اللات والعزى
لم تجعلني الأفلام الدينية التي شاهدتها في طفولتي اتعاطف مع الإسلام، كنت وقتها معجباً بالكفار وأراهم – كما صورتهم لي الأفلام – يعيشون الحياة التي أحلم بها كمراهق، حياة مليئة باللهو والنساء والجواري (الم######ظة) اللواتي يرقصن بملابس شفافة. رجال لا ينقصهم غير سيجار كوبي في يد كل واحد منهم أو على الأقل شيشة تفاح، رجال شهيتهم مفتوحة دائماً يشربون النبيذ إلى أن تبتل ذقونهم من النهم ولا يجلسون في مكان إلا وكانت أمامهم أطباق الفاكهة والفتة التي يعلوها (فخذة ضاني) كنت أراهم ناس كوميدين يصنعون آلهة من العجوة يأكلونها، يخططون لقتل النبي ثم يغلبهم النعاس أمام بيته، يرتدون ملابس بدائية وفي الوقت نفسه أحذية هاف بوت من الجلد اللميع الذي يبرق رغم الرمال التي يتحركون بينها، يربون حواجبهم بكثافة مخيفة (تصبح هذه الحواجب أرق كثيراً عندما يدخلون في الإٍسلام)، يطوفون حول الكعبة مرددين مونولوجات فكاهية (نحن غرابا عكا عكا) تحولت إلى النشيد المفضل لشلتي في الطريق من المدرسة للبيت. فتشت عن معنى أسماء آلهتم اللات والعزى فوجدتها أسماء لرجل وأمرأة مارسا الجنس بالقرب من الكعبة، فكان جزائهما أن تحولا إلى حجارة.. وفهمت من هذه القصة أن الكفار كانوا يقدسون الجنس لدرجة مركبة! أعجبتني فكرة قيام الكفار بشراء الحريم من السوق، الواحد يصحى الصبح وينزل السوق يشتري واحدة ملبسة يرجع بيها البيت أو ياخذها في أيده هدية لواحد صاحبه في عيد ميلاده، فكرة أكدها لي إعتقادي أن الجريم موديلات وأن هذه الموديلات تتغير كل عام وأنه من الظلم أن يقضي الواحد عمره مع موديل واحد حتى لو كان معه ضمان. في المقابل كانت أحوال المسلمين في هذه الأفلام بائسة للغاية، ضربوا وعذبوا (لم يكن على أيامهم المحمول لعمل مشاهد التعذيب كليبات) حرموا من الماء والطعام، طردوا من بيوتهم فسكنوا العراء، وصودر كل ما يمتكلونه فأصبحوا فقراء، وصدرت الأوامر بإعدامهم دون محاكمة. كنت كطفل أفكر في أن الكفار هم أشقاء وأولاد عم المسلمين بما أنهم قبيلة واحدة، وكنت أسأل نفسي كيف تحول (الدم إلى مية) وازدادت حيرتي عندما وضعت نفسي مكانهم ووجدت أني لن أتخلى عن إسلامي مثلما صعب عليهم أن يتخلوا عن أصنامهم، وهنا تعقد الموقف في ذهني فالكفار الذين يجب أن أكرهمم هناك ما يدعونني لاحترامهم وهو تمسكهم بعقيدتهم، لكنني عندما كبرت قليلاً عرفت أن تمسكهم بعقيدتهم مبعثه الجهل والظلام الذي كان يسيطر على قلوبهم. تبدل موقفي تجاههم بمرور الوقت ولكنني اكتشفت أن الأصنام ما زالت بيننا وأنه هناك من يعبدها، تحولت الأًصنام من حجارة إلى أفكار وبقى الجهل متألقاً في عقل وقلب الكثيرين، عبدة هبل واللات والعزى أصبحوا عبدة المال والشهرة والاحتكار والروتين والسلطة والمنصب. واليوم عندما اتابع فيلم فجر الإٍسلام وأصل إلى المشهد الذي يجسد هجرة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، أتذكر في اللحظة نفسها الهجرة (التي يسمونها غير شرعية) للآلاف من شبابنا، أحاول أن أجد شيئاً مشتركاً بين الهجرتين، فأكتشف أن الهجرتين كانتا هرباً من الكفار. ----------------- من كتاب (ابن عبد الحميد الترزي) الكاتب (عمر طاهر)

[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1: << 1 >>

احدث عناوين سودانيز اون لاين الان

اراء حرة و مقالات	Latest Posts in English Forum
Articles and Views	اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases	اخبار و بيانات

الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة

About Us
Contact Us
About Sudanese Online

اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين

News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums

If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]