|
حـين تيتم شعب ..
|
هذا المقال للزميل والصحفي ياسر فضل المولى ينعي فيه البابا الطيب عبدالله ..
بعنوان ( حين تيتم شعب ) ..
ياسر فضل المولى .. الرياض ..
اسبوعان مرا والثالث يتأهب والدهشة مازالت تعقد اللسان والحيرة مازالت تدق اوتارها على اطراف البيان والحزن يستدعى كل يوم جيوش الاسى وكتائب الحرمان .. الوطن الازرق دون وعد امسى اتعس الاوطان .
النبأ الاعور داهمنا .. افزعنا .. اقتحم حدائق الامل التي زرعناها وسقيناها برحيق الدعاء ان يشفي الطيب يوما وينهض كالنخلة الشماء تهب الظل والثمر .. النبأ العاصفة هاج بين الضلوع وأشتعل يحرق كل دروب العشم التي اصطفت تنتظر الرجوع .
اطل السبت الاغبر بوجه كالح وخد شاحب وطرف خجول يبكي قبل غيره جور الدهر الذي اختاره "زمانا" نضبط عليه ساعة الحزن التي تلسع عقاربها نبض القلوب وتسم بدن الاهلة كل سبت مالك ياسبت انسيت كم افرحتنا وابكيت قوم اخرين انهم معنا الان يبكون لان الطيب فقد وطن وليس ناد .
سنين مرت وجسد الطيب طريح الفراش بينما عقله رفيق الصحو لايغفل ولايغيب سنين مرت وخطاوي الريس لم تعتلي مقصورة العشق بينما فؤاده يركض بين المدرجات يزرع فوق كل مقعد نبته حب . نعم سنين مرت وقلب الطيب يسكن المنشية ودقاته هناك تهز اركان العرضة هزا فتفزع نمور افريقيا وتسودها وتبتلع سحره آل فرعون .
نعم لقد ثكلتك امك يا شعب الهلال ومات عنك ابوك ، مات ولم تورث منه غير "مدالية الهوى" وجه الصورة زينه الهلال ووجه الكتابة نقش عليه اسم الطيب .. البابا .. الزعيم .
الموت في وطني ليس سنه جديدة ولكن الجديد موت رجل بموته ماتت اوطان ..نعم اباء كثر ماتوا وبموتهم ترملت نساء وتيتم اطفال وانسدت ديار ، لكن بموت البابا ترملت قيم وتيتم شعب وخلت بلاد .
والطيب ظل طوال حياته يشكل دائرة "الاجماع" فحين عاش اجمعت عليه الامه ويوم مات بكته كل الامه وكان "ديمقراطيا" اتحد الناس حوله شعبا في كل حركة وسكون وطنيا لقاءاته مؤتمرات تستن من ارائه اللوائح والدساتير .
نعم فقد اصاب الرائع د. دقش حين قال ان الطيب عبدالله جعل من منصب رئيس النادي منصبا دستوريا وكيف ان المرحوم د. بهاء ادريس رجل مايو الاول كان يقف ليجلس رئيس نادي الهلال .
نعم لقد كان الطيب عبدالله هو "الريس" الفعلي للشعب السوداني الرياضي وشعب السودان "الفضل" هو جمهور الرياضه لاغيره .
ومن هذا الجمهور الملتف والمساند استمد الطيب السلطه والنفوذ فكان رجل المواقف وكان حارس المبادي والقيم المدافع عن حقوق الهلال وحتى المريخ – مش كده يا ماهل ابوجنه – وكذلك كان الطيب راس الرمح في محاربه تغول ا لسلطه على مكاسب الاندية ومحاولة هضم الحقوق والمكتسبات .
كان ود السارة نسيج وحده كما قال "طه" وكان مؤسسة تربوية تمشي على رجلين كما قال "الارباب" كان درويش يتبتل في المحراب الازرق كما قال "الكوارتي" وكان الملاذ ساعة الاحن كما قال عبدالمجيد وفوق ذاك كان الطيب مملوك الهلال لكنه سلطان العشق .
جمله اخيرة : زفرة حرا اطلقها الجيلي ادريس هلالي اغبش جاء يواسي نفسه ويعزينا يتمتم بصوت مخنوق والدمع يتدلى على خديه لقد اصبحنا ايتاما نعم تيتمنا فقد مات كبيرنا مات الزعيم .
وكانت عبارات صادقة واحساس نبيل فهكذا هي جماهير الهلال في كل بقاع الدنيا احبت الطيب وبادلته الوفاء وهكذا تفتقده وهكذا تبكيه . ولم املك غير ان اقرع بسبابتي سني ويحبس طرفي دمعة ارتدت جمرة تسبح بين الضلوع ولم اشاء ان اقول غير "لا لن ننساك يالطيب"
|
|
|
|
|
|