|
هل عرف النبى والصحابة شعار الإسلام هو الحل ؟
|
لا يوجد مسلم ينكر أن دين الإسلام هو دين سماوي , و أنه الديانة السماوية الخاتمة و الأخير ة , و أن لهذا الدين قواعد و أصول أحكام قننها الوحي السماوي بالقرآن الكريم ، و علمها للمسلمين عبر رسوله محمد ( ص ) في سنته العمليه لتوضح أصول الطهارة و الاستنجاء و الوضوء و الصلاة و شعائر الحج .. إلى آخره مما يدخل في أصول الدين و العبادات و طقوسها . و نعلم جميعا أن شهادة أن" لا إله إلا الله محمد رسول الله " هي شعار الإسلام الأوحد و بنطقه عن يقين يصبح المرء مسلما , و بهذا تتحقق أهداف الدين أي إيمان الناس به . لذلك تنظر في مجتمع جزيرة قبل الإسلام فتجده مجتمع توحش و ندرة و فقر مدقع , أدى للصراع حتى الموت على خيرات البيئة الشحيحة , لذلك اصطلح على تسميته بمجتمع الجاهلية , جاهلية العقل و جاهلية النفس . كان مجتمع التخلف و القسوة و الرعب نفسه , و لم تبدأ الأمور في استقرار نسبي إلا بعد تحول طرق القوافل التجارية العالمية إلى طريق واحد هو الذي يشق الجزيرة جنوبا إلى شمالا مرورا بمكة , و بعد استقرار الإسلام و بدء حرب الفتوحات ظل الضيق و الشظف قائما رغم تدفق الأموال و الذهب و التيجان القادمة من بلاد الحضارات المفتوحة , مما أدى لقوة شرائية مع عدم وجود منتجات كافية ، و هو ما أدى إلى كارثة تضخم مالى عام الرمادة , حدث كل هذا و لم يرفع النبي و لا الخلفاء الراشدين من بعده شعار الإسلام هو الحل , بل لجأوا لحلول بشرية لا سماوية , فقد طلب الخليفة عمر من عامله على مصر النجدة ففاضت مصر بالخيرات و انتهى الرمادة , و في المعارك استعان النبي بخبرة الفرس التي كان يعرفها سلمان و قال له : " يا رسول الله عندما كنا بفارس إذا حوصرنا ضربنا على أنفسنا الخنادق " ، و بذلك نجت المدينة و انسحبت الأحزاب بفكر عسكري فارسي و لم يكن الإسلام هو الحل , حتى قال أبو سفيان عندما وقف على الخندق : " إن هذه و الله لمكيدة ما كانت تعرفها العرب " , أي أنها حيلة عسكرية لم يسبق للعرب معرفتها . و في فتح الطائف استعان بصناع الشام لصنع المنجنيق الرومي و هو إنجاز عقل بشري و صناعة غير إسلامية , و قبلها في غزوة بدر عندما كمن المسلمون لقافلة قرشية بقيادة أبي سفيان , نزل النبي و وزع جنوده , فجاءه الحباب بن المنذر العسكري الأنصاري المتمرس ليسأله ! " يا رسول الله , أهذا مكان أنزلكه الله لا نتقدم عنه و لا نتأخر ؟ أم هو الرأي والحرب و المكيدة ؟ فأجاب النبي ( ص ) : بل هو الرأي الحرب و المكيدة " , فقال الحباب للرسول إذن اذهب و اجلس في عريشك و اترك لنا فن الحرب . ساعتها لم يرفع النبي شعار الإسلام هو الحل , و لا طلب من جبريل أن يضرب القافلة بريشة واحدة من جناح واحد من أجنحته الستمائة ليبيدها كأن لم تكن , إنما عمل بخبرة أهل الدنيا و معارفهم . في درس عظيم للمسلمين للعمل في دنياهم بما في دنياهم بما يصلح لهم دنياهم . بينما كان يكفي للقضاء على القافلة القرشية صيحة واحدة من صاحب الصيحة , أو أن يطبق عليهم الأخشبين أو ينزل عليهم نارا من السماء أو بعض طيره الأبابيل , و مع ذلك مارس نبي الإسلام ( ص ) السياسة و العسكريتاريا بمنطق الدنيا و أنظمتها ليترك للمسلمين قيمة عظيمة هي ...... أن تحقيق الأغراض الدنيوية لا يتحقق إلا بوسائل دنيويه . و بعد الفتوحات وجد الخليفة عمر نفسه إزاء شاسع هائل يحتاج إلى تنظيم ضابط فلم يجد أمامه إلا نظام الدواوين المصري و الفارسي لضبط اعمال الدولة و ميزانياتها و هو ما نعرفه اليوم بنظام الوزارات , و لم يرفع شعار الإسلام هو الحل . الجدير بالانتباه هنا أن سلفنا الصالح كان صادق اليقين بدينه و إيمانه و لا يتاجر به , فكان يكفيه ما يأتيه جزية و خراجا من البلدان المفتوحه , و لا يستثمر الدين لأهداف دنيوية , لذلك لم ينافقوا الناس و يدغدغوا عواطفهم بما ليس في دينهم ، و دون استثمار الدين بانتهازية و رخص و ابتذال , فكانوا يعلمون أن الاسلام جاء كدين عظيم تام جامع مانع شامل , لكنه لم يأت ليقيم لنا دولا و أنظمة حكم و لم يضع لنا أي خطوط و لو عريضه لما يمكن تسميته نظاما إسلاميا للحكم , كي نسير على هداها و نسترشد بها . لذلك عندما استولى المسلمون على محيطهم بعد وفاة النبي ( ص ) ، وجدوا أنفسهم أمام دول قائمة من آلاف السنين لم تتوقف ماكينتها الانتاجية و الإدارية لحظة ، فهي ليست بحاجة إلى سائق . جاءها الإسكندر و هي ماكينة تعمل و جاءها قمبيز وهي ماكينة تعمل و جاءها الفتح العربي و هي ماكينة تعمل . كل ما فعله المسلمون عندما استولوا على هذه الماكينات الإنتاجية في العراق و الشام و مصر و غيرها , علقوا عليها يافطة تحمل اسمهم من أموية إلى عباسية إلى اخشيدية إلى طولونية إلى عثمانية اثباتا لاسم المالك و ليس اسم الدولة . و تركوا ماكينات هذه الحضارات القديمة تعمل وفق طرائقها الاجتماعية و نظمها الادارية و أنماطها الاقتصادية . بل و نقلوا طرائق هذه البلاد التي كانت لم تزل بعد وثنية إلى جزيرتهم و عملوا بها في عواصم الخلافة . دون أن يدعوا كذبا أن الاسلام دين و دولة و أن الاسلام هو الحل . لأنهم كانوا يعلمون أهمية الانجاز العقلي البشري فلم يستنكروه بل قبلوه عن رغبة و تعلموه من بلاد الحضارات و استفادوا منه لخير الجميع , و ليس لدعايةو انتخابية يستخدمون فيها دين الله الأكرم بكل رخص و ابتذال من أناس يزعمون أنهم هم الاسلام . وهو قول كبير ، كبرت كلمة تخرج من افواههم مثل آخر شديد الوضوح ورد في القرآن الكريم في سياق سرده لقصة النبي يوسف ( ع ) , و كيف تمكن هذا النبي من حل مشكلة مصر الاقتصادية بعمليات حسابية دقيقة تقرر بموجبها انشاء مساحات الأهراء و المخازن اللازمه لتخزين حبوب سنين الوفرة لتكفي سنين القحط .
|
|
|
|
|
|