|
جنوب السودان .. والثورة المهدية بقلم الاستاذ التيجانى حسين
|
المقالات فى 7 حلقات منقولة من موقع صحيفة الرائد
جنوب السودان.. والثورة المهدية التيجانى حسين
التقصير كان كبيراً من المؤرخين الوطنيين في إبراز دور الثورة المهدية في جنوب السودان واشتراك قبائل الدينكا والنوير والشلك في الثورة المهدية ومبايعتهم للمهدي.. وكان التقصير كبيراً في إبراز دور الأمير كرم الله كركساوي وأخونه الأمير سليمان والأمير محمد كركساوي في تحرير بحر الغزال والاستوائية من الحكم التركي وتحقيق استتباب الأمن في دارفور لصالح الثورة المهدية، ولذلك عمدنا إلى إصدار كتاب (صفحات من تاريخ المهدية في الجنوب ودارفور، الأمراء كركساوي أخوان والثورة المهدية).. وكانت مبادرة منظمة (أروقة) في إقامة ليلة لمناقشة الكتاب بدار اتحاد المصارف السوداني..
ولد ونشأ وتنقل أبناء شيخ محمد الثلاثة الأمراء محمد وسليمان وكرم الله كرقساوي الذين تولوا مهمة قيادة جيوش المهدية في الجنوب ودارفور بين جزيرة كرقوس ودنقلا وأصولهم في رواية من الدناقلة وفي رواية من البديرية الدهمشية.. وقد عملوا في مجال التجارة في الشمال ثم انتقلوا للتجارة في بحر الغزال مع أبناء خالهم عبد الرحمن بن عوف النصري ومحمد النصري، وعندما وصلهم خبر الثورة المهدية لم يترددوا في الالتحاق بها والعمل في صفوفها قادة جيوش ومقاتلين وإداريين واكتسبوا لقب (الأمير). لعب الأمير كرم الله دورا أساسيا في تحرير بحر الغزال والاستوائية وإلحاق الجنوب بثورة المهدي، وأصبح عامل المهدية في بحر الغزال ثم دارفور، وكان محمد كركساوي عامل المهدية في شكا، وخلفه لفترة الأمير سليمان كركساوي في نفس البلدة. وساهم الأمراء كركساوي في حروب المهدية في الجنوب ودارفور وفي معركة شيكان وعملوا على دحر تمرد القبائل في دارفور على الثورة المهدية. ثم انتقلوا إلى أم درمان.
شارك الأمير كرم الله في معركة فركة في مواجهة تقدم الانجليز لإعادة احتلال السودان عام 1896 وجرح في المعركة. وعند سقوط دولة المهدية عاد إلى دارفور واستشهد هنالك مقتولا تحت حكم السلطان علي دينار عام 1903م. إن الأدوار التي لعبها الأمير كرم الله كركساوي وإخوانه وأبناء النصري في الثورة المهدية لم تكن أدوارا تقليدية عادية، إنما كانت أدوارا جوهرية وإستراتيجية ومميزة لم تقف آثارها في حدود الثورة المهدية إنما امتدت لتشمل بناء السودان الحديث بحدوده الحالية وتحقيق الوحدة الوطنية.
في نهاية القرن التاسع عشر، وعندما قامت الثورة المهدية، لم تكن الحدود الدولية للأقطار في بلدان العالم الثالث عموما وفي أفريقيا قد تبلورت بشكل نهائي ولم تكن حدود الدول معروفة بوضعها الحالي الذي تمخض عن اتفاقيات بين الدول الأوربية بعد الحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية، وكانت هنالك أطماع استعمارية في السودان.
فبالإضافة إلى الأطماع البريطانية المعروفة كانت هنالك الأطماع البلجيكية حيث خطط ليوبولد الثاني (ملك بلجيكا) لضم جزء من جنوب السودان ليجد موقعاً استراتيجياً لبلاده، كما تحركت فرنسا طمعاً في ضم إقليم أعالي النيل، وبدأت إيطاليا تتحرك في الجهة الجنوبية الشرقية لحماية مستعمراتها بالمنطقة .
في هذه الظروف كان تحرك الأمير كرم الله وإخوانه في بحر الغزال والاستوائية ودارفور وتحقيق انتصارات فيها لصالح الثورة المهدية وتحريرها، له أهمية عظمى في حماية هذا المناطق من الوقوع بأيدي الدول الاستعمارية الغربية وتأكيد انتمائها لدولة السودان تحت قيادة الثورة المهدية، وعليه فإن بلورة السودان بحدوده الحالية كقطر لم تكن صعبة على بريطانيا فيما بعد وهي مستعمِرة للسودان ولم تتمكن فرنسا وبلجيكا وإيطاليا من تحقيق أهدافها في السيطرة على أجزاء من السودان. لم تكن معركة شيكان من المعارك العادية في الثورة المهدية، وقد كان العدو يسعى من خلال جيش هكس باشا لتحقيق النصر النهائي على المهدي وسحق ثورته بشكل نهائي كما كانوا يعتقدون ويخططون، ولو تحقق النصر لهكس باشا في تلك المعركة لتأخرت الثورة المهدية كثيرا وعانت من صعوبات، ومن هنا تأتي أهمية تلك المعركة.
لقد لعب الأمير كرم الله كرقساوي وإخوانه محمد وسليمان وعبد الرحمن النصري ومحمد النصري أدوارا عظيمة في تلك المعركة ونفذوا جزءا هاما من خطط الإمام المهدي لمواجهة الأعداء، وقاتلوا قتال الأبطال حتى استشهد كل من عبد الرحمن النصري ومحمد النصري وبقي الأمير كرم الله وإخوانه لمواصلة المسيرة.
المصدر وبقية المقالات
http://alraed-sd.com/portal/%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8-%D...8%A6%D8%AF/altegani/
|
|
|
|
|
|
|
|
|