بلادنا قد حازت فى الفترة الاخيرة على الكثير من صفات التفوق فى صناعة المأساة، والموت، وتكثيف الألم، حيث صار وصفها من قبل الاجهزة الاعلامية العالمية المختلفة وبشكل اصبح شبه ميكانيكى (ينطبع فى الذاكرة) بأن بها أطول حرب فى أفريقيا حرب حصدت أرواح 2 مليون وشردت 4 ملايين، السودان دولة ارهابية وترعى الارهاب، السودان به تصفيات عرقية، إغتصاب، ممارسة العبودية. وأخيرا وصف أحداث دارفور بأنها اسوء ماساة انسانية معاصرة بواسطة الامم المتحدة . واصبحت كلمة سودان وسودانى/ة مرادف لاسوء التصنيفات فى عالمنا المعاصر وتشرد أهل السودان فى قارات العالم السبع ولأول مرة فى تاريخهم المعاصر. وابتلى أهل السودان بحكومة غريبة الاطوار ساذجة فى المضمون والمحتوى وبذلت كل جهودها لقهر وبطش شعب السودان ولدرجة إنهم أثاروا حتى إستغراب كتابنا العظام من أمثال الطيب صالح حين وصفهم فى مقال مشهور بمجلة المجلة " من أين جاء هؤلاء؟".
و رغم هذا التاريخ المرير من العمى السياسى والاخلاقى (وإدمان الفشل) بمستقبل السودان الذى ساهم فيه أبناء السودان بمختلف احزابهم السياسية حتى وصل الى الطريق المسدود الذى مثلت قمته سياسة حكومة الانقاذ اللا اخلاقية تجاه ازمة السودان، من هذا الدرس القاسى يجب أن يتعلم أبناء السودان إنه من أجل سودان مستقر مسالم يتجاوز ابنائه خلافات انهكت البلاد واقعدتها زمان طويل لا يمكن أبدا مستقبلا أن نلجأء لحل خلافاتنا السياسية بالقوة العسكرية والبطش.
عملية توقيع برتكولات السلام التى شهدتها نيفاشا فى يوم الاربعاء الموافق 26 من مايو 2004 هى فى حد ذاتها تشكل حدث تاريخى هام كثف من أهميتها التوقيع الختامى الذى تم اليوم فى كينيا بتاريخ 9/1/2005، هذه العملية فى مضمونها حدث أنسانى لأنه يؤمن ايقاف الموت والدمار والتشرد، وهى خطوة الى الامام ورغم تشاؤم البعض فإنها لو أراد لها أهل السودان أن تفضى الى سودان أفضل لا بد لذلك السودان أن يتحقق، ولعل الانقاذيون قد تعلموا درسا قاسيا قد كلف بلادنا 15 عشر عاما من العذاب، وإن إتفاق السلام الذي قاموا بإنقلابهم بسببه ضد الشرعية الديمقراطية والذي كان محدد له يوم 4 يوليو 1989 كان سوف يجنب بلادنا الكثير من العذابات ولكن هيهات من يسمع فى ذلك الزمان.
يضاف الى ذلك ومما يدعو للتفاؤل ترحيب معظم القوى السياسية والحزبية السودانية بتوقيع الحكومة و الحركة على بروتوكولات السلام وأعرابها عن أملها فى الإسراع بتنفيذ بنود الاتفاق لتشمل الجميع، وأهم من ذلك إتفاق جميع الاطراف على أنه لن يكون هناك سلام حقيقى مالم تعالج وبشكل عاجل أزمة دارفور الخطيرة، والبدء فى إعادة حقوق الشعب السودانى الديمقراطية التى سلبت منه فى بونيو 1989 وضرورة الغاء كافة القوانين المقيدة للحريات ورفع حالة الطوارىء و إطلاق حريات التعبير والصحافة .
والفترة القادمة تطلب جهدا كبير من كل السودانيين في أحزابهم ونقاباتهم وفئاتهم المختلفة بإستنفار قدراتهم لصالح قضية دولة السودان لتكون أو لا تكون و هذا يستلزم أن يضطلع الجميع بادوارهم كاملة للمحافظة على السلام والاستقرار ولجعل عامل وحدة البلاد بأسس جديدة أكثر جاذبية من غيره من الخيارات المطروحة.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة