وردي: مافيش فن .. عندما يصل الغناء لمستوى نور العين اسألوني عن جديدي

تعليق ساخر .. ورأي مستفز .. وحكم تعسفي ومقارنة سدمية .. كل هذه المعاني طفحت من حديث للعملاق وردي وهو يقول في احدي حواراته«مافيش فن» ..«عندما يصل الغناء لمستوي نور العين اسألوني عن جديدي.
هكذا علي هذا النحو المتعالي المتعجرف المؤسف صفع مبدعنا الكبير رفقاء الدرب وزملاء الشدو الجميل وسفه من قيمة مايطرحون من غناء .. وحتي القادمين الجدد اثبط من همتهم في مواصلة التجريب الذي حتماً سيفرز في يوم ما من خلال تراكمه الكمي اضافة نوعية .
في كل بلاد الدنيا الكبار يحتفون بالصغار ويمسكون بايديهم الي ان يبلغون مرحلة ذاتية الطرح .. لكن هنا نقيم المقاصل لصلب مواهب صغيرة .. وقبلها نشق بطون الاحترام ونفسد روعة العلاقات بحديث محتشد بالنرجسية المفرطة والتعالي والتكبر والكلمات المستفزة المغرورة .. والصلف العجيب علي ذات نسق الحديث الذي تحدث به وردي ..
نعم وردي قدم اعمالاً غنائية رائعة والتي من خلالها حقق شهرته الواسعة وقبل ذلك ساهم بمشروعه الغنائي في تشكيل وجدانيات اجيال عديدة .. ولاشك انه يقف علي اعلي ربوة في خارطة الغناء .. وانه فنان ملتزم يجيد فقط الانتماء لشعبه ويكون في كل الاحوال صوتهم وضميرهم .. لكن كل هذا لايعطيه حق السخرية من طرح زملائه او التعالي عليهم او الحكم علي مايقدمون بمثل هذا الكلام اللامسؤول .
السودان البلد المتميز المتعدد الثقافات يحترف اهله ثقافة التعدد في السياسة والفن فبمثلما طوق وردي بالاعجاب الكبير .. فأنه ايضاَ لم ولن يسقط مبدعيه الاخرين في مجال الغناء .. امثال محمد الامين .. ابوعركي البخيت .. عثمان حسين .. محمد ميرغني واخرين ..
ورغم ان الاغنية العربية الان تمر بمنعطف خطير وصار الاتجاه السائد هو تهجينها بايقاعات وجمل موسيقية مسروقة او للتخفيف نقل مستعار من فنون اخري كالاسبانية والهندية والاوربية الا اننا لم نسمع يوماً العملاق وديع الصافي يقلل من شأن مايطرح بصورة مستفزة ولم يقل كما قال وردي انه لن يطرح جديده الي ان يصل الناس لمستوي ماقدمه .. بل ظل متواصلاً .. ومجدداً .
نحن نقبل احاديث وردي ايام ذروة العطاء واحتدام المنافسة .. لكننا نرفض مثل هذا الحديث والرجل اصبح قامة رفيعة ورمزاً من رموز تاريخ هذا الوطن واحد قادة حركة البناء والتطوير .