و بدأت الشرارة الأولى ..... ثورة ثورة حتى النصر !!!

Quote: وسقط ورق التوت (الإنقاذي) في الاثنين الأخضر صالح عمار من يستولي علي السلطة بالقوة،ويلقي باعدائه في غياهب السجون والمعتقلات، ويخوض الحرب تلو الحرب في اقاليم واصقاع شاسعة من بلاده، يقتل فيها مئات الآلآف من بني جلدته،ويتحول ما ارتكبه الى جريمة دولية تتصدر اجندة مجلس الامن والمحاكم والمنظمات واجهزة الاعلام الدولية، قطعاً لن يغشاه النعاس وينام نوم قرير العين هانئها من كان في مثل هذه الاوضاع، وسيظل وحتي آخر نفس من حياته يقاوم بكل الاسلحة والطرق،لان إستسلامه يعني ضياع السلطة التي ارتكب كل هذه الاخطاء (والجرائم) من اجلها وقد يعني ايضاً عقوبات وإدانات ومحاكم.هذا هو حال الإنقاذ طوال العشرين عاماً الماضية، ولئن احدثت تغييرات في كل شئ إلا ان الثابت الوحيد عندها هو الامن امن النظام،الخط الاحمر الذي لايقبل النقاش ولا التفريط لاي سبب ولاي ظرف من الظروف (حتي ولوادي ذلك لنقض نصوص واضحة الدلالة في إتفاق شهد عليه العالم نص بوضوح وبمفردات لاتقبل الجدل والنقاش علي حق الاحزاب والمجموعات في تسيير المواكب والمسيرات السلمية وعلي حصر مهام جهاز الامن في جمع المعلومات كسائر اجهزة الامن في الدول الديمقراطية). ولكن ورغم كل هذه اليقظة والعين التي لاتنام، ورغم ان المعارضة في المقابل كانت طوال الفترة الماضية في حالة سكون وبيات شتوي،إلا ان القليل من الحراك الناتج ما بعد ملتقي جوبا وخلال فترة وجيزة، اربك حسابات الحشود والمتاريس والعقلية (الامنية) واظهر مدي ضعفها وهي تتحدث عن ضعف معداتها وآلياتها وتدشن المزيد منها، وهذا بالطبع لايعود لقوة المعارضة اوضعف السلطة وإنما لقوة الفكرة والطرح الداعي لسيادة حكم القانون والديمقراطية ورفع المعاناة عن كاهل المواطنين، وقوة الفكرة والمبدأ وكما جرت سنة التاريخ والحياة هي التي تنتصر لامحالة في خاتمة المطاف (طال الليل اوقصر). الاثنين الأخضر،مكاسب بالجملة للديمقراطيين مكاسب متعددة جنتها القوي الديمقراطية من خروجها السلمي يومي الاثنين (7 و14 ديسمبر)،اول هذه المكاسب وأهمها إثبات إنتهاك المؤتمر الوطني للدستور والقانون وعدم احترامه لهما (رغم انه صاحب النصيب الاكبر في إعدادها ووضع مسوداتها وتمت إجازتها في المجلس الوطني الذي يتمتع فيه بالاغلبية) وتوضيح ذلك لكل العالم الذي تابع مذهولاً ماجري من حملة اعتقالات شملت دستوريين وذوي حصانة وإطلاق البمبان والرصاص المطاطي علي المدنيين العزل،وهوما ادانه العالم وابدي أسفه علي حدوثه. من أهم هذه المكاسب ايضاً،ثبوت ضعف المؤتمر الوطني وهشاشته بالنظر لحالة الهلع التي انتابت مؤسساته الامنية والسياسية امام حدث في الحساب لايستحق ولاواحداً في المائة من كل تلك الإستعدادات والحركة وردة الفعل التي ووجه بها،وكل عاقل ومحلل يدرك ان المعارضة لايمكن ان يكون هدفها في هذه المرحلة إسقاط الحكومة القائمة (لان الظروف الملائمة لذلك لم تكتمل الآن). ومن ارباح الاثنين الأخضر كسر الحاجز المعنوي والهالة التي كان المؤتمر الوطني يحيط بها نفسه،واعتماد التظاهرات كآلية فعالة في المستقبل لفرض مطالب المعارضة ،وزيادة المعارضة لثقتها في نفسها كلها مكاسب خرجت بها المعارضة والقوي الديمقراطية من احداث الاسبوعين الماضيين. وفيما يتعلق بالإنتخابات التي هي التحدي الاساسي لكل القوي السياسية في المرحلة القادمة،فقد اثبتت الاحداث الاخيرة ان شروط قيامها غير متوافرة الآن، ما يعطي مبرراً قوياً في المستقبل لاي قرار تتخذه المعارضة بمقاطعة الإنتخابات في حالة إستمرار الاوضاع علي ماهي عليه. وإذا كانت هذه المكاسب مشتركة بين كل القوي السياسية والديمقراطية فإن ثمة مكاسب لاطراف التحالف منفردة،الحركة الشعبية التنظيم والقوي السياسية والجماهيرية الاكبر جنت ارباحاً مقدرة من تحالفها مع القوي الديمقراطية،فمن الناحية الإستراتيجية اسهمت الحركة في تقوية حلفائها الديمقراطيين الذين تحتاج إليهم اقوياء في حالتي انفصال الجنوب ووحدته، ذلك ان المشروع السياسي والفكري للحركة الشعبية يتناقض جوهرياً مع مشروع المؤتمر الوطني ولايمكنه الإستمرار معه بعد انتهاء اجل الإتفاقية (المتبقي لها عام واحد)،والحركة تحتاج لحلفاء اقوياء تعمل معهم في حالة تصويت سكان جنوب السودان للوحدة،وفي حالة ترجيح الجنوبيين للإنفصال فإن من الافضل للحركة ان تتعامل مع قوتين في الشمال تحتفظ بعلاقة وتحالف مع أحدهما بدلاً من ان تتعامل مع المؤتمر الوطني لوحده،وتتضاعف هذه الارباح بالنسبة لقطاع الشمال (والشامل مناطق ذات ثقل للحركة الشعبية كالنيل الازرق وجبال النوبة).كما اثبتت الاحداث الاخيرة ان العمل في إطار المظلة الواسعة للمعارضة والقوي الديمقراطية هو اقصر الطرق لتحقيق الاهداف وإجبار المؤتمر الوطني علي تنفيذ الاتفاقية لانه يتخوف دائماً من أي تحالف للحركة مع المعارضة. اما القوي السياسية والديمقراطية الاخري فقد كانت مكاسبها اكبر،حيث اعادتها الاحداث الاخيرة للواجهة، وكسرت ثنائية نيفاشا،وركزت الاضواء بقوة علي عدد كبير من القوانين والممارسات التي كانت تقف ضدها في الفترة الماضية وتشكل اولوية لها .وشكل حضور الحركة معها سنداً ودفعة قوية لها ذلك ان خروج المعارضة لوحدها للشارع لم يكن ليشكل عنصر جذب وإثارة بإعتباره امراً معتاداً ان تخرج المعارضة في كل دول العالم للتظاهر والإحتجاج ولكن كان المثير هو خروج جزء من الحكومة نفسها ليتظاهر ضد الجزء الآخر وتلقي الشرطة القبض علي وزيرها!. ثم ماذا بعد؟ كل الشواهد والدلائل من العشرين عاماً الماضية تؤكد ان المؤتمر الوطني ونظام الإنقاذ لايمكن ان يسمح ابداً بقيام دولة ديمقراطية تحقق تطلعات الشعب في السلام والتنمية والعدالة،وهو مايحتم علي كل القوي الديمقراطية وضع هدف إسقاط هذا النظام في مقدمة اولوياتها،وهو هدف بالطبع لايمكن تحقيقه مابين يوم وليلة بل يحتاج لفترة زمنية وإرادة قوية (كما ان العالم الخارجي لايتحمس لتغيير سريع ويفضل ان تمضي إتفاقية نيفاشا لنهاياتها،ويضغط بهذه الرؤية علي كل اطراف النزاع للمحافظة علي الهدوء والسلم). هذا الوضع يقتضي وضع خطة وبرامج تنفذ علي مراحل،الوسيلة (والغاية) لنجاح خطة مثل هذه هي خلق مناخ ديمقراطي ملائم للحركة،وهذا المناخ يمكن في حالة توافره ان يكون جسراً للعبور لقضايا وملفات الإنتخابات ودارفور والإستفتاء والتحديات الاخري.والمناخ الملائم يعني في مايعني عملية جراحية معقدة للفصل بين الدولة والمؤتمر الوطني،وهي العملية التي يجب ان يكون القيام بها شرطاً اساسياً لقبول المعارضة دخول الإنتخابات. ولنيل ثقة الشعب يجب التركيز علي قضايا المواطنين المعيشية والازمة الاقتصادية الخانقة التي تضرب قري ومدن السودان المختلفة،كما يجب نقل المعركة للاقاليم المختلفة لمزيد من المشاركة وقوة الدفع وإرباك المؤتمر الوطني وتشتيت مقدراته (ويلاحظ ان المعارضة تعاني من ضعف في هذا الجانب). ومن اقوي العوامل التي ستسهل للمعارضة مهمتها في الفترة القادمة،الخلافات الداخلية في المؤتمر الوطني المستعرة بقوة في الولايات والتي تستعد في أي لحظة للإنفجار في المركز،وأهمية هذا الخلاف لاتكمن في حد ذاته بإعتبار ان أي مجموعة معرضة للخلاف ولكن الخلافات الحالية داخل المؤتمر الوطني ذات خصوصية وفائدة كبيرة للقوي الديمقراطية كونها شلت ماتبقي من الكوادر السياسية و الفكرية للمؤتمر الوطني (بقيادة نائب الرئيس علي عثمان) كما يتوقع ان تخرج هذه الخلافات المزيد من اسرار السلطة والحكم (بل وقد تؤدي لتواجد مجموعات تعمل ضد المؤتمر الوطني من داخله ومؤشرات ذلك واضحة للعيان). المعارضة الآن في وضع يفرض عليها تكثيف نشاطها والإستفادة من تجارب دول مثل لبنان وإيران في العمل الجماهيري، وفي حالة تكثيف نشاطها وتصعيده والدخول للإنتخابات القادمة بخطاب موحد وقوي فليس من المستبعد إكتساحها للإنتخابات (في حالة توافر العوامل والظروف التي تحدثنا عنها) او علي اسوأ الفروض الوصول لصيغة شراكة شبيهة بماتم من تقاسم للسلطة في كينيا وزيمبابوي.