|
Re: صفحات من التاريخ…يعقوب صنوع (1838م -1912م): إعلامي يهودي مصري ناصر الثورة المهدية .. ‼ (Re: كمال حامد)
|
الحلقة (8) نواصل استعراض أعداد جريدة أبو نظارة زرقا ليعقوب صنوع ، ونتصفح اليوم عدد يوم 9 فبراير 1884م ، فماذا نجد في هذا العدد من أخبار وتحليلات خاصة بالسودان ؟ حتى نفهم الإشارات والتلميحات الساخرة في كتابات يعقوب صنوع ، علينا أن نتذكر أولا أهم أحداث الفترة التي سبقت صدور هذا العدد ، وهي حسب التسلسل الزمني : 5 نوفمبر 1883م موقعة شيكان وهزيمة جيش هكس باشا وفي نفس اليوم 5 نوفمبر 1883م في الشرق انتصر عثمان دقنة في معركة التيب الأولى 31 ديسمبر 1883م – المهدية – هزيمة حملة بيكر من قبل عثمان دقنة ونتيجة لهذه الهزائم اتخذت الإدارة البريطانية المحتلة لمصر منذ عام 1882م قرار إخلاء السودان من الحاميات المصرية إلا أن رئيس الوزراء المصري حينها وهو شريف باشا كان يتمتع بحس وطني منعه من الاستجابة لهذا الطلب ـ إذ رأى فيه تفريطا في السيادة المصرية المكتسبة على الأقاليم السودانية منذ عام 1820م ، ولما كانت شروط التدخل العسكري البريطاني لصالح الخديوي توفيق لسحق الثورة العرابية لا تسمح له إلا بالإنصياع للرغبات البريطانية ، فقد استقال من رئاسة الوزارة في يناير 1884م. وقام الإنجليز بعده بترشيح نوبار باشا بوغوص الأرمني لرئاسة الوزراة ، وكان نوبار جاهزا لتنفيذ جميع سياسات الحكومة البريطانية ، فهو لم يكن مصريا بالأساس . وفي 8 يناير 1884م ومن مصر ، أبرق كرومر جرانفيل وزير الخارجية في لندن أن وزارة جديدة تشكلت بقيادة نوبار باشا وأن نوبار موافق على إخلاء السودان بشرط الاحتفاظ بسواكن ، وبترشيح نوبار تم تعيين غردون حكمدارا على السودان بسلطات مطلقة لتنفيذ سياسة إخلاء وتفكيك السودان إلى عناصره الأولية. وفي 24 يناير 1884م وصول غردون لميناء بورتسعيد في مصر في طريقه للسودان ، وفي القاهرة تسلم غردون تعليمات الحكومة البريطانية بأن الهدف الوحيد من مهمته هو إخلاء السودان من القوات المصرية وإعادة سلطة العائلات القديمة التي قضت عليها حملة محمد علي باشا في عام 1820م مع محاولة عمل اتحاد كونفدرالي بينهم وفي تاريخ 9 فبراير 1884م بعد 16 يوما فقط من وصول غردون لمصر في طريق للسودان صدر عدد جريدة أبو نظارة زرقا الذي نحن بصدده في هذا الخيط. يقول النص الساخر عن غردون : (( جانا عمك غردون باشا اللي تعرفه جنابك حق المعرفة ، ولا تجهل بانه مكروه ومبغوض مش اليوم بس الا من زمان عندنا وفي السودان ، وقال بسلامته جا ياخد بتار اخيه الجنرال عكس (يقصد هكس) ربنا يعكسه هو الآخر بجاه سيد المرسلين. اما أنا بلغني ممن يثق بقوله لأه من محاسيب غبار الأرمني (يقصد نوبار باشا) صدرنا الأعظم ربنا يطبق صدره آمين ، بأن الحكومة الإنجليزية أعطته خمسين الف جنيه من الحمر إياهم وقال له خد دول يا باشا ووريهم من بعيد للمهدي السوداني وقل له يا بطل خد لك كم جنيه دول بثتهم لك هدية يعني شرب دخان ملكة الإنجليز اللي صبحت مغرمة فيك وأمرت لك بسراية في بلادها قرب سرايتها تلاقي فيها عشرين سرية من اللي يقولوا للبدر غيب ونحن نحضر بدالك ، وهناك تعيش في هنا وسرور ، وإلا أنا أعطي الجنيهات اللي بيلعطوا دول لمشايخ العرب اللي ويا كوياك يتركوك زي ما تركوا عرابي ، وانت متلاقيش واحد زي مستر بلنت الافات من الجنيهات ويدافع عنك ويخلصك من الموت زي ما عمل لعرابي فتقع في ايدينا ونحن نعمل في عذابك صنعة – آدي اللي سمعته يابو نظارة والله أعلم ..))
والوصف الساخر لا يعدو حقيقة ما حدث من غردون منذ لحظة دخوله السودان حكمدارا مطلقا في مأموريته الأخيرة التي قتل فيها ، وهنا تكمن واحدة من أسباب مأساة غردون وهي جهله بمدى تأثير الدوافع الروحية العميقة عند شخص مثل محمد أحمد المهدي ، فقد رفض المهدي هدية غردون وقام بردها مرفقة بهدية من عنده وهي الجبة المبرقعة والدعوة للإسلام. أما بلنت الذي ورد إسمه هنا فهو مستشرق إنجليزي وربما جاسوس أيضا ، كان يظهر التعاطف مع عرابي وقام بتوكيل محامين في المحاكم الإنجليزية للدفاع عن عرابي ، وكان هذا طبعا بعد الإحتلال ونفي عرابي إلى سيلان (سريلانكا) ، إلى أن توجت هذه المرافعات بصدور الحكم ببراءة عرابي وعودته من المنفى إلى مصر بعد 17 عاما. ثم يواصل النص الساخر ذم غردون قائلا : (( احنا هنا بنسمع عليه قصص وحكايات يقشعر منها البدن … يا ما باع عبيد وجوار …. ده رجل بعيد عنك بوشين ولسانين الله يخيبه ويوديه مطرح ما راح زميله عكس … )) والذي يؤكد أن غردون كان ذا وجهين هو ما أورده الضابط المصري إبراهيم فوزي مؤلف كتاب السودان بين يدي غردون وكتشنر ، وكان مرافقا لغردون في رحلته للسودان ، فقد ذكر أن غردون حين وصل إلى دنقلا خطب في مستقبليه الدناقلة خطبة هاجم فيها الجعليين ، وحين وصل إلى الدامر خطب في الجعليين خطبة هاجم فيها الدناقلة ، ولم يكن غردون يفعل ذلك عبثا ، فقد كان يفعل ذلك مستفيدا من خبرته السابقة في مأموريته الأولى كحاكم على مديرية خط الإستواء وما لمسه من تنافس وكره بين التجار الجعليين ويمثلهم سليمان بن الزبير باشا والتجار الدناقلة ويمثلهم إدريس أبتر ، وهو التنافس الذي استغله غردون بتعيين إدريس ابتر مديرا على بحر الغزال معقل سليمان بن الزبير باشا ، الأمر الذي أدى لسلسلة من المواجهات توجت بمقتل سليمان بن الزبير باشا على يد جيسي خلال مأمورية غردون الثانية حكمدارا على السودان . أتى غردون في المأمورية الثالثة والأخيرة ليختم أعماله بتفكيك السودان إلى دويلات القبائل ، وما أشبه الليلة بالبارحة , واختتمت الجريدة هذا العدد بعمود التلغرافات الخصوصية بتلغراف يصف فيه المعركة بين بيكر وعثمان دقنة في الشرق فيقول : (( الواد الأهبل بيلطم خده على كسر أنف بيكر باشا ، بيكر باشا طلع شامخ فاتح حنكه يا باي كأنه راح يبلع المهدي ، قابلوه الأسود السود ونزلوا فيه طحن ، على قوله هو قتلوا من عساكره ألفين ….، أما الصحيح هو انعدم منه خمسة ألف جهادي وتقريبا ألف أسير في يد جماعة المهدي ، أما الجهادية العرب اللي كانوا معاه ، أغلبهم شمعوا الفتلة وأول ما دار الضرب سيبوا بيكر وراحوا مع السودانية …))
وبمضاهاة نصوص النظارة الزرقا مع سجلات الحوادث التاريخية من مصادرها المعروفة يتأكد لنا أن الأخبار كانت تصل بأسرع ما يمكن لصاحبها وهو في باريس ، هذا إذا لم يكن بحكم انتماءاته ووجوده في باريس في قلب صناعة الحوادث. ونواصل إن شاء الله تعالى كمال حامد ************
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
صفحات من التاريخ…يعقوب صنوع (1838م -1912م): إعلامي يهودي مصري ناصر الثورة المهدية .. ‼ | كمال حامد | 04-13-10, 11:14 AM |
Re: صفحات من التاريخ…يعقوب صنوع (1838م -1912م): إعلامي يهودي مصري ناصر الثورة المهدية .. ‼ | عمار عبدالله عبدالرحمن | 04-13-10, 12:38 PM |
Re: صفحات من التاريخ…يعقوب صنوع (1838م -1912م): إعلامي يهودي مصري ناصر الثورة المهدية .. ‼ | كمال حامد | 04-14-10, 08:07 AM |
Re: صفحات من التاريخ…يعقوب صنوع (1838م -1912م): إعلامي يهودي مصري ناصر الثورة المهدية .. ‼ | كمال حامد | 04-18-10, 11:39 AM |
Re: صفحات من التاريخ…يعقوب صنوع (1838م -1912م): إعلامي يهودي مصري ناصر الثورة المهدية .. ‼ | 3mk-Tango | 04-18-10, 06:30 PM |
Re: صفحات من التاريخ…يعقوب صنوع (1838م -1912م): إعلامي يهودي مصري ناصر الثورة المهدية .. ‼ | abubakr | 04-18-10, 08:06 PM |
Re: صفحات من التاريخ…يعقوب صنوع (1838م -1912م): إعلامي يهودي مصري ناصر الثورة المهدية .. ‼ | كمال حامد | 04-20-10, 09:58 AM |
Re: صفحات من التاريخ…يعقوب صنوع (1838م -1912م): إعلامي يهودي مصري ناصر الثورة المهدية .. ‼ | abubakr | 04-20-10, 11:06 AM |
Re: صفحات من التاريخ…يعقوب صنوع (1838م -1912م): إعلامي يهودي مصري ناصر الثورة المهدية .. ‼ | كمال حامد | 04-22-10, 07:04 AM |
Re: صفحات من التاريخ…يعقوب صنوع (1838م -1912م): إعلامي يهودي مصري ناصر الثورة المهدية .. ‼ | كمال حامد | 04-23-10, 10:28 AM |
Re: صفحات من التاريخ…يعقوب صنوع (1838م -1912م): إعلامي يهودي مصري ناصر الثورة المهدية .. ‼ | كمال حامد | 04-28-10, 09:40 PM |
Re: صفحات من التاريخ…يعقوب صنوع (1838م -1912م): إعلامي يهودي مصري ناصر الثورة المهدية .. ‼ | كمال حامد | 05-07-10, 08:43 AM |
Re: صفحات من التاريخ…يعقوب صنوع (1838م -1912م): إعلامي يهودي مصري ناصر الثورة المهدية .. ‼ | كمال حامد | 05-17-10, 04:30 PM |
Re: صفحات من التاريخ…يعقوب صنوع (1838م -1912م): إعلامي يهودي مصري ناصر الثورة المهدية .. ‼ | كمال حامد | 05-22-10, 07:26 AM |
|
|
|