ياسر عرمان: مثقف و مناضل من طراز فريد
ياسر عرمان: مثقف و مناضل من طراز فريد ندى مصطفى فى الحركة الشعبية عدد من القيادات المتميزة، من مختلف أنحاء السودان (منهم الرفيق ياسر عرمان)، المؤهلة بجدارة لخوض الانتخابات الرئاسية و للعبور بالسودان الى برّ امن ان اتيحت الظروف الموضوعية لذلك. لكن اختيار المكتب السياسى للحركة الشعبية الرفيق ياسر عرمان كمرشح للحركة الشعبية لتحرير السودان فى الانتخابات الرئاسية القادمة، بالاضافة لما صرّح به عرمان من انه " يدل على أنها حركة ديمقراطية، وتقدم أي شخص بغض النظر عن دينه أو الإثنية التي ينتمي إليها أو المنطقة الجغرافية التي جاء منها"، فقد عكس ذلك قراءة جيدة لواقع السودان السياسى و الاجتماعى و قدرة على التعامل ببراغماتية مع هذا الواقع من قبل الحركة. فمن ناحية، يمتلك ياسر عرمان الخبرة و الدراية السياسية و الكاريزما التى تؤهله لهذا الدور، و مسيرته السياسية ثرية و متقدمة و مختلفة. و من ناحية أخرى، فهو فى النهاية، ينتمى (عرقيا و من ناحية الخلفية الثقافية)، الى ما يسمى بالنخبة السياسية السودانية الشمالية. فهو، و ان كان يحمل رؤى السودان الجديد، واحدا منهم. يعرفون انه يعرف لغتهم و يفهم ألاعيبهم جيدا. (ثمة قيادات من الجنوب و غيره، فى تقديرى- لديها نفس المقدرة و لكن من يقنع النخب الشمالية بذلك؟). كناشطة نسوية، أثمّن كثيرا مواقف عرمان (و الحركة) خلال العامين الماضيين، من عدة قضايا تهم النساء فى السودان، على مستوى القوانين، و على مستوى التضامن مع من انتهكت حقوقهن، اتخذ فيها عرمان و الحركة مواقف مبدئية و مكلفة سياسيا فى بعض الأحيان. لكن فى اعتقادى ان ما يميز عرمان حقيقة أنه التلميذ النجيب و الوفى للدكتور جون قرنق، و لكوكبة من مفكرى و مناضلى القارة الأفريقية و غيرهم، ممن اعتبروا ان الحدود (الاثنية و الثقاقية) قد وجدت لنتخطاها و نعبرها، و ممن تجرأوا بالحلم بتغيير جذرى للمؤسسات و الهياكل و علاقات القوى السائدة فى بلادهم/ن. مناضلين و مثقفين و مفكرين اعتبروا ان التحرير يعنى، ضمن أشياء أخرى، تحرير الانسان من الجوع و الفقر. وتجربة ياسر عرمان السياسية المتجذرة –حرفيا – فى السودان على اتساعه، و فى عدد من الدول الافريقية، يزيدها ثراء استلهامه تجارب مناضلين مثل كريس هانى، أحد أهم ابطال التحرير فى جنوب افريقيا، وبروفسور والتر رودنى الكاريبى، و الشيخ أنتا ديوب، بل ايضا المهاتما غاندى و جون لينون و بوبى ساندس، بالاضافة لأبطال السودان أمثال على عبد اللطيف و عبد الفضيل الماظ -- الذين يطلون على الدوام فى كتاباته (1) و فى حديثه. لكننى اعتقد ان اكثر من تأثر بهم عرمان من المناضلين و المثقفين كان كريس هانى، و الذى اعتقد ان هناك الكثير المشترك بينه و بين عرمان (ما فألا عليهو كما يقولون، فكريس هانى تم اغتياله فى عام 1993 بواسطة أحد المتشددين – و نتمنى لعرمان حياة طويلة لأجل السودان الجديد). رغم اهتمامى بتجربة النضال ضد الابارتابد فى جنوب أفريقيا منذ ان كنت فى نهايات المرحلة الثانوية، الا اننى لم أسمع بكريس هانى الا بعد ان قرأت رسالة كتبها ياسر عرمان لأصدقائه/ته فى الخرطوم فى النصف الثانى من 1995، بعد ان قابلته لأول مرة فى القاهرة فى يوم 21 أكتوبر 1995. أتذكر ذلك اليوم جيدا لأننى قابلته فى احتفال بذكرى أكتوبر أقامه التجمع الوطنى فى دار الحزب الاتحادى بالقاهرة، و كان احتفالا كبيرا لأن 1995 كان العام الذى توصلت فيه المعارضة لاتفاق أسمرا و شكّل نقلة حقيقية فى عمل المعارضة. و للمصادفة، فقبل شهر أو اكثر من ذلك التاريخ، كنت قد سألت صديقة عزيزة (الله يطراها بالخير) درست القانون بجامعة القاهرة فرع الخرطوم كانت تحكى لى عن تجربتها مع "ناس النظام العام" و مضايقتهم لها بسبب ما ترتديه من ملابس، و عن رد فعلها و ردودها عليهم، سألتها حينهاـ كيف نمت لديها كل تلك المقدرات؟ فذكرت لى انها كانت زميلة لياسر فى الجامعة و أنها تعلمت كثيرا منه و تدربت على يديه، فى الجبهة الديمقراطية (أو الحزب الشيوعى – لا أذكر). و حين ذكرت لها انها و زملاءها و زميلاتها كانوا محظوظين لفرصة التعلم تلك، قضت تلك الصديقة ساعات (فقد كنا فى رحلة طويلة من بكين للقاهرة) بعد ذلك تحكى لى بتقدير و احترام كبيرين عن ياسر عرمان و تجربته السياسية فى الجامعة و ما تلاها. حكيت لعرمان عن بعض ما ذكرته تلك الصديقة، فسمح لى بقراءة رسالة كان قد كتبها لتوه لأصدقائه/ته فى الخرطوم. و الرسالة نفسها قطعة أدبية رائعة، توثق تجارب هامّة لعرمان و عدد من رفاقه فى الحركة الشعبية، و تناقش عدد من القضايا الوطنية، و تتخللها ذكريات الجامعة، و تتضمن رائعة عبد الوهاب البياتى، "رسالتان الى ولدى على" . لكن عرمان أيضا كتب مطولا فى الرسالة عن نضال المؤتمر الوطنى الأفريقى و عن سيرة كريس هانى و كفاحه، و كيف أثر فيه. مثل عرمان، فكريس هانى كانت بداياته فى الحزب الشيوعى بجنوب افريقيا، ثم أصبح قائدا للجناح المسلح للمؤتمر الوطنى الأفريقى، وسط ظروف سياسية شديدة الصعوبة و بالغة التعقيد، لا يتسع المجال هنا للاستفاضة حولها أو حول هانى. هانى (كما كتبت جانيت سميث و بيرجارد ترومب عنه فى أحدث و ربما أول سيرة كاملة عن كريس هانى): "رجلا يمكنه أن يلهم (ويقود) جيشا، لكنه يحمل فى حقيبته ديوان شعر."(2) هانى كان (مثل عرمان) قريبا لأهل القرى و المستضعفين، لكنه كان متواجدا فى اوساط المثقفين/ات و الناشطين/ات. كان ببساطة واحدا منهم. وفى السنوات الأخيرة حين اشتدت المنافسة و الخلاف بين تابو امبيكى و جاكوب زوما على أشدّها، برزت فى التحليلات السياسية، تساؤلات حول ما كانت الأمور ستكون عليه ان لم يتم اغتيال كريس هانى، و الدور الايجابى الذى كان من الممكن أن يلعبه ان اصبح رئيسا لجنوب أفريقيا. اليوم، تزين صورة كبيرة لكريس هانى مكتب ياسر عرمان بقطاع الشمال بأركويت (الذى تشرفت بزيارته فى بداية هذا الشهر)، الى جانب بوستر صممه عرمان بنفسه عام 2005 يجمع صورتىّ د. جون قرنق و البطل على عبد اللطيف، و صورة الشهيد يوسف كوة، و صورة لامرأة من الرشايدة، ترتدى زى نساء الرشايدة، أشار اليها عرمان بفخر، و هو يقول انها عضوة فى الحركة الشعبية. و فى اطار أنيق على مكتبه تقبع أيضا صورة بنتيه ووالدتهما. رغم اننى اعتقد ان الناخبين/ات لهم/ن أن يصوتوا للبرنامج الذى تطرحه الحركة (برنامج السودان الجديد)، بغض النظر عمّن تقدمه كمرشح فى الانتخابات مادام يملك الخبرة و الدراية و المؤهلات لذلك، الا اننى اعتقد، مثل كثيرين، ان فرصة الحركة الشعبية فى الفوز فى الانتخابات الرئاسية ستزيد (مما سيعزز امكانية تحقيق التحول الديمقراطى و ضمان حدوث الاستفتاء فى الجنوب فى 2011) بتقديمها ياسر عرمان كمرشح مالم يقم المؤتمر الوطنى بتزييف و سرقة الانتخابات، و ان تعاملت الحركة الشعبية بجدية مع الة اعلام الانقاذ التى تواصل فى خلق و تكريس صورة سلبية و غير حقيقية حول الحركة الشعبية وسط كثير من المواطنين/ات العاديين/ات. الهوامش: 1. انظر/ى مثلا: ياسر عرمان "الى نهر الديانات القديمة" و المنشور فى عدة وسائط منها سودانايل، فى ديسمبر 2009. http://www.sudaneseonline.com/index.php?option=com_content&vi...9-17-14-27&Itemid=55 انظر/ى كذلك ياسر عرمان، "د. جون قرنق: حضور فى سونامى الغياب، ملاحظات فى دفاتر الستينيات"، و المنشورة بعدة وسائط، منها سودانيز اون لاين، فى يوليو 2007. د. جون قرنق ..حضور في سونامي الغياب (1) ملاحظات في دفاتر الستينيات 2. Janet Smith and Beauregard Tromp, Hani: A Life Too Short, Johannesburg, Jonathan Ball Publishers, 2009.

[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1: << 1 >>

احدث عناوين سودانيز اون لاين الان

اراء حرة و مقالات	Latest Posts in English Forum
Articles and Views	اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases	اخبار و بيانات

الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة

About Us
Contact Us
About Sudanese Online

اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين

News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums

If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]