير مضني دله عقله- الذي ينبئ بمستقبل مشرق - إلى فكرة , وتجاوب مع تلك الفكرة صوته فقال بصوت طفولي عزب : شجرة.. كان ذلك الوقت في ساعات الصباح الأولي فجلس ابننا ينتظر بزوغ أول شعاع ليطرح على أقرانه الفكرة...لم تخذله أشعة الشمس وكأنها تقول له إنني أوافقك الرأي....خرج ابننا ذو التسع سنوات ليجد نفسه أول من خرج ولكن ما هي إلا لحظات حتى اجتمع بقية أبناء القرية و كأنما اخبرهم حدسهم بالفكرة التي كانت ما تزال تتأرجح في ذهن الصغير...... اجتمع الصبية في الفسحة التي تقع في أطراف الحي يمنون أنفسهم بيوم مليء باللعب و المرح البريء....قال ابننا المتميز: ما رأيكم أن نزرع شجرة؟؟ لم ينتظر صاحب القصة طويلاً حتى اجمع الكل على الفكرة و قد ساعده في ذلك حبهم الكبير له. شرع الصبية في التجهيز لزراعة الشجرة و قد تم توزيع المهام بكل ديمقراطية نحسدهم عليها... ثلاثة ذهبوا لجلب الشجرة من مشتل القرية, وثلاثة آخرين أتموا تجهيز الحفرة في فترة وجيزة, فيما ذهب البقية لجمع السماد الطبيعي الذي يحيط بالقرية من كل الجهات....تمت عملية الزراعة بنجاح و قد انتصفت الشمس و وقف الصبية يمسحون حبيبات العرق التي تعلوا جباههم و هم سعداء بما صنعوا. قال أميرهم :يجب علينا عمل جدول للري و الاعتناء بالشجرة....لم يضيعوا زمناً في الترتيب لعملية الري ليزيدوا غبننا على أنفسنا لتعاطيهم أنجع الطرق لتداول القرار و إسداء الرأي و اتخاذ القرار. . جدول الصبية عملهم كالساعة و قد ظهر ذلك جلياً في نضارة الشجرة التي لم تخذلهم و كأنها ترد الجميل...في بضع شهور أبدت الشجرة مفاتنها و كبر ساقها و تشابكت أغصانها و كأنها تترجم علاقة الصبية ببعضهم البعض. بينما هم مفتونون بما زرعوا قال احد الصبية:لما لا نضرب سوراً حول الشجرة حتى نحميها من عبث العابثين...راق الأمر لهم و مرة أخرى يضربون لنا المثل في تقبل الأفكار البسيطة دون تهكم حتى بت لا أميز من هم الكبار. انتشر خبر الشجرة كالنار في الهشيم بين القرى المجاورة و بدأت الوفود في زيارة الشجرة أصل القصة و كل وفد يحيي صبيتنا أبناء القرية و يثني عليهم..... احد الصبية من الوفود اقترح على أبناء قريتنا أن يشاركوا في العناية بالشجرة...وافق أمير صبيتنا على مضض لأنه لم يتوقع الطلب و حين أشرفت الشمس على المغيب اجتمع صبيتنا حول شجرتهم...قال أكبرهم جثة وأصغرهم عقلاً و قد بدت مظاهر الغيرة واضحة عليه: لما نسمح لأبناء القرى المجاورة بالعناية بشجرتنا ؟؟يجب أن نوقف ذلك.... قال أميرهم : لقد أعطيناهم كلمة و لا سبيل لنا بالرجوع عن ذلك...احتار الفتية في حل المشكلة لان غيرتهم غلبة على فكرهم الراقي متناسين في ذلك المغزى الحقيقي من زراعة الشجرة.. وهم كذلك لمعة عينا أكثرهم خبثاً و قال : وجدتها....لم ينتظر استفسارهم فقال :نسمح لهم بالري و لكن عن طريق المناولة...فغر الصبية أفواههم و كأنما نزلت عليهم بلادة لم يعهدوها على أنفسهم و قد لاحظها المتحدث فقال: نسمح لهم بالري احتراماً لكلمة أميرنا و لكن في وجود واحد منا يكون داخل السور و تتم مناولته من خارج السور, كما يجب أن يكون المناول متمرس في الفلاحة... نزل التفسير على الصبية كالغيث فهللوا و كبروا و كان ذلك بمثابة موافقة صريحة منهم.....بدأت عملية المناولة عن طريق السور من صبية القرى المجاورة الذين لم يمكثوا على ذلك طويلاً لعدم المتعة في ذلك و لعدم المسؤولية المباشرة و قد تكون هناك أسباب أخرى اتركها لخيالكم الخصب....المهم بدأت الوفود في الانقطاع الواحد تلو الآخر حتى أن الصبية أحسوا بذلك و ابتدعوا – في ظل حوجتهم للمساعدة- طريقة عرجاء في التصويت و التزكية حتى يسمحوا لأي غريب أسرهم بفنه في الفلاحة بالانضمام لشلتهم....ضاربين بذلك كل مفاهيمهم الديمقراطية عرض الحائط !! كبر الفتية و تفرقة بهم السبل و لغيرتهم الشديدة , أو لتوهمهم بالتميز لم يوكلوا مهام العناية بالشجرة لأي صبي خارج نطاق شلتهم.....سافر آخر الصبية من القرية للالتحاق بالمدرسة الثانوية لعدم وجود مدارس ثانوية بالقرية.. كانت لحظات وداع رهيبة حتى انه تخيل لي أن دموع ذلك الصبي كانت كافية لري الشجرة قرن من الزمان..ركب الصبي البص و لم تنزل عينيه لحظة عن الشجرة , بادلته الشجرة نفس الأحاسيس و تخيل لي و هي تهز أغصانها و البص يبتعد كأنها تودعه على أمل اللقاء في الإجازة.. ساءت حالة الشجرة لبعد أحبائها و عدم وجود من يعتني بها, و بدأت بعض أغصانها تجف و أصبح لونها شاحب يحاكي الموتى...وقفت بالقرب منها و أنا اهم بالاستعداد للسفر و العودة إلى غربتي مكرهاً , فناجتني من بين أغصانها اليابسة العارية من الورق: قتلني أبنائي و لو سمحوا لغيرهم بالاعتناء بي لتعاقبت علي الأجيال و لكنت نضرة إلى الأبد... فهل عرفتم الشجرة ؟؟؟؟؟؟؟ احترس أيها الأمير بكري أبو بكر و افتح الباب على مصراعيه لأمثال (المتألق الوليد عبد اللطيف والراقية دكتورة ستنا و المخضرم صلاح عباس و صاحب النفس العزيزة عماد عثمان) حتى ترتوي شجرتك الظمأ , و حتى لا تكون القصة القادمة من غريب آخر( موت شجرة).. لك كل الود,,,