هل يعيش المؤتمر الوطني نضوجه السياسي أم يتهيأ للرحيل الأخير؟؟!(3/3) (جبهة الميثاق) ...(الجبهة القومية) ...(المؤتمر الوطني) ...(..؟؟!!) أحمد موسى عمر
إلا مُكابر ذلك من يُنكر بصمات الشيخ حسن عبد الله التُرابي السابقة، الحالية والمستقبلية حتى على الحركة الإسلامية السودانية وحتى العالمية، وإلا مُكابر من يُنكر قبضة الحركة الإسلامية على حزب المؤتمر الوطني وتأثيره على مساراته السياسية والفكرية، والشيخ حسن عبدالله الترابي استفاد من الحكمة الصينية بعدم وضع البيض في سلة واحدة، فعمل على المحافظة على كيان الحركة الإسلامية بعيداً عن تجربة الحزب وقريبة منه في ذات الوقت... فذهاب الشيخ للسجن إنما كان تأميناً للحركة الإسلامية بحال فشل انقلاب 1989م أكثر منه تأميناً للانقلاب من محاولة دمغه بالتابعية للحركة الإسلامية لحشده بأسباب إضافية للفوز... فالتابعية للحركة الإسلامية لم يكن يوماً خطأً في ذهنية مخططي الانقلاب ولا منفذيه... فالجبهة الإسلامية حينها لم تكن بالحزب المعزول، فقد صعدت سريعاً للمرتبة الثالثة سياسياً والأُولى تنظيمياً بانتخابات 1986م، حيث تفوقت على نظيراتها من الأحزاب التقليدية بنيل أصوات طبقة المتعلمين والمثقفين من الخريجين، فالهدف إذن هو تأمين الحركة الإسلامية ووضعها بخانة المخطط وليس المُنفذ مع التحسُب للمستقبل في حال فشل الإنقلاب... والشيخ حسن عبدالله الترابي يُعد من المجددين في الفقه الإسلامي وله إسهامات تتفق أو تختلف معها ولكنك تجد أنك ملزماً باحترامها والتعاطي معها والوقوف عليها والتفكير فيها، وهو مُجدد حتى في الجناح السياسي للحركة الإسلامية بدءاً من جبهة الميثاق ومروراً بالجبهة الإسلامية القومية، وحتى المؤتمر الوطني وهو تجديد ليس على مستوى الاسم فقط ولكن حتى الرؤى والقيادات، ويتذكر الجميع ممن عاصروا برلمان 1986م شباب الجبهة حينها وقيادة المعارضة بواسطة الشاب علي عثمان محمد طه ونقطة نظام الشاب محمد حسن الأمين والشاب عثمان خالد مضوي وغيرهم من شباب الحركة الإسلامية، الذين ملأوا مقاعدهم النيابية بشكل قوي ومؤثر، ثُم كان التجديد الرابع قبيل المفاصلة وعند مذكرة العشرة حين حاول أصحاب المذكرة إبعاد الشيخ بالديمقراطية التنظيمية، فأبعدهم بذات الديمقراطية وخرج كُل أو جُل أصحاب المذكرة من الكُليات الشورية، حيث انقلب عليهم الشيخ ديمقراطياً من الولايات فجاءت الولايات مؤيدة للشيخ حينها ومنكرة للمذكرة، ولو سار الأمر بطبيعته حينها لصعدت قيادات جديدة تحل محل قيادات ما قبل المذكرة، وهو يبدو أنه واحد من أخطاء الشيخ التي عجلت بالمفاصلة، حيث التقى (خوف) تلك القيادات من الإبعاد (بضيق) الحكوميين من سيطرة الحركة الإسلامية على القرار الحكومي فأنتجت قرار المفاصلة... والتغيير من جبهة الميثاق للجبهة الإسلامية للمؤتمر الوطني هو ليس تغييراً لغرض التنصُل من تجربة سياسية سابقة لصالح تجربة سياسية لاحقة، ولكنه تطوير لتلك التجارب ويبقى السؤال: إذن فلم تغيير الأسماء؟؟! لماذا تكون الحركة الإسلامية هي الأكثر تغييراً للأسماء؟؟! التبرير الظاهر هو مطابقة الاسم للفكرة الجديدة، فالجبهة الإسلامية القومية مثلاً هي توسعة ماعون الحزب وقوميته وإمتداده على طول القطر، ولكن لا يخلو هذا من النزعة التجديدية للشيخ حسن عبد الله الترابي والتي تمتد حتى لرغبته في تغيير الأسماء والهياكل والأفكار، مستصحباً في ذلك ملل الشارع السوداني من الروتين الحاكم والسياسي وحبه الدائم للتغيير، هذه الطبيعة السودانية التي عبّر عنها رئيس الحزب نفسه في انتخابات 2010م المشير عمر حسن أحمد البشير حين ألمح حينها بعدم رغبته في الترشيح لتلكم الانتخابات لرغبة تغيير الوجوه للشارع السوداني، وفي أبريل 2010م يُضيف البعض سبباً آخر للانتفاضة ويرجعه لملل الشارع السوداني من ذات الأوجه وذات السياسات بعد فشل مايو في تجديد دمائها وبرامجها في أواخر سنوات حكمها، إضافة للأسباب المعروفة الأُخرى... وقلنا في الجزء الثاني من المقال إن رغبة التغيير الداخلية تصبح مهدداً للحزب لو لم يتعامل معها الحزب بالشكل الصحيح. ونضيف أنها تصبح نفسها مهدداً خارجياً إضافياً وأكثر خطورة من المهدد الداخلي، ويحتاج الحزب لقوة دفع تغييرية حقيقية وضخ دماء حديثة وشابة على مستوى الأفكار والأشخاص، وحتى على مستوى الخطاب فجيل القرن الحادي والعشرين يختلف يقيناً عن جيل القرن العشرين خاصة في ظل انفتاح فضائي كبير ودخول العولمة الحياة اليومية من أوسع أبوابها، وإطلاع هذا الجيل والجيل القادم على التجربة السياسية العالمية.. تلك الضرورة في تغيير الخطاب السياسي والديني والثقافي أنتجت دُعاة محدّثين من أمثال عمرو خالد ليتجمع حولهم عدد هائل من شباب الجنسين، وهذه التجربة وغيرها تتطلب الوقوف عندها وإعادة قراءتها وودراستها والبحث عن لغة تجمع بين هذا الجيل والأفكار السياسية للحزب، ولا يُظن بإمكانية شيوخ الحزب الحاليين الوصول لتلكم اللغة بمعزل عن الشباب الذين هم أقرب لذلك الجيل، بحسبان أن أولئك الشيوخ يبقون هم بزاوية ما جزء من المشكلة نفسها وحتى يُحفظ للحزب إنشاؤه لدائرة إعلام إلكتروني يقوم عليها عدد من شباب الحزب الناشطين في المجال الإلكتروني والمعروفين بالمنتديات الإلكترونية، وكل ذلك بظل أهمية الشبكة العنكبوتية ولكنها تبقى محاولة هي أقرب للمحاولة الخجولة، فلم تأخذ مكانها الطبيعي بعد برغم أهميتها لقيادة خط دفاع إلكتروني ومنبر توعوي وتعبوي مهم وقائد ومدخل لاستيعاب الجيل الحالي والقادم من جيل الشبكة العنكبوتية، فالحزب يحتاج للاستعداد للجيل الرابع من أجيال الحركة الإسلامية خاصة في ظل جنوح قطاع كبير جداً من الشباب للدين الحق تجدهم في المساجد والمنتديات والورش والندوات الدينية، وظل جنوح عاملي نحو اليمين الديني فعلى الحزب أن يعمل لدنياه كأنه يعيش أبداً ويهيئ هياكله بالمرونة الكافية لتلك المرحلة، ونبقى على انتظار المرحلة الرابعة من تطوّر الحركة الإسلامية وجناحها السياسي بعد جبهة الميثاق الإسلامية والمؤتمر الوطني تحضيراً لـ(...؟؟!) حتى لا يتجاوز الزمان الحركة والحزب بسبب غفلة قيادات عن التغيير... والله المستعان.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة