الجنجويد: محلياً ودولياً

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-11-2024, 11:09 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الأول للعام 2007م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-19-2006, 05:47 AM

Ali Dinar
<aAli Dinar
تاريخ التسجيل: 06-17-2006
مجموع المشاركات: 7

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الجنجويد: محلياً ودولياً

    دلالات التآمر الدولي والمحلي حول الجنجويد 1/2
    د. علي بحرالدين علي دينار

    نهدف من هذا المقال وتاليه في مناقشة الأسباب الدافعة لما يتم الآن وبتواتر شديد من إنفراط كبير للأمن في دارفور رغم وصف البعض لإتفاقية أبوجا بكونها الغد الزاهر لمستقبل مشرق للإقليم، ومن أجل إستباب الأمن في ربوعه بنزع سلاح الجنجويد، وهو الذي لم يتم حتى اللحظة. فما يدور الآن في دارفور من تدمير ما كان له أن يحدث دون وجود الدعم المباشر وغير المباشر المحلي، الأقليمي والدولي؛ والمحصلة هي الأخبار المتلاحقة، الغير سارة، بما هو جاري الآن وهي لم تنعم بهدوء وسكينة طوال الثلاث أعوام الماضية، ونحن في إستشراف العام الرابع من الخراب.

    سياسة طمس المعالم: الجنجويد/حرس الحدود

    والمتتبع لظاهرة الجنجويد الجارية في السودان يلحظ أن تكوين مليشيات عرقية لمحاربة معارضة مسلحة بإستهداف المدنيين خصيصاً لم تكن بالظاهرة الجديدة، فذات السياسة قد أتبعت من قبل الدولة مع المليشيات والقوات الصديقة التى تم إنشاؤها في الجنوب لمحاربة الحركة الشعبية، وما أحداث ملكال الأخيرة إلا إستهلال لما يمكن أن تؤول إليه الأحوال غداة الإستفتاء المزمع إقامته في الجنوب. ورغم تعارض وجود مثل هذه القوات مع إتفاقية نيفاشا، فقد تستغرب الحكومة من المطالبة الدولية لها بنزع سلاح الجنجويد في دارفور، فهي قد إعترفت ضمناً في إتفاقية أنجمينا في أبريل 2004 بأيلولة هذا الكيان لها.

    وخلافا لما تعارف عليه البعض حول ان الجنجويد هم فقط راكبي الخيل والهجن، فبعض جنجويد اليوم لا يمكن التفريق بينهم وبين الجيش السوداني الرسمي، فلهم ذات البزات العسكرية، والرتب العسكرية، والمركبات العسكرية، ورغم هذا التمويه فكم هو سهل في دارفور التفريق بين حرس الحدود/الجنجويد والجيش النظامي، هيئة وسلوكا. وليس بخاف على أحد في دارفور بأن قوات الجنجويد، لم يتم تكوينها من قبائل وبطون سودانية وحسب، بل أن هنالك الكثير من الأدلة الدامغة بأن العديد من افراد هذه القوات قد أستجلبت من مناطق عديدة من الغرب الأفريقي: من النيجر، مالي، موريتانيا، وتشاد وغيرها؛ لدوافع شتى بينها وبين مستقدميها، وخلال هذه الأعوام تم لها ما أرادت من خلال قرضها للأخضر واليابس، واتخمت جيوبها وكروشها بكل ماحصدته من خيرات الغلابة، بعرق جبينهم وحر مالهم، وعاثت فساداً في محارمهم، بيد وتحت سمع وبصر الدولة "المتأسلمة".

    و نحو طمس المعالم سعت الدولة بإثارة الكثير من الشكوك ليس فقط حول دواعي الحرابة، ولكن في مصادر تمويلها وأشخاصها، ناهجة نفس ما أتبعته من سياسة تجاه الحركة الشعبية طوال سني حربها إلي حلول قرنق ومناوي في القصر الرئاسي. وفي السير نحو سياسة طمس المعالم والتشكيك كان التصريح الأخير بأن عدد المتوفين في دارفور هم فقط تسعة ألف مواطن، وقبل عام صرح وزير الخارجية مصطفى أسماعيل بأن المتوفين في دارفور هم فقط خمسة ألف شخص من بينهم 486 شرطي. وحينما صرح أيان أيقلاند في مارس 2005 بأن عدد المقتولين في دارفور هم 180 ألفاً، طلب منه الوزير بأن يأتي بالبرهان لأثبات صحة الرقم المعني، وتحدي الامم المتحدة بإيراد اسماء المتوفين أو أماكن قبورهم. فأن قمنا بتصديق الرقم الرسمي الأخير لمجمل القتلي في دارفور، وبالأشارة إلي عدد الضحايا حتي أغسطس 2005 في كونه فقط خمسة ألف مواطن حسب الأعتراف الحكومي، ألأ يعني هذا وفاة أربعة ألف شخص في عام واحد؟ إلا يدعو هذا العدد للقلق، ولحجم الكارثة؟ ولكن كم رخيصة هي دم المواطن السوداني المهدر من أجل التشبث بالفانية. ألا يحق لنا أن نتساءل عن أسباب موتهم، ومن هم الجناة، ومن أجل ماذا؟ هؤلاء الضحايا أياً هم، إن كانو من الجيش السوداني، او الحركات المسلحة، أو الجنجويد الدارفوريين، أو المدنيين، فهم جميعاً مواطنين سودانيين، وحمايتهم هي من أخص واجبات الدولة تجاه رعاياها.

    ونحو سياسة طمس المعالم كان هنالك أيضاً التشكيك ليس فقط في عدد الضحايا ولكن في أماكن قبورهم وأعدادهم وأسمائهم؛ وقد أدلى السفير سراج الدين حامد بانه في حالة حضور بعثة المحكمة الدولية للسودان للتحقيق، فلن تجد من تحاكمه. وعن الخلاف حول عدد الضحايا والذي صار يتأرجح بين دعاو الحكومة والمنظمات الدولية، ماذا فعلت الدولة تجاه الناجين من براثن محارقها المنتشرين في معسكرات النزوح والتي غطت شتى بقاع الأقليم، وخارج الأقليم؟ لماذا لم تشكك الدولة في عدد النازحين إسوة بالتشكيك في عدد الموتى؟ كل هذا يشير بأن الأنقاذ لم يكن همها المواطن الناجي من براثن الموت، وإنما في دحض الإفتراءات بمن أودت بقتلهم، والذين في نظرها لم يتجاوز التسعة ألفاً؛ ولكن أيضاً لم الملامة وذات السياسة بأستهداف المدنيين كانت هي ركيزة الحرب في جنوب السودان.

    حول الإقتتال، والحوار الدارفوري-الدارفوري/الحكومي:

    لا يضير الآن وصم إتفاقية أبوجا بكونها الأحسن أو نقيض ذلك لإنهاء الأزمة في دارفورفالرفض شبه الكلي من المتضررين حقيقة في مخيماتهم الدانية والقصية داخلياً وخارج السودان، لهو خير إستفتاء. فهؤلاء المتضررين رغم "بساطتهم" و"غباشتهم" من عاديات الزمان، إلا ان حسهم السياسي، وحكمتهم وحنكتهم، في معرفة "الأحسن" لهم، هو الأمر الفائت على الكثيرين من "الخبراء"، المختزلين لظلامات الغلابه من صلف الدولة. ورغم الإيجابيات الواردة في صلب الإتفاقية، فستظل جميلة فقط على الورق "فالحرب خدعة"، مادامت الدولة بشخوصها لا زالت متمسكة بنهج الخيار الحربي تجاه المدنيين وهي لم تتراجع قيد أنملة في مجمل سياساتها تجاه الأقليم منذ إندلاع الحرب، وتتردى الأحوال سوءً كل يوم. فلا زالت الدولة تماري بأن الحرب في دارفور هي حرب قبلية وليست حرب وقودها هم مجمل السودانيين، وهذا هو أس المعضلة. يقيني بأن حل أزمة دارفور الآن، ومستقبلأ سيظل بيد الحكومة السودانية، وليس في يد غيرها من حركات دارفورية مسلحة او مجتمع دولي، أن سعت جادة نحو حل الأزمة.

    وقد أثبتت الحكومة بدهائها بأنها أذكى من الجميع، وليس أدل على ذلك من كونها باقية في دست الحكم بمجموع ما خلقته من تناقضات ليس فقط على مستوى تنظيمها الكبير، ولكن أيضاً في إطار الواقع السياسي بين أحزاب وكيانات متوالية وأخرى معارضة، وجلها الآن "تحت إبطها"، و ايضاً في سياسة القفز بين الخيارات "النطيط" بين حالة الحرب كما هي في دارفور مع وجود مليشياتها رغم أتفاقية أبوجا، وحالة السلم في الجنوب مع بقاء مليشاياتها وقواتها الصديقة؛ فتعدد الحالات وماتتطلبه من مواقف قد تكون متباينة تعطي الحكومة المزيد من الخيارات لإتخاذ ما تراة مناسباً "لها" من جملة الأطروحات العديدة لمداركة ظرف معين. فسياسة تعدد المنابر وسياسة "فرق تسد"، وتعدد الجماعات المنقسمة من معارضة وغيرها، هي دائماً الأنسب للنظام.

    ومع تزايد وتائر العنف ضد المدنيين في دارفور وهي الآن قد طالت جميع المدن والحواضر من قبل الجنجويد تحديداً في مناطق هي تحت سمع وبصر الدولة، لم يكف محسوبي النظام من أبناء الإقليم في هذه المناطق من إسناد هذه الإعتداءات إلى جماعات دارفور المسلحة الرافضة لتوقيع إتفاقية أبوجا. ورغم أن امن المواطن وسلامته الشخصية، ماله وعرضه هي من صميم إختصاصات الدولة، إلا ان هذه المسائل تتم إستباحتها على مدار الثانية من قبل الدولة ومليشياتها و"حرس حدودها" وبشكل سافر تحت سمع وبصر القوات الأفريقية (الأجنبية؟). فخلال شهر واحد قام فصيل بعينه من قوات الجنجويد (حرس الحدود) قامت بنهب (أكل) أسوق مليط، كتم، والفاشر وقتل مواطنين أيام مما حدي بممثلين من الحكومة الأتحادية قامت بترحيلهم من مكان تواجدهم في الفاشر، وقد وصلت الآن مدينة نيالا، وفي يوم وصولها قامت مجموعة أخرى بنهب سوق الجنينة، وليست هذه هي المرة الأولي. جميع هذه الأعتداءات تمت في مناطق هي تابعة للدولة وفيها رئاسة الحكومة وكافة القوات النظامية وغيرها، بكامل وحداتها وعتادها، وفي جميعها آثرت كل هذه الجموع إلا تهب لنصرة المواطن، والذي يستباح دمة وعرضه وماله أمامها. ماذا يعني هذا: هل الجنجويد كمليشيا قبلية لا علاقة لها البتة بالدولة؟ وهل هي أقوى من الجيش السوداني، أم أن الجنجويد هم الآن وحدة من وحدات الجيش السوداني، وما تقم بعمله هي سياسة الدولة؟ فأن كان هذا هو واقع الحال الآن في مناطق كان يظن قاطنيها بأنهم في مأمن بعد أن تم تدمير التخوم، فقد خاب حدسهم.

    وتحت هذا الواقع المرير، يأتي من يماري بتوجيه "النصيحة" لرأس الدولة فيما يجب عمله للأسراع في بدء "الحوار الدارفوري-الدارفوري" وكأن دارفور المكلومة قد تم شفاؤها وعاد نازحوها إلي قراهم، وتم بسط الأمن، وتم إنصاف مظلوميها، ولم يتبقى من أمر إلا ان يتحاور أبناء دارفور عن أسباب إحترابهم، هذا لعمري هو المعنى بـ "الحوار الدارفوري-الدارفوري"، في الوقت الراهن. أي جدوى لحوار بين ضحايا من أبناء إقليم واحد سعت الدولة في حرابتهم و بأستخدام بعضهم لقتل الآخر. أليس هذا هو عين ماترمي إليه الدولة بوصم الحرب في دارفور بكونها حرب عرقية بين قاطنيها، إليست هذه هي ذات الدولة الناكرة لكل المذابح التي تمت ولكل الدماء التي أريقت نافية إي دور لها في أحداث دارفور، فأن كان سكان المدن تحديداً وهي مقار الدولة و فيها رئاسة الدولة وتحت بصرها يتم التعدي على المواطنين العزل، فماذا يعني "لحوار الدارفوري-الدارفوري" والمواطن الدافوري يقتل علناً وغيلة وغدراً، وتستباح أمواله وأعراضه على مدار الثانية. إن الدعوة للحوار الدارفوري-الدارفوري هو في نظري حديث سابق لأوانه، وله أن يتم حينما تستتب الأمور بهدف معرفة الجاني الحقيقي وراء الحرابة، إن كانت هي حقاً بين مواطني درافور دون تدخل الدولة، ولتضميد ما أثخنته الأحن من جريرة البعض على الكل. فالحوار أصلاً شيمة إنسان دارفور، قبل أن يختط في أبوجا، ولولا تدخل الدوله السافر في الحوار الدارفوري-الدارفوري المنعقد في الفاشر في فبراير 2003، لما كان لهذا العقد أن ينفرط، وفضه هو ما كانت تسعى له الدولة أساساً.

    وفي نظري أن جميع الجنجويد الدارفوريين رغم شناعة جرمهم، هم أيضاً ضحايا الدولة التي غررت بهم في حربها، ويجب النظر إليهم بما إقترفوه من جرم، وليس لأصلهم أو لفصلهم فليس من الصواب وصم كل المجموعات التي ينحدر منها الجنجويد بجريرة البعض منهم، ولا أرى من منطق لأحد في الدفاع عن سلوك مشين اللهم إلا إن كان للمرء ذات الدافع في إلحاق الأذى بالأخر، بل علينا أستهجان ونبذ هذا السلوك والتبرء من مثل هذه الأعمال والتي تسئ إلي المجموعات التي ينتمي إليها الجنجويد في المقام الأول، وللمطالبة بمحاكمتهم بحق مااقترفوه من جرم. ولا أرى من منطق في كون التنديد ضد أعمال الجنجويد يعنى التنديد بمجمل القبائل التي صارت محسوبة على الجنجويد، فالجرم هو مسؤلية الجاني في المقام الأول. وعلى ذات النهج فالدولة بتكوينها وتسليحها لهذه المجموعات والآن بإستيعابهم تحت جيشها النظامي لها كل الوزر فيما إقترفته في دارفور . ولذا فكل من يحاول الزج بقبائل أو ببطون بعينها لكونها وراء خراب دارفور فهو مخطئ، إن كانت هذه المجموعات محسوبة على الحكومة أو على المعارضة. ولن يكن هنالك من مستقبل للتعايش السلمي ولا "للحوار الدارفوري-الدارفوري/الحكومي" إن لم يتم التفريق بين الجناة الحقيقييين وراء كل هذا الخراب من مقاتلين ومطبلاتية، وبين المجموعات الإثنية التي ينتمى إليها الكل. فإدراج القبيلة في خضم هذا الصراع هو تحديداً ما تسعى الدولة لتلبيسه ولإيهام الجميع بأن قبيلة بعينها أو قبائل بعينها لها وزر كل هذا الخراب، وهي تحاول الآن التنصل من أي دور لها وراء كل الأحداث، ناسية بأن الجاني والضحية في إتون هذه الحرب هو إنسان دارفور بجميع إثنياتهم، وكل متوهم بفوز قبلي من خلال هذه الحرب فهو خاسر في إستمالته للبعض دون الكل.

    موقف الفعاليات السياسية من الخراب:

    ولنا أيضاً ان نتسائل هل من كوابح لكل هذا الطوفان التدميري الجاري الآن في دارفور؟ في يقينى إن الحكومة لها كل المصلحة في وقف أو إستمرار هذه الحرب وهي قد آثرت الخيار الثاني لتحقيق أغراضها الأقليمية والدولية من خلال بوابة دارفور. فالدولة والتي قامت بتجييش عصابات من المواطنين: سودانيين وأجانب وقامت بتمويلهم وتسليحهم، وتحت الضغط الدولي لتسريحهم قامت بضمهم في قواتها النظامية وبعضهم تحت مسميات "حرس الحدود"، لن يضيرها في شيئ إن قام فصيل بعينه أو كل الفصائل بأبرام الأتفاقية، لأن أيدلوجية النظام الحربية لازالت هي ركيزة سياستها في دارفور. فالحركة الشعبية بكامل قضها وقضيضها و من ورائها المجتمع الدولي، لم يبرحها خطر المليشيات الجنوبية الحكومية الدعم، وما أحداث ملكال ببعيدة عن الذاكرة؛ فما بال الحال في دارفور. فرغم المكون الأجنبي لقوات الجنجويد في دارفور، سلكت الكثير من الفعاليات الحزبية والسياسية خطى الدولة في وصمها للقوات الأممية (إن أتت حقاً) بكونها قوات أجنبية آتية لغزو السودان، دون ان تشجب إستعانة الدولة بمقاتلين أجانب أضفت عليهم صبغة السودانية لترويع مواطنيها؛ ولكن لما العجب و"جيش الرب" الأوغندي ومجازره تجاه المدنيين في جنوب السودان لهو خير مثال للإستعانة بالأجنبي لمحاربة المدنيين، ولكن كم خربة هي الذاكرة.

    ومع مسيرة الحرابة والتدمير هذه في بقاع شتى من السودان، صار التنطع للضغط الدولى لكبح جماح الطاقة التدميرية للدولة أهم من مناجزتها بالمتاح من الوسائل التي نص عليها الدستور الإنتقالي والذي بموجبه اتت احزاب المعارضة صاغرة إلي ضيعة الإنقاذ. فعوضاً عن إستخدام ما وفره الدستور لهذه الكيانات من أعمال وأنشطة يمكن العمل بها لوقف جور الدولة ووقف نزيف الدم في دارفور، ولتخفيف المعاناة عن المواطنين، صارت هذه الفعاليات وجل أعمالها هي رد أفعال لمبادرات الحكومة. فمع مشاركة هذه الفعاليات السياسية في حكومة الإنقاذ، وفي إطار الحرب الدائرة في دارفور بإسم الحكومة، ألا تتحمل هذه الفعاليات ذات الوزر للمجازر الجارية الآن في دارفور؟ فإن كان إشراكها في الحكم آت بعيد إنتهاء الحرب الدائرة في مناطق شتى قبيل إتفاقية نيفاشا، فلماذا المشاركة في حكومة لم تظل تنهج عين السياسة الحربية في دارفور؟ لماذا لم ترهن الأحزاب مشاركتها في حكومة الوحدة الوطنية بأنهاء الصراع في دارفور؛ وماذا فعلت من مواقف متحدة لإنهاء الصراع؟ وماذا فعلت من مواقف لهدم الموقف الرسمي بتصوير الصراع بكونه قبلي الوجهة ولا طاقة للدولة بأنهائه؟ ولكن عوضاً عن كل هذا إنحصر رد الفعل لكثير من الوقت بين مؤيد ومعارض للقوات الدولية، وهو طعم سرعان ما ابتلعته الفعاليات السياسية في إختزال قضية دارفور في موقف الدولة ضد التدخل، وشرعيتها، وهيبتها، ودون كثير إكتراث لإستغاثات الغلابة والتي مازالت داوية.

    وعلى ذات الغرار يمكن النظر لموقف الحركة الشعبية تجاه قضية دارفور، فرغم نصرتها لها إبان أندلاعها، إلا أن هذا الموقف الرسمي بالمناصرة صار يتارجح بين موقف هو صنو لموقف الإنقاذ ممثلا في تصريحات لام أكول وأخرى داعمة لتدخل القوات الأممية كما في تصريحات رياك مشار. ورغم تصريحات سلفا كير الأخيرة المتفقة مع مشار، إلا أن سلفا كير نفسه لم يقم بزيارة دارفور في محنتها وهي قد صارت قبلة كل المهتمين بمعاناة مواطنيها. والمتتبع لإهتمام الحركة الشعبية بقضية دارفور، يلحظ عدم وجود سياسة ثابتة لها حيال قضية دارفور رغم تعقيداتها خلافاً لما تدعو إليه سلفاً بإماكانية حلها تحت إطار منظومة المناطق المهمشة، خاصة مع التأثير السلبي لحرب دارفور على تنفيذ بنود نيفاشا.

    ورغم أن للدولة كل مسوغاتها لإستمرار حربها في دارفور والتي لم تأت من فراغ، فقد ساعدتها في ذلك الكثير من الظروف المحلية وأخرى خاصة بخصومها. ومع تكاثر وتضاد الفعاليات صار للدولة العديد من الخيارات، تأخذ بأيهما في الظرف المعني لتحقيق مبتغاها، ولم يكن هذا بممكن إن لم تتمكن من إستغلال التنافس وغلبة المصلحة لإقطار ومنظمات دولية وإقليمية لها حاسباتها المعنية تجاه الحرب في دارفور؛ ومع كثرتها ولتشابك وتقاطع مصالحها صار للدولة العديد من الخيارات حسبما تراه مناسباً للظرف المعني، ولتبيان هذا التداخل بين المحلي والعولمي، على الصعيد الأقليمي والدولي فيما يخص خراب دارفور نواصل هذا الحوار في الجزء الثاني من المقال.


    فيلادلفيا -
    18 ديسمبر 2006
    http://www.darfurinfo.org
                  

العنوان الكاتب Date
الجنجويد: محلياً ودولياً Ali Dinar12-19-06, 05:47 AM
  Re: الجنجويد: محلياً ودولياً محمدين محمد اسحق12-19-06, 09:00 AM
  Re: الجنجويد: محلياً ودولياً Elbagir Osman12-19-06, 06:45 PM
  Re: الجنجويد: محلياً ودولياً Mohamed Adam12-20-06, 04:51 AM
  Re: الجنجويد: محلياً ودولياً Ali Dinar01-04-07, 06:57 AM
    Re: الجنجويد: محلياً ودولياً أنور أدم01-04-07, 12:17 PM
      Re: الجنجويد: محلياً ودولياً Biraima M Adam01-04-07, 12:39 PM
  Re: الجنجويد: محلياً ودولياً Aisha Hommaida01-11-07, 03:33 PM
  Re: الجنجويد: محلياً ودولياً Aisha Hommaida01-11-07, 05:13 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de