|
|
 مقال رصين لعابد عقيد نشر في صحيفة المهاجر بملبورن الاسترالية
|
ربما هو بيْع الذمم
يتجرد الشخص من إنسانيته عندما لم ترواده نفسه بالندم لقتل إنسان...
والشخص الذي لا يتألم لعذابات الآخرين لأجل مصلحة ما؛ يقضيها لنفسه فلا علاقة له بالآدمية...
إن الإحساس بالآخر والتألم لمعاناته والفرح لإفراحه هو من الأشياء التي لا يمكن أن يتم تلقّينها من الكتب أوالمجلات ولا من الأشياء التي تُدرّسها الأحزاب لعضويتها. بل هي تربية يتربي عليها الإنسان في البيت منذ الرضاعة والتنشئة، ولكن في هذا الزمن الموحش تناسي البعض كل القيم والموروثات التي ترعرعنا ونشأنا عليها وآثروا اللاإنسانية وأحابيلها الشيطانية بعد أن ضربوا بكل معاني النُبل عرض الحائط. فالشعور بالآم وحاجات الآخرين هو أرقي مراتب الإحساس الإنساني، والنبل هو الإسهام في تحفيف المعاناة ولو بتثبيت المواقف القوية التي يحفظها التاريخ وتحترمها الأجيال القادمة؛ وما أحوجنا لمثل هذه المواقف، التي قلّ أن توجد بعد أن طغت عليها الأنا والذاتية، هذه الآفة التي أصابت بعض النفوس وعمتهم عن آلآف الضحايا من حولهم.
إن التمركز حول الذات كارثة؛ لأن المصلحة الشخصية أصبحت هي المعيار، ودون أدني شك أنها خطورة علي المجتمع، وليست هنالك جريمة في حق المجتمع توصف بالبشاعة أكثر من المصلحة عندما تكون علي حساب المبدأ، والمكسب علي حساب القِيّم، والتنصل من نِعم الإنسانية علي قرار "المهم أنا والآخر في الجحيم". فدائماً المصالح الذاتية تكون سبباً أساسياً في ضعف القيمة الإنسانية وبالتالي يكون الطريق مُمهّداً للسقوط في بركة الخنوع وتناسي المجتمع وما يحدث له. وتصبح النظرة للأحداث بمُقلةٍ سوداء بها كل الأشياء ظلام دامس عدا النفس ومايترتب من بناء مجدها الزائف لإشباع رغباتها المريضة التي تفتقر لأبسط مقومات الوعي والهِهمّة معاً. فالقيمة الإنسانية هي دوما من الأولويات في كافة المشارب سواء كانت دينية أو مجتمعية أو فلسفية أو سياسية أو أدبية. والإنسانية وقِيّمها إضافة إلي أنها فعل غريزي وطبيعي فاليوم دُعّمت بالفعل التلقيني الثقافي الخاص الذي يرمي للبناء والتطور.
ولكن يبدو أننا نعيش في زمنٍ أعجف تتقلّب فيه القِيّم التي سادت المجتمعات البشرية ككرامة الإنسان وحقه الطبيعي في الحياة؛ بحكم أنه عضوٌ في المجتمع.
ولتدعيم هذه القيم النبيلة قامت أفكار عديدة كفكرة العدالة وسيادة القانون التي تكفل للإنسان حقه ومشاركته في القرار السياسي الذي يقرر مصير ومستقبل الوطن الأم؛ باختياره للسلطة الشرعية التي تمثل الشعب وبالإضافة لحق التغيير عندما يري أن الأمورُ تتطلّب ذلك. نتحدث عن هذه الحقوق الطبيعية للإنسان والقلب يتفطّر لأننا افتقرنا لهذه الحقوق بعد أن غطّي العار سماء الوطن. حتي هجرناه لنبحث عن آدميتنا في بلاد الله البعيدة التي تببدّدت في غياهب سلطة التعذيب القابضة علي زمام الأمور في بلادنا. وأصبحت المَهَاجِر ملاذنا بعد أن ضاقت بنا أرض المليون ميل مربع بما رَحُبت. وأبلغ ما يقال عن واقع بلادنا ما سطّره حيدر حيدر "نسير في الخطر، ونأكل تحت سقف الخطر، وننام في فراش الخطر، ونكتب في جفن الردي والردي حيٌّ لا يموت" لذلك إخترنا صقيع المهجر دوجة لنا منجاةً من لهيب "الإنقاذ" ونحن نحمل فينا الغبن التاريخي تجاه الطغاة وإن اختلفت مسمياتهم، فإن الروائح الكريهة منبعها ذاك المستنقع النتن، فهذه المسميات لا تعنينا في شئ لأنها مجرد تصدعات تنظيمية قد تُرمم تحت أيّ لحظة.
فامتلأت المَهَاجر بالسودانيين ضحايا هذا النظام وبينهم وبينه السيف المسنون؛ ولن يدخل غمضه حتي يُغرس في قلب طغاة الأرض.
تركنا بلادنا ونحن نحمل هم الوطن الجريح نحس بأنينه كل لحظة تحت سماوات الغربة مستصحبين معنا مأآسي السودان ومرارتنا التي عشناها بعد مجئ الإنقاذ التي أدمّنت سفك الدماء لبناء عرشها العنكبوتي. مَن منّا لايتذكّر طلاب العليفون – شهداء الشرق – حرق القري في الجنوب – شهداء كجبار – ضرب أمهات الطلاب المراد تفويجهم لحرب الجنوب، كأبسط مثال لأنتهاك ميثاق الشعب السوداني الأخلاقي – مصادرة حياة الطلاب الأكاديمية وتدمير مستقبلهم - الفصل التعسفي وتشريد آلآف الأسر. وأخيراً مايتم في دارفور من إبادة والتي شهِد بها كل العالم .. فجرائم المؤتمر الوطني لاتُحصي إن أردنا إحصائها لأن هناك ما يتم في الخفاء والله به أعلم. فكل هذه المرارات كفيلة بأن نضع رأياً نحن كمهاجرين في حزب المؤتمر الوطني المنتهِك لحرمات الشعب السوداني، غض النظر عن مواقفنا السياسية تجاهِهِ، فقط .. الإنتماء والإحساس بالآخر الضحية يفرض علينا هذا الموقف الإنساني النبيل. وما أكثر الضحايا وسط المهاجرين السودانيين. وفي الوقت الذي نجتر فيه هذه المأآسي التي عانيناها في بلادنا ولازلنا نطالع شبيهاتها علي وسائل الإعلام بمختلف مشاربها، يبرز علي سطح المستنقع المؤتمر الوطني في كل بلاد المهجر. فهذا ليس من باب التعجب والإستغراب لأنه سقوط، فالسقوط موجود في كل المجتمعات، ولكن ما يدعو الي الغرابة هنا أن يكون الإنسان عدواً للإنسانية، فالمعيار في هذا الصدد ليس معياراً سياسياً بقدر ما هو معيار إنساني أخلاقي. ومن المعروف أن الإنتماء لأي منظومةٍ كانت، هو إتفاق حول الجزء الأكبر مع ما تقدمه هذه المنظومة، والمؤتمر الوطن فائله ملطخ بدماء الإبرياء وإنتهاك حقوق الإنسان، ولم يقدم للإنسان السوداني غير التقتيل والتعذيب والتشريد، فهل يملك إيّ من كوادر المؤتمر الوطني الشَجَاعة ويحدد موقفه من جرائم حزبه التي ارتكبها في حق المواطن السوداني؟ فهل تستطيع عضوية هذا الحزب المغتصب أن تتنكّر لهذه الجرائم وضحاياهم بين ظهرانيْهم؟ ؟ ..
لا شك أن الإنتماء للمؤتمر الوطني يُعد خيانة للإنسان السوداني، لان مجرّد الإنتماء له فهو إقرار وتأييد كاملين بكل الممارسات البشعة التي تمت تجاه زيد أو عبيد من الناس. وما لا يتقبّله العقل أن تجالس شخص ما وتلتقي به في المناسبات الإجتماعية وأنت تعلم أنه ضحية من ضحايا سياسات المؤتمر الوطني، وفي ذات الوقت أنت تقوم بمساندة ودعم ذات الجهة التي تسببت له في هجر وطنه الأم وترابه ومجتمعه بحثاً عن الحياة الكريمة في المهجر بعد أن طرق ابواب المؤسسات الدولية طالباً الحماية التي فقدها في بلاده، فمن حق المفصول تعسفياً أن لا يتم المساس بأكل عيشه هو وأسرته سواء كان ضد سياسات النظام أو لمجرّد أنه لم يبدي تعاطفاً معه. ومن حق الطالب كذلك أن ينعم بحياة أكاديمية كريمة دون المساس بتحصيله العلمي. ومن حق أي مواطن أن يعيش في بلده كريماً دون أن تُمتهن إنسانيته ويتم مصادرتها ومصادرة حياته؛ وهذه هي أغلب الحالات التي عايشها المهاجرين السودانيين في ظل حكومة المؤتمر الوطني؛ متجهين لصقيع الغربة يحملون في دواخلهم كم المعاناة الهائل وهجر ذكرياتهم ومجتمعهم الذي تربّوا فيه، وما أشدّ قسوة علي الإنسان السوداني أن يهجر بلده دون إرادته. وذلك للتركيبة المزاجية التي يتمتع بها السودانيون وإرتباطهم المتين بتراب بلدهم، ولكن كل هذه المميزات تتضاءل عندما يكون الثمن هو الآدمية. والغريب في الأمر أن معظم من ينتمون للمؤتمر الوطني في المهجر أو من يتعاطفون معه لاي سبب من الأسباب هم أنفسهم من وقف أمام المفوضية السامية لشئون اللاجئين يشكون لكل العالم فشوْ الجور في بلادنا من قوم النظام الحاكم الذين طغوْ في البلاد وعاثوا فيها فساداً. وإذا كان كل ما قيل أمام المنابر الدولية مجرّد وسيلة للهجرة وتحسين الحالة الإقتصادية لديهم؛ فمن المفترض أن يكون هناك موقف ثابت علي قول اللسان، لأن من لم يحترم قول لسانه ليس جدير باحترام الآخرين؛ فليست هناك ثمة رابط بين ما قيل وبين الإنتماء للمؤتمر الوطني لأن من المعروف أن الإنتماء التنظيمي هو إلتزام أخلاقي عام والمقصود بالعام هنا هو الإلتزام بأدبيات الإنتماء وتقديم الروح مهراً لأجل ما آمنت به إنْ دعا الأمر. وهذا ما تعلمناه، ولكن هولاء يعيشون حالة اللاوعي، وأمّا مَن يرجّحون منهم كفة الأغراض والمصلحة الذاتية علي كفّة القيم الإنسانية والموروثات النبيلة. فإنهم يعيشون حالة مستعصية من موت الضمير وما أبشعها من حالة؛ عندما تضع مبدأ الإنسانية خلف الظهر جاعلاً "قطعة أرض" أو غيرها أمامها. فتبّاً للأبواق الصدئة التي تتطبل لتنظيمات القتلة وموريقي الدماء.
”ولكن قوي الظلم سخّرت نصف الناس ليطعن النصف الاخر ويزهق روحه ويدّك عظامه ثم يشمت بزهو وافتخار" " إدمون صبري"
وفي هذا المضمار لنا جولة ..
|
|
 
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: مقال رصين لعابد عقيد نشر في صحيفة المهاجر بملبورن الاسترالية (Re: ABUKHALID)
|
فمن حق المفصول تعسفياً أن لا يتم المساس بأكل عيشه هو وأسرته سواء كان ضد سياسات النظام أو لمجرّد أنه لم يبدي تعاطفاً معه
**************
سلامات
المقال ممتاز ويحوى الكثير لا أريد التعليق عليه من قريب....... فقط أحب أن أعلق على النقطة عاليه ومن بعيد
الأخ عابد والأخ ابو خالد فى ملبورن معنا ...والسودانيين منذ قدوم الإنقاذ يحتجون على الفصل التعسفى ...ويعتبرون إن الفصل التعسفى سببه أنهم ضد سياسات الإنقاذ
أو أنهم لم يبدو التعاطف معها ...وين المشكلة دا فصل تعسفى وصحيح جدا ...ونحن فى السودان من هذه الناحية أفضل من أستراليا
هنا الفصل التعسفى يتم ودون إنزار يتم فقط لو منظرك ما عجب (البوس ) أو جاء من بيتو زهجان ...طوالى يقول ليك (أمشى بيتك ) لا تهمه أنت ولا تهمه أسرتك مصلحة العمل حسب ما يعقد (البوس ) فوق كل شىء
*******************************************
”ولكن قوي الظلم سخّرت نصف الناس ليطعن النصف الاخر ويزهق روحه ويدّك عظامه ثم يشمت بزهو وافتخار" " إدمون صبري"
****************************************
من هو النصف الآخر الذى سخرته قوى الظلم ...فلتكن قوى الإنقاذ ...هم أنا وأنت اخى وأخوك وبن عمك ...وجاركم الذى إنضم للمؤتمر الوطنى فالأولى أن نأدب أهل بيتنا ...فلنأدب الملايين الذين إنضموا للمؤتمر الوطنى وتركوا أحزابهم ...سواء باعوا ضمائرهم ...أو عن قناعة حتى أصبح المؤتمر الوطنى حزب الأغلبية...حتى لوقلنا بالتزوير فالشعب السودانى هو الذى زورها وهو الذى سكت عن التزوير ...هذه ثقافة شعب معدوم الوطنية ...والحديث الذى يرد إلينا من السودان اليوم (الواحد يقول حقى وينو ) (بدل وطنى وينو ) كلنا فى الهوى سوا ..ولا نرمى عيوبنا على المؤتمر الوطنى ...المؤتمر الوطنى وجد شعب يعرض نفسه للبيع فأشترى
عوض مختار
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: مقال رصين لعابد عقيد نشر في صحيفة المهاجر بملبورن الاسترالية (Re: عوض مختار)
|
Quote: لكن رايك شنو لو قلنا الكيزان والشيوعيين بالنسبة لنا كمستقلين
وجهان لعملة واحدة
عوض مختار |
عوض مختار
ازيك يا جميل
طبعا انت ليك راي وانت حر
وابو خالد ليهو راي وهو برضو حر
وانا عندي راي برضو فيك انت وفي ابو خالد وانا حر
اما عن تعليقي على المقال فهو تعليق مجرد وغير مصبوغ
لانو المقال اتكلم بدون انتما وانا عادة لا اخذ في الاعتبار
لونية الكاتب السياسية او اي مؤاثر تاني واتمنى انو تكون وصلت معاي
الود والتقدير
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: مقال رصين لعابد عقيد نشر في صحيفة المهاجر بملبورن الاسترالية (Re: عوض مختار)
|
Quote: سلامات
والله فى دى يا أحمد العربى ....غلبتنى
وأنا أتحدث عن معرفتى بالرجلين ...
آسف جدا لتأثير المعرفة الشخصية فى ردى
لك العتبى
لاغم إن الموضوع القصد منه
صراعى كيزانى شيوعى
وأهل البكا غير موجودين
النمشى ننوم
عوض مختار |
عوض مختارياجميل
اولا اشكرك على الرد الانيق
رجعتني تاني ليك واسمح لي بذلك
واتمنى أن يسمح لي صاحب البوست
بهذه الاستباحة والردود .
تعرف المشكلة الكبيرة الواقعين فيها
معظم الناس ما عايزة تشوف الفيل يتكلمو عن
دعم مواطن بيغرق ويموت من الجوع وكيفية الدعم لهذا المسكين
في حين أن حقوق هذا الكادح الغلبان تصرف في الرفاهيات والترف
تعرف ما اعنية في مداخلتي لك هو ان نتوحد ضد الظلم وندع خلافاتناجانبا.
نحن الان نفقد وطن نفقد هوية نفقد كينونة بسبب الجاسمين على صدر
الوطن عقدين عجاف شردوا معظم الخبرات ومعظم الامهات وهن اصل المجتمع
ليصبح وطن بلا اصل او قل لاوطن ولا اصل.
ولنقل معاًان كل الاحزاب في نظري سواء لكن اسواء ما فيها الجاسمين
على صدر الوطن فيجب ان نقول البقلة في الابريق ويجب أن ندعم اي مقولة
في هذا الاتجاه اتتنا من حزب امة أواتحادي أو شيوعي يجب أن نفعّل ماكينة
التغييير .
واتمنى أن نكون ايضا وصلنا
مودتي وكامل تقديري
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: مقال رصين لعابد عقيد نشر في صحيفة المهاجر بملبورن الاسترالية (Re: احمد العربي)
|
اولا التحايا العاطرات يا احمد عربي
وشكرا علي المرور البهي
مرحب بيك ومرحب بوجهة نظرك
ما انت كلك عيون وشوف
وراك شنو غير الشوف
ما ياها شغلتك
ولا شنو
طبعا انا نشرت المقال ده لانه فعلا عابد لمس امور مهمة وغميسة
لكن الظاهر اخونا عوض مختار عايز يشوت ضفاري
وطبعا انا ما قصرت معاهو في واجب الضيافة في بيت بكري ابوبكر
لكن
كلامو ما عجبني تب
وحاستعمل عبارات استخدمها اخونا عوض مختار لزوم شرح المقال والتمتع بفحواه
انتظرني ياعوض مختار انا بالي طويل زي ما عارفني ويمكن يكون الباب الفتحتو ده
ينقط الحروف ويخرج مافي القاع من صدف ومحار
دون مساس ولا انقاص بما كتبه الاستاذ عابد عقيد
وطبعا ياعوض مختار دواس المعرفة
اصعب من دواس الشلاكية ولا شنو يا ناس النيل الابيض
قالوا البربي الحية لابد يلولي صغارها
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: مقال رصين لعابد عقيد نشر في صحيفة المهاجر بملبورن الاسترالية (Re: ABUKHALID)
|
اقتباس
حتي هجرناه لنبحث عن آدميتنا في بلاد الله البعيدة التي تببدّدت في غياهب سلطة التعذيب القابضة علي زمام الأمور في بلادنا. وأصبحت المَهَاجِر ملاذنا بعد أن ضاقت بنا أرض المليون ميل مربع بما رَحُبت. وأبلغ ما يقال عن واقع بلادنا ما سطّره حيدر حيدر "نسير في الخطر، ونأكل تحت سقف الخطر، وننام في فراش الخطر، ونكتب في جفن الردي والردي حيٌّ لا يموت" لذلك إخترنا صقيع المهجر دوجة لنا منجاةً من لهيب "الإنقاذ" ونحن نحمل فينا الغبن التاريخي تجاه الطغاة وإن اختلفت مسمياتهم، فإن الروائح الكريهة منبعها ذاك المستنقع النتن، فهذه المسميات لا تعنينا في شئ لأنها مجرد تصدعات تنظيمية قد تُرمم تحت أيّ لحظة.
فامتلأت المَهَاجر بالسودانيين ضحايا هذا النظام وبينهم وبينه السيف المسنون؛ ولن يدخل غمضه حتي يُغرس في قلب طغاة الأرض.
تركنا بلادنا ونحن نحمل هم الوطن الجريح نحس بأنينه كل لحظة تحت سماوات الغربة مستصحبين معنا مأآسي السودان ومرارتنا التي عشناها بعد مجئ الإنقاذ التي أدمّنت سفك الدماء لبناء عرشها العنكبوتي. مَن منّا لايتذكّر طلاب العليفون – شهداء الشرق – حرق القري في الجنوب – شهداء كجبار – ضرب أمهات الطلاب المراد تفويجهم لحرب الجنوب، كأبسط مثال لأنتهاك ميثاق الشعب السوداني الأخلاقي – مصادرة حياة الطلاب الأكاديمية وتدمير مستقبلهم - الفصل التعسفي وتشريد آلآف الأسر. وأخيراً مايتم في دارفور من إبادة والتي شهِد بها كل العالم .. فجرائم المؤتمر الوطني لاتُحصي إن أردنا إحصائها لأن هناك ما يتم في الخفاء والله به أعلم. فكل هذه المرارات كفيلة بأن نضع رأياً نحن كمهاجرين في حزب المؤتمر الوطني المنتهِك لحرمات الشعب السوداني، غض النظر عن مواقفنا السياسية تجاهِهِ، فقط .. الإنتماء والإحساس بالآخر الضحية يفرض علينا هذا الموقف الإنساني النبيل. وما أكثر الضحايا وسط المهاجرين السودانيين. وفي الوقت الذي نجتر فيه هذه المأآسي التي عانيناها في بلادنا ولازلنا نطالع شبيهاتها علي وسائل الإعلام بمختلف مشاربها، يبرز علي سطح المستنقع المؤتمر الوطني في كل بلاد المهجر. فهذا ليس من باب التعجب والإستغراب لأنه سقوط، فالسقوط موجود في كل المجتمعات، ولكن ما يدعو الي الغرابة هنا أن يكون الإنسان عدواً للإنسانية، فالمعيار في هذا الصدد ليس معياراً سياسياً بقدر ما هو معيار إنساني أخلاقي. ومن المعروف أن الإنتماء لأي منظومةٍ كانت، هو إتفاق حول الجزء الأكبر مع ما تقدمه هذه المنظومة، والمؤتمر الوطن فائله ملطخ بدماء الإبرياء وإنتهاك حقوق الإنسان، ولم يقدم للإنسان السوداني غير التقتيل والتعذيب والتشريد، فهل يملك إيّ من كوادر المؤتمر الوطني الشَجَاعة ويحدد موقفه من جرائم حزبه التي ارتكبها في حق المواطن السوداني؟ فهل تستطيع عضوية هذا الحزب المغتصب أن تتنكّر لهذه الجرائم وضحاياهم بين ظهرانيْهم؟ ؟ ..
لا شك أن الإنتماء للمؤتمر الوطني يُعد خيانة للإنسان السوداني، لان مجرّد الإنتماء له فهو إقرار وتأييد كاملين بكل الممارسات البشعة التي تمت تجاه زيد أو عبيد من الناس. وما لا يتقبّله العقل أن تجالس شخص ما وتلتقي به في المناسبات الإجتماعية وأنت تعلم أنه ضحية من ضحايا سياسات المؤتمر الوطني، وفي ذات الوقت أنت تقوم بمساندة ودعم ذات الجهة التي تسببت له في هجر وطنه الأم وترابه ومجتمعه بحثاً عن الحياة الكريمة في المهجر بعد أن طرق ابواب المؤسسات الدولية طالباً الحماية التي فقدها في بلاده، فمن حق المفصول تعسفياً أن لا يتم المساس بأكل عيشه هو وأسرته سواء كان ضد سياسات النظام أو لمجرّد أنه لم يبدي تعاطفاً معه. ومن حق الطالب كذلك أن ينعم بحياة أكاديمية كريمة دون المساس بتحصيله العلمي. ومن حق أي مواطن أن يعيش في بلده كريماً دون أن تُمتهن إنسانيته ويتم مصادرتها ومصادرة حياته؛ وهذه هي أغلب الحالات التي عايشها المهاجرين السودانيين في ظل حكومة المؤتمر الوطني؛ متجهين لصقيع الغربة يحملون في دواخلهم كم المعاناة الهائل وهجر ذكرياتهم ومجتمعهم الذي تربّوا فيه، وما أشدّ قسوة علي الإنسان السوداني أن يهجر بلده دون إرادته. وذلك للتركيبة المزاجية التي يتمتع بها السودانيون وإرتباطهم المتين بتراب بلدهم، ولكن كل هذه المميزات تتضاءل عندما يكون الثمن هو الآدمية. والغريب في الأمر أن معظم من ينتمون للمؤتمر الوطني في المهجر أو من يتعاطفون معه لاي سبب من الأسباب هم أنفسهم من وقف أمام المفوضية السامية لشئون اللاجئين يشكون لكل العالم فشوْ الجور في بلادنا من قوم النظام الحاكم الذين طغوْ في البلاد وعاثوا فيها فساداً. وإذا كان كل ما قيل أمام المنابر الدولية مجرّد وسيلة للهجرة وتحسين الحالة الإقتصادية لديهم؛ فمن المفترض أن يكون هناك موقف ثابت علي قول اللسان، لأن من لم يحترم قول لسانه ليس جدير باحترام الآخرين؛ فليست هناك ثمة رابط بين ما قيل وبين الإنتماء للمؤتمر الوطني لأن من المعروف أن الإنتماء التنظيمي هو إلتزام أخلاقي عام والمقصود بالعام هنا هو الإلتزام بأدبيات الإنتماء وتقديم الروح مهراً لأجل ما آمنت به إنْ دعا الأمر. وهذا ما تعلمناه، ولكن هولاء يعيشون حالة اللاوعي، وأمّا مَن يرجّحون منهم كفة الأغراض والمصلحة الذاتية علي كفّة القيم الإنسانية والموروثات النبيلة. فإنهم يعيشون حالة مستعصية من موت الضمير وما أبشعها من حالة؛ عندما تضع مبدأ الإنسانية خلف الظهر جاعلاً "قطعة أرض" أو غيرها أمامها. فتبّاً للأبواق الصدئة التي تتطبل لتنظيمات القتلة وموريقي الدماء.
”ولكن قوي الظلم سخّرت نصف الناس ليطعن النصف الاخر ويزهق روحه ويدّك عظامه ثم يشمت بزهو وافتخار" " إدمون صبري"
عابد عقيد
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: مقال رصين لعابد عقيد نشر في صحيفة المهاجر بملبورن الاسترالية (Re: ABUKHALID)
|
اقتباس:
من هو النصف الآخر الذى سخرته قوى الظلم ...فلتكن قوى الإنقاذ ...هم أنا وأنت اخى وأخوك وبن عمك ...وجاركم الذى إنضم للمؤتمر الوطنى فالأولى أن نأدب أهل بيتنا ...فلنأدب الملايين الذين إنضموا للمؤتمر الوطنى وتركوا أحزابهم ...سواء باعوا ضمائرهم ...أو عن قناعة حتى أصبح المؤتمر الوطنى حزب الأغلبية...حتى لوقلنا بالتزوير فالشعب السودانى هو الذى زورها وهو الذى سكت عن التزوير ...هذه ثقافة شعب معدوم الوطنية ...والحديث الذى يرد إلينا من السودان اليوم (الواحد يقول حقى وينو ) (بدل وطنى وينو ) كلنا فى الهوى سوا ..ولا نرمى عيوبنا على المؤتمر الوطنى ...المؤتمر الوطنى وجد شعب يعرض نفسه للبيع فأشترى
عوض مختار
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: مقال رصين لعابد عقيد نشر في صحيفة المهاجر بملبورن الاسترالية (Re: ABUKHALID)
|
سلامات
يا أبو خالد أنا لا أختلف معك ولا مع عابد فيما ذكرتمونه عن المؤتمر الوطنى ...إطلاق وهذا مبدأ لا أختلف معكم
لكن إذا كنت صادق معك .... نشر هذا الموضوع ومتداخلات أخرى تحدث عندنا فى ملبورن أجد أن الصراع الحزبى داخل رابطتنا الضعيفة يزيد الشرخ
بالنسبة لى أرى أن كل الأحزاب السودانية لا داعى لوجودها فى المهجر ...وجودها سيقودنا لنفس صراعنا الحزبى الجاهل فى السودان ...سنطبقه هنا ...وتعلم يا ربيع إن الشماليين فى ملبورن ...او قل الباقين بإستثناء الجنوبيين يقدرون بالألفين ...أكاد أجزم كلهم مستقلين ...فيما عدا عدد بسيط جدا جدا ...والمؤتمر الوطنى تأسس من أناس لا علاقة لهم بالذى يدث فى السودان ...والمؤتمر الوطنى آخر من تشكل ...الذين شكلوا أحزابهم فى أستراليا هم الذين جاؤوا به ودغعوهو للحضور ...حتى لو كانت هناك عداوة بينهم ...فلنقل جاء للحاق بعدوه ...وإنها مشروعية الحرب مطاردة العدو ...ولو كنا لم نر منهم عداوة ولا حرب حتى الآن ...فقد فرضنا عليه وأقل الظروف فرضت عليهم عدم الحرب ...فلن نحاربهم مالم يحاربونا وحقيقة ليست لى معهم عداوة ..كما أنه ليست لى أى عداوة مع أى فرد بسبب إنتمائه الحزبى الأمر لا يعنينى ...لكن حرب الأحزاب تعنينى لأنها ستورتث الأجيال عبئا ثقيلا
عوض مختار
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: مقال رصين لعابد عقيد نشر في صحيفة المهاجر بملبورن الاسترالية (Re: عوض مختار)
|
Quote: سلامات
يا أبو خالد أنا لا أختلف معك ولا مع عابد فيما ذكرتمونه عن المؤتمر الوطنى ...إطلاق وهذا مبدأ لا أختلف معكم
لكن إذا كنت صادق معك .... نشر هذا الموضوع ومتداخلات أخرى تحدث عندنا فى ملبورن أجد أن الصراع الحزبى داخل رابطتنا الضعيفة يزيد الشرخ
بالنسبة لى أرى أن كل الأحزاب السودانية لا داعى لوجودها فى المهجر ...وجودها سيقودنا لنفس صراعنا الحزبى الجاهل فى السودان ...سنطبقه هنا ...وتعلم يا ربيع إن الشماليين فى ملبورن ...او قل الباقين بإستثناء الجنوبيين يقدرون بالألفين ...أكاد أجزم كلهم مستقلين ...فيما عدا عدد بسيط جدا جدا ...والمؤتمر الوطنى تأسس من أناس لا علاقة لهم بالذى يدث فى السودان ...والمؤتمر الوطنى آخر من تشكل ...الذين شكلوا أحزابهم فى أستراليا هم الذين جاؤوا به ودغعوهو للحضور ...حتى لو كانت هناك عداوة بينهم ...فلنقل جاء للحاق بعدوه ...وإنها مشروعية الحرب مطاردة العدو ...ولو كنا لم نر منهم عداوة ولا حرب حتى الآن ...فقد فرضنا عليه وأقل الظروف فرضت عليهم عدم الحرب ...فلن نحاربهم مالم يحاربونا وحقيقة ليست لى معهم عداوة ..كما أنه ليست لى أى عداوة مع أى فرد بسبب إنتمائه الحزبى الأمر لا يعنينى ...لكن حرب الأحزاب تعنينى لأنها ستورتث الأجيال عبئا ثقيلا
عوض مختار |
السيد عوض مختار
يبدو أن هوسك برابطة الجالية السودانية قد كاد أن يدلف بك الي مستشقي المجانين
أن مقال عابد عقيد لا يمت للرابطة بصلة وحتي كاتبه لاينتمي لهذه الرابطة وان كنت تمارس هوسك عبر هذا البوست فأنت غير مرغوب فيه هنا بالتأكيد ،علي الافل قد تلمس صاحب الكتاب قضايا علي درجة عالية من الاهمية تمس صلب الفجيعة والخراب والدمار الذي اوصلنا له المؤتمر الوطني ان كان في بلد المنشأ او في الديسيبورا علي قول استاذنا بشري الفاضل، ان البلد تعاني حالة من حالة من الانهيار التام وعلي وشك أن تصبح أكثر من دولة وانت ترغي وتزبد عن رابطة الجالية السودانية بملبورن أن ذلك الجسم الصغير لايعدو أن يكون قطرة في بحر مشكلات وطن مزقته الفجيعة والفقر ونير الطغيان
لن تستطيع أن تجمل وجه النظام العاهر سياسيا في السودان ولو جلبت كل ما تنتجه مستودعات ديفيد جونز من مساحيق
تترآي لي عبثيا أكثر من كونك شخص ضالع في الشأن السياسي ولذا ان لم يكن لك ما تقوله في هذا البوست فالصمت اولي
والسلام
| |
|
|
|
|
|
|
| |
ABUKHALID
Elawad Eltayeb
احمد العربي
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست