و بدأت الشرارة الأولى ..... ثورة ثورة حتى النصر !!!

Quote: الإفلاس الآيديولوجي والفكري للنظام بابكر عبّاس الأمين يعاني المُحافظون الجُدد من شرخ نفسي أدي إلي إفلاس أيديولوجي وعجز فكري. وكان من إفرازات هذا الإفلاس والعجز تناقض وإزدواجية في سياساتهم الداخلية والخارجية، بحيث وصل نظامهم إلى طريق مسدود. وأوضح من تتجلى فيه ظاهرة التناقض هو بالطبع رأس حركتهم, حسن الترابي, الذي يتمتع بمقدرة مُدهشة على إيجاد سند ديني للشيء ونقيضه في نفس الوقت. في لقائه مع قناة الشروق الجزائرية, أفتى الترابي بأنّ استقلال الجنوب حق ديني, رغم الجهد الذي بذلته الملائكة حينما كانت تحارب في صف "المجاهدين" آنذاك. يقول الترابي هذه الفتوى بعد حملة جهادية استمرت لأكثر من عقد من الزمان. أبسط آثار هذه الحملة هو موت مئات الآلاف من الطرفين, بالإضافة إلى تقسيم القطر. التناقض والتأرجح في الأقوال والسياسات سمة من سمات كل المُحافظين الجُدد, ولنأخذ مثالاً آخر هو تلميذ الترابي النجيب, علي عثمان. بعد أن وقَّعَ على الهزيمة, قال عند عودته إلى الخرطوم, مُبشِّراً بها: "جئتكم بحبل الله المتين، وقاعدة البناء الوطني الشامل فيه العدل والمساواة." نفس الذين خلقوا مرجعية دينية لقتل أبناء الوطن الواحد باسم الجهاد, أضفوا قدسية على الإتفاقية بوصفها "حبل الله المتين." وبعد أن وصِفت الاتفاقية بحبل الله المتين, فإنّ قطبي المهدي, قد نقض هذا القول بعد قوة أنكاثا، قائلاً: إنها تمت تحت ضغوط أمريكية: "إن الحكومة تعرف جيداً أن كثيراً مما اتفق عليه في نيفاشا, قد تمّ الإعداد له في مركز الدراسات الإستراتيجية في واشنطن. وأنّ هناك أشخاصاً من هذا المركز تمّ تعيينهم من قِبل هذه الدوائر كخبراء في الإيقاد, قاموا بكل هذا العمل الذي تمّ، وأنّ الحكومة قبلت بذلك بناءً على سياسة الأمر الواقع، لأنّ هناك ضغوطاً لا قِبل لها بها, ولا قدرة لها على مواجهة هذه القوة الدولية المتربصة بها. " (الصحافة 26/2/2005). وما أمتنه من حبل لله ذلك الذي يُفتل في البيت الأبيض! وفي تناقض اّخر, يقول غازي صلاح الدين عن الغرب: "عندما انفتحنا على العالم, وضح لنا أننا أكفاء للقوى التي تهيمن على العالم, وفي مقدورنا أن نتحداهم بأفكارنا, ويمكن أن نكون نداً قوياً لدول الاستكبار." (أخبار اليوم فبراير 1995). الذي يسمع هذا التصريح - دون أن يعلم النظام الذي يمثَّله المُصرِّح - يعتقد أنه يمثل نظاماً أعد الأساطيل الحربية, والترسانة النووية, ومنظومة فكرية تملك الحلول لكل مشاكل البشرية. بيد أنّ الذي يعلم المُصرِّح وتنظيمه, يدرك أن المُحافظين الجُدد يقولون ما لايفعلون ويفعلون ما لا يقولون, لأنّ نفس هذا المُصرِّح كرّر في زيارته إلى أمريكا, الشهر الماضي, بأنّ نظامه يتعاون معها استخبارياً في مكافحة الإرهاب. والتعاون الاستخباراتي لا يمكن أن يكون تحدٍ فكري أو تعامل ند مع ند, أو دليل كفاءة, إنما دليل انبطاح وعمالة. والحقيقة أنّ هذه عمالة لوجه الله, لأنها بدون مقابل وغير مدفوعة الأجر. وذلك لأنه بعد أن أدّى فروض الطاعة, مدَّدت الإدارة الأمريكية عليهم العقوبات, كما رفضت إزالة السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب. والتعاون الاستخباراتي في مكافحة الإرهاب لا يعرف القيم والأخلاق والدين. وذلك لأنّه يشمل التجسس على المسلمين, وأخذهم بالشبهات, والوشاية بهم. وتمّ تجديد العقوبات رغم أنّ المُحافظين الجُدد ظلّوا يقدمون فروض الطاعة مُذ منتصف التسعينيات, عندما طردوا ابن لادن من السودان, بعد أن استثمر فيه. بالإضافة إلى تقديمهم معلومات, "للقوى التي أصبح في مقدورهم تحديها فكرياً", عن الجماعات الإسلامية التي هاجرت إلى دولة الإسلام الإفريقية, وتمّ منحها الجنسية السودانية بتعديل قانون الجنسية عام 1991م. وما كان الانقلاب في الأساس لتأسيس (مشروع حضاري) أو (لتطبيق شرع الله), إنما هاتان عبارتان ظلّ المُحافظون الجُدد يمضغونهما كمضغ اللبان لدى شريحة اجتماعية معينة. كل مافي الأمر تأسيس سلطة بلا مجتمع, بقهر السودانيين وفعل كل شيء في سبيلها. بعبارة "كل شيء" نقصد البطش والتجويع وإهدار الكرامة الإنسانية لشعبنا. وبتلك العبارة نقصد فعل أي شيء في سبيل الكراسي حتى لو تعارض مع الأعراف السودانية والدين والأخلاق. وكمثال على ذلك, فإن نافع علي نافع, كان قد أشرف شخصياً, على تعذيب دكتور فاروق محمد ابراهيم, الأستاذ الجامعي, ركلاً وتهديداً بالقتل في بيت الأشباح, رغم أنّ نافعاً كان من طُلابه في جامعة الخرطوم. و لم يقتصر التعذيب على الفترة الدموية الأولى لحكمهم بل استمر فيما بعد, وما زال. فعلى سبيل المثال, تعرض الأمير نقد الله, القيادي في حزب الأمة, عام 1998 لتعذيب, كان من ضمنه منعه من استبدال ملابسه لمدة 108 أيام. كما عُذب علي محمود حسنين, القيادي الاتحادي, بأسلوب مُماثل رغم تقدمه في العمر, ورغم تعدد أمراضه. وبكتابة هذه السطور فإنّ ياسر عرمان, عن الحركة الشعبية, قد تعرض للضرب في السجن لمجرد تنظيم مسيرة سلمية وكل سياسات المُحافظين الجُدد تتمثل في إبطال الحق وإحقاق الباطل. وهم لا يتناهون عن مُنكر فعلوه, بل إنهم يضفون مسحة دينية على المُنكر. فحسب المُفكر الإسلامي الأمين د. الطيب زين العابدين, فهم يدّعون أنّهم يعبدون الله بالتجسس, والاعتقال والتعذيب ونهب المال العام, وبتزوير الانتخابات, وفصل الناس من عملهم وقتلهم. (الصحافة 27/3/2005). وما فتئ أحد قادتهم - هذه الأيام - يعبئ سيارته بالمليارات من النقد, كأنّها نصيبه من ميراث, مُتفقداً الرعية طائفاً عليها, يوزع منه للعارضين ذممهم في سوق الانتخابات. وكان نصيب أحد أقربائي الانتهازيين خمسة ملايين جنيه منها. وقد فعل هذا النظام بالسودانيين ما لم يفعله اليهود بفلسطينيي 1948. وذلك لأنّ هؤلاء الفلسطينيين لهم أحزاب وصُحف ومنظمات مجتمع مدني, ونواب في الكنيست, وكل الحقوق المدنية. ولأنّهم يعلمون أنّهم منبوذون لأنّ شعبنا يشمئز من الطُغاة, فقد انتهجوا سياسة تجويعه ليجروا إليهم العناصر الرخوة, عملاً بمبدأ "جوِّع كلبك يتبعك." وأدى احتكارهم التام للثروة, ضمن ما أدى إلى الفقر المُدقِع, بحيث أصبح الكثير من طالبات الجامعات يبعْن الشاي في الأرصفة, ويعملن خادمات في البيوت لدفع الرسُوم الدراسية الباهِظة. رغم أنّهم وشيخهم قد تلقوا تعليماً جامعياً رفيعاً أفضل من الغرب, لأنّ التعليم الجامعي ليس مجاناً في الغرب. وكان نظاماً تعليمياً راسِخاً, دعمه دافعو الضرائب, الذين ردّوا إليهم العِرفان تشفّياً وحقداً وإساءات. بمثل عبارات (شحاتين ـ ـ يفنى ثلثا السودانيين ليبقَى الثلث الأصلح). وكنا نتوقع أن تتهذب لغة الغطريس الذي وصفنا بالشحاتين, فإذا بها تنحط إلى الركيك من العاميّة حينما وصف مؤتمر جوبا بـ"اللمة." قام المُحافظون الجُدد أيضاً باستيراد السلاح من جنوب أفريقيا قبل تفكيك نظام الابارتهايد, رغم قرار منظمة الوحدة الإفريقية بمقاطعته. وبعد تفكيك نظام الفصل العنصري, قال مانديلا: "ما كنت لأصاب بالإحباط والغضب لولا أنّ هناك أنظمة سودانية قبلهم قدمت لنا دعماً سخيا." وعندما حدثت فضيحة هجوم حركة العدل والمساواة على أم درمان, أمرت قيادتهم بإخلاء كل وحدات الجيش من العاصمة القومية, لتواجهها قوات الأمن ومليشياتهم. وحسب مصادرنا من داخل الحكومة, فإنّ السبب كان عدم ثقتهم في ولاء الجيش, واحتمال انقسامه بحيث يؤدي إلى نهاية مملكتهم. وقد أصبح الحفاظ على السلطة, لديهم أهمّ من حماية أرواح وممتلكات المواطنين في قلب العاصمة, وأهم من هيبة الدولة. ورغم ثبوت فشلهم وعجزهم أخلاقياً وسياسياً في إدارة البلاد, إلا أنّهم ما يزالون يكابرون ويصرون على إشباع شهوة السُلطة وما يتبعها من نهب لموارد الأمة. بعد توقيع اتفاقية "حبل الله المتين" مباشرة, خطّط المُحافظون الجُدد للاستمرار في الحكم عن طريق الانتخابات, ليشبعوننا ثرثرة بعدها عن شرعيتهم. أول ما قاموا به - لضمان فوزهم - هو منح الأموال وحق الاستيطان والجنسية, بطرق غير قانونية, للقبائل المشتركة في كل حدود السودان, بما فيها الشمالية. ولهذه الغاية صرفوا من موارد الدولة لتغيير التركيبة السكانية في العديد من أقاليم القطر, كإعادة توطين المسيرية في جبال النوبة. وتتلخص سياسة النظام السوداني- حسب فلسفة شيخه – في استعداء السوداني واسترضاء الأجنبي. يتضح ذلك بأنّ شيخهم بينما كان يدعو لجبهة أهل الكتاب, كان في نفس الوقت يبطش بقادة كيانات إسلامية سودانية, بإيداعها السجن, ومصادرة ممتلكاتها, والإساءة إليها بألفاظ مقذعة. وتماماً كشيخهم, فهم ينكلون بالسودانيين, في الوقت الذي يسترضون فيه أمريكا في مجال الاستخبارات. إضافة إلى استرضاء مصر, التي أهدوها سيادة حلايب, كأنّها من ممتلكاتهم, وتسليمهإ إسلاميين مطلوبين من قِبلها, رغم أنّ الكافر يُجار حسب القرآن "وَإن أحَدٌ مِّنَ المُشرِكِينَ استَجَارَكَ فَأَجِرهُ." (6) التوبة يستغرب المرء في رضوخهم لمصر رغم أنّ طائفة منهم قد همّت باغتيال رئيسها في السابق. وتلك حادثة تكشف روح الدموية والمغامرة لدى المُحافظين الجُدد. بعد أن تسرّب العملاء الذين قاموا بالمحاولة إلى السودان, تمّ تهريبهم خارج البلاد, بدلاً عن اقتراح بتصفيتهم. ومحاولة الاغتيال, واقتراح التصفية شيء لم يعرفه تأريخ السودان السياسي ناهيك عن الدين. حتى لو كان لديهم مرجعية دينية مُستمدة من فِقه الإسلامبولي في الاغتيال, فإنّ تصفية العملاء لن يجدوا لها تبريراً أخلاقياً إلا في "فقه" المافيا واّل كابون. وهذا, في الحقيقة, تصرف مغامرين ومراهقين سياسياً, لأنّ اغتيال أنور السادات لم يؤدِ إلى إنشاء دولة إسلامية في الفسطاط, أو إلغاء اتفاقية كامب ديفيد. المذكور أعلاه, عن المُحافظين الجُدد, هو غيض من فيض وسطر من قمطر وقطرة من بحر. لماذا تسلك تلك الفئة الباغية سلوكاً منافياً للدين والأخلاق والأعراف السودانية؟ الإجابة: أنهم تلقوا تربيتهم من باقوانهم Bhagwan الترابي, الذي يتمتع بقدرٍ عال من المراوغة والفهلوة السياسية والتناقض. ومن شبّ على شيء شاب عليه. وقد كانوا مفتونين به ويعجبهم باطله حين يزيِّن لهم زُخرُف القول ليضلهم "وَأضَلَّ فِرعَونُ قَومَهُ وَمَا هَدَى" (79) طه. وقد كادوا أن يضعونه في مرتبة الأولياء والمرسلين, حسب قول تلميذه عمر البشير: "لقد وصلنا مرحلة في السابق كدنا أن نقول لا إله إلا الله والترابي ولي الله." (أخبار اليوم 2/9/2004). وأخيراً, نختم بهذه الأبيات: هل طَرقتُم بابنا إذناً كما أوصى الرسول؟ هل أذنّاكم وفي الإذن الـدخـول؟ أم قفزتُم بالنوافذ مِثلما أفتى الترابي؟ اجرس الحرية

ونواصل