الجيش السوداني يزحف نحو حدود ولاية النيل الأزرق الشمالية

Quote: أم لعل المؤتمر الوطني، سيقدم لنا رسالة انتخابية قوية، مفادها انه إذا فاز في الانتخابات سيبسط الحريات العامة، ويحقق الديمقراطية ؟! إن اول سؤال سيواجه مثل هذه الحملة هو : لماذا لم تفعلوا ذلك في العشرين سنة الماضية ؟! بل لماذا لم تفعلوه حين واتتكم الفرصة باتفاقية السلام الشامل؟! إن كل خطط المؤتمر الوطني، لا تعدو الآن، الاستعداد للحرب من جديد .. ولكن هذا أمر، يحتاج المؤتمر الوطني ان يفكر فيه مرة أخرى، لأن الحرب هذه المرة، لن تكون مثل الحرب الماضية. إن الحرب الاهلية الثالثة، ستكون أبشع من الحربين السابقتين، وسيكون لها خصائص جديدة، ومختلفة تماما، عما حدث من قبل. وذلك للاسباب التالية : * كلا الحربين السابقتين، بدأت بأن يكون الشمال مسيطراً على الجنوب. ثم تنشأ حركات التحرر في الغابة، بعيد عن يد القوات المسلحة السودانية، وتستمر كحركات غوريلا يكون عليها دائماً تقاتل لتحتل مناطق تدريجياً. ولكن الحرب الثالثة، إذا قدر لها ان تقوم، فإن الجيش الشعبي لتحرير السودان، سيكون مسيطراً على كل الجنوب، وسيكون على جيش حكومة الشمال، ان يزحف نحو الجنوب، ويجد لنفسه مكان هناك، يحتله ليقاتل منه، وهذا أمر شاق، حين لا يكون الجيش مسيطر على أراضي الجنوب .. فعليه ان يتحرك في منطقة شعبها ضده وجيشها يتربص به عند كل شجرة . * القتال المنظم في مقابل التمرد السابق، سوف يبدأ على الحدود الشمالية-الجنوبية. وهو يمكن ان ياخذ عدة أشكال، منها ان تغزو القوات الشمالية، ومعها بعض القبائل العربية - لو استطاعت تحريك هذه بعد الدرس الذي تلقته هذه القبائل مما حدث للجنجويد، وما اصبح يتوقعه العالم في ظل الإتهام بالإبادة الجماعية- وتحتل بسرعة، بعض المدن القريبة من الحدود، أو يحاول الجيش الشعبي لتحرير السودان إعادة إحتلال مناطق، كانت مستلمة بواسطة الشمال، وهذا يجعله ينقل الحرب الى الشمال، ولم يحدث طوال تاريخ الحرب الاهلية أنها كانت في الشمال. ولعل كثير من الذين لم يهتموا بضحايا الحروب السابقة، لم يفعلوا لأنها كانت بعيدة عنهم، بخلاف هذه الحرب، التي ستؤثر على الشماليين، للحد الذي يجعلهم لا يقبلون استمرارها، والتضحية، من أجل ان يظل المؤتمر الوطني في السلطة، حتى لو تدخل الجيش السوداني ليقلب الحكومة ليوقف الحرب . * سيحافظ الجيش الشعبي لتحرير السودان، على معظم الجنوب تحت قبضته، مما يعطيه قواعد خلفية آمنة، وحدود خالية من النزاع مع الجيران الاصدقاء. وسيكون قادراً على دعم قواعدة الى الأمام، وبسرعة، مما يحفظ تدفق حركته العسكرية. هذا بينما يقطع إمداد الجيش الشمالي، متى ما توغل في الجنوب، لبعده عن المركز، أو القواعد الاقليمية في الغرب أو الشرق، فضلاً عن انشغال هذه القواعد، بإضطرابات يمكن ان تنشأ في الشرق أو تتفاغم في دارفور. * ربما كان مطمع المؤتمر الوطني، لو خاض حرباً جديدة، هو حرب محدودة لضم حقول البترول بأعالي النيل، والأراضي الزراعية الغنية بالرنك، وكردفان والنيل الأزرق، ولكن هذه المناطق ستساعد الحركة الشعبية، كما سبق للحركة ان ساعدتها، خاصة، وانها لم تنل شئياً، بسبب عدم تطبيق المؤتمر الوطني لاتفاقية السلام، واصراره على الاستمرار في تهميش هذه المناطق.. وسيحتاج جيش الحكومة، ان يقاتل في نفس الوقت، في كل هذه الجبهات، بينما يغري ذلك ثوار دارفور لتصعيد نشاطهم، وتجاوز اتفاقياتهم مع الخرطوم، التي طالما لم ترع إتفاقاً . * هذه المرة سيحتاج الشمال لأن يستخدم متمردين في الغابة في الجنوب، إذا كان هو الذي يواجه جيشاً منظماً. ولعله سيحتاج الى مجموعات إثنية، ومليشيات، مثل التي دعمت الشمال في الحرب الأخيرة وجيش الرب. وبالاضافة الى عدم تجربة الشماليين في حرب العصابات، فإن ما يجعل الامر أكثر مشقة، إنهم سيمارسون هذه التجربة الجديدة، في منطقة لا يعرفونها ويسيطر عليها جيش يعرفها جيداً