|
إستناداً إلى نيفاشا :دور المؤسسة العسكرية في إحداث التحوّل الديمقراطي
|
إستناداً إلى نيفاشا :دور المؤسسة العسكرية في إحداث التحوّل الديمقراطي
المؤسسة العسكرية السودانية (الجيش والشرطة والأمن) رغم كونها الضامن الأساسي للأمن القومي، فهي صاحبة دور متعاظم في الانخراط في الواقع السياسي السوداني عن طريق الانقلابات العسكرية والتي أدت الى انتقاص الحقوق المدنية للمواطن السوداني بسبب استئثار المؤسسة العسكرية بالسلطة لمدة تقارب الأربعين عاماً، تغلَّبت فيها الذهنية العسكرية على واقع الحياة السودانية في ما أعد من دساتير واستن من قوانين.
وحتى الآن لا تزال المؤسسة العسكرية صاحبة الكعب العالي في حكم البلاد، فرئيس الجمهورية المشير عمر البشير لا يزال حتى هذه اللحظة يحتفظ بإنتمائه للمؤسسة العسكرية ومستثنى بالدستور، إضافة للنائب الأول الفريق سلفاكير، علاوة على عدد مقدَّر من الوزراء العسكريين والولاة والمعتمدين.
وتظل فئات المجتمع المدني تئن بالشكوى من غياب الخطط التشاركية بين المؤسسة العسكرية وفعاليات المجتمع المدني كافة، الشئ الذي يؤدي إلى تسلل الذهنية العسكرية إلى قوانين الدولة وأساليب الإدارة، مستندة الى الدستور والقوانين واللوائح، ولكن يظل الباب مفتوحاً أمام التساؤلات الكبيرة عن محاولات مستمرة (لاكساب الشرعية الشعبية) للأنظمة التي تحتمي بها أو التي تنصهر فيها. ولكن بعيداً عن ذلك يمكن الإشارة لأدوار عديدة يمكن من خلالها النظر فى إمكانية إسهام المؤسسة العسكرية في التحول الديمقراطي بالشكل الذي يصون الدستور ويحفظ الحقوق المدنية، ويسهم في مناحي التعمير والتنمية كافة التي لا يمكن أن تتوافر مطلقاً في غياب الأمن والاستقرار السياسي.
بنص الدستور.. المؤسسة العسكرية.. تحميه
من واقع التحول الديمقراطي الذي أسست له اتفاقية نيفاشا واستنادا الى نص الدستور الانتقالي لعام 2005 في بابه التاسع في الفصل الأول بالنسبة لوضع القوات المسلحة والتي تظل هي والجيش الشعبي لتحرير السودان قوات مسلحة نظامية واحترافية وغير حزبية وتكون مهمتها حماية سيادة البلاد، وتأمين سلامة أراضيها، والمشاركة في تعميرها، والمساعدة في مواجهة الكوارث القومية ويبين الدستور الظروف التي يجوز فيها للسلطة المدنية الاستعانة بالقوات المسلحة في المهام غير العسكرية.
اضافة لمدافعتها عن النظام الدستوري واحترام سيادة حكم القانون والحكم المدني والديمقراطية وحقوق الإنسان الأساسية وإرادة الشعب, وتحمل مسؤولية الدفاع عن البلاد في مواجهة التهديدات الخارجية والداخلية في مناطق انتشارها والمشاركة في التصدي لحالات الطوارئ المحددة دستورياً.
ويتحدث الفصل الثاني عن (الشرطة) والتي تعرّف بأنها قوة نظامية خدمية مهمتها تنفيذ القانون وحفظ النظام وأن الانتماء لها مكفول لكل السودانيين بما يعكس تنوع وتعدد المجتمع السوداني، وتؤدي واجباتها بكل حيدة ونزاهة وفقاً للقانون والمعايير القومية والدولية المقبولة بثلاثة مستويات، قومي ويحدد القانون اختصاصاته ومهامه وفقاً للدستور، ومستوى جنوب السودان ويحدد الدستور الانتقالي لجنوب السودان والقانون اختصاصاته ومهامه، وولائي وتُحدِد اختصاصاته ومهامه الدساتير الولائية والقانون.
ويتحدث الفصل الثالث عن الأمن الوطني ومجلس الأمن الوطني، ويحدد قانون الأمن الوطني تكوينه ومهامه وترتكز مهمته على تحديد استراتيجية الأمن الوطني بناءً على تحليل أي مهددات لأمن السودان.
أما بالنسبة لجهاز الأمن الوطني فينشأ جهاز للأمن الوطني يكون تحت إشراف رئاسة الجمهورية يختص بالأمن الخارجي والداخلي، ويحدد القانون رسالته وواجباته ومهامه وشروط خدمته، وتكون خدمة جهاز الأمن الوطني ممثلة لكل أهل السودان وبوجهٍ خاصٍ يُمثل فيها جنوب السودان تمثيلاً عادلاً، كما تكون خدمة الأمن الوطني خدمةً مهنيةً وتركز في مهامها على جمع المعلومات وتحليلها وتقديم المشورة للسلطات المعنية مع ضرورة إنشاء مكاتب للأمن الوطني في كل أنحاء السودان.
المؤسسة العسكرية خاضعة للسلطة المدنية
الخبير العسكري وأستاذ الدراسات الاستراتيجية بجامعة الزعيم الأزهري اللواء د. محمد العباس قال إن المؤسسة العسكرية ليس لديها دور سياسي محدد فهي قوات مسلحة قومية مسؤوليتها حماية الدستور، وأن لا تعمل على تقويضه بالانقلابات العسكرية وهي خاضعة للسلطة المدنية بنص الدستور من خلال المؤسسات المنتخبة شرعياً والتي تراقب أداء وتطور القوات المسلحة، ولكن إذا خرجت عن هذا الطور من مسؤولياتها في الاطار الشرعي والدستوري، تكون قد خرجت على النظام وأداء مهامها الأساسية، وقضية الحرب قرار سياسي ينفذه العسكريون، وبالتالي فإن الحرب سياسة عليا لتحقيق أهداف الدولة.
وقال إن القوات المسلحة مساهمة في استقرار الوضع العسكري وليست صاحبة السلطة الشرعية، وهي لم تحكم السودان إلا في فترة حكم ابراهيم عبود، لكن في فترة حكم نميري وسوار الذهب والبشير فقد قامت مجموعة من القوات المسلحة وقادت العمل السياسي مع أحزاب عقائدية أو أقلية، وطيلة الـ (38) عاماً فإن التكنوقراط مع القيادة العسكرية التي كانت الواجهة العسكرية التي تستخدم كأداة لإيهام المواطن السوداني بأن المؤسسة العسكرية هي التي تحكم ويمكن النظر بعين الإعتبار إلى قيادات الدفاع الشعبي والمؤسسات التابعة للمؤسسة العسكرية والشكل السياسي في أختيارها، بينما قيادات القوات المسلحة محالة للصالح العام ولا يستفاد منها بالشكل المطلوب.
الضغط من أجل وحدة السودان
رئيس المكتب التنفيذي للتحالف الوطني السوداني العميد معاش عبد العزيز خالد أكد أن المؤسسة العسكرية لعبت دوراً في عدم استقرار السودان منذ الاستقلال باستلامها للسلطة وحمكها باسم الجيش أثناء فترتي النميري وعبود، ولكن بالنسبة لانقلاب الجبهة الإسلامية القومية لم تحكم القوات المسلحة طيلة الـ (17) عاماً وإنما حكم الحزب، وينظر إلى كوادرهم داخل القوات المسلحة بصفتهم التنظيمية داخل الحزب وليس بصفتهم العسكرية، وبالتالي عندما يحدث التحول من حالة الحرب إلى التعددية السياسية والتحول من سلطة إلى سلطة والذي تؤثر فيه ثلاث مجموعات رئيسية وهي المؤسسة العسكرية والأحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع المدني ففي مرحلة عبود ونميري بعد مرحلة الانتقال تقلص دور الجيش وقويت سلطة الأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني ونلاحظ ذلك في الفترات من 64-69 ومن 85-89 19 وفي مرحلة التحول انتقلت السلطة من القوات المسلحة إلى سلطة الأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني، ولكن فيما يخص فترة حكم الانقاذ، ونسبة لأن الذي كان يحكم هو الحزب فقد رفض حوب المؤتمر الوطني التنازل عن جزء من سلطته لسلطة الأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني لأن المؤتمر الوطني حزب.
وشدد خالد على ضرورة قيام القوات المسلحة بدورها في الضغط على سلطة الحزب للتنازل عن السلطة، وفي اعتقادي أن الجيش قد دخل في متاهات وانصرف عن أداء مهامه حتى لا يتفرغ للضغط على الحزب الحاكم الذي قام باخراج اتفاقية نيفاشا التي (شرعنت) تعدد للجيوش، القوات المسلحة وجيش الحركة الشعبية والقوات المشتركة، إضافة لبعض الجيوش التي لا تتبع لأي من هذه الأجسام العسكرية، الشيء الذي يقود إلى الشك في استهداف وحدة السودان والقوات المسلحة لا يتبقى لها شيء إذا سحبت منها مهمة الحفاظ على وحدة السودان،
أعتقد أن على القوات المسلحة أن تسمع رأيها فيما تم من مفاوضات بعيداً عن المتحدثين باسم القوات المسلحة من قيادتها حتى قاعدتها لتلعب الدور المنوط بها وتسهم حقيقة في التحول الديمقراطي وحماية الدستور.
|
|
|
|
|
|