|
مركز جمال محمد احمد الثقافي
|
يقيني ان صديقي بيكاسو (عبدالله الشقليني) - وان تيسر شقيقه الشاعر السفير جمال محمد ابراهيم - هو الذي لن يوصمني بعنصرية وجهوية نوبية وانا احلم جهرا عيانا بيانا ب"مركز جمال محمد احمد الثقافي " والزمن رهوان يركض ليمر ربع قرن في اكتوبر من العام المقبل لتكون خاتمة ربع قرن من الزمان منذ ان رحل ذلك الباسم الفخيم عن دنيانا .... داهمني شعور بالغبن وان اسمع مصر وهي تهدد وتوعد دول منابع النيل الافريقية بالويل والثبور اول امس حين وقعت بعض منها ميثاقا اطاريا لخدمة مصالحهم في قسمة عادلة لمياه النيل وساءني ان "السودان" صفق لمصر بل ركب مع مصر سرج واحد .. تخيلت كم كان سيكون جمال مقهورا لو ان الخالق الباري كان قد امد في عمر صاحب "وجدان افريقيا" و "سالي فوحمر" و"عرب وافارقة" و "في المسرحية الافريقية " ووووووو .....ليكون شاهدا علي هذا العبث المصري السوداني ...ثم اعود واقول "لو كان حيا لكانت لدبلوماسيته المترعة انسانية وقبول طاغ افريقي عربي له قد ساهمت في ان يبقي وجدان افريقيا هو الميثاق .. ولكن تلك مشيئة الخالق فليرحم الله جمال ويرحمنا ويرحم بلادنا من كل كيد ""
هل نحلم يا بيكاسو ويا جمال ويا عجب الفيا ويا ويا ويا ب"مركز جمال محمد احمد الثقافي " .. هو الحلم بفلوس !(هذه التي عصيت علي والله لو ملكتها لصيرت الحلم حقيقة ولكن ...)
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: مركز جمال محمد احمد الثقافي (Re: abubakr)
|
Quote: الأديب الراحل ( جمال محمد أحمد ) و لُغته المُورقــة لو قرأت وصفه لمحة من طفولته حين يعتلي ظهر بَغلٍ ، و يُمسِك شقيقه محجوب بخاصرته رديفاً عند غدُوهما والرواح إلى المدرسة الأولية من قريتهما ( سرة شرق ) في شمال السودان القصي ، لعلمت كيف تستنبِت البوادي والأرياف عندنا من نُطفة تكورت في رحم أنثى ، حين تنمو وتُفرد لنا من بعد شجرة باذخة الظلال . حُلو ثمرها ، تتخطى أقواس العُمر برشاقة عبقرية أديب يكتُب بإزميل نحّات و يرسم لُغة مُتجددة الإبداع و مُتفردة الهوى . لن نُغالي أبدا إن حسبنا قلمه مدرسة في ترفيع العربية وتغذية شرايينها من الآداب المُعاصرة .اقرأ معي كيف استفتح مقالة له دعاها ( مشاهد من هارفارد ) حين استكتبه الأديب الراحل ( علي المك ) لمجلة الدوحة القطرية في السبعينات عندما كان مراسلا من الخرطوم :1ـ { في الشقة رقم 34 من الطابق الثالث والأخير من عمارة تُمسِك باثنتين أخريين عن يمين ويَسار . تُطل كلها على بستانها الخاص وأشجارها الطوال حولها ، قضيت فترتي الدراسية في هارفارد بدءاً بأول الشتاء ختماً بأوائل الصيف ...} حين يُمسِك الأديب الراحل بيدك ويُدخلك مسكنه كضيف وقارئ ، تتخطى معه العتبات . يُلبِسكَ جُلبابه وتتجول أنت معه كأنك سيد الدار ، بضَمير لُغة يتغمص فيها القارئ روح كرفيق عُمر ! . كرمٌ لُغوي لا تُدانيه ضيافة ، حين يكتب : ـ2ـ { تدخُل تجِدَكَ توّاً فيه . قُبالَتك خِزانة المعاطِف ، للبرد وللحر ، ومشاجِب للطواقي صُنِعت لتحمي الرأس والأذنين ، وقُبعات خفيف بعضها للرذاذ ثقيل بعضها لحمأة الشمس ، ...وفراغاً لغير هذه من واقيات الحر والبرد ، .. خزانة الصيف والشتاء هذه داخل الحائط في الصالون ، حيث مجلِس أضيافك ومجلسك . خطوات قليلة عبر هذا الصالون يهسار مدخلك فتحة لدهليز عرضه متر طوله أمتار معدودة }أو حين يكتُب :3ـ { ..خطوات من بعد قبالتكَ ، باب آخر يقود لمطبخك أعدّ ليخدُم من يخدُم نفسه.. على اليسار فتحة أخرى كفتحة المدخل على دهليز تقود للمكتبة ، أفسح غرف البيت ، اقتعدت فيها طاولة الكتابة والقراءة مكاناً وسطاً ...}أو حين يكتب :4ـ { إن اضطررت ليوم تقضيه داخل البيت لن توحَش . النافذتان على يسارك عيناك لهذه الرئة الخضراء للطوابق الثلاث هُنا وأخواتها هناك عبر الطريق . تخضر الأشجار ويخضر العُشب في الربيع ، وتُزهر الشجيرات فتؤنس ، أول الصيف يذوي الورق تسمعه يتساقط ..}5ـ أو حين يكتُب :{ في الذي رأيت حولي من كُتب ومن متاع . هذه فئة من الناس كبُرت على الطموح نفسه ، سكونها كان داخلها عُلواً على صخب حروب المذهب والسلطان ، يستحيل لغير كبير على السلطان والجاه والمال والرفاه ، أن يغني كما فعل ( أوفيد ) في أيكولوجي أغانيه التي جمعها عشاق الحياة ، ما كان يدرِك وهو يُغني بأنّا نهتز لها نحن اليوم ألفا سنة من بعد ،..}تتمهل أنتَ حين تقرأ للأديب (جمال محمد أحمد ) ، تحس ألفة ومحبة تشعّ من أحرُفه التي بها يكتُب . يتخطى التُراث في الكتابة العربية بخطو العارِف ، الناهِل من حلاوة الإيجاز البليغ والسينمائية التي تأتيك بالدهشة من حيث تدري و لا تدري . تتلمس حليات القص وفخامته وأنت تقرأ . يتبدى لك الدفين الذي هضَمته ثقافته الباذخة ، واطلاعه العميق على آداب الدُنيا . يُزاوج فيها حُراً كما يشاء ، خاتماً لنا بَصمَته عند كل مُنعطف برقة وسلاسة . عسير على من أراد تقليده أن يمتطي فرساً لُغوياً نافراً ،وهو عند صاحبه الخلُوق رفيق درب لا مُستعبداً يُركَبُ ظهره ! .ساقتني قدماي ذات صُدفة مطلع الثمانينات . حضرت لزيارة بعض الصحاب الدارسين بمعهد الدراسات الأفريقية والأسيوية بجامعة الخرطوم . تحت ظل شجرة في فُسحة مُمكنة جلست في مقعد مع آخرين جواري في الهواء الطلق . كُنا بضعاً وعشرين فردا لسماع مُحاضرة يُلقيها هو علينا عن القرار ( 242 ) الذي أصدره مجلس الأمن قبيل وقف إطلاق النار أيام حرب السادس من يونيو 1967م . جلست مستَمِعاً تُدهشني اللغة والبلاغة والمنطق والتحليل والدقة والسرد الباهر . ينهمر سلسبيل المعرفة بمائه الثقيل من أثر الموسوعة الثقافية والأدبية والسياسية المٌترَفة لسيدنا . تسمع حفيف حركات الأغصان بأوراقها مع الريح كموسيقى تُصور لك الأحداث الجِسام التي تخطت العقلية الدُبلوماسية العربية ، وهي تُقبِل على موافقتها لنص تلك الوثيقة الماكرة . تبدو النصوص كجرَّة تنضح ندىً يحسبها الظمآن مورداً يُطفئ عطشه .. ولكن !؟لا أعرف كيف أصف لكم مشهداً لن يُنسى من صفحة العُمر كأن بيني وبينه يوم وليلة ! . صوت الأديب ( جمال ) يُبعثر اللُغة بين كنوزها الأدبية و خطوط القانون الصارمة التي خطتها أصابع ماهرة من الطرف الأقوى ، وغفلة تاريخية من الطرف الغض من المُعادلة المُجحِفة ،لم تزل تأخذ بدُنيا المُستضعفين حيثما حلُّوا ! .أفقت من الذهول عند الخاتِمة وأسئلة الحضور تتقاطر ، فأعماق الردود وخُلق سيدنا ، وتواضعه الجّم حين يُمسك بطِفل السؤال و براءته ، ليُجلسه معه في مقعد الدبلوماسية الفخيم . تجد نفسكَ أمام خيارات أمة وقفت عارية و تداعت مصائرها في جملة لُغوية ، ارتضاها من لا يُدرك أبعادها أو أجبرته حوامض الدهر أن يرضى ، فأضحت نصاً يشخص له طلاب الدبلوماسية في كل زمان عند مفاصل التَعلُم : كيف تُفسِح للنص أن يُرضي المُتنازعَين ، كل يُفسِر وفق هواه ، ويُفلِت المُحتل من سيف العدل !.لن تفِ الأديب الدُبلوماسي الراحل (جمال محمد أحمد ) صفحة مقال أو نثر كتاب ، فالسماوات تضيق على سعتها بالحديث عن سيرة ذاك الطود الشامِخ الذي سرقته منّا دُنيا الثمانينات من القرن الماضي . أسفاره الروائية و دراساته في الأدب الأفريقي وأسفاره المكتوبة والمُمارسة في الدبلوماسية و الترجمة والتدريس الجامعي ، أو حين الجلوس لمآدب التفاوض المُضني أو من وراء كواليس صياغة وثائق المُنظمات الإقليمية ، عندما كان أصحاب القرار من وراء قيادات الأمم الأفريقية والعربية الناهضة من أطواق الاستعمار القديم لا تُميِّز الأثداء التي تأخذ منها وجبات حليب التغذية ! .لم يزل الوطن يتسربل بالخسائر الفادحة ، إلا إن الأعمار ومصائر الأجساد لها السُقوف ، وهي سُنة الحياة . لم يتركنا الراحل فقراء على أبواب التسول ، بل ترك لنا الثراء المكتُوب .رحمه المولى ورَطب مرقده وأفسح له في أفنان الرياض الموعودة .سنكتُب عنه حين تأذن سانِحة أخرى .عبد الله الشقليني 23/02/2006 |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مركز جمال محمد احمد الثقافي (Re: abubakr)
|
محمد المكي - في ذكري جمال محمد احمد
Quote: في جمال محمد أحمد أعزى كل محمد أحمد
محمد المكي إبراهيم
لمن تهرع بكتابك الجديد ؟ بقصيدتك الأثيرة ؟ لمن تهدى لوحتك المنتقاة ؟ أي أرض تقلك وأي سماء تظللك تحت وقدة هذا الهجير وأي جبل يعصمك من الطوفان ماذا يبقى لك من هذه المدينة إذا أوصدت دونك " سرة شرق " مثلما أوصدت للأبد دار المجذوب الحكومية وقد أعجلوه عنها بالإنذار تلو الإنذار حتى لتخالهم بسبيل أن يشيدوها مرمرا ويجللوها كلسا ويغدو للطير في ذراها هدير، فإذا هي على حالها إلى اليوم باقية ما هدموا ولا شادوا ولا أنقصوا ولا أزادوا ولكنها الزراية بأهل الفضل والعلم .
موته موت دنيا كاملة كما يقول في عنوان كتابه الدكتور عبد الحليم وكانت دنيا وديعة لينة زينة في الدنياوات ، جمال كان بدرها وريحانتها وكان أيامها وكيلا للخارجية يأتي للمكتب بالجاكيت أو البليزر ذي الأزرار النحاس في جيبه العلوي منديل أحمر مطوي على هيئة الوردة وشعره كان أطول على تلك الأيام وقد شرع فيه المشيب شروعا ، ممتلئ العود مستقيمة كثير إشارات اليدين بسطا وقبضا يلون بذلك الحديث ، ويشترك رأسه وكتفاه وأساريره القسيمة في صنع التعبير .
داره كانت منتدى العلية من أهل الذوق والنجابة .. روحني على تلك الدار البهية أول عودة المحجوب من رحلة العلاج الأولى وكان رئيسا للوزارة في أوج الصولة والعنفوان حين دهمه المرض فعاد من الرحلة وقد فقد جزءا من توهج الحافظة الذي اشتهر به بين الناس . قال له جمال ابنك هذا يدرس سحيما عبد بنى الحساس ويستوحيه . وكان في الجمع محي الدين صابر فألقى شيئا من شعر سحيم وأخباره وقال صادقا أنه من النوبة أصلا ، يقره على ذلك أبو الفرج . وراح المحجوب يستنشدني شعره فأنشده البيتين والثلاثة أخالسه بها بالصوت الخفيض فيحفظها للتو ينشدها صابرا يغايظه بذلك يريه أن انتماء الاثنين للنوبة لا يجعله أحسن منه حفظا للشعر .
خلال ذلك يطوف جمال على الجالسين شأن رجل الصالون العريق يقرن هذا بذاك يدخل المحاورة ويخرج ، يغير مجرى الحديث ويجدده حتى لتصبح المحاورة طوافا على بستان وليس عكوفا على وردة مفردة .. وجه صبوح ، ضحكة رائقة وصور من الجد الساخر مألوفة عن لوردات البريطان . قد يحكى النادرة أو الاندكوت في عرف الغربيين ولكنه لا يروى النكتة أو الجوك في عرفهم أيضا . وبدأ لي أن ذلك من شيم أهل الذوق فالنكتة المروية ربما سمعها صاحبك سالفا ولكنه يتأدب لك . أما النادرة فلا تكون إلا جديدة طلية . ولحكمة ما كان صاحب التوحيدي يطلب منه في نهاية الإمتاع والمؤانسة أن يتحفه بملحة الوداع فلا يروى أبو حيان إلا النوادر بأسماء أماكنها وأبطالها .
حين وقع الخلاف بينه وبين أحد وزراء الخارجية كنا في اتحاد الدبلوماسيين ( وليس نقابتهم كما هو الحال الآن ) ورحنا إليه في مكتبه ننصره على الوزير فبكى من التأثر ومسح دمعه الكريم بمنديله الأحمر المطوي على هيئة وردة وكان ذلك آخر عهدي بالدمع في مكاتب الحكومة .
صهره الدبلوماسي اللامع مصطفى مدني كان أثيرا عنده ومرفوعا بينهما الحجاب فبلغ من كرمه ومأثرته أنه اصطفاني دون الجميع لأعمل معه في سفارة واحدة وكان ذلك أول عهدي بالعمل في السفارات . ومن مصطفى السفير ، كما يسمونه في العائلة ، وليس السفير مصطفى ، تعلمت خير ما تعلمت عن المهنة وتقاليدها الرفيعة . وعن طريق غرسه الكريم عائدة تلقيت أول هدايا السماء . وشاء ربك أن يجعل إقامتي معهم أسعد الأوقات وأطيبها وأبلغها أثرا في صنع حياتي كلها . . مأثرة لأب عظيم ولأبناء يستحقونه .
ثم جاء زمن الجدب والتعاسة … جاء النميري بسكاكين حقده الطوال يعملها في الأفاضل والأماثل وهم دائما أغراض للزمن والسفهاء فكانوا أن عزلوا جمالا وأحالوه على المعاش وقطعوا الصلة بينه وبين مهنة أحبها وأحبته فأسلست له القيادة ورأيت أن ذلك ظلم لا يمكن السكوت عليه فدبجت بذلك مقالة طويلة بعثتها للأستاذ بشير محمد سعيد لتنشر في الأيام ولم تكن قد أممت بعد وأغلب الظن أن بشير أطلع عليها جمالا فأخذته الخشية على مغبة ما كتبت فحال دونها والنشر وسطر لي رسالة رقيقة ابتدع فيها أسبابا وتعلات لما قام به من حيلولة دون نشر المقال . وكان ما ابتدعه قوله أنه علم بنية الحكومة طرد أقرباء الزعيم الأزهري في الخدمة المدنية فخاف أن يكون مقالي عنه حافزا للإقدام على ما انتووا من خراب بيوت الناس . ولم يكن الغالي ليعرف إنني وإن كنت من عشيرة الأزهري وأرحامه فإنني لست من أقربائه المباشرين وأسررت في نفسي أنها محض تحجـج . مأثرة أخرى لأبى المآثر والفيوض .
ثم استوى العود أو هكذا بدا لي فصارت صحبته متعة المتع وقفة للتثبت والاستيقان ، عرضة على شيخ الخلوة الحافظ المجود واستزادة من بحار العلوم وسعدت مرة أخرى بالعمل في ديوانه وهو وزير للخارجية فكان يدخرنى لأنواع من الصناعات كنت بها جد سعيد . مرة أراجع مقاله لهذه الدورية العالمية أو تلك ومرة أطالع سيناريو لأحد أفلام هوليود بعثوا به إليه . ومرة نراجع الكتاب الكريم لنتثبت صحة استشهاده للملك الحسن بالآية الكريمة " فاذهب أنت وربك فقاتلا عنا إنا ههنا قاعدون " يريد أن يتأكد من وجود فاء الاستئناف في أذهب وقاتلا والهاء الثانية في " ههنا " . وكنت قد تعرضت قبل مقدمه على الوزارة لما يتعرض له أهل الحظ المنكود من التخطي في الترقيات والترفيعات فكتمت الأمر عنه ولم يفاتحني فيه إلا بعد أن ترك الوزارة بسنوات فعرفت أنه كان يعلم وكان يعتبر ذلك من سفاسف الأمور التي لا ينبغي أن ينشغل بها الرجل الكريم . مأثرة أخرى لجمال ننجو بها من رضاء مايو أهلها .
وربما كان من واجبي أن أستفيض في الحديث عن دبلوماسية جمال محمد أحمد فهذا لكلينا المجال الأساسي هو كمعلم وأنا كطالب علم .
فأعلم حفظك الله أن جمالا ينتمي إلى جيل اقتحم الدبلوماسية اقتحاما إذ لم يكن هنالك وقت للبعثات والتدريب فالبلد تستقل وتريد أن تستكمل استقلالها بإنشاء سفاراتها وفتح حوارها مع العالم . ولم يكن من سبيل سوى انتخاب صفوة من مثقفيها لادارة ذلك الحوار . وكان جمال في طليعتهم ابن بلد نعم ولكن يتأمل وعن امتحان النوع الذي يعرف كيف يتكلم وكيف يأكل وكيف يشرب يرى إيجابيات الحضارة التي أنجبته كما يرى سلبياتها فينأى عن السلبيات على حين راح آخرون يدافعون عن تلك السلبيات على سبيل الكسل الفكري وانعدام المقدرة على التمييز بين الغث والثمين وأولئك الذين يلبسون الحذاء النمر في شوارع لندن وينقلون القعدة السودانية بذبائحها وكونكانها إلى أوروبا والذين لا تنحل عقدة ألسنتهم إلا بلغة الضاد فلا تحدثني عنهم .
أول عهدنا بالخارجية كانت تجرى بين أيدينا بعض ملفات الوزارة القديمة وكانت وقتها ملفات عاملة . وكنت أقلب صفحاتها للوراء فأجد أن لغة التخاطب بين الموظفين كانت لغة السكسون وأن أثنين من سفراء ذلك الزمان أوفدا إلى جنيف أول أعوام الاستقلال ليوقعا نيابة عن السودان على الاتفاقية الثانية لتحريم الرق … وأقرأ مكاتباتهما مع وكيل الوزارة بلغة السكسون فأعجب كيف لم يسمعا بأوراق التفويض ، ولماذا تبعث لهما الوزارة تفويضا غير قانوني الصياغة صادرا من جهة غير مخولة ، فيرتد التفويض مرتين وفي الثالثة يستحصل السفيران على الصياغة الصحيحة من منظمي المؤتمر ويبعثا بها للوزارة لتستنسخها على الوجه الصحيح وتوافيهما بها ليتمكنا من التوقيع .. عجبت لذلك إذ أنني حديث العهد بالوزارة كنت قد دربت على ذلك وأصبحت أعد تلك الأوراق للوفود المغادرة وأرفعها لتوقيع الوزير .
هنالك بدأ لي لأي مدى اقتحم أولئك الرجال عالم الدبلوماسية دون سابق إعداد ولكنهم في ظرف سنوات تمكنوا من فنونها وصاروا فيها أساتذة ومعا ولو لا بأسهم وجرأتهم ما كنا تعلمنا حرفا منها .. إنه النبوغ السوداني في أحسن أحواله وأصفاها . لقد بادر أولئك الأفذاذ مبادرة لولاها لظللنا نختصم ونتجادل إلى اليوم حول المصادر والأصول .
يقولون أن الدبلوماسية فن وليست علما مقننا فما عدا فنون البرتكول والاتكيت ليس هنالك من قانون مكتوب وكل شئ ما عدا ذاك متروك لتصرف الدبلوماسي واجتهاده . وقد كان هذا الفن يجرى في عروق جمال .. فاستطاع أن يتجاوز به الإطار الكلاسيكي لتقوم سفارته على البساطة والتواضع واجتذاب القلوب وهذا أنفع أنواع السفارات لدولة من العالم الثالث لا تخرج للعالم تفاخره وتباهيه وإنما تستعينه وتحاوره بلا استجداء . ويسحر شخصيته وتنوعها اصطفى لصداقته نفرا من أهل البلاد التي عمل فيها فصاروا أحبابا وشخصيين وأصدقاء دائمين للسودان .. صاروا مصدرا لمعلوماته سواء بقى بين ظهرانيهـم أو أرتحـل .. وكان بريده عامرا وذكره مرفوعا فأينما حللت أو ارتحلت لابد أن يلتمع في سماء حياتك نفر من رجال السياسة والصحافة يحدثونك عن ودهم لجمال ودوام صلاتهم به .
وكثيرون منا يصنعون صداقات خارج السودان ولكنهم بالكسل المعهود يتركون حبال الود تتراخى ويعلوها الزمن بالغبار .. إلا جمالا فإنه كان يحذق في التراسل ويستحليه ورسائله لأحبابه قطع من الأدب الرفيع يتكلف لها من الإتقان والتجويد نفس ما يتكلف لكتاباته المنشورة . وهو من القلة التي تحتفظ بدفتر للمذكرات اليومية يسجل فيها أحداث يومه الفكرية من كل نوع .
لعلك معي أن هذه الصفات نادرة الوجود في السودان وظني أنها وليدة التعمق المتأمل في حضارة الفرنجة من جوانبها الإيجابية وبالوقت ذاته وليدة الإحساس الحاد بعظمة الحياة وجمالها وقصرها اللذيذ فلا ينبغي أن تذهب في تزجية الفراغ أو اللهو الفارغ وعلى كل يوم من أيامها أن يترك بصماته على دفتر اليوميات وفي الرسائل إلى الأحباب . ولو صار من تقاليدنا العلمية استقصاء أخبار العظماء والمفكرين فأنني أنصح لمن يرغب في الماجستير أن يأخذها في استقصاء رسائل جمال لأحبابه ومريديه فإنه الظافر من ذلك بكنوز .
وأعلم حفظك الله أن الدبلوماسية لا تكون إلا حين يكون العلم السياسي فهي مجرد مراسم وبرتكولات .. وهنا كان تفوق جمال .. فقد ألم بالعلم السياسي إلماما ضليعا متمكنا وأسعفه ذي ذلك لسان ذرب وتعبير جذاب وسلاسة في لغة الافرنج هي موضع إعجاب الافرنج .. فإذا حلل الأمور ووزنها وأفاض في شرحها أو أوجز ، داخل محدثه شعور أنه قد ظفر بغنيمة ووقف على دقائق فلا يملك إلا أن يفيض بما لديه .. وقد علم أهل هذه الصناعة أن الناس لا يتبرعون بمكنوناتهم تبرعا ولكنهم يتبادلونها تبادلا ولذلك نتحدث اللغة الدارجة عن تبادل المعلومات فالذي لا يعطى لا ينال وإذا لم تكن تملك التفاصيل فينبغي لك أن تمتلك الكليات أو على الأقل – المقدرة على عرض الأمور في شكلها الكلى .. وقد كان من حسن تتلمذي على جمال إنني فطنت إلى هذه الخصلة فيه وفطنت إلى مردوداتها الكثـار … فحين يخرج الناس بحبات اللؤلؤ يخرج جمال بعقد نظيم وحين ينظرون إلى الأمور من الثقوب الدقاق وتعميهم الأشجار عن منظر الغابة كان هو يستشرف الأمور من منظور بانورامي يجمع السهل والغابة والجبل .
إنسان عظيم إنسان جميل … نسترجع فيه ونتوجه بالحمد ، للذي لا مانع لما أعطى ولا معط لما منع . فمن نعمته وآلائه تعالى أن ألقى إلينا بهذه النفحة الزكية فعطرت حياتنا وأسعدتنا وعلمتنا التعلق بكل ما هو سام ورفيع .. ومن نعمته تعالى أنه أودع تلك النسمة الفواحة قلبا رقيقا حانيا يميل إلى القلوب الحوانى من كل جيل وسبيل فصار بين أحبابه وتلاميذه شيوخ وكهول وشباب يفع ودون ذلك .
عزاء أهلنا وسادتنا حرس البوابة الشمالية عزاء وصبرا جميلا مصطفى وعايدة .. عزاء جمال وآل محمد أحمد … عزاء لكل محمد أحمد في السودان أحس بكلمة وحرقة فراقه ..
وأما أنت أيها الغالي فالله أسأل أن يجمعني بك تحت لواء المصطفى أمام حوضه المورود … وسبحان الذي بيده ملكوت كل شئ وإليه ترجعون .
* نقلا عن كتاب :في سيرة كاتب سرة شرق اعداد:د.علي عثمان محمد صالح والبشير سهل الطبعة الاولي 1988 |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مركز جمال محمد احمد الثقافي (Re: abubakr)
|
Quote:
Re: الأديب الراحل ( جمال محمد أحمد ) و لُغته المُورقــة
الفنان عبدالله ..ها اذن المولي جل وعلا فانقل باصبع واحدة اضرب بها الحروف ضربا كانني اؤكد ان ما قاله جمال في شقيقه يجب ان يسمعه كل العالم ... وانا اكتب بلغة عصيه علي من كان لسانه رطانا واخشي ان يعوج حرف مما اكتب .. جميل هذا الفيض من الحب الاخوي ..كل كلمة تكاد ان تموت عشقا .. يالله الواهب العطاء كم انت جميل يا الله تمنح عبيدك هذا الاشراق من الحب الذي لا ينضب معينه ..ارحمنا يالله واملأ قلوبنا ولها وعشقا لتموت في دواخلنا كل بذرة حقد دفيين جعلت من بلادنا ساحات حرب وكراهية :-
قال جمال في محبوبه محجوب :
عرففت الخرطوم قراجات من قبل وعرفت اسطوات من قبل , لكنها لم تعرف احدا يعلن وثوقه من نفسه اعلانا علي يافطة مرفوعة " قراج محجوب " انه محجوب ما اسماه شيئا اخر , قراج النهضة وقراج الخرطوم اسماه باسمه هذا القادم للبلد عزيمة في صدره ومفك في يده وغاية من الغايات في عقله اعلن بيافطته تلك انه في الطريق . قادم وانجز الذي وعد. نقف اخواتي اخوة محجوب علي عتبات المرحلة الوسطي من مساره رايناه في مرحلته الاولي صبيا في سرة ينازع اخاه ليكون الاول ونراه في هذه الوسطي بشورته وارجله القوية ويديه الفعاليتيين يحتوي بين ذراعيه وحشة البطانة في الهجير وفي الليل البهيم ونراه يحتوي بين هذين الذراعيين زحام التل الكبير لحظة ساشرح . رايناه في البطانة علي قندناره يطوي الهجير حينا والليل حينا آخر ولا يحتاج زملاءه قطع غيار للواريهم زمانا طويلا يغيب فيه يزاحم اثرياء مصر يشتري قطع غ الغيار اكواما هناك يعود بها للسودان , وقد دخل مرحل من مراحل تقدمه, يملك مواصلاته علي يد اهلية , بدأ سوداننا الجديد . وارجع بذكراي آه عجب معجب! محجوب ذكري ؟ تلك الرياح الذارية ذكري؟ عجب معجب! بكل الذي يقول اصفائي ويكتي احبائي عن تجارب وعلمي , ما حسبت ان اعصارا وان قسا يطفئ ذلك المصباح في قمة القمم . انسيت في غفوتي { اذ يغشيكم النعاس آمنة } صدق الله العظيم يغشاك ذاك النعاس الطويل وانت كثير الامن غافل. ما ذكرت حديث ربنا لصفيه آثر خلقه الا حين غشاه النعاس وهو آمن { ما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفان مت فهم الخالدون } , وكلا, {كل نفس ذائقة الموت }. ذكري وان هممت انسي تأبي , يشركنا امتحان ربنا زميله في هجير البطانة وظلماتها الصديق الشقيق ابراهيم م.جوهر , واثق انه سيذكر تلك الليالي البهم , هو ومحجوب كانا يتعاشران كنفس واحدة , معهما وقد شقا الطريق في صناعة المواصلات المعقال احمد عبدالله واحد من سادة هذه الصناعة منشئها والكريم سيد الكرماء . آنف من عرفت تلكم الايام , في خلقه الرضي ولباسه الجميل والدليل الزبير.... _____________________
ونتابع حين ياذن لنا المولي جل وعلا ابوبكر - 15مايو 2006 ( يوم وافق ميلادي قبل ما يقارب الست عقود من الزمن في ناحية من السودان ولد فيها جمال ) |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مركز جمال محمد احمد الثقافي (Re: abubakr)
|
Quote: (1) حينما كنت اعمل في جريدة "سودان استاندرد" اليومية التي صدرت عن دار الصحافة بعد استيلاء الدولة على دور الصحف، كان جمال محمد احمد، رئيسا لمجلس إدارة الدار. و قد ذهبت إليه في شأن يتعلق بترجمة رواية للأطفال كتبها احد الأشقاء الجنوبيين الذين عادوا من منفاهم بلندن صحبة الأديب الكبير. ثم تسرب بنا الحديث الى شؤون و شجون اخرى. حينها قال لي ان الفضل في ترجمته لكتاب بازل ديفدسون يعود الى عبدالكريم قاسم، رئيس العراق الذي أطاح بالنظام الملكي في بغداد العام 1958. و روى لي ان قاسم منع التجوال في بغداد بعد صدامات دامية بين القوميين و الشيوعيين، فلزم جمال بيته، و كان سفيرا للسودان في العاصمة العراقية، ليمضي لياليه في نقل الكتاب الى العربية. و تلك، قال جمال ضاحكاً، مأثرة لعبدالكريم قاسم.
(من مدونة "عمر جعفلا السوري" http://elsouri.maktoobblog.com/[/B][/QUOTE]
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مركز جمال محمد احمد الثقافي (Re: abubakr)
|
Quote: http://www.sudaneseonline.biz/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=m...&msg=1188140583&rn=1
بمناسبة مرور 20عاما على رحيلة تعمل الاواسط النوبية .. وفي مقدتهم الرابطة النوبية بلندن في اقامة يوم لتخليد ذكري الاديب الدبلوماسي الراحل والمربى الفاضل الاستاذ جمال محمد احمد .. وذلك بمناسبة مرور 20 عاما على رحيله وقد تصادف دخول شهر رمضان هذا العام مع شهر اكتوبر الذي رحل فيه عن دنيانا(13/10) جمال محمد احمد غني عن التعريف ..فهو اديب اريب ودبلوماسي قدير واستاذ قاد الدبلوماسية السودانية منذ الاستقلال بدءا بالامم المتحدة ... وسفارات وممثليات السودان في الخارج تشهد له. وكذلك دور الثقافة والادب .... فدور الثقافة في لبنان مرتكز الثقافة سعدت بجمال محمداحمد الاديب.... واروربا ايضا سعدت بها كاديب وسفير في برطانيا... وافريقيا وآسيا ايضا ..... حيث مركز الدارسات الاسيوية والافريقية . له اثراء واضافات حقيقية ثرة في الادب والسياسة .. وسكان ذاك الحي الراقي في ( العمارات ) ايضا سعدوا وتشرفوا باضافة واستضافة ( سرة شرق) ذاك الدار الخالد والمخلد لذكرى اديب واستاذ ابدع في كل مجالات الادب والسياسة .. ولوحة صغيرة في حجمها ولكنها تحمل من المعاني الكثيرة يطالعلك في مدخل داره في الخرطوم -امتدادالدرجة الاولى-(العمارات) اللوحة اللافتة للأنظار ( سرة شرق) الذي يعكس حقيقة وشهامة ومسقط رأس ذاك العملاق .. وقد قف عندها كبار الزوار والاصدقاء .. وعرفوا دلالات اللوحة (سرة شرق) وتيقنوا معنى الانتماء الحقيقي للموطن والوطن.. .... العمل جار الى دعوة مجموعة من تلاميذ و اصدقاء المرحوم جمال محمد احمد لعمل يوم كامل يتناول فيه كل ابداعاته المختلفة فى الادب ... والدبلوماسية... والفكر الحر.
والرابطة النوبية فى لندن لها سجل جميل فى الاحتفاء بالعظماء السودانيين بغض النظر عن انتماءاتهم و قبائلهم |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مركز جمال محمد احمد الثقافي (Re: abubakr)
|
عزيزي أبوبكر سلام حار بعد غيبة طويلة
يا سيدى كل الإختراعات العظيمة والافكار النيرة خرجت من أحلام وخيالات العباقرة. فلنتحدث عن هذا المركز حتى يصير حقيقة. ولن نتهمك بالعنصرية فنحن ننكر تماماً أي إدعاء بملكية سيد الأدباء والعقلاء جمال محمد أحمد. ولك من التحيات اطيبها.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مركز جمال محمد احمد الثقافي (Re: Asma Abdel Halim)
|
رحم الله جمال محمد أحمد الدبلوماسى الإنسان
لقد إلتقيته فى لندن فى فى العام 1968
حينما كنت مبعوثا للتدريب بمدرسة المدفعية
الملكية البريطانية وقد زودنى بنصائح غالية
وفى أمور كنت أجهلهاتماماً ورافقته يوما لدار الوثائق
البريطانية ورأيت إحتفاء العاملين بمقدمه مما يِؤكد بأنه
كان من زوارها الدائمين.
اللهم أرحم جمالاً وأنزله منزلاً مباركا فى جنات ونهر..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مركز جمال محمد احمد الثقافي (Re: محمد أحمد الريح)
|
عزيزتي اسماء
سعدت بوجودك بعد غياب واهتمامك بهذا الموضوع ...كلما اقرء بعض كتابات شيخي الراحل جمال اجد فيه عبقرية وعلم ومعرفة واسعة وخبرة امتدت اكثر من خمس عقود منذ ان كان سكرتيرا للهيئة السيتنينة لمؤتمر الخريجيين مرورا باسهامات وظيفية ودبلوماسية وادبية واستشارية متعددة... الاهتمام بقامات مثله امر يتجاوز الجهة والقبيلة الي وطن وعوالم انسانية .... تمنياتي بان يتحقق هذا الحلم يوما قريبا باذن الله
مودتي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مركز جمال محمد احمد الثقافي (Re: abubakr)
|
شكرا
ونحن في حضرة اديبنا الكبير حقا
عثرت علي ثلاث مقالات نادره كتبها لمجلة بيروتيه اسمها المصباح في اوائل الثمانين وذكر لي رسكرتير تحريرها انهم كانو ينتظرون مقالات جمال بشغف كبير وان كتابته ذات نفس ورح ساحاول عرضها هنا توثيقا لها
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مركز جمال محمد احمد الثقافي (Re: abubakr)
|
الشكر للباشمهندس / الصديق ابوبكر
والشكر الجزيل لأضيافه الكرام
أتمنى أن أعثر على مقال خاص بالأستاذ / جمال محمد أحمد ،
واسمه " مشاهد من هارفارد ويحكي عن أيامه في هارفارد
وقد عثرت على دراسة مبسطة لبعض الاستخدامات اللغوية لدى الكاتب " جمال محمد أحمد
ولكنني فقت وإلى الأبد المقال الباهر الآخر :
في ذكرى بولس السادس وقد استدرجه الراحل بروفيسور علي المك وكان حينها مراسلاً لمجلة " الدوحة القطرية" وكان أول مقال ساهم به في المجلة المذكورة وقد كان المقال بمناسبة رحيل البابا السابق : بولس السادس في السبعينات
رجاء أن يقوم أهل الدوحة بالبحث عن المقال الثاني
*
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مركز جمال محمد احمد الثقافي (Re: عبدالله الشقليني)
|
صديقي الفنان بيكاسو(عبدالله الشقليني)
Quote: الحبيب أبوبكر كذا تأتي الرياح دوماً بما تشتهي السفن |
ياليت ....وحيث الزمن صار عصيا اما لقلته او لقلة في مزاج يتعامل معه فانني اخذ معي كتابا كل يوم اقرء بعض سطور منه في الطريق الي ومن مواقع عملي ..وعندما يكون المزاج مشوشا اخذ كتابا لمن اعشقهم من كتاب واليوم اخذت معي كتيبا صغيرا لمبدعنا الراحل جمال " عرب وافارقة " وللصدفة وحيث اقرء دائما دون ترتيب فلقد كانت السطور التي اقتبستها انت اعلاه هي التي قرءت اليوم مرة ومرتيين وثلاث مضيفا اليها ما ذكره عن نكروما والهايلايف وتفواوبليوا الشاب الثلاثين النيجري:
" دخل طويلا عليه غلالة وملحفة مدرسة ,علي بعض وجهه لثام ابيض , يغطي اسفل وجهه وبعض انفه , يدور علي كتفه لراسه عمامة صغيرة لفت عليها لفا لصيقا بها. تعجز الخماسيين عن هزها. ما كان كبيرا راسه. كان اشبه براس صبي, لكنه كان يقبع علي عنق طويل طويل ’ يتصل بكتفيين عاريتيين, فقد كانت عباءته الخضراء ذات الطول والعرض تبدا عند المنكبين تسير طول جسمه الطويل النحيف تصل منتصف حذائه الاوربي الانيق لامع السواد . تحت العباءة جلباب ابيض ينتهي بلياقة تعلو العباءة تراها فوق كتغيه قرب رقبته ’وتمتد الاكمام علي ذراعيه اشبه بمظلتيين تنتهيان فرط عرضهما وتضيقان دون تدرج عند الرسقين’ كان علي كل منهما زراير اوربية صفراء كقميص انيق. فوق هذه الاحمال وجه في حجم كفك ما بقي منه كثير وقد اخفي اللثام غير قليا منه وعينان غارتا لو لم يكن بريقهما الذكي المشع لما رايتهما بغير مشقة ’ وقد ذاد الغور غورا انف افطح يزحم الوجه الصغير يطل دون فجوة بينهما علي شفة افريقية خالصة الافريقية لا تلتقي باختها ’تحول دونهما اسنان ذات حجم. لا تلتقي الشفتان "
يالله ...هذا وصف عجيب لم اقرء مثله ابدا ...رسم بكلمات وتصوير حرفي يجعلك تراه في مخيلتك وكانك تراه فاق تصويير رقمي في زماننا هذا ....
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مركز جمال محمد احمد الثقافي (Re: abubakr)
|
وفي خيط اخر في هذا المنبر (ادناه) وانا استمع لما يقوله جاهل يفتي بساقط قول وهو لا يعرف وقد عمت بصيرته عنصرية مقيته سلفي مصري يدعو للهجرة لجنوب السودان: صحيح زنجيات مافيش ...ها و عيونها بس حيكون
تذكرت سطور قراءتها في "وجدان افريقيا" لشيخنا جمال محمد احمد وفيها النصيحة لمن يفقه :
Quote: قامت المثل الإسلامية والتارمخ الإسلامي، في مجتمع عرف الإفريقيين وألامهم في وسط عربي كان مزهوا بنفسه يختال ، يحول دونه وتوقير الآخرمن ، ثراء عريض ولسان مبين ثم ادرك . كان عتبة بن حذيقة عبدأ لآل عتبة ، وحين فك اسره بعد الإسلام ، لم يجد العاتقون ابأ له يعرفونه ويعرفه ، فأضفوا عليه إسمهم ، وتزوج من بعد فاطمة بنت الوليد بن عتبة ابن اخ سيده قبل عتقه ، وعاش عمره عالمأ، اثار يده على علوم عدة يعرفها القارئون سير الصحابة والتابعين ، وبلغ من علمه ومكانه في قلوب الناس مبلفا قال معه عمر: «لوكان سالم حيا لاخترته خليفة للمسلمين من بعدي» وماكان عمر ممن يلغون يهذرون . كان يعرف للعالمين مكانهم الآنبل .كان رجل دولة . هو الذي إختار صهيبأ بن سنان ليؤم الناس في الصلاة حتى يختار القادة خليفته وهوعلى فراش موته . وما كان يجهل عجمة صهيب في الحديث ولكنه كان يقصد لأشياء لوعاش لحمل الناس عليها. اشياء تعرفها حين تقف عند وصيته للستة الأخيار الذين عهد إليهم ان يختاروا الخليفة بعده .... نصح عليا الأ يؤثربني هاشم على غيرهم إن اختيرهوللإمامة والقيادة . ورجا سعدأ ألا يكون اهله موضع الرعاية بين الناس وغيرهم موضع الرقابة ، اوصاهم جميعا ألأ يؤثروا اهلهم على غيرهم من الناس «إنهضوا حثيثا وليقع إختياركم على الأوفق ،وليقم الصلاة صهيب »."* |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مركز جمال محمد احمد الثقافي (Re: abubakr)
|
الغابة والصحراء.. جماليات الثقافة السودانية http://www.alarabimag.com/arabi/Data/2004/10/1/Art_66638.XML عبدالمنعم عجب الفيا
Quote: وكان المفكر والأديب الفذ جمال محمد أحمد يعمل في صمت العلماء بعيدًا عن أي نزعات شوفينية في التعريف بالأدب والثقافة الإفريقية, وفي كشف العلاقات التاريخية والاثنية بين العرب والأفارقة منذ القدم. فكتب (وجدان إفريقيا) وهو كتاب عن الأديان في إفريقيا وكيفية تعايش الإسلام والمسيحية مع الديانات والمعتقدات الإفريقية المحلية و(سالي فو حمو) وهو في الأدب الشعبي والحكايات والأحاجي الإفريقية. وكتب (عرب وأفارقة) و(في المسرحية الإفريقية) و(مطالعات في الشئون الإفريقية) الذي صدر عن دار الهلال بمصر سنة 1969م, وترجم عن بازل ديفيدسون (إفريقيا تحت أضواء جديدة) وغيرها من المؤلفات والترجمات.
وكان لموقف جمال محمد أحمد المتوازن من الأصول العربية والإفريقية للثقافة السودانية التأثير في جيل كامل هو جيل الستينيات الذي ينظر إلى جمال نظرة الأستاذ المعلم. فعضوية جمال في مجمع اللغة العربية بالقاهرة لم تمنعه من رد الاعتبار للثقافة الإفريقية والتعريف بها. وبتأثير من جمال ألف صديقه الأديب والقاص علي المك (نماذج من الأدب الزنجي الأمريكي) وترجم مع صلاح أحمد إبراهيم كتاب (الأرض الآثمة) لباتريك فان رنزبيرج. كما أصدر محمد عبدالحي كتاب (أقنعة القبيلة) في الشعر الإفريقي الحديث. |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مركز جمال محمد احمد الثقافي (Re: abubakr)
|
مشاهِد من هارفارد بقلم الكاتب / الراحل جمال محمد أحمد مقدمة : تمهل سيدي وأنت تقرأ . الأديب الراحل جمال محمد أحمد . هرمٌ من أهراماتنا الأدبية والدبلوماسية والسياسية . وهو كذلك عندما كان العمل العام يستقطب المُبدعين . تأهيلهم يُجبر أي حاكم مرَّ على وطننا أن يستنير بنيران ثقافتهم المُتأججة . هو أستاذ جامعي وكاتب وأديب و دبلوماسي تدرج في السلم حتى منصب وزير الخارجية كفاءة وليست مِنحة حاكم . كان الراحل بوابة أطل منها كثيرون من داخل الوطن وخارجه على الأدب الأفريقي في بواكير النهضة الأفريقية من نير الاستعمار . كاتباً مُميز اللغة والأسلوب . خير تعبير شائع يصفه هو أنه كان مدرسة ، وأكاد أزعم أنه قد طور الكتابة العربية وقفز بها سماوات عالية منذ أكثر من أربعين عاماً . غادرنا في رحلة غياب أبدي في ثمانينات القرن الماضي ، وبقيت أحرفه تُنير دروب لم نـزل نستطلع آثارها ، في الاكتشاف الأول . درر من رحيق الأدب كانت كتابته ، رغم أنه لم يكن مُقلاً في الكتابة فقد سرقت عمره الدنيا فجأة . من شمال الوطن منبته وسقى نبعه وطننا وأوطانا مُجاورة كانت تحلم ، نثـر لنا العذب من المكتوب . حريٌ بنا أن ننقل لكم بعض نص من نصوصه الأدبية عندما استدرجته مجلة الدوحة القطرية في السبعينات من القرن الماضي ( 1978 م ـ 1979 م ) ، على أيام رئاسة الدكتور محمد إبراهيم الشوش لتحريرها : عبدالله الشقليني 22/05/2005 م مشاهِد من هارفارد
هارفارد و بوسطن على ضفتي نهر شارلز طرفا شارب على شفة . دخلا التاريخ معا : بوسطن على نحو سمع العالم أصداء أحداثه ، هارفارد قرية بالقرب غير ذات شأن . هارفارد مشت مع الأيام . ازدادت صيتا و فسحة ، بوسطن أعياها ثقل التأريخ ، بلت . لو لم تكن هارفارد لأضحت بوسطن مدينة يروحها عشاق الآثار والباحثون عن أنساب أهل العُلا ، المتخيرون طعامهم وشرابهم من مطاعم و مشارب في مجتمع أوصد الأبواب على نفسه وقنع بالذي كان . هارفارد باعثة الحياة فيها بأساتذتها وطلابها و زائريها . لكنهما يحتاجان لبعض ، حاجة الزوج والزوجة يعرفان انهما لا " يلفقان " ، " كارهان معا يعيشان " . اليزابيث هاردوك " بوسطن " نوفمبر 1959 م ( يقولون عن هارفارد إنها عن نفسها راضية ، وبها مزهوة . كثيرون يرمونها بهذا وهي كمن لا يعي بالقالة ماضية شأنها ، بعض الأحايين تضع في يد القائلين المُبرر . فعلت هذا وهي تحتفي بمن تخرجوا عام 1935 م منها . كان حافلا برنامج الحفاوة وشملت محاضرة عنوانها " واستوت في السماوات هارفارد " قصد الذين قاموا على الحفل أن يروحوا عن أنفسهم وأنفس زوارهم بعنوان كهذا للمحاضرة ، ولكن ما كان بد من أن يتساءل الناس ، قالوا ، أتصدر النكتة إلا عن فئة من الناس تكاد تقول لغيرها أنظروا هاهُنا نحن القلة السعيدة ، لا يرقى لقمم سعدنا إلا المصطفون . ) ماكس كنلف " هارفارد " يوليو 71 في الشقة رقم 34 من الطابق الثالث والأخير في عمارة تُمسِكْ باثنتين أخريين عن يمين ويسار ،تطل كلها على بستانها الخاص وأشجارها الطوال حولها ، قضيت فترة الدراسية في هارفارد بدءا بأول الشتاء ختماً بأوائل الصيف ، مائة وخمسة وثلاثين يوماً . ما رأيت كل هذه الفسحة في شبه هذه الرقعة ، كان أفسح بيت صغير سكنته ، لا اذكرني افتقدت شيئا فيه . تدخل تجدك تواً فيه . قبالتكْ خزانة المعاطف ، للبرد والحر ، ومشاجب للطواقي صُنعت لتحمي الرأس والأذنين ، وقبعات خفيف بعضها للرذاذ ثقيل بعضها لحمأة الشمس، وأخرى للمظلة ، ومسندة لأحذية الشتاء وخفها وأحذية الصيف ، وفراغاً لغير هذه من واقيات الحر والبرد ، فما اشتهر هذا الإقليم بطيب المناخ .خزانة الصيف والشتاء هذه داخل الحائط في الصالون ، حيث مجلس أضيافك و مجلسك . خطوات قليلة عبر هذا الصالون يسار مدخلك فتحة لدهليز عرضه متر طوله أمتار معدودة . تقف لدى الفتحة وجها لوجه أمام خزانة شبيهة بأختها أكثر عرضاً و عمقاً داخل الحائط ملئت مفارش وأكياس وفوط و زجاجات كثيرة . هذه للبلاط ، تلك للحمام ، جنبها فوط أخرى صفراء صفت على بعضها لنظافة الغرف والأثاث . يسار هذه الغرفة باب يقود لحجرة نومك ، يمينها باب آخر لحمامك ، و خطوات من بعد قبالتك ، باب آخر يقود لمطبخك أعدّ ليخدم من يخدم نفسه ، على اليسار فتحة أخرى كفتحة المدخل على الدهليز تقود للمكتبة ، أفسح غرف البيت ، اقتعدت فيها طاولة الكتابة والقراءة مكاناً وسطاً وهي تكاد أن تملأ الحجرة طولا وتملاها عرضاً ، على يسارها رف للكتب بعرض الحائط هي خزانة ملابس سيد البيت ، وفي منحنى الحائط فراغ يبدأ عنده رف آخر للكتب . ترك هذا الفراغ في الحائط مكاناً لنافذتين تطل منهما إن شئت وترى من حيث تجلس إن شئت أشجارا طوالا تكاد أن تلامس النافذتين ، وراءهما شارع غير ضيق غير فسيح ، فساحة مرصوفة هي الأخرى يحف بأركانها الثلاثة شجر ، تطل عليها عمارات ثلاث شبيهات بأختها هذه في فرنالد درايف . أول المساء تمتلئ الساحة سيارات حين يعود المعلمون والمعلمون الزائرون وأهلوهم من أعمالهم في مدارس هارفارد العدة ، وتفرغ منها أول الصباح حين يروحون ، و عندها يتسلم الأطفال والأمهات الساحة ، وتملؤها لعب الأطفال وصياحهم ، وتتنقل الأمهات جماعات من دفء الشمس حين يشتد ذلك الدفء يستحيل حرارة ، إلى ظل الأشجار معهن أقفاصهن والإبر والخيوط ذات الألوان ، مكورة داخل أقفاصها الصغيرة . إن اضطررت ليوم تقضيه داخل البيت لن توحش . النافذتان على يسارك عيناك لهذه الرئة الخضراء للطوابق الثلاثة هنا وأخواتها هناك عبر الطريق . تخضر الأشجار ويخضر العُشب في الربيع ، و تزهر الشجيرات فتؤنس ، أول الصيف يذوي الورق تسمعه يتساقط وتهرع عربات البلدية تجمعه من على الطريق ، والصفرة تستحيل مع الصيف الحارق سُمرة لها هي أيضا مذاقها ، كما لبياض الثلج على رءوسها مذاق آخر تنسيك فرحتك بالبياض ، أن أوراق خضراء حية صحبتك ، زماناً ، آنستك . طبيعة رحيمة بك . البيوت مرايا بيوت الناس مرايا الناس . ظلها . سيد هذا البيت هو الأستاذ روبرت فتزجرالد ، أستاذ الدراسات الإغريقية والرومانية في هارفارد . ما أتيح لي أن أراه ، و لا عرفت على التحقيق إن كان واحداً ممن في الصور الفوتوغرافية الصغيرة الثلاث في المكتبة . هذا بيت لا يسكنه غير رجل يحيا طمأنينة مُبدعة . كل ما في البيت سلام ، وبعيد ألا يكون هذا السلام إلا من صنع صاحبه . كل ما في البيت زاهد ، لكنه زهد من عرف كيف يجد السكينة داخله . لا يقول الواحد جديداً حين يقول إن لدراسات وقراءات واهتمامات الناس يداً في حياتهم التي يحيون والذي يتركونه وحاله . و صاحب هذه الدار ذهب المدى كله في هذا ، ذهبت به قراءاته ودراساته واهتماماته مدى أبعد مما تذهب بعامة الناس . ترى أثر هذا المتاع الذي يقتنيه ، لكني أحب أن أترك هذا من أجل نظرة نُلقيها معاً على كتبه ، وتحس سلامة وطمأنينة إن قاومت إغراء أن تخرج كتاباً من مكانه ، إنه هناك لغرض ، يريد أن يبقى جنب عترته ليس عدلاً قلقه . إنها كتب رجل يعني بكتبه عنايته بأعضاء جسده ، عينيه ، أذنيه ، ساعديه . لا سعد إن قلق كتاب ، عفر أو اتكأ . في الصالون رف ، وفي المكتبة ثلاثة . كل ما في المكتبة ، غير القليل ، طبعات قديمة وحديثة لهومر و هيرودتس و ثيودوسيس و هسيود و غيرهم من سدنة تأريخ وفكر و خيال و شعر الإغريق في الأصل وفي الترجمات العدة . وفي المكتبة أوفيد وفرجيل في الأصل وفي الترجمات .ما مللت الطواف على رفاق صاحب داري ، ليلة من ليالي في الشقة ولا يوماً من الآحاد التي قد تطول حين تفرغ العمارات من ساكنيها ، ذهبوا يريحون أجسادهم وأذهانهم المنهوكة أو يمتعون أنفسهم ويذكرون إن لها شهوات غير شهوة العلم ، في كيب كود ، مارتافنيارد أو بيوت ريف ، يقتنون . ما اختار صاحبي هذه الرفقة غيرها ، إلا قلة أثيرة ، اعتباطاً في الذي رأيت حولي من كُتب و من متاع . هذه فئة من الناس كبرت على الطموح نفسه ، سكونها كان داخلها علواً على صخب حروب المذهب والسلطان ، يستحيل لغير كبير على السلطان والجاه والمال والرفاه ، أن يغني كما فعل أفيد في " ايكولوجي "أغانيه التي جمعها عشاق الحياة ، ما كان يدرك وهو يغني بأنا نهتز لها نحن اليوم ألفا سنة من بعد ، بالذي كان يشدو به في زمان غير شاعر ، زمان ضجيج الفتوح ، بسالات الدماء ، سمو الغدر ، صراخ الساسة ، جدل الفقهاء حول شرعة الإمبراطورية ، عرق الناس تحت صخور الطرق يبنونها لسكارى الجند ، وعباقرة الحرب من القادة . شأنه شأن الأولين هومر وهيرودتس ممن اختاروا مجد الكلمة و جلسوا ، طوفوا ، يرقبون يكتبون خالد الشعر ويسجلون دقائق أفعال الرجال والنساء . قرب هؤلاء يجلس وينام فتـزجرالد يستريح لأصواتهم الناعمة تصف أقسى القلوب بأنعم النغم ، يستنيم لها ، تجيئه من وراء القرون ، أصلحت صوتها السنون ، السنون تُلامسك في حنان جدك الكبير الرحيم ، على ظهرك وصدرك و ساقيك ، تخدر كلها يلذها منامها تنام .لنخرج من شقة فتـزجرالد التي أسكن ، لدنيا هارفارد ، كمبردج ، أطلنا الوقوف عند الكتب ، والذي توحي الكتب . كفاية . في طريقي أنا على مسيرة نصف ساعة من صخب هارفارد . أعبر بستان العمارات الثلاث أول الصباح أدخل فرنالد درايف ، يمينها ويسارها عمارات أخرى كهذه التي في شقة منها أسكن . لكل ثلاث من العمارات بستانها وأشجارها وشجيراتها . تنتهي كلها بعمارة مطبعة جامعة هارفارد ، ذات التأريخ الطويل ، حماها من عبدة اللوائح وسدنة الموازنات أخريات الستينات الدكتور درك بك رئيس هارفارد اليوم / كادوا بمنطقهم المالي أن يقصوا من جناحها قالوا إنها لا تنشر غير كتب العلم الخالص التي لا تنشرها المطابع التجارية ، لو لم تكن مطبعة هارفارد لماتت في أدراجها كتب من لا يكتبون لغير أضرابهم وغير طلابهم . الكتابة لطلابك وأصفيائك إثم نكير . هذه قلة . فقراء أكثرهم لا يشترون . يسار هذه المطبعة تدخل جاردن ستريت ، شارع من أطول شوارع كمبردج ، يمينك على رابية متحف النباتات ، قربه عند بييودي بيت من طوابق خمسة فيه لطلاب علم وصف الإنسان ، الأنثروبولوجيا ، كل ما يحتاجونه هنا . من خط الاستواء ومن قطب الشمال . يسارك رادكلف كلية البنات التي بدأت منذ مائة عام في زقاق قرب قلب المدينة كانت ذلك الزمان أزهر الشوارع . غير بعيد من هذه العمارة الحديثة يحيط بجوانبها كلها العليا زجاج صقيل شفاف ، منـزل الطلاب الكبار في 29 قاردن ستريت منـزل بابل كانت في بابل سيدة من السودان ، تعد لدراساتها العليا في الحقوق . أذكر دارها فأذكر منـزلا في عين شمس أظل حافظ . ما أعرف كيف يستطعن . قال لي أستاذها إنها تسعده بالذي تكتب . في دارها كل مساء أزواج من أمريكا اللاتينية ، وأزواج من كينيا ، أنا حين يلح بي الحنين أجدني هناك . يأكلون مما تعد لهم من طعام السودان ، يأكلون كما لو كانوا يخشون أن لن يكون طعام غدا ، يرفع للسماء ثم يسترخون . يبحثون ، يأنسون ، يجدون ، يهزلون خالد الصغير ابن سيدة الدار وحده عالم . لو كان لسيدة غيرها لما كتبت بطاقة عيد . دعك بحث في فقه قانون ، قال لي أستاذها فشر ، إنه يقرأ ما تكتب كأنه يقرأ ضوءا جديدا على موضوع الكتابة . سأسرع بك من هنا ، لن نقف عند منازل بعض المعلمين ، لن نقف عند فندق شراتون فأمامنا ساحة لا يسعنا إلا أن نقف عندها ، إنها ساحة كمبردج . تحدثك أشجارها عن عمرها ، وكنباتها الصغيرة يمينها آية من آيات كمبردج في المعمار ، تباهي كل واحدة أختها بتاريخها وما هي في عمر سنت بول في لندن ، لكنها واحة في الصخب الذي يمر أمامها من حافلات و سيارات ومارة . حين تجيئها تجيء طرف المدينة ، بينك وبينها دقائق تطول وتطول في الشتاء ، فالأرصفة هي هي التي وسعت الناس أخريات القرن الثامن عشر حين بنيت الكنائس . ويتراكم عليها الجليد ، فتجدك تلتقط خطوك بخفية . تقف لسيدة قادمة بعض الأحايين ، وتلف جسمك يميناً أو يساراً لغيرها ، تحس لوقتك إن كنت في عجلة من أمرك إن مشيت نحو براتل ستريت حيث الطريق أفسح ، وحيث لويب دراما سنتر . إنه لا يدعك . ما عندك معدي من أن تقف عنده ، إنه مسرح المدينة الأرقى وإليه تدعى فرق الولايات المتحدة وفرق أوربا ، وكمبردج مفتونة بكل شيء حتى تخالها دعيّة . في مسرح لوب تجيء فرق أعقد الباليه وتجيء أعقد الأوبرات ، لكنك رأيت صدر حديثي هذا الحياة التي بعثتها وطلابها الأساتذة ، فلنلق من نستطيع لقاءهم في سيرنا السريع هذا ، ونلطُف بهارفارد . جمال محمد أحمد مجلة الدوحة القطرية ( 1978 م ـ 1979 م )
*
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مركز جمال محمد احمد الثقافي (Re: عبدالله الشقليني)
|
Quote:
بسم الله الرحمن الرحيم
منتدى السفير/ جمال محمد أحمد الثقافي
يسر منتدى السفير/ جمال محمد أحمد الثقافي دعوتكم
لحضور ندوته الشهرية بعنوان:
الاستفتاء وتقرير المصير
"مآلات الوحدة والانفصال"
يتحدث فيها
بروفيسور/ حسين سليمان أبوصالح
وزير الخارجية الأسبق
المناقش الرئيسي: دكتور/ محمد يوسف أحمد المصطفى
وزير الدولة بوزارة العمل والموارد البشرية السابق
المكان: النادي الدبلوماسي _ الخرطوم
الزمان:الأربعاء 9 يونيو 2010م ، الساعة الثامنة مساء
حضوركم ومشاركتكم يشرفان الندوة
|
| |
|
|
|
|
|
|
| |