بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة و السلام علي رسول الله صلي الله عليه و سلم:
إخواني في الله :
أود بأن نتفاكر جميعا في شأن هذه المسألة الخطيرة من خلال التدبر و التفكير العميق و إعادة القراءة لكي نتمكن من إستيعابها بعقولناو قلوبنا فالإسلام دين متكامل و شامل و هو دين الأخلاق الفاضلة و حسن الخلق و المعاملة و الكلام الطيب و تمثل الأخلاق جوهر الدين الإسلامي ( فالدين المعاملة) ولاتنفع العبادات من صلاة و زكاة و صيام و و حج و صدقات و نوافل دون الإلتزام بالإخلاص و الصدق والأمانة و الأخلاق الإسلامية و حسن الخلق و المعاملة فالإسلام منظومة متكاملة لا تقبل التجزئة.
و سوء الخلق و الأخلاق و المعاملة من الأشياء المنافية تماما للإسلام و للدين و التدين وبالتالي تتعارض هذه الأشياء مع الإسلام و من واجب المسلم الإلتزام بالعبادات و بالأخلاق الإسلامية و حسن الخلق و المعاملة و لاتجدي إحداهما دون الأخري. و أس البلاء و الداء هو اللسان و هو الذي يكب الناس في نار جهنم و العياذ بالله. فلنتعرف علي من هو المفلس الحقيقي نسأل الله السلامة و العفو والعافية :
وأما من ليس له مال ، ومن قل ماله فالناس يسمونه مفلساً ، وليس هو حقيقة المفلس ؛ لأن هذا أمر يزول ، وينقطع بموته ، وربما ينقطع بيسار يحصل له بعد ذلك في حياته .ا.هـ.
- المفلس بميزان الآخرة :
النبي صلى الله عليه وسلم يعرف حقيقة المفلس بالنسبة لميزان الدنيا ، فأراد نقل الصحابة - وهو المربي والمعلم للصحابة بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم - من مفهوم الإفلاس في الدنيا إلى مفهومه في الآخرة لكي يكون الصحابة والأمة من بعدهم على علم بحقيقة المفلس .
قال الإمام النووي : وإنما حقيقة المفلس هذا المذكور في الحديث فهو الهالك الهلاك التام والمعدوم الإعدام المقطع فتؤخذ حسناته لغرمائه ، فإذا فرغت حسناته أخذ من سيئاتهم فوضع عليه ثم ألقي في النار فتمت خسارته وهلاكه وإفلاسه .ا.هـ.
بعد هذه المقدمة انظروا إلى حالنا في هذا الزمان ( زمان غربة الإسلام) البعض من المسلمين ترى أن حديث المفلس في بعض ألفاظه ينطبق عليهم تماما وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم " ويأتي قد شتم عرض هذا ، وقذف هذا " ، بل قد تجده من أهل الصلاة والصيام والزكاة ، ثم يأتي الشتم والقذف وقد جعل الصلاة والصيام والزكاة حسنات تأخذ منه وتعطى لغيره بسبب شتمه وقذفه لغيره .
فمن منا بالله عليكم يرضى لنفسه بأن تضيع صلاته و زكاته وصيامه و حجه و أعماله الصالحة بسبب حق الآدميين و التعرض لحقوق المسلمين فإنه لمسلك خطير ؟
- دعوى باطلة زينها الشيطان عليه لعنة الله و هو عدو المسلم حتي أخر لحظة في حياته لبعضهم :
تجد بعضهم يدعي أن هذا دين يتقرب به إلى الله إذا نال من عرض فلان من الناس أو قذف فلانا ، ونسي المسكين أو تناسى حديث المفلس الذي فيه الوعيد الشديد من مثل هذه الأعمال .
فماذا لو حرصت على الحفاظ على حسناتك التي أنت أحوج الناس إليها يوم القيامة ؟
- باب التحلل من المظالم مفتوح : ونصيحتنا لأمثال هؤلاء أن يتحللوا من المظالم التي سجلت في موازينهم .
قال الحافظ ابن حجر في الفتح : وهذا الحديث قد أخرج مسلم معناه من وجه آخر وهو أوضح سياقا من هذا ولفظه " المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة , ويأتي وقد شتم هذا وسفك دم هذا وأكل مال هذا فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه وطرح في النار " ولا تعارض بين هذا وبين قوله تعالى : " وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى " لأنه إنما يعاقب بسبب فعله وظلمه ولم يعاقب بغير جناية منه بل بجنايته فقوبلت الحسنات بالسيئات على ما اقتضاه عدل الله تعالى في عباده .ا.هـ.
يا أيها الناس ، تذكروا قول الله تعالى : " مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ "
يا أيها الذين شُغلوا بالشتم والقذف لإخوانهم في العقيدة والدين ، واعتبروا أن هذا دينا يتدينون به هذا حديث المفلس بين أيديكم فهلا ترضون لأنفسكم يوم القيامة ما جاء فيه ؟
إنها دعوة للتفكر و التدبر في كلام رسول الله صلي الله عليه و سلم و للتحلل من مظالم البشر قبل الممات لكل فرد من أمة محمد صلي الله عليه و سلم. فلنعمل جميعا للتحلل من المظالم بكل مانستطيع و كل فرد وطاقته و ليبدأ كل منا بنفسه.
الحقيقة أن الكثير من المسلمين يظنون الدين قائم فقط علي العبادات من أركان الإسلام كالصلاة والصوم والحج ، ولكن الدين أشمل من ذلك فالمعاملات و الأخلاق كذلك عبادة لله ومعاملة لخلق الله ( الدين المعاملة) و لايعقل بأن يكون المسلم قائم بالليل و صائم و متعبد و ذاكر لله و يتعدي علي حقوق الناس بالقذف و الغيبة و النميمة و الإساءة و سوء الخلق، ولا نجاة إلا بالاستقامة على جانبي الدين .فالذي يسعى بالنميمة ويغتاب الناس ماذا ينتظر في الآخرة و ما فائدة صلاته وصومه ،ورحم الله عبد الله بن المبارك عندما قال : لو كنت مغتاباً أحداً لاغتبت والديَّ لأنهما أحق الناس بحسناتي
والأسلام ياأخوتي دين الأخلاق الحسنة وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم (ليبلغن المسلم درجة الصائم القائم بحسن خلقه) و حسن الخلق هو الأثقل في ميزان العبد في يوم القيامة و هو نهج النبي صلي اللع عليه و سلم و سنته و هديه.
إنني أدعو كل من ظلمته في هذا المنتدي أو تعديت عليه بالقول بقصد أو دون قصد بأن يعفو عني لوجه الله الكريم و له في ذلك الأجر و الثواب من الله فالعفو و العافية و أسال الله بأن يعفو عني و عنكم جميعا فالأمر جدا خطير و مخيف و مقلق.
و أسال الله بأن يعفو عني و عنكم و أن يعيننا علي التحلل من مظالم الآدميين و أخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
Kamel mohamad
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست