|
فقه الأولويات في الفتاوى والأعمال ... بقلم: بابكرفيصل بابكر.....
|
.
رسالة مميزة وصلتنى عبر البريد الإلكترونى....
كنت قبل ثلاثة أعوام في زيارة لقاهرة المعز لدين الله الفاطمي قادما من الولايات المتحدة, وقد سطرّت بعض أنطباعاتي عن تلك الزيارة في رسالة لصديق, وكان مما ورد في تلك الرسالة : ( نزلت أرض الكنانة وكلي أمل ورجاء أن أستمتع بمقامي فيها كما عوّدتني دائما, أغشي "زهرة البستان" واقصد الحاج مدبولي في مكتبته ب 6 ميدان طلعت حرب, وكان في خطتي لقاء الدكتور حسن حنفي لأدارة حوار حول موسوعته " من التراث الي التجديد" وفيها الكثير المثير الخطر. هذا بجانب مهمتي الأساسية في بحثي المتعلق بمناهج التعليم الأزهرية. ولكن المحروسة خذلتني هذه المّرة : حسن حنفي سافر لألقاء محاضرة في بلد عربي, والرأي العام المصري مشغول بفتوى أصدرها أحد الأزاهرة عن "أرضاع الكبير" وأخري عن التبرّك بشرب " بول الرسول", فتأمل !! أنا القادم من بلد يتحدث رأيها العام عن " تكنلوجيا النانو" وعن تطبيقات "نظم المعلومات الجغرافية" , وهي بلد تنقل وسائل اعلامها أخبارا مثل الخبر عن تجارب اليابانيين لأستخراج الطاقة من الأرز ليحققوا استقلالهم الذاتي من سيطرة أسعار الوقود وانعكاسها السلبي علي أقتصادهم. قرأت في صحيفة " صوت الأمة" التي يرأس تحريرها الأستاذ أبراهيم عيسي مناظرة بين الدكتور عبد المهدي عبد القادر أستاذ الحديث بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر, والباحث الأسلامي عبد الفتاح عساكر, الأول يحاول أثبات صحة حديث أرضاع الكبير , والثاني ينفي ذلك ويقول بضرورة أعمال العقل في مثل هذه الأمور. قال الأول : علي نساء رجال الأعمال ان يرضعنّ السائق والطباخ والسفرجي حتي يحرموا عليهنّ, وسأله الثاني : هل ترضي لزوجتك أو أختك أن تفعل هذا؟ . أما الكتب المعروضة علي أرصفة الشوارع وفي معظم المكتبات فهي في الغالب من النوع الذي يتحدث عن السحر وعذاب القبر ونقاب المرأة وأوصاف الجنة وعلاج الجنون بالتعاويذ وهلم جرا. هل هذه هي مصر الطهطاوي وعلي عبد الرازق وطه حسين؟ وكأنّ الزمان زمان الأستاذ الأمام محمد عبده الذي بلع حسرته ونقمته علي شيوخ الجمود والتكرار وقال وهو علي فراش الموت: ولست أبالي أن يقال محمد أبل أم أكتظت عليه الماتم ولكن دينا أردت صلاحه أحاذر أن تقضي عليه العمائم. فأذا كان هذا هو حال مصر مركز الثقافة والفكر في العالم العربي, فكيف نأمل في نهضة تأخرت قرونا وقرون؟
.
|
|
|
|
|
|