مرارة ليس من بعدها مرارة أن تشعر أن من تحب من أهلك وأصدقائك ومحبيك من بلدك سيتحولون عن قريبٍ إلى ((أجانب))، وأن هذا الخيار لم يفرض عليهم بل اختاروه.وكلما حاول الواحد منا أن يبعد عنه هذا الخاطر ترده المكدرات.
حكومة جنوب السودان لا ترى في الشمال وطناً لأهل الجنوب لذا اختارت شعار مشروعها لترحيل الجنوبيين من الشمال للتسجيل والتصويت للإستفتاء في الجنوب ((عد إلى وطنك لتختار)).وهذا من باب الشعارات الإيحائية وقريب من الأسئلة القائدة التي يضعها المحامون وهي تقود الشخص وتحضه على خيار بعينه. لم تطرح إتفاقية نيفاشا والدستور والقوانين المستمدة منهما على الناس بصورة واضحة ومُيسّرة.
وأبناء الجنوب في الشمال أمام خيار له تأثيره الواضح عليهم، ولكن قليلاً منهم من يدرك هذا الأثر.التصويت على خيار الانفصال يعني تلقائياً أن يصبح الجنوبيون في الشمال أجانب يتبعون للدولة الجديدة المنفصلة، ولن يكون لهم الخيار في تحديد الجنسية الجديدة بين الجنوب والشمال.
الجنسية لأبناء الجنوب يحددها الإنتماء الإثني حتى ولو كانت الإقامة في الشمال مستمرة من الأصول إلى الفروع. الخيار ليس شخصياً بمعني ان من يُصوِّت للوحدة سينال حسناتها ويبقى في الشمال إذا صوّتت الأغلبية الجنوبية للانفصال.
وحكومة الجنوب التي تدعي أنها تريد أن تيسر لأبناء الجنوب التسجيل والتصويت في الاستفتاء هي التي وضعت الصعوبات أمامهم وحتمت على عدد كبير منهم ممارسة هذا الحق في الجنوب ليصعب عليهم السفر للتسجيل ثم السفر للتصويت. لن تكون الدولة الجديدة في الشمال مطالبة بتحمل تبعات أكثر من مليون ونصف مواطن كانوا رعايا لها ومواطنين وأصبحوا رعايا ومواطنين لدولة جديدة انفصلت عنها بمحض إرادة حرة وبإصرار كبير. واجب دولة الشمال الجديدة أن ترعى مصالح مواطنيها وليس في الأمر عواطف وذكريات وأغنيات.
وحكومة الجنوب التي قالت لأبناء الجنوب ان وطنهم هو الجنوب وليس حيث أنتم اليوم عليها أن تنقلهم ثلاث مرات إلى الجنوب إذا صوّت الجنوبيون للانفصال.عليها أن تنقلهم للتسجيل ثم للتصويت وفي حال الانفصال سيكونون رعاياها ومواطنيها، وعليها أن تنقلهم إلى وطنهم وأن توفر لهم حقوق مواطنة لا يكونون فيها في درجة دون الأولى خاصة وقد عاشوا في الشمال مكرمين لهم حقوق الشماليين جميعاً لم يظلمهم غير الحركة الشعبية التي ألقت في روعهم أنهم مواطنون من الدرجات الثانية والثالثة في الشمال. في حال الانفصال لن تكون حكومة الجنوب في حاجة لمعرفة موقع ودرجة الجنوبيين في الشمال فهم أجانب في الدولة الجديدة.
في يوليو من العام القادم 2011م إذا وقع الانفصال على حكومة الجنوب أن تنفذ مشروع إعادة الجنوبيين إلى وطنهم حتى لا تنفذ حكومة الشمال مشروع إبعاد الجنوبيين إلى وطنهم.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
Abobakr Shadad
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست