|
|
 يوم مؤسف أتمنى أن لا يتكرر.. (ذكريات جامعية)
|
ذات صباح شتائي من عام 98 استيقظت مبكرا - على غير عادتي - فتهندمت وتمسحت وتعطرت وحملت دفتري اليتيم وقصدت الجامعة فقد كان هذا اليوم يوما ليس ككل الأيام كان يوم انتخابات اتحاد الطلاب حصلنا على حق إقامة الانتخابات بعد شق الأنفس. اتخذت مكاني في الصف الطويل للإدلاء بصوتي و كنت دائما أصوت لتنظيم (الطلاب المحايدين) فقط لأنه التنظيم الوحيد وقتها القادر على إطاحة الكيزان.كان الجو مكفهرا والكل يتوقع مفاجأة عنيفة في كل لحظة.
بعد زحف في الصف طوال ثلاثة ساعات حدثت المفاجأة المتوقعة. اقتحم مركز الاقتراع بكلية القانون الطلاب الأنصار حزب الأمة مسلحين بسكاكين طول الواحدة منها نصف متر وقاموا بنسف العملية احتجاجا على عمليات تزوير تمت من قبل الكيزان .بذلك انتهت العملية الانتخابية عمليا واندفع الطلاب والطالبات نحو المخرج الوحيد في الكلية هربا ولشلاقتي لم أهرب مع بقية الطلاب والطالبات فقد حز في نفسي (جعلية مني ساكت) أن ادخل في سباق للجري مع غادة وشيراز وبقية الزميلات. اتخذت طريقا مغايرا للجميع واتجهت للجهة الجنوبية الغربية من كلية القانون باتجاه مكتبه الكلية وجدت نفسي في منطقة حسبت إنها آمنه فوقفت أتأمل المشهد لم أكن أتصور أن تتمتع الفتيات بكل هذه السرعة في الجري وللحق فقد كن كقطيع من الظباء البرية وقد رأيت غادة وشيراز وهما مشمرتان أرى خدم سوقهما وقد سقط الخمار عن رؤوسهما تسابقان القوم.
لم تكن لدى ادني فكرة إنني أقف بجوار مستودع أسلحة الكيزان وفجأة خرج علي جيش الكيزان رافعين الأسياخ في عنان السماء رافعين أصواتهم أن: الله اكبر ولا الله إلا الله ومتجهين نحوي مباشرة فقد كنت في منتصف المسافة بينهم وبين مقاتلي الأنصار. لم يداخلني الخوف فقد كنت أثق في قدراتي في الجري كغزال وبالفعل لم تخذلني ساقاي فبعد دقائق التحقت بغادة وشيراز وبقية الطلاب واتجهنا نحو بوابة الخروج من الجامعة المفاجأة الأخرى كانت كتيبة ثانية من (فيلق بدر) في انتظارنا قادمة من مسجد الجامعة كانت البوابة مغلقة صعد احد الكيزان على أكتاف زملائه وفتح البوابة وصاح بأعلى صوته الله اكبر ...هلموا...هلموا..( قالها هكذا) وفي اللحظة التالية وجدنا أنفسنا محاصرين بين فصيلتين (لفيلق بدر) الذي لم يفرق في الضرب بين معاذ وشيراز, بعد دقائق قليلة مرت كأنها شهر دخلت قوات الاحتياطي المركزي فحمدت الله على وصولها بتلك السرعة ولكن ولدهشتي فقد انضمت مباشرة إلى (فيلق بدر) واعملوا فينا ضربا وتنكيلا لم تفرق أيضا بين معاذ وشيراز.
القصة عادية وحدثت كثيرا وربما لا تزال تحدث في الجامعات وبجانب الانكسار والهزيمة النفسية فقد تركت في نفسي أثرا لم ينمحي بسهولة!! تخيل انك في مثل موقفي هارب بأقصى ما تملك من سرعة ومن خلفك يرفعون شعار الله اكبر ولا اله إلا الله وقد اعتبروك عدو الله وعدو الإسلام ويحاولون الفتك بك!!!؟؟
وعلى مدى سنوات تلت ذلك الحدث ظللت كلما سمعت احدهم يصيح الله اكبر أعتبر تلك العبارة استعداء مباشر لي وأتلفت متوجسا من أين تهوي (السيخة) على رأسي !!!.وكلما سمعت الجماهير تصيح ثلاث لا الله إلا الله للدلالة على الموافقة والتأييد لمسئول يخطب فيها و- عادة يعجز عقلي الضعيف عن موافقة ما يقول المسئولين – أتضايق من ذلك التهليل واعتبر انه يمثل استهداف مباشر لي ومصادرة لحقي في مخالفة المتحدث الرأي. وكلما استمعت لخطبة الكاروري (السياسية) يوم الجمعة والذي اعجز أيضا عن موافقته على نصف ما يقوله فيها أجد أيضا إن الآيات والأحاديث التي يعزز بها وجهة نظره(السياسية) أيضا استهداف لقناعاتي. وكلما سمعت متحدثا ينتقد موقفا اتخذته فيأخذ في وصف من اتخذ ذلك الموقف بالخونة والمارقين والمنافقين ويختتم بلا نامت أعين الجبناء أحس تماما إنني المعني بكل هذه الأوصاف. ظللت مداوما على صلواتي ولكن للحق أقول إنني وأنا أتلو بعض الآيات التي طالما سمعت من يخالفني الرأي يستشهد بها لا اشعر بالراحة نفسية والطمأنينة التي المفترض أن تبثها هذه الآيات في نفسي كما كانت تفعل في صغري. باختصار كنت أحس بان الخطاب الإسلامي والديني كله خطاب ضدي وضد قناعاتي وأفكاري ومستقبلي وضد وجودي وانه يستهدفني بصورة مباشرة. وتلك أحلك فترة مررت بها في حياتي طال فيها الشك كثير من الأشياء العزيزة على نفسي والتي تربيت عليها منذ نعومة أظفاري.واحمد الله في كل يوم أن قيض لي الابتعاد عن كل ذلك في بلد وجدت فيها راحة نفسية فتمالكت توازني القديم.
ثمة مقولة قديمة مفادها إن ( الناس على دين ملوكهم). وباستقراء تجربي استطيع أن اخرج بمقولة حديثة مفادها ( إن الناس على دين ملوكهم - ما عدلوا – فان لم يعدلوا فالناس على غير دين ملوكهم وان كانوا قد ولدوا بالفطرة على ذلك الدين. يعزز مقولتي هذه الفساد الأخلاقي المستشري الذي نسمع عنه في بلادنا ويكفي إن تقرير صادر عن منظمة تابعة للام المتحدة أشار إلى إن نسبة 74% من الشباب يمارس الجنس خارج إطار الزوجية. ويكفي معززا لها ارتفاع نسبة الإصابة بالايدز.. ويكفي معزز لها اللبس الشاذ والفاضح من الجنسين. ويكفي معززا لها شيوع الأغاني الهابطة وتفشي المخدرات والخمور. فالدولة وحدت بينها وبين الدين ورفعت راية الشريعة وإعلاء قيم الدينية بالمقابل مارست الظلم والقهر والتسلط والتمييز بين الناس ومصادرة الحريات والتجويع والإحالة للصالح العام وتفننت في اتخاذ النصوص الشرعية مبررا لكل حركاتها وسكناتها ومقاصل للإعدام الفكري. فكانت النتيجة الطبيعة وردة فعل الشباب هو الابتعاد عن كل ما تنادي به الدولة حتى الدين نفسه!!! .ويعزز ذلك استقراء أحوال الشباب في دول الجوار. في مصر حكومة تعادي صراحة التدين فلجأ الشباب إلى الدين فتحجبت الفتيات في الشارع المصري بعد سفور دام سنينا طويلة وزاد تأييد الجماعات الإسلامية وينطبق ذات الأمر على الأردن.. باختصار انظر حولك إلى أي ملك جائر وانظر إلي دينه وعلى نقيض ذلك ستجد الناس.فالملك الجائر وشعبه المقهور لا يسعهم دين واحد.
|
|
 
|
|
|
|
|
| العنوان |
الكاتب |
Date |
| يوم مؤسف أتمنى أن لا يتكرر.. (ذكريات جامعية) | معاذ حسن | 01-08-07, 05:57 PM |
| Re: يوم مؤسف أتمنى أن لا يتكرر.. (ذكريات جامعية) | Ahmed Yousif Abu Harira | 01-09-07, 06:46 AM |
| Re: يوم مؤسف أتمنى أن لا يتكرر.. (ذكريات جامعية) | معاذ حسن | 01-09-07, 07:33 AM |
| Re: يوم مؤسف أتمنى أن لا يتكرر.. (ذكريات جامعية) | محمد عبدالرحمن | 01-09-07, 07:36 AM |
| Re: يوم مؤسف أتمنى أن لا يتكرر.. (ذكريات جامعية) | معاذ حسن | 01-09-07, 08:31 AM |
| Re: يوم مؤسف أتمنى أن لا يتكرر.. (ذكريات جامعية) | Ahmed Yousif Abu Harira | 01-09-07, 09:14 AM |
| Re: يوم مؤسف أتمنى أن لا يتكرر.. (ذكريات جامعية) | wadalzain | 01-09-07, 05:21 PM |
| Re: يوم مؤسف أتمنى أن لا يتكرر.. (ذكريات جامعية) | معاذ حسن | 01-09-07, 05:49 PM |
| Re: يوم مؤسف أتمنى أن لا يتكرر.. (ذكريات جامعية) | معاذ حسن | 01-09-07, 05:54 PM |
| Re: يوم مؤسف أتمنى أن لا يتكرر.. (ذكريات جامعية) | Ahmed Yousif Abu Harira | 01-10-07, 08:18 PM |
| Re: يوم مؤسف أتمنى أن لا يتكرر.. (ذكريات جامعية) | Ali Alhalawi | 01-11-07, 09:41 AM |
| Re: يوم مؤسف أتمنى أن لا يتكرر.. (ذكريات جامعية) | معاذ حسن | 01-11-07, 10:05 AM |
| Re: يوم مؤسف أتمنى أن لا يتكرر.. (ذكريات جامعية) | معاذ حسن | 01-11-07, 10:08 AM |
| Re: يوم مؤسف أتمنى أن لا يتكرر.. (ذكريات جامعية) | Ahmed Yousif Abu Harira | 01-11-07, 10:39 AM |
| Re: يوم مؤسف أتمنى أن لا يتكرر.. (ذكريات جامعية) | Hamid Elsawi | 01-11-07, 10:56 AM |
| Re: يوم مؤسف أتمنى أن لا يتكرر.. (ذكريات جامعية) | معاذ حسن | 01-11-07, 03:50 PM |
|
| |
معاذ حسن
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست