يا أبناء شعبنا العظيم، ها نحن اليوم نستقبل الذكرى الرابعة والخمسين لثورة أكتوبر المجيدة، والذكرى الثامنة لتأسيس الجبهة السودانية للتغيير، وبلادنا ما زالت ترزح تحت نير الدكتاتورية والشمولية، وانهيار المؤسسات الوطنية وهيمنة حكم الفرد المطلق، وانهيار العملة الوطنية حتى أصبحت قيمتها لا تساوي ثمن تكلفة طباعتها، وغياب سيادة حكم الدستور وقوة نفاذ القانون، وكل أشكال القمع والاستبداد والطغيان. نحي في هذه الذكرى العطرة كل نضالات وتضحيات بنات وأبناء شعبنا الذين أبدا ما بخلوا بدمائهم وأرواحهم فداء لهذا السودان العظيم. شعبنا العظيم إن ثورة أكتوبر لم تكن حدثا عابرا أو معزولا عن نضال وتضحيات شعبنا، ومقاومته للقهر والديكتاتورية ومجابهة السياسات المعادية لمصالحه سعيا للسلام والنهضة الشاملة، بل جاءت نتيجة للتراكم النضالي، والمقاومة ضد الديكتاتورية، التي اتخذت أشكالا عديدة وبمستويات متباينة، تمثلت في نضالات العمال بصفة عامة، وفي طليعتهم عمال السكة الحديد، ومقاومة حركة المزارعين والطلاب والقوى المستنيرة، والمقاومة التي عملت ضد تهجير أهالي حلفا، وكل فئات الشعب السوداني التي تطلعت لنيل حريتها وحفظ كرامتها. ستظل أكتوبر معلما بارزا ومتميزا في مسيرة شعبنا، لأن شعاراتها وأهدافها ارتبطت بقضايا التغيير الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، كما ارتبطت بحل معضلة القضية الوطنية ممثلة في مؤتمر المائدة المستديرة، ولكن القوى المعادية للسلام والديموقراطية والرفاه والتقدم عملت على إجهاض ثورة أكتوبر وهي في مهدها، بالتآمر وبجلب الميليشيات المسلحة في شوارع الخرطوم، فقطعت الطريق على تحقيق شعارات أكتوبر وصادرت آمال شعبنا في الإستقرار والحرية والتقدم الإجتماعي. الجاهلون بحركة التاريخ محكوم عليهم بتكراره. إن القوى تتشدق في استعراض نرجسي بصناعة أكتوبر وأبريل هي التي سارعت في إجهاض الثورة، ومنعتها من المضي قدما نحو تحقيق أهدافها وغاياتها المنطقية في إحداث التغيير الجذري على مستوى السلطة السياسية المركزية وجهاز الدولة، وإحداث التغيير في تركيبة المجتمع، كما عملت هذه القوى على مصادرة الديموقراطية حتى من داخل المؤسسات النيابية، في إنتهاك صارخ للدستور ولسيادة حكم القانون، كما عملت بضراوة على فرض النهج الإسلاموي العروبي الذي غرس البذرة الخبيثة، ومهد الطريق لإنقلاب الإسلامويين، وبفرض نظام التسلط الديني، والشمولية العسكرية. إن الوفاء لشهداء أكتوبر وسبتمبر، وكل شهداء الحرية والديموقراطية، يقتضي الإنحياز التام لشعارات واهداف ثورة أكتوبر، في الإنعتاق والتحرر واستعادة الديموقراطية واحلال السلام واعادة تشكيل وتأسيس الدولة السودانية، ومن ثم استشراف آفاق النهضة الشاملة، وهذا لن يتم إلا بتوحيد القوى الديموقراطية صاحبة المصلحة في التغيير الجذري بعيدا عن الإستقطاب الأيدولوجي والقومي والاثني. لقد أصبح بائنا لكل ذي بصر وبصيرة مظاهر الإنهيار الشامل، ومخاطر تفكك الدولة السودانية وتصدعها، والمخرج الوحيد من هذه الأزمة هو إسقاط نظام الجبهة الإسلامية الذي يقف حجر عثرة أمام تحقيق أماني وتطلعات وطموحات الشعوب السودانية وذلك من خلال تصعيد العمل الشعبي والسياسي والمدني واستنهاض جماهير شعبنا، وتعبئتها وتنظيمها، وذلك بالعمل المثابر والدؤوب بتوسيع قاعدة القوى الاجتماعية ذات المصلحة في التغيير وواطية جمرة الظلم والقهر والطغيان والاستبداد، وبرزت قوى اجتماعية وسياسية ذات توجهات ديموقراطية وراديكالية تمثلت في قوى الهامش والشباب والنساء. أضف لكل ذلك تعرية ورفض كل محاولات الحلول الإستسلامية والخنوع لأجندة بعض القوى الإقليمية والدولية التي تتبنى عملية الهبوط الناعم، والمشاركة في إنتخابات النظام، كل هذه المحاولات المكشوفة تهدف إلى ترميم النظام، وإعادة إنتاجه، خدمة لمصالح ذاتية وأيدولوجية التي تتقاطع مع مصالح بعض القوى الدولية. بالرغم من إننا نعول كثيرا على الحركة الجماهيرية وقدراتها في إحداث التغيير المنشود إلا أننا بذات القدر ندرك الصعاب العملية التي تواجهها، في مواجهة عسف الدولة، وعنفها المفرط في مواجهة كل حراك ضدها، وهذه الطبيعة القمعية للنظام سوف تفرض مواجهات مع حركة الجماهير يجب الانتباه إليها وتحضير وتوفير مقومات مجابهتها والتصدي لها بكل الوسائل الممكنة والمتاحة. المجد والخلود لشهدائنا الأبرار عاشت ذكرى ثورة اكتوبر المجيدة والنصر لجماهير شعبنا الجبهة السودانية للتغيير 21/ أكتوبر/2018 د. أحمد عباس أبو شام – رئيس الجبهة
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة