|
لقاء بين اجيال البطولات والتضحيات والكابتشينو والايسكريم ..هل مات الطموح
|
كان قطار الساعة الرابعة عصرا هو المفضل بالنسبة لي لمغادرة القاهرة متوجها الى اسيوط او الى سوهاج بصعيد مصر ، وكنت احيانا ارتب مواعيد سفري من السودان للحاق به فهو لا يتاخر ولا يتقدم ولا ثانية واحدة من الزمن ، والمصريون معروفون ببروقراطيتهم القاتلة ، فلو تاخر قطار الرابعة ولو خمس دقائق لربما ادى ذلك الى تصادم قطارين لا سمح الله ولو حدث ذلك لربما سقطت حكومة مبارك اوالسادات او لاستقال عبد الناصر ، ولكن المؤكد ان حادثا بهذا المستوى سيجعل مدير السكة الحديد يبقى في منزله الى الابد في بلد يموت فيه الناس قبل ان يصلهم دورهم في الوظيفة المناسبة . وصلت الى اسيوط في ليلة تموت من البرد حيتانها ، لكنني كنت على موعد للقاء بقريبي وصديقي عبد المجيد حسن عبد المجيد زرته بعد ذلك عدة مرات وكان معه شخص يكبرهم سنا حسبته في اول الامر والد احد الطلاب فهو الى جانب مظهره الذي لا يتناسب مع طالب جامعي كان يكثر الحديث عن بطولات الازهري عشية الاستقلال واسباب فشل حكومة السيدين وبين الحين والحين كان يردد بحرقة حديثا مطولا عن احداث مارس المشهورة ، وكلها موضوعات محببة لاعمامنا وهم يرشفون شاي العصرية في حوش من حيشان امدرمان او الابيض او نيالا .. وعقدت الدهشة لساني عندما عرفت ان الرجل زميل لهذه المجموعة وطالب بالسنة الرابعة في كلية البيطرة .. وتعود قصته المثيرة الى انه كان طالبا في جامعة اسيوط ربما في ستينيات القرن الماضي ثم فصل من الجامعة لاسباب اكاديمية هي رسوبه في مادة من المواد . ومضى الرجل الى حل سبيله والتحق بشركة البان كبرى في السودان واصبح نائبا للمدير او في منصب مواز له .. لكنه ابدا لم ينس اسيوط وليالها الملاح كانت كلية البيطرة تتراى له مثل فتاة زفت في ليلة مقمرة الى فتاها ، ولان المحبين لا تنتهي رواياتهم نهاية طبيعية فوجئ بطل قصتنا ذات يوم بخبر صغير في مجلة او صحيفة مغمورة يقول ان كلية البيطرة جامعة اسيوط قد الغت مادة كذا لانها لم تعد تناسب المتطلبات الاكاديمية ..تسمرت اعين العاشق امام الخبر ..لكنه قرر على الفور كتابة خطاب الى مجلس الاساتذة .. انه يستحق الانتساب الى الجامعة وبالقانون لان مبرر الفصل الاكاديمي قد سقط باسقاط هذه المادة .. وكانت المفاجاة الاكبر ..ان مجلس اساتذة الجامعة ناقش المذكرة المرفوعة اليه في هذا الشان وقرر بالاجماع احقية الطالب في العودة الى مقاعد الدراسة .. وكان القرار سببا في ان يلتقي جيل المحجوب والازهري بجيل البطولات والايسكريم .. د . عبد المطلب
|
|
|
|
|
|