|
هل يمكن أن نمدن الإسلاميين
|
كان مدخل الاسلامين الى السلطه عبر بوابه الانقلاب العسكرى والرهان على العسكر لا على الفعل الديمقراطى هو مؤشر يلخص فشل تمدد مشروعهم الفكرى والسياسى فى تربه المجتمع السودانى بالوسائل السياسيه والاخلاقيه التى توصلت اليها البشريه عبر تراكم من التجارب وعمليات الفرز والتراص المستمره,والتى حيدت واستبعدت كل ما يتخاصم مع خصائص الطور الانسانى الذى نعيش فى كنفه واسست فى ذات الوقت لطرائق اكثر شفافيه واخلاقيه للوصول الى سده السلطه. وهو من زاويه نقديه يمكن ان يمثل الوصول الى السلطه عبر الاليه المذكوره انفا حاله من الاغتراب الانسانى والحضارى الذى يعانى منه الاسلاميين عامه واسلامى السودان بصوره خاصه ويعبر عن حجم الفجوه المعرفيه المتعمده ما بينهم وبين منجزات العقل الانسانى المتمدن
والشئ الممدهش حقا انهم(الاسلاميين) لا يمارسون القطيعه تلك مع منجزات العقل الانسانى المتمدن والتى اجمعت كل البشريه بمختلف مشاربها وتياراتها على صحه افتراضاتها وصحه الميكنزمات التى ط رحتها لحل كل ما يعترى الانسان من مشكلات وعلى كافه الاصعده.
قلنا ان الاسلاميين لا يواصلون القطيعه تلك لانهم اكتشفوا او توصلوا من بعد اجتهاد واعمال للعقل الى خطل ما فى المنتوج الفكرى للعقل المتمدن, ولكن يمارسونها من باب االانتصار لفكرتهم رغم الضعف الذى يعتريها, و ان كانت صحيحه الافتراضات ام مجافيه لها, ام كانت مخاصمه للشرط التاريخى الذى تعيش فى كنفه.
وهو فى كل الاحوال يدل ويعبر عن حاله من التبلد والتصلب والدوغمائيه الفكريه التى تعيق ايجاد مساحات للنظ ر الى ما وراء الاشياء بتجرد وعقلانيه.
خلصنا الى ان الاسلاميين وهم يقفون على الضد من الاطروحات العقلانيه..... ويا للمفارقه ففى الوقت الذى يثبتون فيه موقف سلبى للغايه من تلك المنجزات(الديمقراطيه _حقوق الانسان_المساواه_احترام الاقليات...), تجدهم يتهافتون بشراهه على المنجزات الماديه لنفس العقل المتمدن فى تناقض بائن وفاضح للازدواجيه واللامبدائيه فى المواقف, وهو يبين عن كثب او يفضح فى حقيقه الامر ان المنظور او المعيار من منجزات المدنيه هو معيار برغماتى لا يقوم على اسس من القناعه بقدر ما يقوم على الانتهازيه واللاعقلانيه.
ولان الاسلاميين فشلوا بداء فى قراءه الواقع السودانى بعمق ونزاهه لعطب ما فى مناهج التحليل لديهم لكلاسكيتها و مجافاتها للعلميه , او زهدا فى معرفه الازمه زاتها,لامتلاكهم حلول ناجعه جدا بحسب تصورهم تمكنهم من طرح حلول مختمره عندهم سلفا وصالحه لكل زمان ومكان ولكل ازمه بالضروره.
تجد الاسلاميين تجاوزوا عن عمد حقيقه ان المجتمع السودانى متباين الديانات والعرقيات الثقافات والمزاجات حتى.وشرعوا فى طرح مشروعهم الحضارى المستند على البركه الالهيه كما يزعمون, والذى يختزل مجمل الازمه السودانيه رغم تشابكها فى انها لعنات هطلت من السماء لان العباد تركوا شرع الله وسنه نبيه.
نعم كانت البدايه الخاطئه من هنا عندما بحثوا عن غطاء غيبى لازمه هى تناج لحماقات واخفاقات بشريه فى المقام الاول, واى حلول توضع لحل هذه الازمه تتجاوز هذه الحقيقه هى بالضروره ستزيدها تعقيدا ولن تسهم فى حلها, وهذا هو السيناريو الذى حدث فى ما بعد.
وهى قراءه لها ما بعدها حيث قصدوا من اختزال الازمه السودانيه فى البعد الغيبى ارسال اشاره مفادها انهم فقط من يملكون حل الازمه وبالعنايه الالهيه. ولان هذه العنايه الالهيه توفر لهم غطاء دينى لتبرير ممارساتهم وتقدم لهم مساحات لقمع الاخر وابتزازه تحت شعار هى لله.
فكان خلاصه حل الازمه اعاده انتاج مواطن سودانى ذو بعدين لا اكثر ولا اقل, بعد دينى هو الاسلام بالضروره وبعد عرقى هو العروبه لا غيرها.فى الوقت الذى تجاوز العالم المتمدن من حولنا هذه الادوات , وبات الرهان على دين من الاديان او عرق من العرقيات يمثل حاله من الرده المدنيه والتخلف,واصبح الرهان على القيم الانسانيه هو الاساس لكل مشروع نهضوى.وهذا يبين بدوره التناقضات الحاده ما بين مرتكزات المشروع الفكرى للاسلامين وما توصل اليه العالم المتمدن من ادوات وصيغ تصب فى مصلحه البشريه.
ولان طبيعه مشروعهم الفكري لا تقبل الوسطيه والاعتدال مثل اى مشروع دوغمائى, ولانه فى الاساس يقوم على الثنائيات االمغلقه(مع_ضد), كان التعامل مع الاخر دينيا على انه كافر ونجس يجب عليه اغتنام الفرصه والدخول فى دين الهدى والا فميكنزم الجهاد قادر على حسم اى تحفظات لديه.
ولم يكن التعامل مع الاخر ثقافيا حتى ولو كان على نفس الدين باحسن حالا من سابقه. حيث ينظرون للثقافات الاخرى على انها فضاءات جرباء تحتاج لاعاده قولبه واستصلاح على النسق الثقافى كما يملكون تفاصيله هم لوحدهم, وكان الاجدر بهم الدعوه لاعلاء قيم الثقافه الانسانيه ومحاوله توطين ادبياتها فى التربه السودانيه.
ولكن راحوا يتبنون مشروع محاربه الثقافات الاخرى واحلال الثقافه العربيه بدلا عنها, وتطويع اجهزه الدوله ومواردها لنشر الثقافه العربيه, بدلا من توفير المناخ الذى يسهم فى جعل الثقافات السودانيه تخوض حوار ديمقراطى شفاف فى ما بينها, لتنتشر وتسود الثقافه التى تلبى وتخاطب حاجات الناس وتجعلهم على مرمى حجر من المدنيه.
وهكذا انعكست سياستهم الثقافيه على الثقافه العربيه خصما لا ايجابا حيث تمترس الاخرون ضدها رغم انها تحمل ميزه وجود اللغه العربيه كوسيط لغوى اجمع معظم السودانين عليه, وقد انقلب السحر على الساحر بفعل السياسات الخرقاء والافق الثقافى الضيق.
اما الاخر فكريا عند الاسلاميين فهو علمانى وزنديق بالضروره ودون النظر الى ما يطرح من افكار تجدهم يصدرون الاحكام ضده, وهذا هو ديدنهم تجاه كل من يخالفهم الراى.
فبدلا من مقارعته الحجه بالحجه والمنطق بالمنطق تجدهم يرفعون فى وجه الاحكام الجاهزه والتى لا تحتاج لكبير عناء.
لذا تجد عندهم المطالبه بالتعدديه السياسيه والفكريه محض افكار مستورده, او هى تفاصيل مؤامره لضرب الامه فى عقيدتها, او فى احسن الاحوال هى تفلتات مثقفين يبحثون عن غطاء فلسفى لانهيارهم الاخلاقى.
واى انسان حازق يمكن ان يستنتج دون اى جهد خواتيم تلك السياسات والتصورات المجافيه للمنطق السليم المتزن والمتقاطعه سلبا مع اخر منجزات الفكر الانسانى , التى دشنت لعلائق اكثر انسانيه بين المتباينين فى الدين والعرق والثقافه على قاعده من من الاعتراف بحق التمايز والاختلاف.
وتجاوزت هوس الانتصار لدين من الاديان او ثقافه من الثقافات وطرحت مشروع الهويه الانسانيه الجامعه لكل التباينات(دين _عرق_ثقافه), تحت مظله من الاحترام المتبادل والاعتراف اولا بانسانيه الانسان مهما كانت تفاصيله, ومن بعد ذلك تثبيت حقه فى الحياء والاختلاف والاعتناق والتعبير والتمايز.
هذا هو جوهر المشروع الموازى للمنغلقين على ثقافاتهم وهوياتهم رهانا على ان العزله تحمى الخصوصيه وهو رهان فى كل الاحوال لا يراهن عليه.
ثم ماذا بعد ان اصر الاسلاميين على اغلاق اذانهم من سماع دوى صوت العقل والاستفاده من التجربه الانسانيه الثرى, رغم ان الاسلام الذى يتمشدقون به يحث على اخذ الحكمه من اى الاماكن جاءات لانها ضاله المؤمن الحق ولكن هل يعرفون من الاسلام الا اسمه..؟
الم يدخلوا الاسلام والمسلمين والوطن فى ذاته فى ورطه, تعتبر اكبر الورطات التى حاكت به فى تاريخه الحديث.الم يختزلوا الاسلام فى الجلد والقطع ومراقبه خصوصيات الناس, واستندوا على اكثر التاويلات فيه انغلاقا لتبرير قمع الاخر المخالف لهم,وهكذا قدموا المسلمين على انهم مجرد حيوانات تحركهم غرائزهم وليس عقولهم, وكانت هذه اوضح تجليات مشروعهم الحضارى وفى انقى صوره.
وهكذا راينا كيف تبخرت احلامهم باقامه امبراطوريه اسلاميه تبدا من الخرطوم وتنتهى عند موسكو, واصبحوا الان يبحثون عن ادوات تضمن لهم بقاء اعناقهم بين اكتافهم.
ورغم ذلك نقول ان الحل فى متناول اليد وانه بالامكان اصلاح ما كان,وان هناك متسع من الوقت لاخراج السودان من ازمته تلك او سمها ورطته التى ادخله فيها المتاسلمين بحماقاتهم .
ولكن عليهم فى البدء الاعتراف بانهم قدموا نموزج بالغ السوء فى الحكم وتجاوزوا الاساءه الى انفسهم الى الاساءه الى الاسلام ذاته.
ومن بعد ذلك عليهم السعى الجاد لادراج السودان فى ركب المدنيه المعاصره, ولن يكون ذلك الا باستصدار قرارت سياسيه فى غايه الشجاعه تعترف بان حل الازمه السودانيه هو الاقرارا بان منتجات العقل المتمدن الفكريه هى وحدها القادره على حل كل الازمات التى تعترى هذا الوطن, واى محاوله للقفز فوق هذه الحقيقه سيترتب عليه تكلفه بالغه السوء.
وعليهم الاعتراف بان التماهى مع المدنيه بكل تفاصيلها الفكريه هو الحل , وانها اصبحت واقع لا مفر منه, وعليه يجب البحث عن صيغ للاندراج فيها تلائم المناخ الاجتماعى السودانى, بما لا يتنافى مع جوهر هذه المنتوجات الفكريه للمدنيه ولكن هل يمكن الرهان عليهم(الاسلاميين) لاحداث هذا الاختراق التاريخى فى بنيه المجتمع السودانى ام سيمضى بنا قطار الجحيم الى اخر محطاته.
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
هل يمكن أن نمدن الإسلاميين | خالد خليل محمد بحر | 07-20-06, 11:23 AM |
Re: هل يمكن أن نمدن الإسلاميين | خالد خليل محمد بحر | 07-20-06, 11:35 AM |
Re: هل يمكن أن نمدن الإسلاميين | Mustafa Mahmoud | 07-20-06, 11:53 AM |
Re: هل يمكن أن نمدن الإسلاميين | خالد خليل محمد بحر | 07-20-06, 12:09 PM |
Re: هل يمكن أن نمدن الإسلاميين | Mustafa Mahmoud | 07-20-06, 12:35 PM |
Re: هل يمكن أن نمدن الإسلاميين | خالد خليل محمد بحر | 07-23-06, 06:11 AM |
Re: هل يمكن أن نمدن الإسلاميين | خالد خليل محمد بحر | 07-27-06, 01:57 PM |
Re: هل يمكن أن نمدن الإسلاميين | معتز تروتسكى | 07-27-06, 02:02 PM |
Re: هل يمكن أن نمدن الإسلاميين | خالد خليل محمد بحر | 07-28-06, 12:27 PM |
Re: هل يمكن أن نمدن الإسلاميين | خالد خليل محمد بحر | 10-12-06, 06:46 AM |
Re: هل يمكن أن نمدن الإسلاميين | Mohamed E. Seliaman | 10-12-06, 08:39 AM |
Re: هل يمكن أن نمدن الإسلاميين | عبده عبدا لحميد جاد الله | 10-12-06, 10:25 AM |
Re: هل يمكن أن نمدن الإسلاميين | خالد خليل محمد بحر | 10-12-06, 01:12 PM |
Re: هل يمكن أن نمدن الإسلاميين | Salah Musa | 10-12-06, 03:49 PM |
Re: هل يمكن أن نمدن الإسلاميين | خالد خليل محمد بحر | 10-13-06, 01:27 PM |
Re: هل يمكن أن نمدن الإسلاميين | Mohamed E. Seliaman | 10-13-06, 01:48 PM |
Re: هل يمكن أن نمدن الإسلاميين | خالد خليل محمد بحر | 10-13-06, 03:10 PM |
Re: هل يمكن أن نمدن الإسلاميين | عصام أحمد | 10-13-06, 03:14 PM |
Re: هل يمكن أن نمدن الإسلاميين | خالد خليل محمد بحر | 10-13-06, 03:24 PM |
Re: هل يمكن أن نمدن الإسلاميين | Mohamed E. Seliaman | 10-14-06, 03:52 AM |
Re: هل يمكن أن نمدن الإسلاميين | خالد خليل محمد بحر | 10-14-06, 01:46 PM |
Re: هل يمكن أن نمدن الإسلاميين | خالد خليل محمد بحر | 10-14-06, 02:06 PM |
|
|
|