الجنجويد: محلياً ودولياً

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-12-2024, 06:22 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الأول للعام 2007م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-04-2007, 06:57 AM

Ali Dinar
<aAli Dinar
تاريخ التسجيل: 06-17-2006
مجموع المشاركات: 7

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الجنجويد: محلياً ودولياً (Re: Ali Dinar)

    حول التآمر الدولي والمحلي حول الجنجويد 2/2
    (الإهتمام الدولي بدارفور، لماذا؟)
    د. علي بحرالدين علي دينار
    [email protected]

    تابعنا في المقال الأول الأسباب الحادية ببقاء الجنجويد/حرس الحدود كقوة وكواقع سياسي تجاه ما تسعى الدولة لتحقيقه في دارفور، والذي ماكان له ان يتم دون التراخي الدولي. وهذا التواطؤ كان من نتائجه إستمرار إوار هذه الحرب طوال هذه السنين. وهنا يجب علينا التفريق بين المواقف الخارجية المختلفة تجاه أحداث دارفور بتقسيمها إلى: (1) موقف مدين لسلوك الحكومة السودانية ومطالب بحماية المدنيين في دارفور، وهو مسلك الكثير من منظمات المجتمع المدني ومنظمات حقوق الإنسان وطلبة المدارس والجامعات، (2) مواقف دولية رافضة لسياسة الإنقاذ تجاه رعاياها، وأخرى متحفظة.
    دواعي الإهتمام الدولي بدارفور:
    إن المتتبع لأحداث دارفور يجد أنها لم تعد تشغل الرقعة الجغرافية المحصورة للعراك. فمساحة الحرب قد إنداحت إلى مناطق أخرى مجاورة في تشاد وأفريقيا الوسطى. فهذه الحرب وبفظاعتها قد أتاحت الفرصة لكثير من القوى الدولية والأقليمية إضافة إلى دول الجوار وغيرها في التعبير صراحة عن رأيها وخلسة حيال هذه الحرب وحول إمكانية إحتوائها، وما كان لهذه القوى مجتمعة أن تخوض بالحديث عن الشأن الدارفوري إلا لفظاعة ماتم ومايتم الآن في دارفور. فالدولة والتي عليها واجب حماية مواطنيها هي أيضاً ضالعة وبشكل كبير في كل المجازر الدائرة ضدهم. ويحق لنا أيضاً التساؤل عن أسباب هذا الأهتمام الدولي بدارفور كمنطقة كوارث دون غيرها من المناطق الملتهبة، ورغم شرعية هذا السؤال، فالإجابة عليه لا يمكن أن يتم بمعزل عن السياق التاريخي لأحداث دارفور مثل: (1) تزامنها مع الذكرى العاشرة لمجازر التوتسي في رواندا تحت شعار "لن يحدث هذا مرة أخرى" وورود تقارير من ممثل الأمم المتحدة حينها بوصفه لدارفور بكونها منطقة لأكبر كارثة إنسانية دولية، (2) الوصف الدرامي في التقارير الصحفية بتصوير الصراع بكونه بين العرب والأفارقة، (3) الثورة التكنلوجية في مجال الأتصالات، مما سهل معرفة الحوادث الجارية في دارفور في حينها، (4) خبرة أهل دارفور في توثيق ضحاياهم ليس فقط بحصرهم عددياً، وأنما في إيراد أسمائهم، أعمارهم، وقراهم مما أضفى بعداً إنسانياً للضحايا، (5) الأعتقاد الجازم لكثير من النشطاء السياسيين في الغرب بإمكانية إجبار دولهم لإحداث تغيير في مناطق لم يكن في وسعهم إجبارها في تغيير سياساتها كما في العراق وأفغانستان. كل هذه الأسباب وغيرها قد دفعت بالكثيرين من النشطاء وفعاليات المجتمع المدني من الألتفاف حول مشكلة دارفور كقضية إنسانية في المقام الأول. وقد غدا الإهتمام بقضية دارفور في أمريكا تحديداً أشبه بطقس تعميد لمنظمات طوعية وطلابية أنشأت خصيصاً من أجل الإهتمام بقضية دارفور. وتحت هذا الإهتمام صار الجميع (بمن فيهم نشطاء من جنوب السودان، مثل منوت بول وسايمون دينق، وآخرون من خارج الجنوب ودارفور) تتم دعوتهم كثيراً للحديث عن دارفور لجماعات شتى. وقبل الإجابة عن دواعي هذه المنظمات في إهتمامها بقضية دارفور كما يتساءل البعض، علينا أيضاٌ بالسؤال: هل معاناة أهل دارفور حقيقة ام كذباً، هل ما يقم به الجنجويد من جرائم في دارفور حقيقة أم كذباً؟ هل حوادث القتل والحرق والأغتصاب في دارفور من قبل جند الحكومة ومليشياتها حقيقة ام كذباً؟ و هل الدعاو بأستخدام الدولة لسلاح طيرانها في ضرب المدنيين في دارفور، حقيقة ام كذباً؟ وبالنسبة لقضية دارفور، فليست العبرة لنا بمعرفة "النوايا الخفية" لكل من هب لنصرة دارفور في كربتها، مادام هذا الظلم واقع حقيقة. وفي ذات الوقت وتحت هذا الوضع المأساوي الذي لا ينكره لئيم، لماذا "نستخسر" كل هذا الإهتمام لأناس لا حول لهم ولا قوة في مواجهة الأذى؟ أم أن أهل دارفور غير جديرين بعطف الآخرين إن تنكرت دولتهم عليهم؟
    وقد أدت إستمرارية معاناة المدنيين في دارفور إلى سيادة نمط معين من الكتابة والأفعال تجاة القضية وصارت أكثر إلتصاقاً بدارفور دون غيرها من المناطق الملتهبة كما نجد ذلك في مقالات نيكولاس كريستوف في النيويورك تايمز وكتابات الناشط أريك ريفز في صحف أمريكية مختلفة، ومنظمة "أنقذوا دارفور"، وغيرها من المنظمات والتي نشأت خصيصاً من أجل هذه الفاجعة في دارفور أو التي إضافت إسم "دارفور" إلى دائرة نطاق عملها. وتحت هذا الزخم لا يمكنني الجزم بأن كل هذه المنظمات والتي تحمل إسم دارفور أو خلافه بكونها معصومة عن الهوى وعن الأعمال غير المشروعة لأهدافها المعلنة. ولكن فليس الجرم هنا هو جرم أهل دارفور الغلابة وإنما جرم الذين آثروا تطويل هذه الحرب تاركين الفرص سانحة للكثيرين ولإغراض شتى للتفاعل عبر بوابة دارفور. ففي جميع الأزمات المشابهة لدارفور نجد أن النصيب الأكبر من الذي تم توفيره مالياً لملافاة هذه الكوارث تذهب نحو دعم تسيير هذه المنظمات الخيرية من أمور لوجستية ورواتب، وهي تأتي على حساب الجزء الأكبر من المبالغ التي وفرت خصيصاً للإغاثة. والزائر إلى معسكرات النازحين يرى الفرق واضحاً بين معاشهم ومعاش من أتو لإغاثتهم، وكلهم مشارك لذات الميزانية التي تم تحصيلها.
    الإتحاد الأفريقي وقضية دارفور:
    ما كان لمشكلة دارفور أن تخرج من إطارها المحلي إن لم تعطل الدولة مسيرة التفاوض و الذي كان سائراً قبيل الهجوم على الفاشر في أبريل 2003. فالدولة قد آثرت الحسم العسكري رغم أن كل الإشارات تدل بإمكانية تحقيق وفاق سياسي دون إحتراب، ولكن غرور الحكومة حينها في أمكانية حسم هذه القضية عسكرياً على النسق الذي تريده أدى بها في نهاية الأمر إلى الذهاب خارج السودان للتفاوض مفسحة المجال بكامل إرادتها "للتدخل الأجنبي" لما عجزت في تسويته داخلياً. فقد أمر رأس الدولة قواته بأنهاء "التمرد" في غضون أسبوعين، ولم يزل "التمرد" قائماً في عامه الرابع. وقد أعطت إتفاقية أنجمينا منظمة الإتحاد الأفريقي الحديث الوليدة كل مسوغات البقاء والهيمنة والتدخل في الشئون الداخلية للدولة فيما يخص دارفور عبر هذه الإتفاقية. فالمنظمة الوليده والتي خرجت من رحم منظمة الوحدة الأفريقية، لم يكن أن انيط لها أمر بهذه الأهمية والتفاعل مع المجتمع الدولي كما هو حادث الآن لها مع ملف دارفور. فقضية دارفور قد ضمنت للمنظمة دعماً مالياً ثابتاً وهو ممسك بملف دارفور بميزانية سنوية قدرها 465 مليون دولار لتكلفة نفقات بعثة الإتحاد الأفريقي في دارفور. وطوال وجود هذه القوات لم تتوقف الأعتداءت الحكومية بحرس حدودها وجنجويدها ضد المدنيين تحت سمع وبصر هذه القوات. وبما أن حماية المدنيين لم تكن من صلاحيات هذه القوات، لذا فهي دائماً الأنسب للحكومة السودانية في مواجهة المنادين بقوات دولية وبصلاحيات أكبر لها. ولكنها في ذات الوقت تمثل تجافي المجتمع الدولي في مهمته تجاه حماية المدنيين في دارفور.
    وتأتي أحاياناً المناداة بدعم تحالف الناتو لهذه القوات، أو باستخدام قوات الناتو لحماية المدنيين في دارفور. فإبان الأنتخابات الرئاسية الأمريكية حينما وصم جون كيري منافسه جورج بوش بأنه لم يقم بعمل شيئ حيال دارفور،قام بوش بأرسال طائرات نقل حربية لمدة أسبوعين لنقل جنود الأتحاد الأفريقي من نيجريا ورواندا إلى دارفور. وتكرر ذات الحدث إبان زيارة كوندليزا رايس لدارفور في يوليو 2005 حيث تزامن وصولها مع وصول قوات رواندية على متن طائرات نقل أمريكية. كل هذا يدل إلى أي مدى صار التشبتث بشماعة القوات الأفريقية هو رد فعل الكثير من الدول لفشلها في حماية المدنيين في دارفور.
    وتحت مظلة الإتحاد الأفريقي كانت هنالك مواقف أحادية لدول بعينها أبدت إهتماماً بالشأن الدارفوري مثل: تشاد، نيجريا، ليبيا، مصر، جنوب أفريقيا، رواندا، وغيرها. كل هذا الإهتمام ما كان له أن يتم دون وجود معاناة حقيقية لأهل دارفور، وإهتمام دولي (غربي) بهذه القضية. لذا فأي إهتمام أو تصريح يدلي به مسؤول بشأن دارفور، يأتي في محل الصدارة في الإعلام الدولي، إلا أنه لم يصر ترياقاً لوقف نزيف الدم في دارفور. والمتتبع لمناقشات مشكلة دارفور في أضابير الإتحاد الأفريقي يلحظ أهمية هذا الكيان ليس فقط بأهتمامه بمسألة دارفور كقضية أفريقية في المقام الأول بل وفي الأهتمام الغربي بهذه القضية مما وفر للإتحاد أرضية صالحة للتدخل والتأثير الدولي، وإلا فأين الأتحاد الأفريقي من قضايا أفريقية أخرى معلقة، مثل نزاع الكونقو، النزاع الحدودي بين إثيوبيا وإرتريا، الصراع في ساحل العاج والصومال، أو في عنف الدولة تجاه مواطنيها كما في زمبابوي.
    وحول القوات الأفريقية في دارفور كثر الحديث عن ضعف ما يتوفر لديها الآن من إمكانيات، وهي كما أجزم بأن المتوفر لديها لجد كاف للهدف الرئيسي من وجودها لمراقبة وقف إطلاق النار. فمعسكرات هذه القوات هي في مدن دارفور الكبرى وتحت إمرتها رتل من المروحيات والطائرات والعربات الرباعية الدفع، وأجر سخي. وأشك كثيراً في الأحاديث المتواترة عن ضعف تسليح هذه القوات وعدم تأهيلها، مما دفع بطلاب كلية سوارثمور في بنسلفانيا في إقامة منظمة همها جمع أموال لتمويل مهام الأتحاد الأفريقي. ولا أعتقد أن نقص الأمكانيات المتاحة لهذه القوات هي من أسباب إستمرار وتيرة العنف في دارفور، وإنما لمحدودية الصلاحيات المخولة لها في دارفور.
    وخلال هذه الحرب ومع تقاعس دور الأمم المتحدة حيال هذه القضية يتعاظم دور الأتحاد الأفريقي ممثلاً في مجلس السلم والأمن الأفريقي وقد صارت لقراراته الصادرة دورها فيما يصدره مجلس الأمن التابع للامم المتحدة فيما يخص مصير القوات الأفريقية. فرغم أن الإتحاد الأفريقي قد صرح بأنه لا يود مواصلة دوره في دارفور بعد سبتمبر 2005، إلا أن الأمم المتحدة وإثر إصدارها للقرار 1706 طلبت من القوات الأفريقية البقاء لحين نهاية العام حتى تتمكن من تلافي هذا القرار بعد رفض السودان له. وبما أن الإتحاد الأفريقي قد أنيط له مهمة إجراء وإدارة حوار بين الحكومة والحركات المسلحة، فبعد أعوام من مباحثات لم تسفر عن كثير سوى كونها واحة للمحاربين، وذريعة للحكومة لإظهار عدم جدية الحركات وسعياً منها للمزيد من الأنقسامات والفركشة وحينما وصل السيل الزبى، وتحت ضغط دولي كبيرللوصول إلي صيغة محددة من الإتفاق تكون أنموذجاً للتدخل الأممي لحماية المدنيين عشية المظاهرات التي أنتظمت بقاع شتى من العالم من أجل دارفور في أبريل 2006، تم أيفاد مساعد وزير الخارجية الامريكي للشؤون الأفريقية إلى أبوجا؛ وتم خلال تلكم الفترة الضغط على فصائل دارفور المحاربة للتوقيع، ولم يخب ظنهم مناوي. وهو إتفاق لم يترجم بعد في أرض الواقع إنصافاً وأمناً.
    الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي:
    بما أن السودان عضو في هذين الكيانين، فالمتتبع لرد فعل هاتين المنظمتين يجد أن تصريحاتهما هي الأقرب لمواقف الحكومة من خلال نقدهما للقرارات الأممية، أو لقرارات الكونقرس الأمريكي فيما يخص دارفور. فالمتابع لموقف هاتين المنظمتين يرى بأن دافعهما في الوقوف مع السودان في رفضه للقرارات الأممية هي كناية عن رفض ماتراه ظلماً وإجحافاً في قراراتها تجاه مناطق أخرى، لذا فوقوفها مع السودان هو أيضاً رفض للهيمنة ولإثبات ذاتيتها بتبني الخط الحكومي بأن أجندة خفية وراء هذا الإهتمام. وقد ترتب على هذا إستشارة هاتين المنظمتين في كثير مما يخص دارفور من قرارات أممية، وهو نتاج للموقف الحكومي في دعوته الرامية للأحتكام لجماعات دولية أقرب إليها أيدلوجياً.
    الدور المصري/الليبي/التشادي:
    خلال محنة دارفور لم يكن هنالك من موقف هو الأقرب لخط الحكومة السودانية كما هو في الموقف المصري، مناشداُ المجتمع الدولي بعدم فرض عقوبات على السودان، أو في وصفه للقرارات الدولية بكونها قرارات جائرة. والإهتمام المصري بالشأن الدارفوري هو جزء من الذهنية الوصائية المصرية تجاه السودان عموماً، وإنتحال المعرفية بالشأن السوداني الرسمي؛ وليس أدل على هذا من موقفها عشية إنتفاضة 1985، وفي ترحيبها البكر بإنقلاب الجبهة عام 1989، وفي موقفها المعادي للحركة الشعبية حينما تبدي الحكومة السودانية تذمراً منها. فالإهتمام المصري بدارفور ينصب في خانة العارف بالشأن السوداني وإمكانية الوساطة بين السودان والعالم الخارجي وكأن بيدها مفتاح حل لكل مشاكل السودان والتي لابد أن تمر عبر بوابتها. فلمصر همها الخاص في أحداث دارفور وهي قد سعت لأستخدامها في العمل كمعبر للتباحث الدولي حولها متبنية ذات الخط الحكومي. ولأضفاء المزيد من الإهتمام بدارفور كقضية إقليمية، تم عقد العديد من القمم الرئاسية مع ليبيا والسودان، وهذه الأجتماعات قد وفرت لهذه الدول خلق هالة إقليمية حول دورها في حل المسألة الدارفورية إلا أنها لم تكبح جماح الدولة التدميرية.
    وخلافاً للموقف المصري والذي هو صنو موقف الحكومة السودانية، فلليبيا العديد من المبادرات بين الجماعات الدارفورية المسلحة ومنظمات المجتمع المدني في دارفور بهدف توحيد الرؤى والمواقف، إلا أن محصلة هذه الإجتماعات لم تؤدي إلى تغيير جذري فيما يخص الإقليم من إحتراب. كل هذا ولليبيا دورها المباشر وغير المباشر في أحداث دارفور. فمنذ تسليحها لمجموعات دارفورية وتشادية في حقب زمنية مختلفة، صار بعض من هذا السلاح وهذه الذهنية تستخدم الآن في قتل المدنيين. وقد أشارت التقارير إبان حوادث دارفور الأخيرة إلى دور ليبيا في تسليح بعض الفصائل المحاربة. ولكن هذا الدور الليبي في دارفور قد مهد لها فرصة التفاعل الدولي من خلال بوابة دارفور وهي قد خرجت لتوها من الحصار. ومن المفارقات رفض ليبيا لدخول القوات الأممية واصمة إياها بالقوات الأجنبية، وهي في ذات الوقت قد فتحت دورها علناً للمخابرات الأمريكية للتأكد من خلوها من أسلحة الدمار الشامل، ومن أجل أنهاء المقاطعة.
    وعن الدور التشادي، فتشاد بحكم موقعها الجغرافي وإرتباطها الأثني ببعض قيادات الحركات المسلحة قد مارست عليها الحكومة السودانية ضغوط كبيرة وأتهمتها بدعم الحركات المسلحة. والمتابع لقضية دارفور يلحظ أن الدور التشادي تجاه الأزمة في دارفور هو موقف متأرجح ومتأثر دوماً بعلاقة الحكومة التشادية مع الحكومة السودانية. ففي إجتماع إنجمينا الأخير، قررت الفصائل الدارفورية المسلحة نقل مقر حوارها مع الحكومة من تشاد لعدم حيدتها، كما أشاروا وتم على إثره نقل مقر المفاوضات إلى أديس أبابا ومن ثم إلى أبوجا. فقد تأثرت تشاد مباشرة وغير مباشرة بأحداث دارفور من وجود اللاجئين الدارفوريين في أراضيها، ومن هجمات الجنجويد، وأنطلاق حركات تشادية معارضة من السودان لقلب نظام الحكم في تشاد. فأحداث دارفور تلقي بظلالها وبصورة كثيفة على تشاد، وتعاكسياً. كل هذا يوضح حوجة السودان وتشاد كل منهما للآخر. ففي خلال هذه الأعوام تم قطع العلاقات الدبلوماسية وتمت إعادتها مرات عديدة، وفي كل مرة تتهم كل دولة الأخري بمسعاها لإثارة الإضطرابات وقلب نظام الحكم.
    الأمم المتحدة وقضية دارفور:
    رغم أن موظفي الأمم المتحدة هم أول من نبه لحجم الكارثة الإنسانية في دارفور، إلا أن الأمم المتحدة لم تحرك ساكناً إلا في يوليو 2004 وإثر ضغط من كتلة المجموعة السوداء بالكونقرس الأمريكي لكوفي أنان وتسليمه مذكرة بتوقيعات أعضائها. وقد تزامنت زيارة كوفي أنان مع زيارة كولن باول وزير الخارجية الأمريكي. ورغم التهديد للحكومة بإعطائها مهلة ثلاثين يوماً لنزع سلاح الجنجويد، وفتح ممرات إغاثة، والبدء في الحوار السياسي مع الحركات المسلحة، إلا أن المهلة قد أنقضت دون أن تحرك الحكومة ساكناً. وخلال هذه الحرب قامت الامم المتحدة بإجازة القرارات التالية: 1556، 1564، 1591، 1593، 1663، 1666، و 1706 . وهي رغم كثرتها إلا أنها لم تفلح في وقف الخراب في دارفور، كما يبدو التلكؤ واضحاً في مجلس الأمن من دول هي صديقة للسودان مثل روسيا والصين والدول الأعضاء حينها مثل قطر، الجزائر، باكستان حيث أن نمط تصويتها يتم بموالاة السودان، وهو تصويت بالوقوف مع السودان كدولة رغم جورها وليس تصويتاً لرفع المعاناة عن ضيم الإنسان السوداني.
    وتحت عجز الأمم المتحدة من تنفيذ قراراتها كان اللجوء للإتحاد الأفريقي للقيام بما عجزت عنه بتوفير الأموال اللازمة لها للقيام بهذه المهمة. ومع القرار الأممي الأخير 1706، والخاص بأيلولة مهمة حفظ الأمن في دارفور للقوات الأممية ودعمها بعشرين ألف جندي، أقسمت الدولة بأغلظ إيمانها بعدم سماحها بإستقبال هذه القوة، وتحت إصرار الحكومة الدائم وقرب أنتهاء مهمة القوات الأفريقية في دارفور كان الحل الوسط والذي تمخض عنه مجلس الأمن والسلم التابع للإتحاد الأفريقي وحكومة السودان والامم المتحدة من الإتفاق على قوات هجينة من الأتحاد الأفريقي والأمم المتحدة. ورغم موافقة الحكومة على هذا الإتفاق إلا أنها سرعان ما تنصلت عنه ولا زالت تعطي ردوداً متباينة لمبعوث كوفي أنان الأخير والذي أنتظر لحين أستلامه لرد كتابي من الحكومة السودانية حيال القوات المختلطة وما تم مناقشته في أديس أبابا. وفي خضم كل هذه المباحثات لم تفتر طاحونة الحكومة من حصد العديدين وبمزيد من الخراب.
    الموقف الأمريكي:
    رغم أن أمريكا هي الدولة الأولى التي قامت بنعت ما تقوم به الحكومة السودانية في دارفور بكونها أبادة جماعية، إلا أن هذا النعت لم يكن مواكباً رسمياً بذات القدر بمواقف قوية لوقف المجازر. فرغم الموقف الرسمي الكاره لهذا الخراب، وتبنيه لمشروعات قرارات لإدانة النظام، إلا أن هذه المحاولات تتكسر دائماً على حائظ المنافع الذاتية لأقطار أخرى لها مصالح في التعامل مع نظام الخرطوم، وتأتي المحصلة بمشاريع قرارات ضعيفة وواهنة، ولا تعرها الحكومة السودانية كثير إنتباه بعد كل الزخم الإعلامي حيالها. وللكونقرس العديد من القرارات الخاصة بدارفور منها: القرار 3127 ( قانون دارفور للسلام والمسؤلية)، القرار 17 بتاريخ 10 مارس 2005 والخاص بطلب الناتو لفرض حظر جوي على دارفور، والقرار 383 داعياُ للرئيس بوش بعمل كلما في وسعه لحماية المدنيين في دارفور، علاوة على العديد من الجلسات في لجان الكونقرس خصصت كلية لمناقشة الوضع في دارفور. إلا أن جميعها ساكنة وذلك لتقاطع مصالح الحكومة الأمريكية ذاتها مع حكومة السودان في أمور شتى أهمها سياسة الحكومة الأمريكية في حربها "ضد الإرهاب". فبعد حوادث الحادي عشر من سبتمبر 2001، وتسابق الإنقاذ بتوفير المساعدات السخية بما في حوذتها من مصادر لأجهزة المخابرات الأمريكية، فهي لم تنس لها رد الجميل كما ورد هذا مراراً في تصريحات كولن باول شاكراً الحكومة السودانية على حسن تعاملها، وتم إعتماد السودان في قائمة الدول الجادة في مكافحة الإرهاب. وتظهر براغماتية النظام في مسعاها نحو إثبات فائدتها حين قامت بتسليم "الإرهابي" كارلوس للحكومة الفرنسية، ومحاولة تسليم بن لادن للحكومة السعودية والأمريكية. وليس أدل على عمق التعاون الأمني بين أمريكا والسودان من إيفاد طائرة خاصة لرئيس جهاز الأمن في أبريل 2005 لمقابلة نظرائه الأمريكان؛ كل هذا في وقت لم تسحب فيه أمريكا نعتها لما يجري في السودان بكونه حالة إبادة جماعية، وفي ذات الوقت تشيح كشحاً عن جرم الدولة فيما قامت به نظير المصالح القومية الأمريكية.
    دور الإتحاد الأوربي:
    والمتابع لموقف الإتحاد الأوربي يرى أنه في كثير من الأحيان هو رد فعل للمبادرات الأمريكية سواء كان ذلك بوصف مايحدث في دارفور بالإبادة الجماعية أو حيال إرسال قوات أممية. ولكن الموقف الأوربي المتحد يظهر جلياً في المساعدات المالية التي توفرها لبعثة الإتحاد الأفريقي وفي إرسال مساعدات إنسانية لدارفور. وأروبا بحكم تكوينها القطري فلأعضائها مصالح مختلفة مع النظام السوداني تتأرجح بين مواقف الدول الأسكندنافية: السويد والنرويج ومسعاهما منذ إتفاقية نيفاشا بإحلال سلام دائم في السودان، وموقف فرنسا حيال رعاية مصالحها في تشاد وأفريقيا الوسطى وهي تسعى في ذات الوقت لإيجاد موطأ قدم لشركاتها للإستثمار في بترول السودان، أما بريطانيا فقد صرحت عام 2004 بإمكانية إرسال خمسة ألف جندي إلى دارفور إلا أنها سرعان ما سحبت هذا العرض، وأخراها مسعاها لدعم الحظر الجوي في دارفور في حال رفض السودان إستقبال قوات أممية.
    دارفور قبلة السائحين:
    لم يحظى السودان منذ وجوده، أو أي منطقة كارثية إنسانية كانت أم طبيعية، بهذا الكم الهائل من الزيارات من قبل مسؤلين أجانب ممثلين لدولهم مثلما حدث في دارفور، تعاطفاً مع الضحايا الناجين. فالجيش الجرار من رؤساء الدول (كبيرها وصغيرها) ورؤساء الوزراء، ووزراء الخارجية، وغيرهم أتو من مناطقهم القصية لزيارة دارفور، أرض الكوارث. ولكن الرسالة من سياحة الكوارث هذه هي في إعتقادي موجهة لمواطني هذه الدول لإهتمامهم الكبير ولتعاطفهم مع قضية دارفور، وليس أدل على ذلك من ان برنامج هذه الزيارات جميعها تشمل زيارة لمنطقة معسكر أبوشوك للنازحين، مقابلة مع السلطات المحلية، أو مقابلة مع ممثلي الإتحاد الأفريقي، وأخذ الصور مع النازحين في خيامهم هو لإعلام مواطني هذه الدولة بأن دولتهم لجد مهتمة بقضية دارفور. إلا أن هذه الزيارات لم تشمل تفقد المناطق التي نزح منها هؤلاء المواطنين.
    الخاتمة:
    كل هذه الدلائل تشير بأن هنالك الكثير من المواقف حتمت على كثير من الدول والمنظمات أن تدلي بدلوها في الشأن الدارفوري. فكل قرار صادر من الأمم المتحدة يخضع دوماً لكثير من المناقشات وإختلاف أوجه النظر، وحتي قرار الأمم المتحدة 1593 والخاص بتحويل جرائم دارفور للمحكمة الجنائية الدولية، كان هنالك تطابق في أوجه النظر بين السودان وأمريكا في بدء المناقشة حول أيلولة الجرائم للمحكمة الدولية لعدم إعتراف أمريكا بها، إلا أن أمريكا إمتنعت عن التصويت، وتم إجازة القرار1593. هذا أيضاً دليل بأن المصالح العليا للدول في كثير من الأوقات لها الغلبة على الكارثة الإنسانية الواقعة بأناس بعينهم. فلكثير من الدول مصالح وإرتباطات بالسودان كدولة، لذا فمواقفها في مثل هذه الظروف تتم بناءه على كنه تلك العلاقة. وتحت هذا الإطار من الفهم والمواقف والتي تتأرجح دوماً بين التهديد والترغيب وجد النظام نفسه في غير حل لتنفيذ طلبات المجتمع الدولي. فللدولة مسوغاتها وتذمرها تجاه المجتمع الدولي وخصوصاً تجاه أمريكا وهي تسعى آناء الليل وأطراف النهار في كسب ودها، ورغم ماقدمته، فلا زالت الإدارة الأمريكية صادة و لم تبادل النظام ذات القدر من المحبة، علانية. وهذا أيضاً يعكس قصور فهم الإنقاذ، فهي تقم بقتل مواطنيها علانية، زرافات ووحدانا مستخدمة جل ترسانتها الحربية من طائرات وخلافة، من أجل بقائها في السلطة، وتتوقع تأييداً رسمياً من الحكومة الأمريكية ناسية دور مجموعات الضغط المختلفة، ومنظمات المجتمع المدني والجهار التشريعي، وجميعها لها أراء مناهضة لما يحسبونه سياسة تطبيعية بين حكومتهم ونظام الخرطوم. فمصلحة الإنقاذ في تحسين علاقاتها مع الغرب عموماً ومع أمريكا على وجه الخصوص هو ما ترمي إليه ملوحة دائماً بفائدتها وما يمكنها عمله من خلال معرفتها بالكثير ممن تعتبرهم الحكومة الأمريكية في دائرة إهتمامها. واللهث نحو أمريكا هو أيضاً مرتبط بالمكون الرأسمالي للنظام. فمصالحه الإقتصادية تحتم عليه المرور عبر بوابتها.
    ورغم القرارات الأممية والقطرية الكثيرة تجاه وقف العنف الدائر في دارفور، إلا أن هذه القرارات لم تغير الكثير على أرض الواقع، بما فيها إتفاقية أبوجا؛ اللهم إلا وصول الدفعة الأولي من قوات الأمم المتحدة إلى الفاشر. ولا ندري متى ستصل بقية الجحافل. كل هذا التباطؤ لوقف الإبادة تم تحت سمع وبصر العالم، ما كان له أن يستمر إن كانت هنالك جدية حقيقية لحماية المدنيين دون غلبة المصالح العليا للدول ذات القرار، وإن كان هنالك من وازع للكف عن أذي المدنيين. إن الجدية لإجبار الدولة لحماية مواطنيها لم يأخذ هذا الطابع إلا الآن. ورغم كون الحرب في دارفور داخلي الأسباب، إلا أن أسباب وقفه تشابك فيه المحلي بالخارجي. فالحكومة قد أستنجدت بمن تراه مناسباً للوقوف معها، دولاً ومنظومات إقليمية، حاملة رؤيتها لأسباب النزاع، وفي الدفاع عن سياساتها في شتى المحافل. ولدارفور أيضاً أصدقائها في منظمات المجتمع المدني الكثيرة والتي كان لها القدح المعلى في التأثير على مواقف دولهم تجاه مايجري في دارفور، وفي إتخاذ مايمكن لوقف النزيف. كما لا ننسى دور النشطاء من دارفور وخارجها في دول المهجر حيال هذه القضية من خلال تظاهراتهم وأنشطتهم المختلفة تجاوباً مع التعاطف الدولي لهذه القضية. وبين كل هذه الرؤى المتشابكة كان التلكؤ بين دعاة حماية المدنيين، أولاً، وبين المنادين بمراعاة السيادة الوطنية، وحماة المصالح القومية العليا؛ وحينما صارت الغلبة تجاه الدعوة لحماية المدنيين، كان هذا الإتفاق الأخير حول "القوات الهجينة". ولنا أن نتخيل كم من الأشخاص أنقذنا، وكم من القري سلمت، إن قام المجتمع الدولي بالتدخل باكراً لحماية المدنيين قبل ثلاثة أعوام، قبل عامين، قبل عام، قبل شهر، أو، أو، أو...

    نواصل لاحقاً.

    فيلادلفيا
    28 ديسمبر 2006
    www.darfurinfo.org
    حول التآمر الدولي والمحلي حول الجنجويد دواعي الإهتمام الدولي بدارفور:دواعي الإهتمام الدولي بدارفور:دواعي الإهتمام الدولي بدارفور:
                  

العنوان الكاتب Date
الجنجويد: محلياً ودولياً Ali Dinar12-19-06, 05:47 AM
  Re: الجنجويد: محلياً ودولياً محمدين محمد اسحق12-19-06, 09:00 AM
  Re: الجنجويد: محلياً ودولياً Elbagir Osman12-19-06, 06:45 PM
  Re: الجنجويد: محلياً ودولياً Mohamed Adam12-20-06, 04:51 AM
  Re: الجنجويد: محلياً ودولياً Ali Dinar01-04-07, 06:57 AM
    Re: الجنجويد: محلياً ودولياً أنور أدم01-04-07, 12:17 PM
      Re: الجنجويد: محلياً ودولياً Biraima M Adam01-04-07, 12:39 PM
  Re: الجنجويد: محلياً ودولياً Aisha Hommaida01-11-07, 03:33 PM
  Re: الجنجويد: محلياً ودولياً Aisha Hommaida01-11-07, 05:13 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de