سلسلة المبدعون في بلادي -يحيى فضل الله

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-02-2024, 12:43 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثالث للعام 2010م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-07-2010, 02:52 AM

Khalid Osman
<aKhalid Osman
تاريخ التسجيل: 04-25-2010
مجموع المشاركات: 261

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
سلسلة المبدعون في بلادي -يحيى فضل الله

    في الحلقة السابقة كتبت عن المبدع مصطفى سند، اليوم يشرفني أن اكتب عن يحيى فضل الله وهو علم من علوم الروايه السودانية ، الذين حاولوا كتابة القصه يعرفوا مدى صعوبة الابحار في مدارات الحكايه كي يشعر القاري
    أنه في داخل ألقصه، يشعر أنه في عالم أخر، لا يحتاج الأستاذ يحيى لتعريف ، لذلك أترككم مع هذا العمل القصصي الجميل ،
    وكعادة الأستاذ يحيى فهو يعالج مواضيع كثيرا من خلال هذا العمل



    ارتباكات التفاصيل المحرجة ـــــــــ
    يحيي فضل الله
    ــــــــــــــ
    ارتباكات التفاصيل المحرجة
    ـــــــــــــــــــــــــــ
    لا كثر من شهر لم يكن الوالد يستطيع النظر في عيني الابن.
    لاكثر من شهر لم يكن الابن يستطيع النظر في عيني الوالد .
    لاكثر من شهر كان الوالد حين يدخل البيت يخرج منه الابن.
    لاكثر من شهر كان الابن حين يدخل البيت يخرج منه الوالد.
    لاكثر من شهر كان الوالد يتحاشي الابن و الابن يتحاشي الوالد.
    لاكثر من شهر كان يحدث ما يحدث بين قسم السيد النعيم المهندس الميكانيكي بالمحلج التابع لمؤسسة جبال النوبة الزراعية وبين ابنه عطا الطالب في الصف الثاني في مدرسة كادقلي الثانوية العليا ـ تلو ـ
    لاكثرمن شهر كان كل منهما يهرب من الاخر.
    لاحظت علوية زوجة قسم السيد ووالدة عطا هذه الهروبية الواضحة وهذا التفادي المعلن الي درجة انها افتقدت نوع من ذلك الاحساس بالسعادة حين كان قسم السيد يحكي لابنه حكايات متفرقات متنوعات عن طفولته وصباه في الصعيد ،كان ذلك يحدث دائما وهما يرتشفان شاي ما بعد الغداء.
    لاحظت علوية ولاكثر من شهر ان صينية الغداء قد فشلت تماما في ان تجمع بين الوالد والابن ، وجبة الغداء هي الوجبة الوحيدة التي تجتمع فيها الاسرة وحين تساءلت ذات غداء ابنتها زلفي عن حالة كون عطا غائب دائما عن وجبة الغداء لاحظت علوية ارتباك قسم السيد وذلك حين ارتجفت يده وسقطت منه اللقمة ليتسخ جلبابه الابيض بلزوجة ملاح الورق الاخضر فكان ان هرب من المائدة و عرفت علوية ان قسم السيد قد هرب من تساؤل زلفي التي لاحظت ايضا ارتباك والدها فهمست لامها ـ يمه هو في شنو؟ ـ فردت علوية وهي تتابع هروب قسم السيد بحيرة واضحة في عينيها ـ يخربني يا بتي كان عارفا حاجه ـ
    المرة الوحيدة التي كان فيها عطا حاضرا وجبة الغداء في البيت ـ هكذا لاحظت علوية ـ حين كان والده مدعو لغداء خاج البيت .
    تاكدت علوية تماما من هنالك امر خطير بين ابنها و زوجها و ذلك حين تصادفا امام باب الحوش ، كان قسم السيد خارجا وعطا كان داخلاوبين هذا الخروج وذاك الدخول حدث ذلك التدافع الهروبي بينهما فالتحما متصادمين فتخلي باب الصفيح عن مكانه وسقط علي الارض بدوي ارتجفت له علوية التي كانت وقتهاتغسل الملابس تحت شجرة النيم الكبيرة فلاحظت ان الاب استمر مهرولا الي الخارج والابن استمرمهرولا الي الداخل و لم ينشغل اي منهما بامر الباب المنكفي علي الارض مما جعل علوية تترك مكانها امام طشت الغسيل لانها اصبحت مكشوفة امام الغاشي والماشي علي الشارع.
    بينما كان قسم السيد يحاول ان يعيد الباب الي مكانه مر به جاره سليمان الشيخ فساله ـ الرمي الباب شنو يا قسم ؟ ـ فرد عليه قسمالسيد ـ تصور ضربتو صاعقة ياود الشيخ ـ فهز سليمان رأسه متعجبا من تلك الصاعقة التي هي خارج سياق الطقس
    لم يترك قسم السيد الحال كماهو عليه بعد الذي كان قد حدث بينه وبين ابنه عطا ، حاول ان يتخلص من هذا التوتر الهروبي كان يحس بان الامر لايستحق كل الذي يحدث ، كان يفكر في مواجهة ابنه و حين مرحلة الفعل يتردد و من ثم يتراجع عن المواجهة.
    داهم مرة غرفة ابنه في الصباح و كان صباحا فيه من ملامح الشتاء بداياته ، دخل قسم السيد غرفة عطا مقررا ان يوقظه من النوم ويساوي معه الامر قبل ان تصحو علوية التي ادمنت ارهاقه بملاحظاتهاالمتسائلة و قد كلفه هذا القرار الكثيف من الارق ، وقف قسم السيد بقرب سريرعطا و لكنه تراجع فجأة عن ما كان ينوي فعله وخرج من الغرفة و لكنه حين عاد الي الغرفة محرضا قراره بسجارة الصباح وجدعطا قد هرب و حين كان خارجا للعمل صادفه عطا و هو راجع الي البيت و لكن ما ان لمحه سرعان ما تواري عطاعن انظاره بحركة مفاجئة.
    في ذلك الصباح حين داهم والده الغرفة كان عطا قد احس بدخوله و حين كان قسم السيد يقف بالقربمن سريره بذلك التردد كان عطا قد تصبب منه غزير العرق ،كان يعرف تماما انه لا يستطيع مواجهة والده بعد ذلك الذي حدث فكان ان هب عطا من سريره و فرهاربا الي الخارج.
    حكي قسم السيد لصديقه و زميله في العمل جبرئيل التوم ماحدث بينه وبين ابنه و كيف انه حاول التخلص من تلك الحالة الهروبية ، اوصاه صديقه بان يكتب مذكرة ويدسها تحت مخدة ابنه ربما حين يقرأ ابنه تلك المذكرة تكون بمثابة خطوة اولي للمواجهة و لم ينس جبرئيل التوم ان يعلق علي الحدث قائلا ـ بعدين يا قسم بصراحة كده، انت دنيء ـ .
    حاول عطا ان يؤسس لذلك الهروب فقابل مدير المدرسة كي يتم قبوله للسكن بالداخلية الا ان مدير المدرسة رفض طلبه متعللا بان اسرته تقيم في المدينة ولكن اصبح عطا ضفا مؤقتا علي منزل صديقه كودي بحي الرديف ، اصبح يقضي الليل هناك خوفا من ان يكرر والده مداهمته الصباحية ويأتي الي البيت في اوقات يتاكد فيها تماما ان والده خارج البيت.
    كانت تلك المذكرة التي كتبها قسم السيد لابنه قد اتعبته كثيرا , كتبها عدة مرات لانه كان مرتبكا و لايدري بجدوي ما يكتب فكان ان كتب و مزق كثيرا حتي استقر
    اخيرا علي صياغة اعتبرها مناسبة وفي غياب عطا وضع قسم السيد المذكرة تحت المخدة وحرص ان يظهرجانب منها حتي يراها عطا ولكنه اكتشف في اليوم التالي ان المذكرة كانت في مكانها لان عطا قد تمادي في هروبه الي درجة عدم المبيت في البيت و حمد الله ان المذكرة لم تقع علوية او زلفي ، وفي الصباح مر علي جاره سليمان الشيخ ليعطي ابنه الشيخ الذي يزامل في المدرسة الثانوية تلك المذكرة ليوصلها لابنه بعد ان سجنها داخل مظروف ابيض.
    سافرت علوية الي قرية ـ البرداب ـ شمال كادقلي لمقابلة فكي موسي كي يخلص بيتها من ذلك الارتباك في التفاصيل وتلك الجفوة بين الزوج والابن الذي خافت ان تفقده وهو متمادي في هروبه اولا من والده واخيرا من البيت ، لجأت علوية الي ذلك الحل بعد ان فشلت تماما في حل ذلك الاشكال وبل في معرفة السبب وراء الذي يحدث ، اعطاها فكي موسي بخرات و محاية وحجاب اوصاها بان يعلق علي مكان في وسط البيت و في اتجاه القبلة .
    قبل اكثرمن شهرين ونصف و في ليلة ساهرة بحي السوق ، حفل زواج ، وحين كان يغني المغني وثيردباك فريق الهلال الفنان ـ آدم علي انقاطو ـ في اغنية
    امانة عليك يا تايه الخصل
    كانت نوال تشعل دواخل عطا بنظراتها الملغزة ، كان عطا علي جانب الحائط من حيث كانت نوال تجلس علي كرسي ملتصق بذلك الحائط وحينترجع برأسها الي الوراء ـ رأسها المتفي بذنب حصان ـ و تدير وجهها ناحية اليمين وترسل نظراتها وابتساماتها نحو عطا وهكذاحتي لمح عطا اشارة خفية من نوال بعدان وقفت وهمت بالتحرك بين الكراسي و اكدت نوال اشارتها لعطا ودخلت بباب يؤدي الي اقرب بيت من حيث مكان جلوس البنات في الحفل

    تردد عطا في ان يلحق بنوال ولكنه هزم تردده ودخل وراءها ليجدها تقف امام راكوبة امام مطبخ البيت واشتبكت بينهما التفاصيل
    وعرف انها من بنات ـ ابو كرشوله ـ وانها طالبة تقيم بالداخلية في مدرسة كادقلي الثانوية للبنات الواقعة بين حي الرديف وحي الموظفين
    حيث يسكن عطاوانها جاءت الي هذا الحفل بدعوة من صديقتها التي تسكن حي السوق واشتبكت بينهما حمي التفاصيل
    وافترقاعلي موعد هو يوم الخميس اليوم المتاح لخروج طالبات الداخلية وبعد تكررت
    وتراكمت بينهما اللقاءات وتنوعت بينهما خطابات و مذكرات والكتب المتبادلة ,
    قبل اكثرمن شهر و في مساء يقترب كثيرامن تفاصيل الليل تعطر عطا بعطر واضح الرجولة
    و خرج ليلتقي بنوال بالقرب من دروة ضرب نار خلف مصلحة الاشغال ، هكذا كانت لقاءتهما مختلفة الاماكن حسب خروج نوال من الداخلية مع صديقة كل خميس و هذه المة لانهاخرجت مع صديقة لها تسكن حي الموظفين فكان الاتفاق علي اللقاء في هذا المكان ـ
    دروة ضرب نار حيث يتدرب الجيش علي النيشان ـ وكان علي نوال ان تنتظره خلف مصلحة الاشغال .
    حين اقترب عطا من حيث يجب ان تنتظره نوال في ذلك الشارع المظلم خلف مصلحة الاشغال
    ، لاحظ عطا ان نوال ليست وحدها ، كان هنالك شخص يتحدث معها ، احس عطا بان هنالك مشكة ، وهو يقترب سمع نوال تقول بحدة لذلك الشخص
    ـ لو سمحت انا ما بعرفك
    ـ طيب مالو ما ممكن نتعارف هسه
    رد ذلك الشخص بينما عطا قرر ان يقترب اكثر ويحسم الامر وحين اقترب اكثر قالت نوال لذلك الشخص
    ـ لو سمحت ما عايزين مشاكل اهو اخوي جاء
    وداهم عطا ذلك الشخص ليجد ان ذلك الشخص الملحاح ما هو الا قسم السيد النعيم ،
    والده الذي كان في طريقه الي استراحة الزراعة القريبة من موقع المشكلة حيث يجب ان ينضم الي شلة انسه لقعدة الخميس المعتادة .
    نظر قسم السيد الي نوال ونظر الي ابنه عطا قائلا باستنكار الواثق
    ـ ده اخوك ؛؛؛؟
    وخرج عطا مضطرا من هامد ارتباكه و بتحدي اجاب علي سؤال والده الواثق جدا
    ـ ايوه اخوها عندك شك ؟؟
    نظر قسم السيد الي نوال ونظر الي ابنه عطا وقذف بجملة تعلن عن هزيمة معلنة
    ـ لا ابدا ما عندي شك ، ماعندي شك مطلقا
    و ترك قسم السيد ابنه عطامع نوال واتجه نحو استراحة الزراعة .
    و هكذا لاكثر من شهركان الاب يتفادي الابن و كان الابن يتفادي الاب .
    في الظهيرة التي كانت فيها علوية تبخر البيت بعد ان علقت الحجاب علي سقف الراكوبة في ناحية اختارها لانها في اتجاه القبلة
    ، في تلك الظهيرة سلم الشيخ سليمان الشيخ عطا المظروف الذي بداخله المذكرة التي كتبها قم السيد الي ابنه.
    فض عطا المظروف ليجد ورقة صغيرة مكتوب عليها الاتي
    ـ ابني عطا
    انا فخور لانك حسمتني
    وبعدين انت عزال
    و بدون حرج ارجع البيت ياود يا فتك
    والدك قسم السيد ـ
    و فجر عطا ضحكة صاخبة و ممتدة .

    (عدل بواسطة Khalid Osman on 07-07-2010, 02:56 AM)

                  

07-07-2010, 04:22 AM

Elmosley
<aElmosley
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 34683

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سلسلة المبدعون في بلادي -يحيى فضل الله (Re: Khalid Osman)

    خالد كم آحب مبدعي بلادي من الشعراء

    ولو ان يحى اكتفى بإلياذته
    اسئلة ليست للاجابة لكفاه ذلك
    ولكنه فنان ممتد في شتي مناحي الادب
    احبك آخي يحى فضل الله
    وشكرا لك ياخالد على سلسلتك التي يبدو آنها لن تنقطع

    (عدل بواسطة Elmosley on 07-07-2010, 04:23 AM)

                  

07-07-2010, 07:46 AM

هاشم محمد الحسن عبدالله
<aهاشم محمد الحسن عبدالله
تاريخ التسجيل: 08-10-2009
مجموع المشاركات: 1989

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سلسلة المبدعون في بلادي -يحيى فضل الله (Re: Elmosley)

    الأستاذ/ خالد ، تحياتى وأنت تواصل التوثيق للمبدعين من وطنى ، فأنا معجب كثيرا بالفنان الشامل يحيى فضل الله ، الشاعر ، المسرحى، الكاتب ، الناقد ، فنان متميز من الزمن الأجمل ، أتابع ابداعاته منذ مدة طويلة ، ومازالت أبنتى تموت ضحكا وهى تقرأ (التداعيات) لما فيها من وصف جمالى مهول ، وحس جمالى فائق الجودة والحبكة الدرامية، وأستمتع بصوته الجهورى وهو يلقى قصائده فى أبداع وتجلى الممثل المتمكن من أدواته، وهو زميل لنا فى البورد ، لكن له مدة طويلة لم يطلع علينا بالجديد والمبتكر من أنتاجه، نتطلع لمزيد من ألقه، لك مودتى .
                  

07-07-2010, 08:01 AM

قلقو
<aقلقو
تاريخ التسجيل: 05-13-2003
مجموع المشاركات: 4742

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سلسلة المبدعون في بلادي -يحيى فضل الله (Re: هاشم محمد الحسن عبدالله)

    الأخ خالد
    اذكر عندمااول ماقرأت فى الصفحة الأدبية بأحدى الصحف السودانية اليومية والتى للأسف نسيت اسمها قرأت سلسلة من القصص القصيرة الأستاذ يحيى فضل الله وكذلك قرأت قصصا قصيرة للدكتورامير تاج السر قلت فى نفسى مخاطبا ادباء وكاتبى القصة فى السودان (شدوا حيلكم ياحلوين الليلة جاكم بلا).
    مع تحياتى لك وللأستاذ يحيى فضل الله ود.امير تاج السر .
                  

07-08-2010, 00:44 AM

Khalid Osman
<aKhalid Osman
تاريخ التسجيل: 04-25-2010
مجموع المشاركات: 261

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سلسلة المبدعون في بلادي -يحيى فضل الله (Re: هاشم محمد الحسن عبدالله)

    الأعزاء هاشم ، قلقو


    شكراً على المرور ، القادم أحلى إذا شاء الله
                  

07-08-2010, 00:41 AM

Khalid Osman
<aKhalid Osman
تاريخ التسجيل: 04-25-2010
مجموع المشاركات: 261

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سلسلة المبدعون في بلادي -يحيى فضل الله (Re: Elmosley)

    العزيز الفنان الموصلي تشرفت بمرورك على البوست

    ما تحرمنا طلتك


    في أمان الله
                  

07-09-2010, 02:15 AM

Khalid Osman
<aKhalid Osman
تاريخ التسجيل: 04-25-2010
مجموع المشاركات: 261

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سلسلة المبدعون في بلادي -يحيى فضل الله (Re: Khalid Osman)


    ـــــــــ
    يحيي فضل الله
    ـــــــــــــ
    و ملأت شادية شباكها بالابتسامات
    ـــــــــــــــــــــــــــــــ
    خرج من السوق الشعبي يحمل معه كيس الفواكه ويحمل أحلامه وأمانيه ، أستلقي علي مقعد في الحافلة المتجهة إلى السوق العربي ،عادة ما يحب الجلوس علي القرب من إحدى النوافذ، أستدعي مستغلا انسياب الحافلة المتهادية وكأنها تحرض ذاكرته نحو الدواخل ، استدعي تلك الابتسامة الممتدة حيث لا غبن ولا مواجع ، شعرها الطويل المتناثر علي عنقها بفوضي تحبب في الانطلاق ،صوتها تنصت إليه الملائكة ، محاطة بورود فستانها الزاهية كانت " شادية " تقبع هناك في عنبر عليه لافتة مضللة اكثر مما يجب - كانت اللافتة لا تحمل غير هذا الوصف عنبر حريمي - كان سريرها بقرب النافذة، استطاع الشباك أن يتيح لــ"شادية الجلوس بحيث تصبح بكل حيويتها أمام المارين عبر الشبابيك ، دائما لا تتخلي عن حالة كونها موحية لذلك ، يفضل حاتم الجلوس بقرب النوافذ ، حين كانت الحافلة قد نوعت راكبيها هناك في محطة "بانت" استطاع"حاتم" ان يمزج ، بل وتمكن ان يمزج نافذة الحافلة بنافذة "شادية "

    المصادفة وحدها هي التي اعتقلت كل كيان "حاتم" أمام ذلك الشباك ، جاء "حاتم" في زيارة لإحدى الزميلات في الجامعة ضمن وفد ، بل لا يعرف حتى هذه الزميلة المريضة، غير مهتم بالمسألة إلا أن الملل وحده هو الذي حشره داخل هذا الوفد ،دخل إلى العنبر محايدا ، صافح كما فعل الآخرون ست مريضات في ذلك العنبر- دون أن يحتفظ بأي ملمح منهن ، خرج مسرعا الي الخارج ، اتكأ علي درايزين البرندة ساهما ، صادق فيه الملل تلك الرهبة وذلك الخوف من المرض ، حين فكر في الهروب من هذا العالم متخلصا من انتظاره للزملاء حتى يفرغوا من ممارسة الثرثرة و المجاملة ،هم بالتحرك ، قبل أن يتجاوز العنبر اعترضت طريقه تلك النافذة ، بانتباه عادي نظر في اتجاه النافذة ، كانت "شادية" وقتها تبحث عن نسمة "عليلة" ، في أثناء تلك النظرة ذات الانتباه العادي نظرت إليه "شادية" وأضافت إلى وجهها ابتسامة ملأت المكان كله بعد أن اكتفي بها أولا ذلك الوجه الذي يعلن عن العافية ولا يتفق مع المرض ، بعدها سري في " حاتم " شئ يفوق الكهرباء ، أحس بحركة الشرايين و الأوردة والشعيرات الدموية الدقيقة ، أحس بالامتلاء و العذوبة، عرف لماذا دائما ما تحال مسائل العشق إلى القلب ، خفق منه القلب و ازدادت ضرباته، رغم ذلك استمر متجاوزا العنبر لينزوي في الركن الأخر منه وكأنه يخفي ما ألم به ،تمالك نفسه قليلا ، رجع متفاديا النظر إلى الشبابيك ،اتكأ علي الدرابزين، كانت "شادية" تملا الشباك بوهجها ، نظر إليها خلسة ، وجدها تنظر في اتجاهه ، نظر مرة أخرى، لامسته نظرتها، نسي "حاتم" الزملاء و الزميلة المريضة ،اختفي ذلك الحياد، هرب من داخله الملل ، نظر أليها استطاع هذه المرة أن يلاحظ أن شعرها طويل ،بتحريض شجاع من عاطفته التي انجذبت تجاه ذلك الشباك، توكل "حاتم" علي الله وعلي ما تبقي من تماسك ، قرر أن يشبع نظرته من وجهها
    نظر أليها بحيث لاحظت "شادية" انه تعمد ذلك ،لذلك واجهت "شادية" ذلك الترتيب بتلك الابتسامة لتمتلك فوضي المشاعر كل كيان "حاتم" الذي ارتعش وسري في دواخله
    ما لا يوصف من انفعال ، تحرك كهارب مدرب إلى ذلك الركن من العنبر ،حاول أن يعيد تماسكه حاول الرجوع إلى ذلك الشباك ، كان وفد الزملاء يبحث عنه فصادفهم في رجعته وخرج معهم بدون اختيار كما دخل معهم ذلك العنبر بدون اختيار ، لم يسعف "حاتم" الحياد تجاه الوفد ، اخفي تلك الرغبة باعتذار محكم :" عن أذنكم يا اخوانا أنا ماشي لي مشوار " لم ينتظر الأذن منهم أنطلق مسرعا نحو الاتجاه المضاد للمسشتفي محاولا أن يخفي تلك العودة المريبة .
    حين حاول الدخول مرة أخري وجد أن زمن الزيارة قد أنتهي ، حاول وبجهد خارق أن يقنع خفير الباب دون جدوي ، حاول أن يدخل عبر باب أخر ولكن تساوي عنده الخفر ، اخترق "حاتم" بنار رغبته أصبحت عودته الي ذلك الشباك من ضمن الأحلام ورجع الي خفير الباب الرئيسي الذي زمجر فيه ورفض دخوله بعنجهية ملاحظة هرب من امامها "حاتم" حاملا معه حلمه وقراره الجاد جدا بالعودة في الزيارة القادمة .
    لاحظت "بتول" ممرضة العنبر وزميلتها "سوسن" وقفة "حاتم" المريبة أمام العنبر ،تهامستا ، تمادت بهما الإثارة حتى تفرغتا تماما الي مراقبته دون أن يحس هو بذلك ، بل أن " سوسن " خرجت ووقفت بجانبه علي الداربزين مدة ليست بقصيرة فاكتشفت أن مجهود مراقبته مهدر حتي ولو لاصقت كتفها بكتفه ، ورجعت الي "بتول" تسبقها ضحكة مكتومة وقالت: " لا يا اختي ده كان خلعتي ما اظنو يتخلع غاطس في البطاطس" .
    ضحكت "بتول" ضحكة صاخبة لتصمت ناظرة الي "شادية" التي كانت تلون ابتسامتها وقالت بأسي "مسكين البنيه جهجهتو "

    وصل حاتم في اليوم الثاني قبل موعد الزيارة بمدة ليست بقصيرة ، انتظر أمام الباب حاول أن يتقرب إلى الغفير مستغلا انتظاره فتح الباب للزيارة .
    " أنت يا حاج من البلد دي ؟ "
    "لا أنا من فرنسا "
    "لا كان قصدي يعني "
    "قصدك شنو يعني؟ أما سؤال غريب"
    "أنت زعلان يا حاج ؟"
    "و البفرحني شنو ؟"
    "معليش "
    معليش دي شنو يا زول هوي ،زح من هنا ، ما تتعبني معاك ساكت ،الدخول وقت الزيارة بس "
    وانتظر فتح الباب للزيارة ليجد ذلك الشباك مفتوحا ، دخل "حاتم" العنبر سلم علي كل المريضات ، اقترب من سرير "شادية" ، ارتبك اكثر حين التقت كف "شادية" بكفه فتلعثم بحروف مختلطة :"كفارة ،أنتي هسه كويسة ؟"
    * " الحمد لله شكر جزيلا "
    ضاعت انفعالات "حاتم" حين سمع صوتها ، امتد ذلك الصوت في دواخله فقد القدرة علي التعبير ، خرج سريعا من العنبر ، اتكأ علي الدرابزين ، "شادية" أصلحت من وضعها علي الشباك و أمطرته بوابل من الابتسامات وبعض الإشارات الخفية والتي لا يلتقطها إلا العاشق ، وفي غمرة غيبوبته عن العالم وفي غياب ملاحظته كانت "بتول" و "سوسن" تستمتعان بمراقبة تجليات عشقه دون الحاجة إلى عناصر الخفاء ، كان"حاتم" يحس بالدنيا في هذه اللحظة ، كان شباك "شادية" في عنبر
    الحريم بمثابة كون من الانفعالات الحميمة و الدافئة و المتدفقة غامرة مكان اللحظة وزمانها لجذب الأماني وضجة العواطف وعذوبة الأحلام ، المسافة من حيث يقف
    "حاتم" وحتى شباك"شادية" لا تتعدي الأمتار ولكنها مسافة تزيد علي الألف بل ملايين الفراسخ بقياس الرغبة في ميزان العشق .
    تواصل " شادية " برنامج الابتسامات وتجتهد في إيصال تلك اللغة السرية ، تلك الدلالات والعلائق الخفية إلى حيث ترتبك في دواخل "حاتم" العواطف وتشتبك ، يضج العنبر بالزوار ، مراقبة "بتول" و "سوسن" للموقف مستمرة بهمساتهما وضحكاتهما ، جاء أهل" شادية" زائرين والتفتت إلى الجانب الأخر بعد أن أشارت إليه بكفها مودعة ،لم يتحرك "حاتم" من مكانه إلا بعد أن ملأت" شادية" الشباك بوجهها المتعافي وبابتسامة يبدو أنها الأخيرة هنا تشجع :"حاتم" وأشار إليها بيده مودعاً وخرج من المستشفي مقررا عودته غدا ، مفكرا في كيفية إلغاء تلك المسافة بينه وبين شباك" شادية " كان يرتب في ذهنه الكلمات التي يجب أن يقولها غدا ، الإشارات التي يمكن أن يستخدمها معلنا عن انتمائه لتلك الابتسامات ، كان يسترجع صوتها ويحلم بالاستماع إليه في محادثة طويلة مشغولا بالبحث عن خطوات اعمق نحو عالم " شادية " نحو شباكها المفتوح تجاه المتعة.
    إمعانا في الفضول ، استطاعت كل من "بتول" و"سوسن" أن تلغي كل واحدة منهن وعلي طريقتها الخاصة ذلك الغياب الذي يحكمه برنامج الوردية ، تعدل الوردية حتى يتسنى لهما التمتع بمراقبة ذلك العاشق المسكين .
    * "اهو داك جاء - مواعيدو مضبوطة خالص ، قالت "سوسن" وهي تنظر إلى ساعتها ، " بتول " اقتربت منها وتبرعت بملاحظتها الدقيقة :عليك النبي شوفي لو ما خجلان كان جا جاري جري " ، لكزت "سوسن" "بتول" لتأخذ موقعها في برنامج المراقبة .

    دخل "حاتم" العنبر سلم علي كل المريضات ،اقترب من سرير "شادية" ،مد إليها يداً مرتجفة تعبر عن ارتجاف عواطفه ، مدت "شادية" يدها ، اهتزت كفه داخل كفها، اختلجت دواخله قال بصوت مهتز : " كيف الليلة ، أنتي كويسة ؟ "
    * " الحمد لله - شكرا ليك "
    لاذ "حاتم " بمكانه المألوف مخفيا ارتباكه ، ملأت "شادية" الشباك بكل ذلك الوهج والتألق ، أضافت إلى هذا السيناريو حركة جعلت شعرها الطويل ينزل علي صدرها ،لم يلاحظ "حاتم" أنها وضعت علي آذنيها أقراط تلمع ،يتحسس ابتسامتها بعيونه و يعبث بدواخله الوجد…" ، بتول" في محاولة كسر رتابة تلك المراقبة ، اقتربت منه وترنمت متعمدة بحيث يجب أن يسمعها :
    " حبيبي آه
    وقلبي تاه في يوم الزيارة "
    عادت " بتول " داخل العنبر تحمل يأسها من عدم عثورها على إضافة جديدة لهذا العشق الصامت ، أعلنت عن ذلك قائلة " يا ختي هوي ، ده اظنو ما بتحرك اكتر من كده " .
    انتهت الزيارة الثالثة وخرج " حاتم " من المستشفى منتشياً ، لم يتقدم خطوة تجاه ذلك العالم الساحر وكان فرحا بانتمائه الحميم إلي ذلك الشباك ، إلي تلك الابتسامة التي قتلت ذلك الملل ، يحس بجدوى المستقبل حين يفكر في التوغل ويعيد ترتيب هذا التوغل نحو " شادية " في ذهنه مرات ومرات .
    نزل " حاتم " من الحافلة ، كيس الفواكه في يده اليمنى ،اتجه نحو المستشفى ، خطوات متلهفة ، ذهنه يعيد ترتيب مشروع توغله ، يتحسس قراره خوفاً من التنازل عنه ،استطاع أن يحصل على تلك النقود التي اشترى بها كيس الفواكه كمغامر جديد في عالم الديون ، كيس الفواكه خطوة أولى نحو التوغل ، وصل الى العنبر

    اعلنت ,, بتول ,,عن مجيئه ، جهاز المراقبة بدأ استعداده ، دخل " حاتم " العنبر سلم على كل المريضات ، اقترب من سرير شادية ، وضع كيس الفواكه على المنضدة ، هنا لكزت
    " سوسن " " بتول " لم تنتظر " شادية " أن يمد " حاتم " يده مصافحاً ، مدت يدها أولا قائلة " شكراً جزيلاً " ، ضجت دواخل " حاتم " بالارتباك ،أخذ كفها في كفه ، قشعريرة من الوجد والتلاقي .
    " أنتي الليلة كويسه ؟ "
    " الحمد لله - شكرا ليك "
    لم يحتمل حاتم اقترابه من كل ذلك الوهج الأنثوي الشفاف ،لاذ بمكانه المعتاد على الدرابزين ، سوسن " امتعضت من هروبه،" بتول" صفقت بيديها دهشة ، ملأت " شادية " شباكها بالابتسامات بينما وقف " حاتم " مندمج العواطف تجاه شباك الأحلام والعواطف المتأججة وتوالت الابتسامات والإشارات الخفية وجهاز المراقبة يبحث عن تطور جديد للموقف وأخيراً قرر " حاتم " وبشجاعة تحسسها كثيراً ، قرر أن يتوغل أكثر ومن على البعد ، من تلك المسافة ذات الفراسخ العاطفية ، أشار " حاتم " بيده إلي " شادية " وقال بصوت متأجج ومتردد : " تعالي "
    " انتفضت " بتول " وكتمت " سوسن " ضحكتها ، كانت شادية " تنظر إلي تلك الإشارة وقد تخلت عن ابتسامتها ، كرر " حاتم " الإشارة واقترب من الثقة في صوته " تعالي " ، بدأ وجه " شادية " يتخلى عن ألقه ، " بتول " و " سوسن " ترقبان الموقف بقرني استشعار لا
    يخطئان أبداً ، إشارة " حاتم " تكررت للمرة الثالثة بينما كان صوته هذه المرة قوياً " تعالي " .
    " فجأة أشاحت " شادية " بوجهها الذي فقد التوهج وبكت بصوت مسموع ، بكت " شادية " بصوت يحمل كل العذاب ، ارتبك " حاتم " ، فقد القدرة تماماً على التصرف ، كانت " شادية " تبكي بعمق ، " بتول " و " سوسن " اقتربتا منها مما زاد بكائها أكثر ، حاتم تمثال مجمد في مكانه ، ملأ بكاء " شادية " المكان كله ليعلن " حاتم " بجموده عن حيرته ، خرجت " بتول " من العنبر حزينة ، كانت تخاف أن ينتهي أمر هذه العلاقة بهذا الشكل المحزن ، اقتربت من " حاتم " الذي ظل ساهما مرتبكا ، وقفت " بتول " أمام " حاتم " الذي عاد من أسئلة حيرته العميقة .
    " يا شاب البت دي مشلولة "
    كأنه سقط من علو شاهق واصبح معلقا بين السماء والأرض ، ارتجفت أطرافه بينما تحول بكاء " شادية " إلي صراخ هستيري ، نظر حاتم إلى شباك العواطف والأحلام بأسى عميق ، صراخ " شادية " الهستيري اعتدى على توهج الشباك .
    حين حاول : " حاتم " أن يقترب من الشباك بما تبقى له من أسى أقفلت شادية الشباك في وجهه بصرخة عالية وممتدة "
                  

07-10-2010, 09:03 PM

Khalid Osman
<aKhalid Osman
تاريخ التسجيل: 04-25-2010
مجموع المشاركات: 261

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سلسلة المبدعون في بلادي -يحيى فضل الله (Re: Khalid Osman)

    يحيي فضل الله
    ـــــــــــــ
    هذيان نهائي البداية
    ــــــــــــــــــــ
    في شتاء إنقاذي بارد برودة حكامة تجاه كل المشكلات اقتلع عبد الصبور المروحة من سقف حجرته الوحيدة
    وخرج بها إلى دلالة الجمعة وباعها لتهرب منه الدينارات محولة نفسها إلى أصناف بسيطة داخل كيس بلاستيكي يعلن
    عن عصر الشختفة لم يكن عبد القادر يتوقع أن يحدث ما حدث ، كانت عيونه تتابع حركات القط علي حائط الجالوص
    القريب من عنقريبه المهتوك وكان القط يتحرك علي الحائط باسترخاء ويمؤ بكسل يدل علي جوعه
    وعبد القادر يذهب به جوعه إلى أن يتحسس تلك الفكرة وهكذا حدث ما حدث .
    هذا المساء احتج برشم علي سلوك اللجنة الشعبية بالحي وامتد هذا الاحتجاج إلى درجة أن استقبلت المنضدة
    التي يجلس وراءها سكرتير اللجنة الشعبية ضربات قاسية من كف برشم هذا بالإضافة الي صرخاته ،
    كل ما في الأمر هو أن القادم الجديد علي أسرة برشم رفضت اللجنة أدراج اسمه علي بطاقة التموين
    بحجة أن الإضافة إضافة المواليد الجدد لابد أن تكون في نهاية العام،
    الأمر الذي جعل برشم يستعين ببعض الألفاظ البذئية معلنا تدخل اللجنة الشعبية في مواعيد تخلق الأجنة .
    وقف عبد القادر ينظر إلى القط ، تحرك نحوه ببطء شديد ، القط كان يمؤ مجادلا جوعه لذلك تمكن عبد القادر من القبض عليه
    وما هي ألا ساعة حتى تحول فيها ذلك القط الي وجبة دسمة دعا أليها عبد القادر بعض ندمائه
    الذين تولوا المهام الأخرى التي تستدعيها ولابد منها كي تكون هناك حلة ،طبعا دون أن يعرفوا بمصير ذلك القط
    ومن ذلك اليوم الذي حدث فيه ما حدث ظل عبد القادر يهتم اهتماما خاصا بالقطط.
    عبد الصبور استطاع أن يتخلص من شبابيك حجرته مستغلا ذلك الصيف الإنقاذي،
    خلع الشبابيك من الجدران وحملها علي كارو يقوده حمار اقل ما يمكن أن يوصف به هو انه مصاب بسوء تغذية
    كما انك لا تستطيع أن توصف مطلقا صاحب الحمار ، قبل دخوله ألي حيث زحمة الدلالة فاجأه جباة ضرائب شرهين ،
    اشهروا في وجهه إيصالا تهم ،
    لم يستطيع عبد الصبور أن يدفع ضريبة علي شبابيكه تلك التي اقتلعها من جدران حجرته فرجع بها خوفا
    من مصادرتها أشجار المهوقني فقدت لحالها والسبب في ذلك وصفة عملية تقول أن لحى أشجار المهوقني
    حين تغلي علي النار تستطيع أن تعالج داء الملاريا
    الذي هو منتشر وله حق المواطنة منذ أزمان بعيدة ، ولم تملك بعدها اشجار المهوقني الا ان تحقق تلك المقولة
    التي تقول أن الأشجار تموت واقفة . أثناء ثورة برشم كان سليمان يضحك في داخله
    لان اللجنة الشعبية لم تمهل حذف سبع أوقيات من السكر من بطاقته التموينية
    شاطبة اسم ابنه بخيت الذي توفي الاسبوع الماضي بخبث من الملاريا .
    حين كانت الصحف والإذاعة والتلفزيون مهتمة إلى درجة من التعب في تحليل تفاصيل الغلاء
    واصبح ذلك السؤال الذي يقول : هل هو غلاء ندرة أم غلاء وفرة ؟ بمثابة سؤال أزلي تنافس
    المتشدقون في الإجابة عليه من خلال ندوات ومؤتمرات وسنمارات ومهاترات رسمية وشعبية،
    حين كان يحدث كل ذلك الذي يحدث كاد متوكل أن يموت وهو يبحث عن ذلك النادر جدا
    واخيرا ذهب إلى أحد الخبراء الذين بفضلهم اكتسب ت الأسواق لون السواد ،
    اخذ ذلك الخبير متوكل إلى ركن قصي في زقاق مهجور
    وقال له ــ شوف يا متوكل أنا عايز أخدمك توعدني الموضوع دة يكون سر بيني وبينك ــ.
    ــ جدا سرك في بير .ــ
    ــ يا راجل بير شنوا أنت من زمن الآبار بتحفظ سر، مافي زول يعرف يا متوكل ،
    لانو السرية مهمة جدا وعلي الطلاق لو أنت ما راجل أخو أخوان وتستحق الخدمة ــ
    ــ مشكور، مشكور جدا ربنا يقدرنا علي جزاك.ــ ــ اها خلي بالك معاي وتركب تمشي حي البروش بعد الحارة
    63ولا أقول ليك يستحسن تركب تاكسي وتقول لي بتاع التاكسي ينزلك في سوق ارفع سدرك
    شوفت سوق خمس دقائق بس بعدو اها الأكشاك العلي يدك اليمين تخليها،
    في أكشاك علي يدك الشمال تمشي عليها تعد الأكشاك الكشك السادس خلي بلك السادس،
    آخر كشك وراهو في ميدان بتاع كوره القون القريب ليك تخليهو، تمشي علي القون التأني
    اها القائم العالي يدك اليمين قصادو طوالي في زقاق تدخل بالزقاق ده تمشي طوالي لحدي
    تلقي قدامك بيت قدامو في ثلاثة لساتك خلي بالك ثلاث لساتك،
    اها تدق الباب حتلقي الراجل العندو الموضوع. ــ
    ـ اسمو منو ؟ــ
    ــ يا أخي عايز بي أسمو شنو؟ ما قلت ليك يا متوكل المسألة دي سرية للغاية
    المهم أقول لكن عشان اساعدك حاكتب ليك مذكرة هو حيتصرف معاك .ــ
    ــ كتر خيرك ـ
    ـ ــ بعد ذلك وريهو أنت عايز قدر شنو وما تتكلم معا هو كتير يا متوكل خلي بالك الموضوع غاية السرية ـ
    ـ وتقود خطوات اللهفة متوكل إلى حيث تلك الأوصاف التي حددها ذلك الخبير .
    قلم الحبر السائل من نوع ابوشفاطة أو أبو أمبوبة أو أي نوع من تلك الأقلام التي أصبح وجود أوعيتها تلك الصغيرة
    بمثابة ميزانية مالية قد تتفوق أحيانا على سعر القلم نفسه ،
    هؤلاء هم أطفال الابتدائية يملأون أقلامهم من محبرة على الدكاكين الصغيرة في الأحياء بمبلغ 50 جنيها
    ،آسف خمسة دينارات في الحي الذي يسكنه عبد القادر لوحظ ان القطط بدأت تختفي رويدا رويدا ،
    بينما ظلت فكرة الأمن الغذائي تسيطر على أعضاء المجلس الوطني حتي انها بتلقائية ماكرة و ملتبسة بعض الشئ
    قد تحولت من كثرة تكرارها الي ـ الغذاء الامني ـ لاسيما ان مسئولا كبيرا في الامن كان نال درجة الدكتوراة في موضوع الامن الغذائي
    . ها هي القرود في جنوب السودان تتقدم المجاهدين في حربهم ضد الكفار كي تفجر الألغام
    منحازة الى كل ذلك النقاء الديني الذي يشع من وجود المجاهدين منيرا ظلمة تلك الغابات الحالكة .
    " عبد الصبور " استطاع أن يتخلص من شبابيكه بأن باعها لاحد النجارين الذي جردها في عقله إلي الخشب
    ونزع عنها كل ذكريات " عبد الصبور " معها مقابل دينارات لا تسمن ولا تغني من جوع .
    تهرب الحافلات من أفواج الطلبة والطالبات الخارجين والخارجات من المدارس في تلك الظهيرة الحارقة
    لان نصف قيمة التذكرة التي يدفعها الطلبة والطالبات بمثابة خسارة لا تستطيع مطلقا ان تنحاز للتعليم الذي فقد مجانيته
    . التلفزيون يعلن عن قبر يتكلم في منطقة الدخينات ،تناقلت هذا الخبر و من ثم تنافست حول نشره الصحف ،
    قبلها كانت هناك صورة في احدي الصحف تظهر فيها لافتة مكتوب عليها ـ الدخينات تحذر امريكا
    وللمرة الثانية قاضي محكمة شوهد وهو يتسول في شارع خفي ، كان في حاجة إلي مائة دينار آسف ألف جنيه .
    بوليس حركة يفتعل مشكلة في موقف الحافلات أمام بوستة أم درمان كي يتم تغطية المشكلة بعدد من الدينارات ،
    في مستشفى التجاني الماحي واجه أحد اولئك المجانين الظرفاء عدد من طالبات الأحفاد اللاتي قد تم تقديمه اليهن كنموذج للدراسة ،
    نظر المجنون في وجوههن وبعقلية حسابية دقيقة قال : السؤال بي ميتين دينار .
    خرج عصام من الحافلة مقذوفا وبشدة لانه كان متآلفا مع هروبه من أن يدفع أجرة جارتهم وبنتها كما يفعل عادة السودانيون
    . اقتحمت عربة البوليس فناء كلية الأحفاد الجامعية للبنات وطارد أفراد ما يسمى بالشرطة الشعبية ،
    الطالبات اللاتي يلبسن أزياء لا تنتمي الى فكرة التوجه الحضاري كما أن الطالبات اللاتي اطلقن شعورهن
    داخل فناء الجامعة قد عوملن معاملة خاصة من أفراد الشرطة الشعبية التي أصبحت مهام الحشمة هي
    إحدى مهامها الحضارية وتحركت تلك العربة الدخيلة على فناء الكلية
    وصرخات الطالبات والسافرات اللواتي على ظهرها تختلط بصيحات الناجيات من تهمة السفور
    ومما لا شك فيه أن قسم البوليس الذي وصلت إليه العربة قد ضج بكل ذلك الحضور النهاري الجميل .
    " عبد الصبور" يتخلص من سجادة قديمة ومكواة وتلفزيون معطوب
    . سريرين وسجادة كانت لجدته من وراءه زوجته كان قد تخلص من دبلة خطوبته مقايضاً لها بكيلو لحم ضان تلك الفتاة بت القبايل
    ، بت الأصول التي أشارت للعربة الكريسيدا المتهادية في أحد شوارع الخرطوم ،
    الخرطوم بالليل على طريقة ياعم معاك كإشارة حميمة بمعنى autostop لم تعد هي تلك الفتاة لانها أدمنت انتظار تلك الكريسيدا
    فخرجت من زمرة ناس " يا عم معاك " وتنوعت على أناملها الرقيقة الدينارات .
    اهتزت الأرض من إحدى الساعات الأولى من إحدى صباحات 1993م ،
    أنها الأرض قد زلزل زلزالها، علق أحدهم قائلا : ما هي الأرض قد اهتزت فمتى يهتز هؤلاء البشر ؟
    نفس ذلك المذياع الذي وصف الزلزال الذي حدث في مصر أنه غضب من الله وصف ذلك الذي حدث في السودان وبدون خجل أنه امتحان من الله
    . وصل متوكل الى سوق ارفع سدرك وتابع وصف ذلك الخيبر حتى وصل الى حيث ذلك الباب الذي أمامه اللساتك التلاتة ،
    طرق الباب .. طرق حتى جاءه ذلك الرجل ،أعطاه متوكل المذكرة التي كتبها ذلك الخبير ،
    قرأ الرجل المذكرة ونظر الى متوكل مليا ونظر اليه شذرا وقال ــ عارف انو الموضوع ده سري جداً ؟
    ــ ــ أيوة جداًـ
    ـ ــ طيب عايز كم ؟
    ــ ــ عايز عشرة
    ــ ــ لا عشرة كتيرة خمسة وبس ، بعدين القطعة بعشرين دينار ــ
    ــ يعني ميتين جنيه ــ
    ــ عليك نور ــ ـ
    ـ طيب ما في مشكلة ــ
    كل الأحياء السكنية في العاصمة القومية نتثر الرماد قبل الغروب على عتبات الأبواب وعلى الحوائط
    أسفلها في شكل شريط من الرماد وذلك لان هناك وحش بستة أرجل ووجه غريب وأيادي اخطبوطية
    ورأس ذئب وذنب تمساح يتجول داخل العاصمة القومية ، يشاهد في امبدة بينما يكون في نفس الوقت في الدروشاب
    حتي الاحياء العشوائية تلك التي تختفي فيها الأبواب وعتباتها وتأخذ فيها الحوائط أشكالا من الكرتون والجوالات
    لم تنس أن تنثر الرماد كي يحيط بمساحتها المتواضعة ، قيل أن الوحش يخاف من رؤية الرماد ،
    الرماد هو الشيء الوحيد الذي يجعل هذا الوحش بعيدا عن الناس ،
    سمع أحد أصحاب المزاج عن هذا الوحش الذي يخاف من الرماد فعلق قائلا : هو ده أصلو وحش ولا حماد استنادا على المقولة التي تقول
    : الرماد كال حماد طبعا الخيل تجقلب والشكر لي حماد
    . أقسم " عباس الوناس " أنه شاهد فرح ود تكتوك والحنين والخضر وبلة يقفون في صف التأشيرة ،
    سأله نديم حميم في مجلسه ود تكتوك والخضر والحنين ديل عرفناهم بلة ده منو ؟
    رد عليه عباس الوناس قائلا : مش في مثل بقول يحلنا الحل بلة من القيد والمذلة بس بلة ده ذاتو .
    دخل الرجل الى الداخل وجاء يحمل كيسا في يده ، متوكل أعطاه 1000 جنيه يعني مية دينار ،
    وقبل أن يعطيه الرجل ذلك الكيس ، نظر إليه شذرا وبعيون تحاول أن تكثف ذلك الحذر ،
    وقال الرجل ــ متوكل خلي بالك الموضوع ده سري جداً لأنو الرغيف ما بنبيعو لأي زول .
    " عبد الصبور " تخلص من كل شئ وها هو أخيرا يبحث عن عتلة لدى الجيران كي
    يهدم حائط منزله الجانبي لجمع الطوب بين ذلك الركام ويتخلص منه لان ألف الطوب قد تجاوز العشرة آلاف دينار
    ، يعني مية ألف جنيه ، حتما " عبد الصبور " لا يمكنه أن يعيش بلا طعام هو ليس نورانيا . ها قد جاء اوائك الذين يحولون المأتم الى أفراح ،
    الى أعراس ،جاءوا الي الحي بعرباتهم و هتافاتهم ، لا بأس أنها سيرة عرس الشهيد ،اقتحموا صيوان العزاء ،
    دخلوا الى داخل المنزل وأخيرا استطاع المذيع التلفزيوني أن يقتلع زغرودة من أم الشهيد تبعها تشنج من الهتافات ،
    حاجه ـ آمنة ـ لم تستطع أن تزغرد على موت ابنها
    ولكنها بدلا من ذلك كالت التراب على رأسها الكاشف الأمر الذي جعل المذيع يهرب من أمامها
    وهي تلاحقه بالشتائم . بدا وجه " عبد القادر " يتحور تدريجيا حتى انه اصبح يشبه وجوه القطط التي أكلها
    بينما تناثرت في الشوارع لافتات ضخمة مكتوب عليها ، من يملك قوته لا يملك قراره ،
    أشهر " عبد القادر " ابتسامة قططية الأمر الذي جعله حين دخل بسبب فضول رخيص لا يملك القدرة على تنفيذ حتى التجارة البكماء ،
    دخل " عبد القادر " السوبر ماركت وحين نظر الى رجل بدين وعمامته تعلن وبشكل واضح عن وضعه الاقتصادي ،
    كان ذلك الرجل يشتري ويشتري ويشتري بينما " عبد القادر "
    ينظر إليه وبتلك الذاكرة القططية ويراه ووجه قد تحول الى وجه قط ولكنه أليف برغم ذلك بدأ يستأنس فكرته امام هذا القط الذي أمامه .
                  

07-11-2010, 08:08 AM

dardiri satti

تاريخ التسجيل: 01-14-2008
مجموع المشاركات: 3060

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سلسلة المبدعون في بلادي -يحيى فضل الله (Re: Khalid Osman)

    يحي فضل الله ،
    له التحية،
    سنوات غربتي الطويلةلم تتح لي فرصة
    التعرف على الكثير من إنتاجه .
    تابعته وهو يكتب في صحيفة الخرطوم
    التي كانت ترد إلينا من القاهرة حينها.
    فوجدت فيه الكثير من القاص الأمريكي أو .هنري،
    كاتبي المحبب.
    وقد تصادف أن وجدت ، قبل نحو 15 سنة،
    مجموعة قصص أو .هنريهذا
    عند زيارتي إحدى المكتبات ، شريت نسختين ،
    نسخة لي ، والأخرى قررت أن أحتفظ بها
    حتى ألتقي بيحي فضل الله فأهديه إياها.
    ما زلت أحتفظ له بها.
    تحياتي له.


    تحياتي
                  

07-13-2010, 00:43 AM

Khalid Osman
<aKhalid Osman
تاريخ التسجيل: 04-25-2010
مجموع المشاركات: 261

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سلسلة المبدعون في بلادي -يحيى فضل الله (Re: dardiri satti)

    شكراً على المرور ، في أمان الله
                  

07-18-2010, 04:52 AM

Khalid Osman
<aKhalid Osman
تاريخ التسجيل: 04-25-2010
مجموع المشاركات: 261

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سلسلة المبدعون في بلادي -يحيى فضل الله (Re: Khalid Osman)

    -
                  

09-30-2010, 04:27 AM

Khalid Osman
<aKhalid Osman
تاريخ التسجيل: 04-25-2010
مجموع المشاركات: 261

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سلسلة المبدعون في بلادي -يحيى فضل الله (Re: Khalid Osman)

    <<
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de