بعد فترة زمنية ليست بالقصيرة من توقف جهود العملية السلمية في السودان، أعاد دخول دولة جنوب السودان كوسيط في العملية السلمية السودانية الحياة للمسارات المختلفة. وكانت حكومة جنوب السودان قد أعلنت في بداية نوفمبر، بعد نجاح الوساطة التي قامت بها الحكومة السودانية لإيقاف الحرب الأهلية في الجنوب، عن عزمها التوسط في تحقيق السلام في السودان.
وعلى الفور شهد شهر نوفمبر عدد من الاجتماعات التشاورية بين الفصائل السياسية المختلفة والوسطاء . فشهدت جوبا اجتماعات متواصلة بين فصيلي الحركة الشعبية وحكومة جنوب السودان. كما تم أيضآ اجتماع مباشر بين وفد الحكومة السودانية ووفد تفاوض تابع للحركة الشعبية بقيادة عبد العزيز الحلو في جوهانسبرج واجتماعات اخرى لفصيلى الحركة الشعبية، كل على حدة، للتشاور مع الآلية الافريقية التي يرأسها امبيكي في اديس ابابا. وعقد وفد مشترك بين حركتي تحرير السودان مناوي وحركة العدل والمساواة عدة اجتماعات مع الوساطة لإحياء عملية سلام دارفور في برلين الدوحة واديس ابابا والتي انتهت بالتوصل الي اتفاق مع آلية الوساطة الافريقية والحكومة السودانية حول المسائل الإجرائية المتعلقة بالتفاوض تم التوقيع عليه في برلين في الأسبوع الأول من ديسمبر الجاري.
وبالمثل دعت الآلية الافريقية تحالف نداء السودان والذي يضم عدد من التنظيمات المدنية بالإضافة الي الحركات المسلحة المعارضة الي اجتماع تشاوري في اديس في ٩ ديسمبر ، ودعت الألية الافريقية، الحكومة السودانية لاجتماع موازي في نفس التاريخ، وهو الأمر الذي يطرح احتمالية قيام مفاوضات غير مباشرة بين الطرفين على غرار ما حدث في توقيع خارطة الطريق، يقوم فيها الوسيط الافريقي بالتوصل لاتفاق جديد دون لقاء مباشر بين الوفدين.
كل هذه الجهود تجري باتجاه وقف الحرب ومحاولة التوصل الي تسوية سياسية. ويعتبر دخول جنوب السودان هو العامل الأكبر للدفع بجهود العملية السلمية. حيث ان دولة الجنوب تمتلك مفايح مؤثرة مع جميع أطراف الازمة السودانية، كما أن لجنوب السودان مصلحة حقيقية في تحقيق الاستقرار والسلام في السودان لضمان انسياب وتصدير النفط عبر الاراضي السودانية. ولكن الملاحظ على مسارات العملية السلمية الحالية انها تتم في سرية ضاربة ووراء الأبواب المغلقة دون استعراض ما يحدث من جميع الاطراف بشكل معلن يضمن المشاركة والدعم الجماهيري للعملية، وهو ما يهدد بانتهاء العمليات السلمية الحالية باتفاقيات فوقية لا تخاطب جذور الازمة ولا تتوفر لها القاعدة الجماهيرية والدعم الشعبي للاتفاقيات. كما ان تعدد المسارات الجارية ايضا يرجح إحتمال الوصول لحلول جزئية لمظاهر الازمة السودانية، وهو الامر الذي يمثل تراجعا عن شعار الحل الشامل للازمة السياسية في السودان، والذي يتطلب تغير ديمقراطي شفاف وحقيقي.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة