تكريس ثقافة الغير

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-02-2024, 08:05 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثالث للعام 2010م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-16-2010, 01:05 PM

أبوذر بابكر
<aأبوذر بابكر
تاريخ التسجيل: 07-15-2005
مجموع المشاركات: 8610

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
تكريس ثقافة الغير

    بعيدا عن تعريفات وتوصيفات ماهية وكنه الثقافة الكثيرة والعديدة، تظل اللغة هى ماعون الثقافة الأوسع، يتساوى فى ذلك فصيحها ودارجها، وهى جسر الوصل بين المرئى ووصفه والمحسوس وتبيانه والمقصود وفصله
    واللغة ليست كائنا جامدا وساكنا مثلها مثل كل شى جارى فى الحياة، فلا شى ساكن فى الكون كما يقول أهل الطبيعة والفيزياء
    تبدأ الثقافة، أى ثقافة، من ذرات تكوينها الأصغر مرورا بجزيئاتها المؤتلفة ووصولا الى كينوناتها الكبرى لتشكيل المجتمعات، الأقوام ، الحضارات الخ
    وفى كل هذا وذاك كانت يد اللغة هى العليا، تأخذ وتعطى وتنقل وتشكل وتبنى وتهدم ايضا
    ما حفز الخاطر لهذه الكتابة، هو ما نراه ونلحظه أجمعين ومنذ فترة اشتبكت واشتكلت فيها صنوف من المدخلات الثقافية الغريبة، وغربتها هنا بمعنى أنها ليست جنسا أو منتجا محليا من رحم مجتمعاتنا السودانية، واقول مجتمعات بصيغة الجمع تأكيدا على تنوع مجتمع أهل السودان.
    وقبل توصيف هذه المدخلات الدخيلة، لابد من التأكيد على حتمية تداخل الثقافات واخذها من بعضها البعض شئنا أم أبينا، سلبا كان أم ايجابا، وكذلك على أهمية الإستفادة من مثل هذا التداخل، خصوصا ونحن فى عصر ما عاد فيه مكان للإنزواء أو المنع والحظر والكبت، فحيثما ولى المرء وجه سعيه للمعرفة فهو واجدها، مكتوبة ومسموعة ومرئية وبأبسط وأيسر الطرق والوسائل، ومعروف بالطبع وسائط هذه المعرفة من اتصالات ومطبوعات ومرئيات الخ

    الملاحظة الأولى هى على نوعية وطريقة الإعلان التلفزيونى الذى بات مسيطر على وجه شاشات محطاتنا الوطنية كلها دون استثناء، وأول ما يلاحظه المشاهد هو الإستعانة بإعلان كل ما فيه أجنبى ومستجلب ومستورد عدا المعلن عنه
    بداية بالأثاث المنزلى ومرورا بأنواع الدهانات وليس انتهاء بالمشروبات والمأكولات
    لماذا يتم الإستعانة ب "الغير" للإعلان لنا عن ما يخصنا ويهم المستهلك السودانى ؟
    اهو عدم الثقة فى مقدرات التوصيل والخلق الفنى لدينا، ام هو تقليل من قوة الحضور وقلة فاعلية الصورة المخرجة ممن يمكن أن توكل اليهم هذه المهام محليا
    ام هو تكريس لإستلاب نحن فى غنى عنه، ليس الآن بل منذ البدء
    ام هى جزء اصيل من عقدة التوجه شمالا فى كل ما يخص أمورنا، سياسة ورياضة وفنا ؟

    وآخر ما عنّ وطفح على سطح هذا الأسى، أغنية يؤديها فنان شاب ولا يخفى قطعا قوة تاثير الأغنية على وجه التحديد فى سطوة تمكنها وسرعة انتشارها ورسوخها فى مسامع وأفئدة الناس، هكذا كان حالها وسيظل، أى ألأغنية

    تقول الأغنية فى بدايتها

    "دقيت ليهو ما ردا"

    وقد لا يلحظ كثيرون أو يمرون بمفردة أو اثنتين مرور الكرام الغافلين دون التنبه لما وراء سبب حضورها ودلالة ايرادها

    عرف اهل السودان سبل وأجهزة الإتصال منذ عهد ليس بالقصير لكنه حتما اطول من غيرهم، اؤلئك الذين بتنا نستلف مفرداتهم ولغتهم لنستخدمها فى فرش وجداننا الأصيل

    منذ متى كان السودانى يقول "دقيت ليك" ؟ حين يخبر احدهم بأنه قد هاتفه و "ضرب ليهو تلفون" ؟

    اصبحت المفردة شائعة وسارية ولبست ثوب العادية مثلها مثل الكثير من المفردات التى حلت وبكل سهولة غريبة محزنة، مكان غيرها الذى كانت تشغله منذ بدء تهجئة وتكوين لغتنا الدارجة الحميمة الجميلة
    السيارة، الخبز والكثير الكثير من مثل هذه المفردات التى لا تخصنا

    الغريب فى الأمر أن شاعر هذه الأغنية، إنسان سودانى وشاعر مجيد وبديع و "مشلخ كمان" أو ما يفترض أن يكون أنموذجا للإنسان السودانى بكل مكوناته الجميلة والتى لا أرى أجمل منها، ليس لأنها مكوناتى بل لأنها فعلا هى الأعلى والأجمل والأزهى بين شبيهاتها عند آخرين كثيرين

    هل قام الشاعر بوعى منه بصياغة وخلق هذه المفردات واقحامها بقوة الأغنية واللحن فى وجداننا، أم أن ذلك تم بدون وعى وأن وعيه قد استبيح ايضا مثله مثل كثيرين غيره ممن ضجت بهم أراضين الغربة ونسوا أو تناسوا فى قليل سنوات ما رسخ، أو يفترض أنه كذلك، فى وجدانهم وأرواحهم لعشرات السنين ؟

    فلو كان ذلك الشاعر من "شباب الإغتراب" أو "فتية المهاجر" أو ممن تكون وجدانهم بعيدا عن بلدنا وثقافة ولغة وحياة اهله لوجدنا له العذر المبيح، لكنه حتما غير ذلك

    هذه بعض نماذج مملوءة بالخيبة وتملأ النفس بالأسى، وهناك الكثير الخطير من شاكلتها
    فهل ما يتم الآن هو نتاج طبيعى لما يحدث وسيحدث لاحقا فى مجتمعاتنا السودانية كنتيجة طبيعية لحراك المجتمع، أم هو تكريس مقصود لثقافات الغير واغتيال مع سبق الإصرار والتربص لثقافاتنا وموروثاتنا اللغوية والمجتمعية بل والحياتية؟
                  

07-17-2010, 06:12 AM

أبوذر بابكر
<aأبوذر بابكر
تاريخ التسجيل: 07-15-2005
مجموع المشاركات: 8610

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تكريس ثقافة الغير (Re: أبوذر بابكر)

    ثقافة أى شعب يمكن أن تعنى مجمل تجربته الحياتية

    فلماذا نمارس هذا البتر القاسى والإزالة القاسية لبعض مكوناتهاالمهمة ؟

    لاحظت وقطعا لاحظ غيرى كثيرون

    أن السوادنيين ربما كانوا الوحيدين بين شعوب الأرض الذين يطيعون "بتشديد الطا واليا" السنتهم لتماشى السنة غيرهم

    فمن تجربتنا فى المهاجر وبعيدا عن الوطن ومخالطتنا لعديد الأجناس والشعوب، خصوصا الناطقين منهم بالعربية، لاحظنا تمسك كل شعب بلهجته وإصراره على الحديث بها، بل ومحاولة ترسيخها وسط الأغيار

    فإن تحدث الشامى واليمنى بعضهما لبعض، استعصم كل واحد منهما بعروة عاميته
    وإذا التقى مغاربى بخليجى، نطق لسان كل منهما ايضا بدارجيته دون التنازل عن أى مما فيها

    وهكذا الحال مع المصرى مع غيره، وهكذا حال غيره مع غيره كذلك

    إلا نحن

    اللهم إلا فى أحوال نادرة للغاية

    تجدنا نحاول الحديث مع كل مما سلف إيراده بغاميته

    فما الذى دعانا ويدعونا لذلك ؟

    ولماذا لا نعبر ونتكلم ونفكر بلسان وعقل عاميتنا ونخرجها للأخرين مثلما هم يفعلون ؟

    والملاحظة الأخرى أيضا

    هى محاولة اؤلئك الأغيار إلغاء وتهميش، أو فلنقل عدم الإعتراف بلهجتنا الدارجة
    بل والإمعان فى السخرية منها مستصحبين عدة مفردات باتت معروفة فى شكل أيقونات محفوظة، لا لسبب سوى التقليل من شأن عاميتنا وشأن من يتحدث بها

    تجد بعضا منهم، أى هؤلاء الأغيار، يتشدق فرحا ومزهوا وهو يحاول أو يفعل، الحديث بلهجة أخرى من لهجات أهله الأعراب، ليس نحن بالتأكيد، ولكن وعندما يأتى الدور علينا، يحل الإستهزاء والسخرية مكان ذلك الفرح والزهو

    وبعد كل هذا وذاك

    نصر نحن ونمعن فى غباء شديد وغفلة اشد على استخدام لهجاتهم فى أخص ما يخص حياتنا

    فرحين ومزهوين

    فيا للخيبة المضنية

    ويا للأسى المكين
                  

08-03-2010, 10:45 AM

أبوذر بابكر
<aأبوذر بابكر
تاريخ التسجيل: 07-15-2005
مجموع المشاركات: 8610

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تكريس ثقافة الغير (Re: أبوذر بابكر)

    مظهر تانى من التكريس

    أو التكريث إن صح الإسم

    زفة الأعراس بقت غير إن ماخدة المظهر ال "غير سودانى" من لبس وهيئة ومراسم احتفال

    جابو فيها كمان "زفة مصرية" ولازم تتعمل طبعا بأغنية مصرية بالإيقاع المعروف فى المسلسلات والأفلام المصرية

    عادى يعنى ممكن تكون حاضر حدث زى ده فى أمبده أو الصحافة أو الشعبية

    وما عليك إلا تغمض عينيك وممكن تتخيل إنك فى بولاق أو شبرا أو كرموز

    لمتين الوجع المرير ده حيستمر ؟

    والسؤال الأهم من ده

    منو المسئول عن الحاجات دى ؟

    وشنو السبب الخلانا بقينا كده ؟
                  

08-03-2010, 11:13 AM

أبوذر بابكر
<aأبوذر بابكر
تاريخ التسجيل: 07-15-2005
مجموع المشاركات: 8610

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تكريس ثقافة الغير (Re: أبوذر بابكر)

    الموضوع تقليد يعنى ؟

    وشنو الفلسفة الورا التقليد ؟

    المقلد دائما بكون ضعيف فى حتة الإبتكار أو الخلق وبكون عنده ضعف فى الملكات الزى دى

    ومن ناحية تانية كمان، ودى أشد إيلاما

    بقولو دائما المقلد "بكسر اللام" وكسر الخاطر كمان

    إنه هو الطرف المهزوم، وبحاول يقلد المنتصر

    فهل نحن مهزومين ؟

    ليه ما نعمل ونسوى حاجاتنا

    فى الحتة بتاعة زفة العرس دى مثلا

    ليه ما تكون بى الدلوكة وأغنيات البنينة والعديلة ؟

    ده فى الحواضر والمدن

    وأكيد كمان كل منطقة وناحية من نواحى السودان فى الأرياف خاصة

    كل مجموعة أو ثقافة سودانية اصيلة عندها عادات وممارسات وطقوس جميلة وبديعة

    ليه ما يعملوها ؟

    أخشى إننا نكون بنرسخ فى الهزيمة
                  

07-26-2010, 04:08 PM

أبوذر بابكر
<aأبوذر بابكر
تاريخ التسجيل: 07-15-2005
مجموع المشاركات: 8610

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تكريس ثقافة الغير (Re: أبوذر بابكر)

    هل سمع الناس أو شاهدوا أو قرأوا

    وسائل إعلام لأى دولة كانت، تستعين فى إعلاناتها وفى طرائق الترويج بأجانب ليسوا منها ؟

    اللهم إلا تلك الإعلانات الكوزوموسية العالمية الخاصة بمنتجات عالمية معروفة
    والتى غالبا ما تكون معممة على كل دول العالم بواسطة الجهة المنتجة

    إلا نحن فقط

    هل رايتم، رأيتم ؟

    هل تخيلتم ولو فى شطط الخيال والأحلام

    أن تبث قناة تلفزيونية مصرية، نعم مصرية على وجه التحديد

    أن تبث إعلانا عن أى شى كان، يكون أبطاله سودانيين ؟

    وفى الإجابة على هذا السؤال/الخيال

    تكمن كل إجابات الأسى

    فلماذا هذا الهوان يا إعلام السودان
    ؟
                  

07-27-2010, 03:43 AM

آدم صيام
<aآدم صيام
تاريخ التسجيل: 03-11-2008
مجموع المشاركات: 5736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تكريس ثقافة الغير (Re: أبوذر بابكر)

    ام هو تكريس لإستلاب نحن فى غنى عنه، ليس الآن بل منذ البدء
    ام هى جزء اصيل من عقدة التوجه شمالا فى كل ما يخص أمورنا، سياسة ورياضة وفنا ؟







    شكراً أباذر بابكر
    لهمك الأصيل واللغة الرفيعة المقعدة

    الاستلاب مصيبة هذه البلاد فعلاً
    أذكر أن المنهج التعليمي موضوع (بضبانته) لتفريغ الإنسان السوداني من سودانيته
    انظر إلى التاريخ ليس من السهل أن تجد نفسك فيه أبداً
    انظر إلى الشعر من الابتدائي تبدأ الأناشيد المحببة في تغريب الطفل لولا بعض من أناشيد (على لسان الحيوان)
    حتى الثانوية حشوا طلاب الامتحانات بتاريخ مجزوء تكرر في الصف الثالث الإبتداي والسادس والتاسع والثالث الثانوي والجامعة
    ثم حشروا لهم المعلقات التسع دورياً كل عام دراسي بمعلقة حتى تحول طالب الشهادة السودانية إلى عنترة بن شداد
    تصدق عندما تسمع باسم قرية سودانية (مقصود نسيها)، يصيبك الإشمئزاز!
    (أمشي يا شلعوها الخوالدة!، هي يا الجاي من شنقلي توبايا! ارجع لركبة الحمار بتاعتك دي!)
    أها بعد وزارة التأصيل أصبحت الشوارع خولة بنت الأزور والقعقاع بن ماء السماء وهكذا
    أغلب السودانيين سموا مواليدهم الجدد حسب آخر اسم مستورد
    شهرزاد، شاهنشاه (دي أسماء أقدم من التاريخ زاتو لكن قايلنها آخر ما وصل إلى العالم
    أما أسماء ممثلي المسلسلات المصرية والتركية والمكسيكية وأبطالها ده شغل براه
    أها زعماء الإنقلابات حول العالم أسماؤهم دي موضة ثورية براها
    سيعيش السوداني غريباً داخل وطنه حتى نفخ الصور

    النتيجة الاستلابية كراهية كل ما هو سوداني انتهاءً بالذات وهذه آفة لا ينجو الإنسان من تشوهاتها بسهولة

    شكرا لفتح هذه النافذة الجادة

    (عدل بواسطة آدم صيام on 07-27-2010, 03:44 AM)

                  

07-27-2010, 08:02 AM

أبوذر بابكر
<aأبوذر بابكر
تاريخ التسجيل: 07-15-2005
مجموع المشاركات: 8610

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تكريس ثقافة الغير (Re: آدم صيام)

    تحياتى يا آدم

    وشكرا على مقاسمة الغبينة والأسى معانا

    جد والله الحكاية محزنة

    والمحزن اكتر منها، هو الغفلة أو التغافل عنها

    أنا ما عارف الناس شايفين الشى البحصل ده وواعين بيهو
    ولا ما شايفنه اصلا

    وفى الحالتين فى مخاطر شديدة والله، وليت قومى يفقهون

    النظرة المسطحة للحاجات والتعامل معاها بسذاجة مفرطة زى دى، فيه على المدى القريب والبعيد تهديد شديد والله يا آدم لى حاجات مهمة وحيوية، ويمكن بى كترة وزيادة تراكم الحاجات الزى دى، تصل مجتمعاتنا لى مناطق يصعب الرجوع منها مرة تانية

    شوف الاقتباس ده يا آدم من كلام كتير للدكتور النابه الحصيف النور حمد، وهو جزء صغير من سلسلة طويلة ومهمة جدا نشرت فى جريدة الأحداث والجظء ده تحديدا فى 27 أبريل 2010، شوف دكتور النور قال شنو، وكلامه اظن بصب فى نفس المعنى البنتكلم عنه، وهنا دكتور النور بتكلم تحديدا عن منطقة الوسط النيلى، أو ما سماه بالسهل

    Quote: ظل السهل، في جملة أمره، مكاناً سهل الاجتياح، للجيوش الغازية، وللمهاجرين، وللرعاة، ولغيرهم، ممن أجبرتهم التحولات المناخية على النزوح. فهذه المنطقة من العالم كانت، ولا تزال، أشبه ما تكون بالفضاء المفتوح. ولذلك فقد غزاها المصريون، وأتوا إليها بديانة آمون، كما اجتاحها الأكسوميون، كما تقدم، وتبعت مجيئهم المسيحية. ثم وفد الإسلام الصوفي، ثم أعقب ذلك مجيء الأتراك ومعهم الإسلام الفقهي، ثم أعقب كل ذلك الانجليز. ومع كل تلك الاجتياحات الكبيرة كانت التحولات الديمغرافية لا تنفك تلم بالسهل، وتغير ملامحه، وتحور تركيبته. وقد ظل ذلك يحدث لمختلف الأسباب، الجغرافية المناخية منها، والدينية والاقتصادية. أدت هذه النقلات الكثيرات المتكررات إلى انمحاق الشخصية الحضارية للسهل، وإلى تضعضع الوعي فيه بالهوية، والاعتزاز بالسمات الحضارية المنمازة . إغترب إنسان السهل عن ذاته، حتى غرق من حيث لا يعي في ما يمكن أن نسميه "عبادة الأجنبي"، وتعظيم ما هو وافد، والتعويل عليه في الإرشاد والقيادة. ولقد تحدث المؤرخون السودانيون عن ظاهرة أسموها ظاهرة "الغريب الحكيم". و"الغريب الحكيم" هو الوافد الغريب الذي ظل قاطنو السهل يتوسمون فيه الحكمة، والمعرفة، والبصارة، وربما اجتراح المعجزات. وأصبحوا، من ثم، يعلقون عليه، آمالهم في التغيير، والخلاص. فالمسيحية حين جاءت، جاء بها وافدون واعتنقها أهل البلاد، والإسلام حين جاء، جاء به مشائخ الطرق الصوفية من خارج الحدود، فأثروا به على حياة السكان. والفقهاء المصريون، والمؤسسة الدينية الرسمية، التي تعمل كذراع للحاكم، جاءتنا مع التركية، من وراء الحدود، أيضاً، ولا تزال آثارها السالبة تقبض بخناق حياتنا حتى هذه اللحظة. والتعليم الحديث جاء به المصريون فلم يتم توطينه، وإنما أصبح وسيلة للاستتباع والقولبة assimilation في أطر الخوذة العقلية، والوجدانية المصرية


    وفى نفس السياق كتب دكتور النور

    Quote: أن الهوية الحضارية، لا تشكلها العقيدة الدينية، وحدها، فالهنود، مثلاً، منهم مسلمون كثر، ولكن لهم هويتهم الحضارية، والإيرانيون مسلمون، في غالب حالهم، ولكن لهم شخصيتهم الحضارية، وكثير من شعوب الإتحاد السوفيتي السابق مسلمون، ولكن لهم هويتهم الحضارية، وينطبق ذلك، أيضا، على كثير من شعوب غرب إفريقيا التي يغلب عليها الإسلام. مشكلتنا نحن، أننا نسينا هويتنا الحضارية، وطفقنا نحصر تصورنا لها في العقيدة الجديدة، الوافدة، التي ترسخت لدينا منذ خمس قرون فقط، وفي اللغة الجديدة التي سبقتها بقليل. فالعقيدة الدينية الوافدة يمكن أن ترفد الهوية الحضارية برافد يغذيها، ويفتح لها آفاقاً جديدة، ولكنها لا يمكن أن تقوم مقامها، أبداً! لا يمكن محو ما تشكل تاريخياً، في عشرات القرون، بما يفد، وإن حدث ذلك، فإن نتائجه كارثية.


    حاجات موجعة والله يا آدم

    تصور وصل بينا الحال والمآل لدرجة انه السودانيين يجيبو مغنى هايف وما عنده معنى عشان يعمل ليهم دعاية واعلان لمعرض اثاث، وفرحانين بيهو كمان

    لو خلوهو يواصل فى حبه للسيد عمرو موسى وكراهيته لإسرائيل مش كان احسن ؟

    والله يا آدم المصريين ديل بالخصوص، لو يضمنو انهم يكسبو بلايين وملايين من اعلان ، شريطة يجيبو فيهو زول سودانى فى قنواتهم التلفزيونية، ما حيجيبوهو

    اللهم الا اذا كان اعلان عن جناينى أو بواب او طباخ زى ما كان زمان عندهم فى سرايات الباشوات والإقطاعيين فى مصر المؤمنة

    ليه نحن كده ؟

    والله يطراك بالخير اخونا كمال بشاشا

    قال لينا نحن ناس بنكره ذاتنا

    وده الحاصل فعلا

    شكرا ليك تانى يا آدم

    وأحسن الله عزانا اجمعين
                  

07-27-2010, 04:10 PM

آدم صيام
<aآدم صيام
تاريخ التسجيل: 03-11-2008
مجموع المشاركات: 5736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تكريس ثقافة الغير (Re: أبوذر بابكر)

    Quote: ليه نحن كده ؟

    والله يطراك بالخير اخونا كمال بشاشا

    قال لينا نحن ناس بنكره ذاتنا



    أبوبكر حبابك وحباب همك
    إنت عارف أخوي هسع المشكلة في علاج أمراض تلك المآساة هي المحك

    كدليل على ذلك ما في زول بعبر بوستك ده ، وإن عبروك من غير تمحيص
    لا زمنا نكون أقوياء لآخر شهيد أكثر من اللازم لنرجع الحصان إلى مقدمة الكارو
    لكن استمتعت بنص هذا الدكتور لأول مرة أمر عليه
    كن قوياً تحدث التغيير ولا تأبه للعامة فإن سيل الباطل قصير


    سأعد لي مقال في هذا الشأن
                  

07-28-2010, 06:04 AM

أبوذر بابكر
<aأبوذر بابكر
تاريخ التسجيل: 07-15-2005
مجموع المشاركات: 8610

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تكريس ثقافة الغير (Re: آدم صيام)

    تحياتى مجددا يا أبا البشر

    وكيفنك

    اقرا معاى تانى الحتة دى من كتابة د. النور

    وسلسلة المقالات دى زى ما قال الكاتب حتطلع فى كتاب بإذن واحد أحد

    Quote: ما من شك عندي، أن الاستعمار التركي، (1821-1885)، ووجود المصريين ضمن شراكة الاستعمار الثنائي البريطاني المصري، (1898-1956) وتغلغل النهج التعليمي المصري، والثقافة المصرية المشرقية، وما أعقب ذلك من تبني نخبنا المتعلمة من الخريجين الأوائل للثقافة المصرية، قد أدخلتنا في غيبوبة عميقة، تهنا فيها عن هويتنا الحقيقية، وغبنا فيها عن ما كان يمكن لجذورنا التاريخية، وخصائصنا الروحانية، ومزاجنا النفسي، وأساليب عيشنا، ورؤيتنا للعالم world view أن تتمخض عنه بشكل طبيعيٍ. وهو أمرٌ كان سيجعلنا قادرين على نحت حاضرنا، ورسم صورة مستقبلنا، بعيداً عن قيود الاستلاب الثقافي، وهذه الضعضعة في مفهوم الهوية، وهذه الغيبوبة الحضارية التي أهدرت طاقاتنا، ووضعتنا الآن على شفا التشظي، الذي يسبق ذهاب الريح بالكلية. لو جلسنا منذ أن وعينا ضرورة التخلص من المستعمر، وتأملنا جذورنا العرقية والروحانية، وعكفنا على التأمل المنتج، وباعدنا بين أنفسنا، وبين الاحتراب على الكراسي بلا رؤية، وبلا مشاريع، وتعرفنا على خصائصنا، ومزاجنا النفسي، لعرفنا أننا أفارقة حدث أن استعربوا. لو وضعنا أولوياتنا منذ بدايات الحراك لنيل الاستقلال، بطريقة صحيحة، لكنا اليوم، قد قطعنا شوطاً كبيراً في مشروع بناء أمتنا، ولربما كنا اليوم، أكثر تصالحاً مع أنفسنا، وأكثر انسجاماً وتجانساً مع محيطنا الإقليمي.


    وفى موضع تانى قال ما معناه

    والعرب نفسهم سواء كان فى شمالنا الافريقى او فى شبه جزيرتهم أو شامهم وعراقهم

    هم نفسهم محتارين في تشبثنا وتشعبطنا فيهم بالإصرار ده

    وفعلا والله يا آدم حاجة محيرة جدا اصرارنا الشديد ده على الانكباب عليهم

    مرة بحكى لى واحد صاحب قال لى انه كان فى زيارة لى "ساحل العاج" فى بداية التمانينيات
    اتخيل معاى ساحل العاج مش الأردن ولا تونس ولا اليمن

    قال لى واحد "ساحل عاجى" لما عرف انه من السودان قال ليهو

    عايز لى شريط للبلابل، وده كان ايام اشرطة الكاسيت لسه ما كان ظهرت الوسائط التانية

    وممكن انت تتم باقى الفهم براك

    أما عن حكاية مرور القراء هنا بالموضوع ده

    فده موضوع براهو كمان

    أسباب كتيرة بتخلى الناس ما يشاركو أو حتى يقرو مجرد قراية

    وأكيد ما من ضمنها الإتفاق أو الإختلاف فى الطرح أو الموضوع

    عموما هى أسباب تانية مختلفة تماما ومفهومة طبعا

    وتانى أحييك وأهديك جزيل التقدير
                  

08-08-2010, 11:16 AM

أبوذر بابكر
<aأبوذر بابكر
تاريخ التسجيل: 07-15-2005
مجموع المشاركات: 8610

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تكريس ثقافة الغير (Re: أبوذر بابكر)

    فى نهايات عقد السبعينيات من القرن الفات

    كان فى حاجة إسمها مصلحة الثقافة، وكانت حاجة كويسة والله
    وقام على أمرها ناس كويسين على راسهم د. محمد عبد الحى

    اصدرت المصلحة دورية ممتازة كان إسمها "مجلة الثقافة السودانية"

    وربما جات "الثقافة" بصيغة المفرد كده، إمعانا فى التفاؤل بإندماج وتلاقح "ثقافات" السودان الكتيرة المتنوعة الجميلة والصعبة فى نفس الوقت

    كان هناك "الصلحى" و"شبرين" و"النور عثمان أبكر" و"أسامة الخواض" و د. الخانجى" و د. عبد الله ع. ابراهيم و "محمد محى الدين" و"ابراهيم اسحق" الخ الخ

    وفى نفس الفترة كانت برضو "مجلة الخرطوم" بطابع ونكهة مختلفة شوية

    كل ده راح وانتهى فى غمضة عين وغفلة روح

    ولسه السؤال ماثل وقاعد غصة فى حلق البلد

    كيف السبيل لى "ثقافة" سودانية حقيقية، يقعد جواها كل "الثقافات السودانية " ؟
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de