عن مبنى القنصلية العامة لجمهورية السودان بجدة أحدثكم
تمهيد مع اطلالة فجر الاستقلال المجيد، أطل مبنى القنصلية السودانية بجدة/ السفارة سابقا كأجمل مبنى في هذه المدينة التي تتمطى ما بين أعاصير الصحراء ورطوبة البحر المالح، كان الناس وقتها يتقاطرون صوبها من أصقاع بعيدة، يتأملون بنائها الباذخ، وشارع الميناء أمامها، كان وقتها الشارع التجاري الأهم في جدة، والعلم يرفرف فوقها، والجلاليب والعمائم (تيجان العرب) تكمل اللوحة السوريالية، او قل اللوحة السودانية، ومن البحر الممدد في الفراغ، استمد التني موسقة قصائده، وتقفيتها بروي المد القادم من بورسودان، وعذوبة أنسام تهامة، والشوق العارم للساكن طيبة، وقوافل أيام الله، من ذاك العهد الميمون والى عهد الشيخ العارف بالله، المتبتل في محراب المدح النبوي، فتح المبنى للزهاد وأهل الله والشعراء مع الغاوين، فاختلط الحابل بالنابل، والترجمان، والى عهد المتبصر محمود، وأراد الله أن يشهد هذا المبنى كل عهود الحكم الوطني، ويحفظ تاريخ الهجرة، ثم يشيخ .. شاخ المبنى يا سادة.. فعافية الدرج الضيق والجدران صارت اخدودا للفئران، وفناء المبنى والعرصات اضحت ملهى للقطط السمان، اذكر في احدى الندوات، والشيخ يحاضر عن فجر السودان القادم، مرت قافلة الفئران، سكت الضيف قليلا واستدركت الأمر وقلت: نحمد أفضال المنعم، لا نشكو قلة فئران يا سادة، فالخير عميم، ضحك الشيخ وواصل، وفي يوم آخر، كان التكريم لناقلنا الوطني، سودانير، حضرت بعض وفود الشركات العربية، يتقدمهم مدير عام الخطوط السعودية، والشريف أحمد بدر، وبدأ الحفل التكريمي، وفي لحظة انصات ، هرع الى المسرح هر تطارده قطة، القطة كانت حانقة من فعل التأبير، وضاقت الساحة على الهر بما رحبت، فارتكن الى الناس على المسرح، ليسمع الناس المواء.. ضحك الناس طويلا.. وبعد ليال معدودات، جاء القنصل ابراهيم، بوجه يتهلل بشرا، قال.. ها قد أزف الوقت لنرحل .. وداعا أيها المبنى العجوز.. ومن قبله بشر القنصل التجاني، بشر الناس بمبنى باذخ في أرقى أحياء العروس.. ومرت الأيام، والمبنى العتيق يستعصى على الاخلاء.. يتباهى بالجهد الشعبي، فالمسرح شهد أحاديث الرؤساء والوزراء، وأهازيج كبار الشعراء، وآخرهم صاحب "البحر القديم" الذي وقف عليه وقد أنهكه الأعياء، ينشد شعرا عموديا وهو الذي ظل طوال العمر رائد شعر التفعيلة، وكثير من عباقرة الفن الخالد، المسرح كان نتاج الأفكار العملاقة الشاعر تاج السر، وعبد الله محمد عبد الدائم، هذا الرجل الشامخ غرس الأشجار، أشجار المانجو لتظلل ساحات المبني.. هذا المبنى يا سادة يحتضن تاريخنا الثقافي ..الآن وقد أزفت لحظات فراق المبنى في هذا العهد الميمون، عهد السفير محمود فضل القنصل العام الذي أخبرنا أن المبنى القادم سيوفر ساحات أرحب لهذا المخزون المدرار .. وسيكون واجهة حقيقية لهذا السودان الواعد بالخير والنماء .. وريثما يتحقق ذلك باذن الله، سنتحدث في هذا البوست عن تاريخ مبنى القنصلية وأهم الأحداث الثقافية والاجتماعية والسياسية التي كان شاهد عصر لها .. وبالله التوفيق والسداد سيف الدين عيسى مختار

[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1: << 1 >>

احدث عناوين سودانيز اون لاين الان

اراء حرة و مقالات	Latest Posts in English Forum
Articles and Views	اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases	اخبار و بيانات

الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة

About Us
Contact Us
About Sudanese Online

اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين

News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums

If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]