تتابع مفوضية العدالة الشاملة في السودان بقلق شديد و دقة متناهية ما يجري في الساحة السياسية السودانية و الحراك الشعبي الذي انتظم غالبية مدن و قرى السودان في إطار ممارسة الحقوق التي نص عليها في كل من الدستور السوداني الإنتقالي و الأعراف و المواثيق و المعاهدات الدولية و التي تكفل للمواطنين حق التنظيم و التظاهر و التجمع و إمتلاك إرادتهم و حقهم في التعبير السلمي عن آرائهم و مواقفهم.
و بالرغم من أن المفوضية لم تلحظ أي مما يمكن وصفه بأنه عمل تخريبي من قبل المتظاهرين السلميين - كما ظل يردد ذلك منسوبي النظام، لتبرير الإنتهاكات الجسيمة التي لا تزال تقع ضد المواطنين العزل و إحتجازهم غير المبرر و قتلهم بأبشع الصور من قبل أجهزة النظام - إلا أن المفوضية رصدت بعض الأصوات التي تنادي بإلغاء العدالة مقابل تحقيق مكاسب سياسية، و هذا ما أورده الناشط و رجل الأعمال المعروف السيد مو إبراهيم على قناة بي بي سي الإنجليزية و الذي عرض فيه العفو عن الرئيس السوداني عمر البشير المتهم و المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية في جرائم دارفور بينها جرائم حرب و جرائم ضد الإنسانية و جرائم الإبادة الجماعية و جرائم التطهير العرقي و هذه الجرائم لا تسقط بالتقادم و لا تقبل المساومة و لا يحق لأي شخص التنازل فيها نيابة عن الذين ماتوا و من هم في السجون و ذويهم الذين يعتصرهم الألم و الحزن و مرارة الإنتظار لساعة الإنصاف، و هو حق خاص لا يقبل الوصاية. فمثل تصريحات مو إبراهيم التي ساقها كمحفز لمطلوب العدالة الجنائية الرئيس عمر البشير للتنحي عن الحكم مقابل إعفائه عن جرم إقترفه و هو معترف به، تعد من أخطر التصريحات لأنها تخرج من فاه كان يتنادى بالحكم الرشيد و إحقاق الحقوق و خصص لذلك جائزة بمبالغ طائلة طاف العواصم و المدن و القرى و أقام لها المنابر و الإحتفالات و قطع آلاف الأميال لأجل هذه المبادئ و القيم النبيلة. و بهذا تجدد المفوضية تحذيرها له و للآخرين الذين ربما يكون لهم نفس التوجه الساعي إلى إحداث مقايضة سياسية على حساب العدالة و مبدأ سيادة حكم القانون و حقوق الضحايا، و أن التوجه في ذات النهج يحفز المتهمين و يشجع آخرين للإستمرار في هذه الإنتهاكات و يوطن الغبن و ينمي روح الثأر و الإنتقام و بالتالي الثبات في دائرة الإقتتال و إنعدام الإستقرار و السلام.
و هنا تود المفوضية أن تعلن لكل المعنين بالتعاطي مع الحراك الشعبي اليوم أن يحكموا القانون في أقوالهم و أفعالهم دون الجنوح إلى أي سلوك أو تصريحات قد تعرضهم للمساءلة الجنائية، إذ أن المفوضية قد رفعت دعاوى إلى المحكمة الجنائية الدولية في الأيام الستة الماضية ضد مسئولين في الدولة تسببوا في قتل المتظاهرين السلميين و توعدوا بقتل المزيد منهم و صرحوا عبر أجهزة الإعلام بأن لهم كتائب إجرامية لحماية نظام المتهم عمر البشير مهما كلف من دماء، و قد طالبت المفوضية المحكمة الجنائية ممثلة في المدعي العام بأن تترك الملف مفتوحا تحسبا للمزيد من القضايا التي تصنف ضمن الجرائم الخطيرة و التي لا يمكن تسويتها في إطار القانون السوداني و أجهزته العدلية.
و تذكر المفوضية جميع السودانيين بأنه يمكنهم التواصل معها و رفع بلاغاتهم عبر بريدها الإلكتروني .([email protected])
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة